2018-01-29

من الفاسد والسارق هل الحاكم أم الوزير أم المواطن ؟

هناك تداخل في الفهم وصعوبة بالتحليل في الفهم العام عند السواد الأعظم من الشعوب العربية تحديدا ... معتقدين أن الحاكم هو فقط وحصريا وتحديدا ولا أحد سواه هو المسؤل عن كل كبيرة وصغيرة وعن كل شيء يجري ويحدث في الدولة ... ولو عددت ما يرمى على الحكام لظننت أنهم ملائكة الله في الأرض أو كائنات فضائية لهم قدرات "استثنائية" لا يملكها بشر قط ... والأدهى في الأمر أن الناس وإلى يومنا هذا لا يعلمون القدرات الحقيقية للحكام ... وهنا أنا أتحدث عن الحكام "المعتدلين" وليس الطغاة ولذلك سأتحدث كاشفا حقيقة الأمر حتى يعلم من يعلم أن كل وأي حاكم لا يملك قدرات خارقة غير عادية حتى ينتظر الرعية منه الرزق والفرج والعفو والغفران ... مع التذكير أن ليس كل رئيس دولة يحكم فعليا دولته فهناك ملكة بريطانيا لا تدير دولتها بنفسها لكن من يدير بريطانيا من الألف إلى الياء هي الحكومة وهذه تسمى "الديمقراطية الغير مباشرة" ومثل بريطانيا أيضا ألمانيا وكندا وغيرهم ... وهناك "الديمقراطية المباشرة" والتي الشعب هو من يشارك عمليا وفعليا في إدارة حكم وشؤون البلاد مثل اليونان وسويسرا وغيرهم ... وهناك "الديمقراطية شبه المباشرة" مثل الكويت ولبنان وتونس وغيرهم تنشأ أقطاب حكومية وبرلمانية حرة وفي حال الخلاف يتم الرجوع والحسم عند حاكم البلاد ... وهناك دول "الحكم المطلق" سواء كانت جمهورية أو ملكية يمارس الحاكم كافة سلطاته بنفسه ويترأس مجلس وزرائه "لزاما" مثل السعودية وأمريكا وفرنسا وغيرهم ... إذن الأمر ليس بالمعنى ولا بالمطلق أن كل حاكم بلاد هو مسؤل 100% عن دولته وشعبه وهذا عمليا وفعليا ما هو واقع ومطبق في العالم متعدد التوجهات والقناعات ؟
 
يا سادة كل وأي حاكم على وجه الأرض لديه مثلما لديكم وجه كامل التشكيل وجسم يتمتع بالصحة وأعضاء بشرية طبيعية وكلها موجودة في أكثر من 7 مليار نسمة على كوكب الأرض ... يأكلون ويشربون ينامون ويستيقظون يحزنون ويفرحون يبكون ويضحكون يصابوا بالهم والغم ويأتيهم الفرج يحقدون ويغفرون يغضبون ويسامحون بشر ليسوا سوى بشر مثلنا جملة وتفصيلا ... والإختلاف بين البشرية وبين الحكام يكون في المقام والقيادة العامة للدولة وكم وحجم المسؤليات الملقاة على عاتق هؤلاء الحكام ... وعندما يخرج نص قانوني على سبيل المثال يقول : الأمير أو الحاكم أو رئيس الدولة يمارس سلطاته وصلاحياته من خلال وزرائه ... فهذا أمر طبيعي جدا وطبيعي جدا أن يمارس الحاكم سلطته من خلال وزرائه فهل المفروض يمارس صلاحياته من خلال المواطن أم التاجر أم أي جمعية خيرية مثلا !!! ... وبالتالي هناك أمر غاية بالأهمية وهو تأكيد ودليل على ما سبق ... عندما يتم اختيار الوزراء ويقسمون قسما عظيما أمام حاكم البلاد فإنه في حقيقة الأمر هو إبراء لذمة الحاكم من أعمال وأفعال الوزير فإن أخطأ عفي من منصبه وإن سرق أقيل وحوكم وإن ارتكب جريمة قتل نزعت عنه السلطة وقدم للقضاء ... فهل عندما يسرق وزير هل يعني أن الحاكم هو من سرق ؟ وهل عندما يظلم مدير أحد موظفيه هل يعني الحاكم هو من ظلمه ؟ وهل عندما يتواطأ وكيل وزارة مع تاجر هل يعني أن الحاكم هو من تواطأ ؟ 

هل أنت تبرئ الحكام من كل ما يجري ؟
أنا لا أدين أحدا ولا أبرئ أحدا كل شعب هو أدرى بحاكمه ... أنا أتحدث عن مفهوم بشكل عام وتحليل لغط في الفهم والإدراك وأن كل مصائب الدنيا قد يتسبب فيها الحاكم ويجرها على بلاده وشعبه ويذيقهم الذل والهوان ويمكن أن تجد حاكم بسببه صنع نهضة وعمران وحسن من سمعة وكيان دولته ... وأقرب مثال واقعي صريح فقط انظروا إلى الفرق بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية أي الحسن والسيئ الخير والشر ... ولا أعفي أيضا الشعب بجهله أو بحماقته ومثلما وجد شعب أرعن بغالبيته وجد أيضا شعب عالي المستوى من الثقافة ... وليس وليس دائما نضع اللوم على الحكام بكل ما فيهم من مساوء لكن أيعقل أن لا يتحمل أي شعب أي مسؤلية ؟!!!؟  

وماذا عن أموال الحكام ؟
هي أموال الشعب وليست أموال الحاكم حتى يكون الحديث دقيق وكل وأي حاكم هو مؤتمن عليها ومحاسب حساب شديد عسير عليها يوم القيامة ... ومن الطبيعي أن أي حاكم يحكم أي وطن حكما "عمليا" مباشرا أن تكون كل أموال البلد تحت يده هو المسؤل عنها يحركها ويصرفها ويدخرها كيفما يشاء وفق استشارات وفق خطط وفق دراسات تعددت الأسباب والصرف واحد ... والأمر أيضا عندما يصيب الدولة عجز فإن الحاكم يجوب العالم طلبا للمساعدات الإقتصادية التي تنقذ بلاده فكيف تم التركيز على الصرف وتم تجاهل الطلب والقرض !!!

إذن من هو الفاسد والسارق ؟
هي خصلة في البشر أصلا وصراع غريزة الخير والشر منذ أن وقعت أول جريمة عرفها الإنسان في تاريخه عند مقتل هابيل على يد أخيه قابيل ... وبالتالي السارق والفاسد لا فرق بين حاكم أو وزير أو تاجر أو مواطن بسيط الخصلة المشينة قد تصيب كائنا من يكون وأينما وجد الشر وجد الخير ... ومثلما يوجد حكام فاسدون وسارقون أيضا يوجد حكام صالحون وخيرون فلا تستوي الصحراء الجرداء بالحدائق الغناء ... فهناك السارقون من الحكام العرب وأبناؤهم أمثال زين العابدين بن علي في تونس والطاغية المقبور صدام حسين عفن اللحود والطاغية القذر علي صالح اليمن المقبور وبعض رؤساء أفريقيا "مجانين الألماس" وغيرهم الكثيرين ... وفي المقابل هناك الصالحين من الحكام أمثال حاكم الفقراء والزهد الرئيس "خوسيه موخيكا" رئيس الأورغواي وهناك أول رئيس وحاكم في تاريخ البشرية على الإطلاق الذي أطعم شعبه فردا فردا ولم يستثني أحدا منهم على الإطلاق من عمر ساعة إلى عمر 100 سنة وهو أمير دولة الكويت سمو الشيخ / صباح الأحمد الصباح عندما منحهم في 2011م لكل فرد من شعبه مبلغ ألف دينار = 3.300 ألف دولار + تموين "طعام" مجاني لمدة سنة ... مع الإنتباه والتأكيد على أن الغالب على الحكام هي صفة السوء والخيرين منهم للأسف قلة وربما ما ندر كما أسلفت ... ولو أنت أو أنتي أعزائي القراء وضعتكم في سدة الحكم للبلاد لجلبتم الخسائر والدمار والفشل المؤكد لأن الأمر ببساطة إدارة المنزل تختلف عن إدارة العمل عن إدارة الشركة عن إدارة دولة وشعب وعلاقات إقليمية ودولية ... فما أسهل الحديث وما أصعب الفعل والتطبيق وما أكثر المنظّرين وما أكثر الدجالين وما أقل العقلاء والحكماء ... إذن المحصلة النهائية الفساد بكل أنواعه وأشكاله يمكن أن يوجد ابتداء من رأس الدولة وانتهاء إلى أقل وأتفه مواطن ويمكن أن تجد الإصلاح والنزاهة من الحاكم إلى أقل مواطن ... هي صفات لا تعرف الإستثناء إلا من خاف ربه واشترى آخرته فاحذروا جهلا تقعون به بالنظر إلى إنسان مثلكم قد يكون عاجزا مثلكم ؟ 

كمـــا تكونـــوا يولى عليكـــم 
شعب خبيث يحكمه لعين شعب ظالم يحكمه طاغية شعب طيب يأتيهم حاكم الخير شعب مثقف يحكمهم عبقري





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم