2018-01-11

هل نحن نعيش أم نتعايش ؟

حتى كتابة هذه السطور بلغ عدد سكان الأرض 7.593.501.000 مليار نسمة ... ويلغ عدد مليارديرات العالم ما يقارب 1.900 شخص من يملكون من مليار دولار وما فوق وما يقارب 50 مليون مليونير في العالم أي من يملكون من مليون دولار وما فوق وكلها إحصائيات 2016-2017 ... أي أننا نتحدث عن أكثر من 7.5 مليار نسمة ما بين فقير وفقير معدم "تحت خط الفقر" ومن يعيش على راتبه فقط ومتوسط الدخل وجيد وممتاز الدخل وليسوا أثرياء ولا أغنياء ؟

هناك سؤال في غاية الأهمية هل نحن نعيش فعلا أم نتعايش فعلا ؟ 
وما هو الفرق بينهما ؟ 
تعيش : أي تعيش وفق إرادتك أنت وبحريتك أنت تأكل ما تشاء وتشرب ما تشاء وتعمل ما تحب ولا تعمل ما لا تحب تعمل أو لا تعمل لا يهم لا تنهض "اضطراريا" من أجل العمل ولك مطلق الحرية تدرس ما تحب وتركل ما لا تحب ... باختصار كل شيء في حياتك يتم بملأ إرادتك وبكامل حريتك .
تتعايش : أي أنك تضطر للعمل حتى تصرف على نفسك ولا تكون عالة على غيرك وتضطر للنهوض للعمل وتحضر إلى العمل وفق موعد محدد وتخرج وفق موعد محدد إجبارا عليك وتضطر للتخصص ثم يتم تعينك في غير تخصصك وتضطر وتخضع للأمر الواقع يفرض عليك "في أحيان" ماذا تأكل وماذا تشرب يقيدونك بتصرفاتك بكلامك بملابسك وحتى بشكلك يتدخلون ... باختصار لا شيء في حياتك تملك حق مطلق فيه وحتى في زواجك تتعرض للضغوط أو للتهديد والإبتزاز والتحايل .
 
نحن من ضمن الـ 7.5 مليار دور ممن اضطررنا للتعايش وحتى لو كنا نعيش في دول نفطية ثرية لكنها متخلفة وإن تزيت مدننا بالأبراج العالية والألعاب النارية ... في نهاية الأمر نحن نصنف عالميا بأننا دول متخلفة ثقافيا وعلميا واجتماعيا مقارنة مع الدول المتقدمة مثل كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا وغيرهم ... نحن حتى لا يحق لنا أن نختار ديننا أو عقيدتنا بل تفرض علينا ونجبر إجبارا صح خطأ ليس هذا المهم أنه لم يترك حرية الإختيار والقرار ... وكل منا يعتقد أنه مسؤل عن الآخر في الحياة وكأن الحياة وكالات تخليص معاملات أو أصنام وجب علينا أن نسجد لها عابدين ونركع لها طائعين ... وكل هذا ليس صحيحا ولا حقيقيا ولا حتى مقبولا لأننا نعيش في مسرحية نحن من صنعناها بأيدينا ونحن من استأنسنا أدوارها ونحن من يستمتع في فصولها حتى وإن كان هذا أو هذه يخرجون عن النص المكتوب لكن في نهاية الأمر المسرحية يجب أن تستمر ... نعم يجب أن تستمر مهما حدث من خروج عن النص حتى نسعد الجمهور الحاضر ونكذب على أنفسنا بوصلة "تصفيق" سخيفة ولو لثواني معدودة ... فنحن كتّاب النصوص ونحن المخرجين ونحن الممثلين ونحن المشاهدين ونحن الكذابين ونحن المنافقين ونحن من يسرق الآخر ونحن من يغدر بالآخر ونحن من أكل مال الفقير ونحن من سرق الأوطان ... نحن كل شيء وفي أي شيء لن تجد كائنات فضائية هبطت وعبثت بنا ولم تنزل ملائكة من السماء لتنصح هذا أو تعاقب هذه كلا وأبدا ... بل نحن أساس البلاء ونحن رأس الشرور ونحن لعنة القدر والأيام وكل ممثل يدعي أنه المظلوم وكل مخرج يدعي أنه ناصر الحق ... فزاد الظلم وقل العدل وأصبح ميزان العدل أحقر كذبة عرفتها البشرية والمشرعين مرتشين والوزراء محتالين والحكومات تستلذ بالأكاذيب ولا تستحي ... فملأت السجون وقفزت أعداد القضايا بين المتخاصمين بالمليارات والسواد الأعظم يكره ويبغض الحق ولو كانت الناس تعشق الحق لأغلقت أبواب المحاكم ولبكى القضاة لأنهم أصبحوا بلا عمل ولا راتب ... هذه حقيقتكم في حياتكم نفاق ومجاملات وتركنون أديانكم وعقائدكم ومبادئكم التي أنتم مؤمنون بها جانبا حتى تمر المصلحة أو الظرف وتحققوا انتصارا سخيفا "إلا من رحم ربي" ... فمن هذا الأهبل المجنون الذي يظن أو يعتقد أن وجوده في الدنيا هو وفق مبدأ العيش ؟... فالكل يتعايش ولا أحد يعيش سوى الأثرياء فقط والبعض منهم أيضا وليس الكل ... وبسبب التعايش يحدث كل شيء مجنون وكل مرفوض ومردود وكل خطيئة وفضيحة وطالما المصلحة وقتية فسيتطور التعايش ؟
يا سادة يا كرام أنتم في مسرحية أبدعتم في أدوارها





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم