2014-05-02

من عجائب هارون الرشيد ؟


هو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب – من العهد العباسي - بويع للخلافة في 14 ربيع الأول 170 هـ الموافق 14 سبتمبر 786 م بعد وفاة أخيه موسى الهادي .

تعرض هارون الرشيد في كتب التاريخ إلى تحريف واستهزاء سفيه من قبل جهلة الكتب فزعموا أن هارون الرشيد كان دائم السكر والعبث ولاهيا مع الجواري والعبث العذاري ... وهذا كله محض افتراء وتزوير للتاريخ ... فكيف يكون أمير المؤمنين سكير عربيد غارقا بالنساء والجواري ويحقق انجازات لم تشهدها أمة الإسلام والمسلمين في وقتها ؟ 

هارون الرشيد فترة حكمة تعتبر نقلة نوعية في التاريخ الإسلامي بشكل لم يسبق إليه مثيلا ... بل عاصمة بغداد التي كانت مقرا له سميت بدار السلام لشدة أمانها وازدهارها التي لم يعرف له مثيلا ... فقد انتشر العلم والقلم والهندسة وزاد عدد الشعراء والعلماء والحكماء والأطباء والفلاسفة فتنوعت إنجازاتهم العلمية مثل ساعة الشمع والتي كان يعرف منها المواقيت وخف وزن الكتاب بعد أن اكتشف في عهده أخف نوعية للورق وسطر أشهر المباني جمالا وروعة كدار القرآن والحديث والتفسير وكتب العلم والكيمياء ... وجمع كل كتب وأبيات الشعر منذ الجاهلية إلى أيام عهده لكل شعراء العرب ... ومهد الطرق لحجاج بيت الله ومعتمريه ومهد الطريق أيضا لمدينة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – لزائريه ... ووزع نقاط ماء السبيل بالمجان في تلك الطرق ... وعرف عن هارون الرشيد أنه يصلي في كل ليلة 100 ركعة قبل صلاة الفجر ؟

في عهد هارون الرشيد أمر بتدوين الموسيقى كيف تصنع وكيف تعزف وكيف تغنى وما صفة الصوت وموقع الأنامل على الأوتار وأسلوب ضغطها ولمسها وصفة أنغامها حتى يعرف من يقرأها يفهمها وكيف يغنيها ... وفي عهده خرج علي ابن نافع المصري النوبي والملقب بزرياب ... والمغنية الشهيرة آنذاك واسمها ( ميوهة ) وهو إسم فارسي هي من أطلقت وسمته ( زرياب ) أي الفاكهة المختلفة وسمي أيضا بالعندليب الأسمر ... وكان عازفا لآلة العود وهو من مطويريها في التاريخ ومطرب في نفس الوقت وأول أغنية غناها أمام أمير المؤمنين هارون الرشيد هي قصيدة :
أبت عيناي بعدك أن تنام
وكيف ينام من حرم المنام
بكيت من الفراق لما ألاقي
وقاسيت الصبابة والغرام
عرف عن هارون الرشيد الذكاء الحاد والدهاء والصبر والمروءة في حكمه ... بالرغم من أنه استلم الخلافة والأمة العربية والإسلامية تعصف بها الفتن والمحن فأخضع وقضى عليها كلها ... قضى على مؤامرات البرامكة ذوو الأصول الفارسية وقضى على محاولات عهد بني أمية لعودتهم للحكم وأخضع الروم والبيزنطة خضوعا جبارا فاحترموا عهودهم ومواثيقهم معه لقوة حكمة ... وباءت كل محاولات أعداء هارون الرشيد بالفشل من تقسيم حكمه والنيل منه فهزمهم جميعا ؟

