2016-12-12

سلطنة عمان شفرة يسلطن عليها الأذكياء فقط ؟

غالبية شعوب دول الخليج تفكيرهم عاطفي وبنسبة لا تقل عن 95% تفكير كموج البحر يتحرك ويتغير ما بين مد وجزر ... يمكن أن يزورهم حاكم خليجي فيبتهجون وترتفع أصوات الفرح وكأنها انتصارات بتحرير القدس وهم نفس الفرحين وعلى مباراة كرة قدم يمكن أن يحرقوا أنفسهم بأنفسهم وبثواني يتم نسيان الفرح الذي انتهى للتو ... إنه يا سادة التفكير العاطفي الذي لا يمكن الوثوق بأصحابه ولا في رجاحة عقولهم بل كل هؤلاء هم فرصة ثمينة لا تقدر بثمن ونعمة للعقل السياسي الذي يعبث بهم كيفما ووقتما أراد ... وكثيرا ما سمت الإستهزاء بسلطنة عمان حكومة وشعبا أنهم لا قيمة لهم الميزان الخليجي ولا هم مؤثرين في القرار الخليجي ( وكأن الميزان الخليجي هم عظماء الإتحاد الأوروبي ) وبعيدين عن كل الأحداث وحديث يضحك الجهلة وفقراء العقول ... لأنهم لا يعرفون حقيقة سلطنة عمان وصعب على عقولهم فهم سياستها وتوازناتها الإقليمية شديدة الحساسية ؟
سياسة سلطنة عمان تعتبر شديدة الذكاء وعميقة الدهاء اعتمدت وتعتمد وستعتمد على الإرث التاريخي من الأحداث السياسية التاريخية لأنها تؤمن إيمانا راسخا مطلقا بالعبر التي خلفتها الأحداث السياسية الماضية ... فأيقنت أن تجنيب الدولة مخاطر المغامرات دون النظر للعواطف الوقتية هو الأسلم لها على المدى البعيد ... فقد واجهت سلطنة عمان مشاكل حدودية مع كل من اليمن والإمارات والسعودية ودفعت سلطنة عمان ثمنا باهظا لهذه المشاكل منها من انتهى ومنها من لا يزال خنجرا في الخاصرة ... والإرث التاريخي للصراع بين الإمامة العمانية والدولة العثمانية فسلطنة عمان هم أباظية المذهب بدأت شمسهم تشرق منذ العهد العباسي للخلافة الإسلامية أي قبل أكثر من 1.500 سنة ميلادية ؟

سياسة سلطنة عمان تعتمد كليا على سياسة الحياد أي لا تتدخل في شؤون الغير ولا يعنيها مشاكل الغير ... هي نفس السياسة التي بسبب ظلت سلطنت عمان آمنة طيلة الحرب العراقية الإيرانية من سنة 1988 إلى 1988 ولم يغلق مضيق هرمز المشترك بينها وبين إيران مما يدل على ذكاء القيادة العمانية ... وليس مطلوب منها إن كنت أنت عدو لإيران أن أكون أنا عدوا لها ... فالسياسة لا تتحرك هكذا ولا ينظر لها هكذا على الإطلاق ولو كنت تنظر لها هكذا فأنت لا تفق شيئا في علم السياسة الذي يعتمد كليا على لغة لمصالح والتعاون المشترك بين الدول حسب المعطيات والظروف وبعد النظر الثاقب ... وكدليل على إثبات قولي ابحثوا وفتشوا في كل التصريحات العالمية وفي كل القنوات الإخبارية العالمية ستجدون أن سلطنة عمان لا أثر ولا وجود لها على الإطلاق في الأخبار والأحداث ... مما يؤكد أن هذه الدولة محايدة كل الحياد ولا تتدخل إلا فيما يخص السلام ... ولا شأن لها إن كان فريقين متخاصمين أو دولتين بينهما عداء فريق يثق بها وفريق لا يثق فيها ... فاليوم جيرانها السعودية لديها مشاكل مع اليمن والإمارات لديها مشاكل مع سوريا واليمن وليبيا وجارتها البحرية إيران لديها مشاكل مع أمريكا والسعودية ومصر والأردن مشاكل دبلوماسية شديدة التوتر ... وبين ما سبق تجد الحاكم يحيد دولته عن كل هذه الفوضى لا شك إنها دبلوماسية عالية المستوى ومدرسة دبلوماسية محل تقدير واحترام ؟

