2018-04-15

لعبــــة إدارة البـــــلاد 2


تجرأ الشيخ الراحل عبدالله السالم واتخذ قرارا مصيريا بتغيير شكل الكويت ومجتمعها تغييرا جذريا وتحديا لكل الطبقة الأرستقراطية والمشيخة في الكويت من نفوذ وقوى بعض أبناء الأسرة الحاكمة وتحالفهم مع بعض التجار ... وانتصر الشيخ عبدالله السالم على هذا الحلف وساعده في ذلك ثروة الكويت المليارية من النفط وعدم قدرة "بعض" تجار الكويت على استغلال القرار السياسي كما في السابق أبان حكم الشيخ مبارك الكبير جابر الثاني وسالم المبارك وأحمد الجابر + صناعة النهضة العمرانية في الكويت + أزمة عبدالكريم قاسم بمطالباته التافهة بضم الكويت كلها معطيات عززت من شعبية وقدرة وقوة قرار الشيخ عبدالله السالم على أن ينتقل ويتحول في الكويت ويأخذها من دولة العبد والسيد إلى دولة الحاكم والمحكومة وصناعة دولة المؤسسات والدستور ... ويعيب في قرار الشيخين عبدالله السالم وصباح السالم هؤلاء الإثنين تحديدا وحصريا أنهما غابت عنهما صناعة الإنسان الكويتي بصناعة ثقافة الديمقراطية وترسيخها وتعزيزها كمنهج تعليمي تربوي يتوازى مع عدالة تطبيق القانون واحترامه وصناعة جيل قادم يدافع عن القانون ويحرسه ويعززه ... بل ترك الأمر للزمن الذي للأسف كل الحكومات الكويتية وإلى يومنا هذا فشلت بصناعة الفكر الديمقراطي وفشلنا بصناعة الإنسان الذي يقدس القانون ويحترمه وسط انتهاكات صارخة للقانون وتجاوزات مهينة للمجتمع ولمؤسسات دولة الدستور من وزراء ومشرعين وقيادات الدولة ... فتحول القانون إلى مجرد ورق ومزاج وانتقائية تطبيق كل من بيده سلطة يستخدمه وفق مصالحه وظروفه التي يمكن أن تخدمه فتحولت الأوطان إلى شركات مقفلة والثراء أصبح مجانا كل حسب تقربه من مجلس الإدارة والفتات ثروة ؟
 
في أيامنا هذه وفي دول عربية متعددة الراصد والمراقب للأوضاع السياسية يسهل عليه ببساطة متناهية أن يرى تناقض وتغير سياسات العديد من الدول العربية وهذا التغيير يتزامن من تغير سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الذي ربما لم يدرك الكثيرين بعد أن سياستها قد تغيرت وأهدافها قد تطورت ... ولو بحثنا ما الذي يجعل تغير السياسات تتزامن مع بعضها البعض ؟ ... فسقوط بعض أنظمة الحكم العربية وتغير حكام بعضها بوفاة كبارها الراحلين واعتلاء "صغار العمر" سدة الحكم أو القرار السياسي + تغير حاكم البيت الأبيض كلها إشارات بالتزامن التي تتوافق بين الحاكم والمحكوم والحامي والرعية ... بمعنى أكثر تفصيلا أن كل الدول العربية كلها وبلا أي استثناء هم مجرد تابعين للقوى العظمى في العالم ويقعون تحت مظلتها وتحت حمايتها بنسبة 100% ولا توجد دولة عربية واحد غير خاضعة أو خارجة على الإطلاق ... فدول المغرب العربي تقع تحت مظلة فرنسا وإيطاليا ودول الخليج تقع تحت مظلة بريطانيا وأمريكا وإيران ومصر والعراق وسوريا واليمن يقعون تحت مظلة روسيا ... وهذه المظلة بالمناسبة هي تاريخية تعود لأكثر من 70 و 100 عام مضت وهنا توصيف وشكل آخر في لعبة إدارة البلاد ... فقرار دولنا ليس مستقل 100% بمعنى الإدارة الداخلية شبه مستقلة بنسبة 80% فقط أما السياسة الخارجية فهي غير مستقلة بنسبة 100% ولا شيء يجري في الخارج دون علم أو موافقة الدول التي أنت وأنا نقع تحت مظلتها ... وطالما أنت كحاكم كدولة كحكومة تحت مظلتنا وتسير في طريقنا ووفق ما هو مرسوم لك فسنتغاضى عن أي انتهاكات تمارسونها في دولكم مع شرط أن تشتروا بضائعنا ملابس أسلحة دواء غذاء تكنولوجيا سيارات قطارات إلخ ... ومن هنا ومن هذه النقطة ندخل الآن في قلب لعبة إدارة البلاد أي البلاد العربية بشكل أكثر تفصيلا ودورة المال بمعنى تعطونا نفط نعطيكم أموال ثم نعطيكم بضائع فتعود لنا الأموال ؟

إدارة البلاد العربية لا شك أنها اليوم تختلف كليا عن السابق فتحولت اليوم الدول القومية العربية إلى عميلة للصهيونية وتغيرت دول ذات سياسة "الستاتيكو" وهو مصطلح سياسي من أصل فرنسي يرمز إلى التعصب القومي المتطرف وتطور معنى المصطلح للدلالة على التعصب القومي الأعمى والعداء للأجانب ... تغيرت إلى سياسة الخاضعين إلى الأجانب وهذه المرة بتطور الخضوع والمهانة العلنية ورفع الغطاء عن أصل الأهداف فبات التغيير في كل شيء أمرا مباح فتغيرت فتاوى الحكام وعلماء السلطان فالمحرم أصبح محللا والصهيونية أصبحت صديقا مقربا وإسرائيل أصبحت دولة ذات كيان فاختل العقل والميزان وضربت أركان المبادئ القيم والإسلام ... فظهر في الأوطان رؤوس الطغيان فاستباحوا أموال شعوبهم أمام العيان وتحت أعين الإعلام فكبت كبا على أسياد الحماية والأمان هذا ما حدث يا سادة يا كرام ... تلك هي لعبة البلاد فأصبح التاريخ يسطر فيه المهازل وعدم الحياء فالرئيس الأمريكي على سبيل المثال يمتدح ولي عهد السعودية ويبتزه علنا أمام شعبه والملايين بهدف نهب الأموال ويثني على حاكم قطر ويسطر محاسن صداقتهم لكنه أيضا يبتزه علنا أمام شعبه والملايين بهدف نهب الأموال ... فقبل أشهر ترامب صنع العداء بين الأشقاء ولما حصل على أكثر من 700 مليار دولار من دول الأزمة الخليجية في أقل من سنة عاد يضغط من أجل إنهائها وعلنا أمام العيان فأي هوان هذا الذي نعيش فيه !!! ... ومصر حلبت أموال الخليج بأكثر من 100 مليار دولار في أقل من 4 سنوات باسم كذبة العروبة وابتزاز الإنهيار ... ومولت السعودية وقطر والإمارات الحرب الأهلية السورية بأكثر من 150 مليار دولار باعتراف علني مسجل من وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ... وحرب اليمن استهلكت من السعودية والإمارات أكثر من 400 مليار دولار كأقل تقدير ... وأسأل ونسأل ويسأل الكثيرون 1.3 تريليون دولار هي مجموع أموال ما أنفق + العقود التي وقعت والإلتزامات على بعض دول الخليج ماذا استفدتم فعليا ؟ وماذا جنيتم ؟ وإلى أي تهلكة أنتم لها ذاهبون ؟ أم لا يعي أحد ماذا يعني 1.350 مليار دولار وكيف كانت يمكن أن تغير أوطانهم وتغير مواطنيهم وتصنع نهضة وتعليم وصناعة إنسان وسحق كلمة فقراء من قاموسهم ؟ في أيامنا هذا زمن اللأعيب السياسية أخطر ما يمكن أن يحدث هو أن يعتلي مراكز القرار صغار العمر لأن لا خبرة لديهم ولا فهم ولا إدراك حقيقي بالقواعد السياسية ... وإن أخطر وأسرع من يسقط الأنظمة والأوطان هم المنافقون والدجالون فهم حطب كل زمان ومكان ومتى ما رأيتهم يكثرون ويطفون على السطح ووصلوا إلى مرحلة قلب الباطل إلى حق هنا ضع توقيت للإنهيار والسقوط ... واااا أسفــــــاه ويا عيبــــــاه ؟
 
منذ أكثر من 50 سنة وحتى يومنا هذا والدول العربية والخليجية لا تفقه شيئا في دورة المال نعم حقيقة لا يفقهون شيئا بالرغم من كل شهادات المتخصصين وطلاقة لسان السياسيين ... إلا أن الواقع والأدلة تؤكد تأكيد قاطع أن أصحاب القرار لا يفقهون شيئا في دورة المال فما يستخرج من النفط من باطن أراضينا يذهب للغرب وتأتينا أموالهم ثم نعيد أموالهم إليهم ... لعبة سخيفة جعلتنا أضحوكة ومطية يأخذون نفطنا وغازنا ومعادنا بمقابل مالي ثم بنفس هذا المقابل المالي نرسله إليهم بمقابل بضائعهم وصناعاتهم ابتداء من السلاح والطائرات وانتهاء بالدواء والغذاء ... وما يتبقى يتم توزيعه كرواتب للموظفين عبيد الحكومة التي تتجبر عليهم في زيادة الرواتب وتحسبها عليهم بالمسطرة والقلم ... وأمام الغرب يتحول البخيل إلى حاتم الطائي لا يتحدث معهم إلا بالمليارات ويغدق غدقا باذخا حتى أصبح هارون الرشيد بجلال سلطانه في زمانه كأنه صبيا يقف بجانبه !!!... ألم تتحرك عقولكم وتقول لكم ابحثوا وادرسوا واعملوا واصنعوا وازرعوا وحاولوا شيئا فشيئا أن تكتفوا ذاتيا ؟ ألا يعلم أحد منكم أن ولا دولة عربية واحدة صنعت عجلة أو العجلة "القاري" تخيل حتى بهذا فاشلين وعاجزين ؟ إن كانت الأمة العربية تستورد سحاب البنطلون والجاكيت ولم تستطع أن تصنعه فلا تأسف على إهانتها بل استغرب كيف أنها إلى الآن لم تحتل ولم تقسّم وما الذي يؤخر الغرب حتى يفتكوا بنا ؟ ربما ينتظرون إفلاس الدول الغنية ثم انهيار اقتصادياتها وقتها تقسيمها يأتي بمكالمة هاتفية واحدة ... ولا تزال اسطوانة وكذبة خائن عميل شغالة والسواد الأعظم من الأمن العربي يعمل من أجل حماية العروش لا من أجل الأوطان وحماية شعوبها من دسائس ومؤامرات الخارج ... ومسرحية الوطنية لا تزال تعرض وسط تصفيق عارم من الشعب النائم الخامل الجاهل الذي يفرح براتبه في أول يوم ويصمت صمت القبور 29 يوم ؟  


يتبع الجزء الثالث والأخير



دمتم بود ...



وسعوا صدوركم