كان يتفقد رعيته في الليل ويسمع ما يتناقله الناس عنه فانتشر في عهده الخير والسخاء والعطاء والعدل ... وفي الجانب الأخر نشر الجواسيس والمتربصين وزرعهم في كل مكان منعا ودرآ للفتن ... لكنه كان يعاني من ازدواجية في التعامل فإن فرح نال من أمامه ما يطلبه من مال وجاه مهما يكن وإن غضب فإنه لا يتأخر عن حسم أعدائه ولو بالقتل الفوري بالرغم من لين قلبه ... لكنه كان أيضا عاشقا للجمال في كل شيء جمال الطبيعة وجمال الوجوه وجمال الحديث وجمال الأصوات وحتى جمال الأجساد ... فقد عرف أنه كان عاشقا للنساء ولديه من الجواري بعدد أيام السنة 365 جارية ؟
ظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج فسنة يحج وسنة يغزو حتى جاء عام 192 هـ فخرج إلى خراسان ( أفغانستان اليوم ) لإخماد بعض الفتن والثورات التي اشتعلت ضد الدولة ... فلما بلغ مدينة طوس اشتدت به المرض والعلة فتُوفي في 3 جمادى الآخر 193هـ الموافق 4 إبريل 809 م ... بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة وتعتبر هذه الفترة العصر الذهبي للدولة العباسية وقد دفن في منطقة من نواحي بلاد فارس ... لكن أبناء هارون الرشيد والبالغ عددهم بـ 32 ولدا وبنتا جميعهم كانوا ضحايا أمهاتهم فكل أم تطمع بأن يكون ابنها ملكا وخليفة باستثناء ابنة الطيان الذي كان يصنع الفخار زوجة هارون ولدت أحمد وهو أكبر أبناء هارون لكنه كان هو وأمه زاهدين في الحكم تماما ؟

كم من رجل تزوج امرأتين وثلاثة وأربع نساء أنجبوا له الأطفال لكن أمهاتهم صنعوا ما كان أباهم حريص بأن لا يقع ولا يحدث ... ففرقوا الإخوان عن بعضهم البعض وأشعلوا الفتن والأحقاد فيما بينهم فكان أبناء رجل واحد كارهين بعضهم بعض تذكروا أمهاتهم ونسوا أبيهم الذين يحملون أسمه ونسبه ولا يحملون إسم أمهاتهم وأنسابهم ... بسبب جهالة الأمهات وقلوبهم السوداء وزرع الأحقاد لسنوات طويلة فيما بين الإخوان ... لكن يوم العرض العظيم هن في حساب شديد عسير عند رب لا ينام ولا يغفل وسريع الحساب جل جلاله وعظم سلطانه سبحانه وتعالى ... فلا العابدة ستفلت ولا الفاجرة ستفلت فالإثم قد وقع والحساب أصبح حقا عليهن ... وصدق من قال : كيد النساء غلب الشيطان ؟

دخل رجل على هارون وسأله : يا أمير المؤمنين لو كنت عطشان في صحراء وقد حضر الموت إليك وأيقنت بأنك هالك وجئتك بقدح من الماء العذب واشترطت عليك بأن تهبني نصف ما تملك فهل تهبني نصف ما تملك أو أن تهلك من العطش ؟
أجاب هارون : نعم أهبك نصف ما أملك .
ثم سأله الرجل : وإن احتبس الماء في بطنك ولم تستطع أن تخرجه ( انحصر ) فتألمت وتأوهت من شدة الألم حتى تسمم جسدك من شدة الإحتباس ثم جئتك بعلاج يخرج ما في بطنك فورا ويعافيك بشرط أن تهبني النصف الآخر مما تملك فهل تهبني إياه ؟
فرد هارون : نعم أهبك ما تبقى من ملكي .
قال الرجل : تبا لمُلك مقداره قليل من الماء ولحظات من الوقت فما أسعدنا وما أتعسكم ؟


عجبا لبعض الأثرياء والحكام فبرغم ما يملكون إلا أنهم لا يشبعون ولا يشكرون ولا يتقون ويتقاتلون على هذه الدنيا الوقتية الفانية !!!


دمتم بود ...


وسعوا صدوركم