سلطنة عمان ودول الخليج
يبلغ عمر دول مجلس التعاون كمنظومة 35 سنة فماذا صنعتم وماذا حققتم وأنجزتم ؟ أكبر إنجاز حققتموه لشعوب المنطقة هو السفر في البطاقة الشخصية فقط لا غير ... ولو أردت أن أحلل عن عيوب هذه المنظومة وأعلل أسباب فشلها لاحتجت لعدة مواضيع ... ويكفي أن أذكر وأستشهد بالخلاف الإماراتي السعودي البحريني ضد قطر وكيف وصلت الأمور وإلى أين كانت ستصل لولا تدخل الكويت وسمو أميرها الشيخ / صباح الأحمد الجابر الصباح - بارك الله في عمر سموه - وإلا لوصلت الأمور لدرجة تكشف عن الوجه الحقيقي لسياسة كل دولة ... فعن أي اتحاد خليجي تتحدثون وأنتم شديد الإختلاف خارجيا ومختلفون داخليا بتضارب السياسات والمصالح والأيدلوجيات والفكر ... دولة دينية دولة ليبرالية دولة متشددة دولة منفتحة دولة قمعية دولة حرية دولة قانون دولة مشايخ ... يا سادة يا كرام العرب لم يتفقوا يوما ولن يتفقوا يوما على أمرا واحدا كونوا واقعيين وكفاكم شعارات وأحلاما وأفيقوا من سباتكم فلا قدس تجرؤون على استرجاعه ولا عراقا تعيدون عروبته ولا سوريا سلمت منكم ... هذا واقعكم وهذه حقيقتكم فمتى تفيقون من أوهام أضغاث أحلامكم ؟ 

تكرهون إيران تكرهون السعودية تحقدون على سوريا العراق اليمن أنتم أمة أقوال لا أمة أفعال تصنعون العداء وتصنعون أجيال حاقدة والنتيجة هي لا جديد ولا فعل ولا أي تطوير ... أنتم كما أنتم أمة ثرثارة أمركم بيد غربكم لا بيدكم فعلى ماذا كل هذه النرجسية المريضة التي ربت في صدوركم وخدرت عقولكم وسفهت أموركم ... ملكتم آلاف المليارات فماذا صنعتم وماذا أنتجتم وبماذا اكتفيتم وبماذا تطورتم ؟ لبسكم أكلكم ركابكم علاجكم نهضتكم كل شيء أنتم تنعمون فيه هو مستورد من الخارج فعلى ماذا غروركم وكبريائكم وأي عزة وكرامة تهرطقون فيها وأي تزوير للتاريخ تعبثون به ؟   

سلطنة عمان دولة شقيقة وعربية أصيلة وشعب قمة في الأدب والأخلاق وقيادتهم السياسية صنعت مدرسة سياسية تستحق النظر إليها وتحليلها والإستفادة والتعلم منها ... اتركوا عمان وشأنها وأرونا أفعالكم وما نظرت يمينا وشمالا إلا وجدتكم غارقين في المشاكل والصراعات ... إن صناعة الصراعات سهل للغاية والخروج من الصراع شديد الصعوبة لكن صناعة الحياد هي الأذكى والأصعب على الإطلاق في علم المدارس السياسية التاريخية ؟

يشهد الله علي أن لا أعرف عمانيا واحدا ولم أزور السلطنة في حياتي وإن كنت أتشرف بهم لكني وجدت لزاما علي أن أسرد هذا الموضوع عل وعسى أن يفهم ويعي الأغبياء الفرق بين صناعة العداء وصناعة الحياد وأن يميزوا ما بين التفكير العاطفي الأعمى وبين التفكير السياسي المتعقل ؟ 
حفظ الله عمان وأهلها وقيادتها من كل شر ومكروه



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم