2017-12-01

لماذا صمت الناس لعقود وقرون ثم انفجروا حديثا ؟

الكثيرين يستغربون كيف اليوم الناس أصبحت تتحدث وتناقش وتفسر وتحلل وصولا إلى الخوض بالأديان وإعادة تفسير "بعض" الآيات القرآنية ونقض الفتاوى ونسف قناعات ونظريات وووو ... الأمر جدا بسيط فلن تجد إجابة لتلك الأسئلة سوى بكلمة واحدة : الإنترنت ... نعم الإنترنت الذي وصل إلى الكويت في بدايات أو منتصف التسعينات من القرن الماضي وكان الإنترنت يعتمد كليا على "DSL" على خط الهاتف الأرضي ثم كروت شحن ثم وصلنا إلى انترنت لاسلكي أو "واي فاي - WiFi" وهو الجيل الثالث والرابع وفي 2018 الجيل سنصل مؤكدا لشبكات الجيل الخامس من " WiFi - 5G" ... وقبل الخوض في موضوعي يجب أن أذكر أعزائي القراء بمعلومة جدا مهمة وهي أنك عندما تريد شراء "WiFi" يقول لك البائع أن سرعته 100GG ... وهذا كذب بنسبة مليار% والحقيقة أن السرعة "100GG " يشترك معك فيها آخرين لا تعرفهم في نطاق منزل أو موقعك كل من يتواجد في تلك المساحة بمعنى أن هذه السرعة ليست لك وحدك فقط وحصريا كلا وأبدا بل يشترك معك كل من هو في نطاق سكنك أو موقعك ... وعن نفسي لو أردت أن أعرف من هم المشتركين معي في نفس نطاق التردد والإنترنت لعرفت وبسهولة رغما عن أنف الشركة لكن الأمر فعليا لا يهمني ... وسرعة 5G القادمة 2018 ستكون سرعة لم نعتاد عليها حيث بإمكانك أن تحمل أي فلم بحجم 1 GB من دقيقة إلى 3 دقائق كأبعد تقدير وهذا بالتأكيد أمرا مطلوبا خصوصا للمتخصصين والمحترفين في عالم الإنترنت ؟

بالعودة إلى موضوعنا فإنه مع الأسف الشديد الكثيرين لا يعلمون نعمة الإنترنت الذي فاق العقل البشري بسنوات ضوئية ... وأصبح أكبر هم في عقل حكومات العالم هو الإنترنت الذي كان "قنبلة نووية وهيدروجينية" انفجرت في وجوه كل الدجالين والكذابين والجهلة والأفاقين ... إنه عالم الإنترنت الذي تتجاوز عدد صفحاته بأكثر من 900 تريليون = 900 ألف مليار موقع وصفحة معلومة وصفحة مخفية "Back door" أي أن ما يوجد داخل الشبكة العنكبوتية الإنترنت = ضعف عدد سكان الكرة الأرضية بأكثر من 128 ألف مرة ... وبالتالي من الطبيعي أن تجد الجنس والإرهاب والثقافة والأديان والصحة والأمن والمعلومة وصحتها من عدمها وكل ما يخطر في بالكم وما لا يخطر في عقلك ... ولا غرابة بعد الرقم المهول الذي ذكرته وهو 900 تريليون أن نعرف عدد مستخدمي الإنترنت في 2017 قد تجاوز أكثر من 3.5 مليار نسمة وعدد مستخدمي الموبايل بأكثر من 3.7 مليار نسمة ... والموقع الأكثر شهرة هو يوتيوب بعدد مستخدمين يتجاوز مليار نسمة "شهريا" بعدد مشاهدات = 6 مليار ساعة "شهريا" = 250 مليون يوم = أكثر من 684 سنة ... وهذه إحصائية جدا بسيطة بتحليل موقع واحد ... فماذا تتوقعون لو أردنا أن نحلل ونرصد إحصائيات تويتر وفيسبوك والواتساب وأنستجرام وسكايب وعشرات ومئات المواقع والبرامج العامة حتما ستكون الأرقام خرافية ؟


بعد تلك الأرقام التي لا يستوعبها عقل بشري كيف يخرج الجهلة من يقولون " اليوم الكل أصبح عالم ومثقف وخبير ومحلل" طبيعي أيها المنفصل عن الواقع بل ما هو غير طبيعي أن يكون هناك جهل ووقاحة جهل في عصر وثورة المعلومة والتكنولوجيا ... لأن تاريخيا كانت الناس في المناطق المترامية الأطراف والبعيدة كانت تتواصل عبر "الناقل" أي الرسول كرسائل وكناقلين لما تراه أعينهم وما تسمعه أذانهم ... ثم تطور الناس فأصبحوا ينقلون ما تراه أعينهم وما كتب وما خطت أيدي غيرهم من مخطوطات وكتب ورسائل لآلاف السنين بالنقل عبر الجمال وقوافل المسافرين والتجار وصولا إلى النقل السريع للرسائل عبر الحمام الزاجل والخيول ثم البريد وساعي البريد حتى انفجرت ثورة الإنترنت والتكنولوجيا في تسعينات القرن الماضي ... فأصبحت ترسل رسالة وأنت في الكويت لأمريكا فتصل ببضع ثواني وصولا اليوم أصبحت تتحدث " Live video" مباشرة مع كائن من يكون وفي أي مكان في العالم وبجودة "HD" أيضا بل ووصل الأمر أن هناك هواتف وفيديوهات تتواصل وتنقل عبر الأقمار الصناعية وحتى لو بعدم وجود "شبكة أرضية" ... إذن إن كان تواصل الناس أصبح بهذه السهولة فكيف بالمعلومة التي أصبحت ساجـــــدة تحت أقدامنا وكل العيب بالناس وفي البشرية التي لا تريد أن تقرأ وتستهوي وتفضل السمع على القرائة ؟
اتركوا المختصين ولا تتدخلوا بشؤون تخصصاتهم
مقولة خرجت من الجهلة فعلا وكأنهم علماء الأرض التي لم تنجب بطون الأمهات أمثالهم متناسين هؤلاء أنهم هم أيضا حياتهم مرتبطة في عالم لإنترنت ... وعلى سبيل المثال لا الحصر : ماذا فعل رجال الدين المتخصصين مع داعش سوى خذلان الأمة بعدم جواز "تكفير" داعش ؟ ولولا ما فجره عالم الإنترنت من رأي وصور وفيديوهات لرأيتم بأم أعينكم من يسبغ الشرعية والتحليل لتنظيم داعش الكافر ... كما جاز لكل وأي مسلم "مجتهد" أن يبحث ويعيد تحليل وتفسير الآيات وأخطأ ثم أخطأ من يظن أن هذا الحق هو حصريا لرجال الدين أو المختصين ... والأمن أيضا لولا الضغط الإجتماعي والصور والفيديوهات لأصبح الأمن ذوو بطشة أمنية عمياء بل وحتى الدول القمعية تعرف جيدا أن فضائحها قد وصلت إلى عنان السماء ولا تتمنى أبدا أن ينشر تاريخها القذر ... والكثير من الأطباء اكتشفوا أن هناك مرضى يتناقشون مع أطبائهم حول نوع الأدوية وأسمائها وآثارها الجانية ... نحن لا نتجاوز المختصين "انتبه" لكن نحن نعطي صورة للمختصين بأن زمن الجهل قد ولى وأن العامة يمكن أن يعرفوا ما يعرفه هو ولو بنسبة 20% فيعتبر ذلك إنجاز ثقافي باهر ... وفي النهاية يجب أن تكون هناك قاعدة الكل يجب أن يؤمن بها وهي : لا يمكن أن تكون مختصا في كل شيء لكن يمكن أن تكون عارفا أو ملما في كل شيء من باب المعلومة والثقافة وحق المعرفة للكل وحق التخصص للفرد ؟
ليس كل ما ينشر على الإنترنت صحيح 100%
وليس كل شيء في حياتنا الواقعية صحيح 100% وهنا يكمن العقل ونستحضر الحكمة بالبحث المكثف حتى نفصل الشوائب لنستخلص النقي منها وما يفيدنا وما ينفعنا ؟ 
عجبا لأمة تسجد المعلومة والحقيقة تحت أرجلهم فيصرون على جهلهم




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم