2018-04-01

نبش قبور الصحافة ؟


يسجل للصحافة الكويتية في فترة السبعينات إلى 1995م تقريبا + لو وضعت فلتر الرقيب في فترة ما بين 1987م إلى 1990م أي ما بعد تعليق الدستور وحل مجلس الأمة في 1985م ... فأنا هنا أتحدث عن 17 سنة من أعنف وأشرس صراع حدث بين السلطة المتمثلة بالحكومة وبين سلطة وقوة الصحافة الكويتية ... وسبب كتابتي لهذا الموضوع هو بعد مشاهدة الفلم الأكثر من رائع "The Post" والذي احتوت جملة في غاية الإثارة والأهمية عندما انتصرت المحكمة الدستورية العليا للصحافة وحرية الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1971م في منطوق الحكم : الصحافة تعمل في خدمة المحكومين وليس الحكام ... مشاهدة الفلم بالرابط أدناه
 
اليوم يا أعزائي القراء لا توجد صحافة في الكويت ولا حتى إعلام حقيقي جميعهم ماتوا وقبروا في مقابر العظماء ... وما تشاهدونه اليوم سواء في الكويت أو غيرها ما هو سوى مجرد ديكور برعاية المصالح الشخصية بقذارة المال السياسي الذي استطاع تطويع الفكر الصحفي ومبادئه إلى أو كتبت شهادة وفاته ... يقول غالبيتهم ويصدقون كذبة أنهم "إعلاميون" ويصفون أنفسهم بأنهم محترفين لكن في حقيقة الأمر هم لا يمثلون الإعلام الحقيقي ولا يملكون ولا حتى جزء من حرية الصحافة لأن مبادئهم انعدمت في زمن المصالح والمكاسب الشخصية ... لأنهم هزموا هزيمة مهينة ومذلة في مواجهة الحكومة وليس بالضرورة أن كل من عارض لحكومة يعني أنه معارض حقيقي فكل حكومة تتفق معها في شيء وتختلف معها في شيء آخر ... وليس مطلوب مني أن أقدس وأركع وأسجد للحكومة ووزرائها ولا يجب أن نساير ونطبل وننافق مجلس الأمة برئيسه وأعضائه لأنهم منتخبين وليسوا معينين ولا يوجد تعيين أو انتخاب مفتوح المدة وإلا أصبحنا في دولة دكتاتورية وطغيان مستبد ... والأعضاء والوزراء يعملون بمقابل أجر وليس بالمجان وبالتالي هم كالأجير الذي يتقاضى مالا مقابل عمل ما باتفاق ما لفترة محددة ما بمسؤليات محددة الإختصاص ... لذلك الطبيعي أن تتفق هنا وتختلف هناك تؤيد في موضوع وتعارض في موضوع آخر تنتصر لوطني أقف معك تسطو على مالي باسم القانون أعارضك ... والغير طبيعي أن أعارضك في كل أمر أو أؤيدك في كل قرار فيستحيل أن تكون صائبا في كل شيء أو مخطأ في كل شيء مثل هذه المدونة هناك من القراء من يتفق مع ما أكتبه وهناك من يختلف مع ما أنشره هذا هو الطبيعي لأننا بشر خلقنا مختلفين في الأفرع متفقين في الأصل ؟

الصحافة يا سادة يا كرام هي حقك في المعلومة نعم حقك كإنسان أن تعلم ماذا يكتب وماذا ينشر وفي أي تحليل ترسم الصورة السياسية أو الإجتماعية والإقتصادية والفنية وغيرها ... هو حقك وحتى إن كانت أسرار في قلب نظام الحكم وفي صميم الحكومة ولو كانت حتى أسرار عسكرية ... نحن كعامة لسنا مسؤلين عن سريتكم بل أنتم كدول كحكومات كشخصيات سياسية اجتماعية السرية هي مسؤليتكم أنتم فقط من يتحمل نتائج فضحها أو تسريبها وليس العامة ... بمعنى لا يخرج أمر سري في جهاز حساس إلا إن كان مخترقا ولا يخرج تسريب سياسي إلا إذا كانت الإدارة مخترقة وضعيفة أي عالج نفسك قبل أن تضع اللوم على غيرك ... ولذلك عندما تم دفن الصحافة الحرة تعلل الجبناء بمسألة الأمن القومي أسرار الدولة العليا ظروف المنطقة الوضع الإقليمي هي نفس الإسطوانة القديمة الكاذبة التي صدقناها بسذاجتنا ... ومع الأسف الشديد والمحزن أن حتى القضاء الكويتي لم ينتصر لحرية الرأي والتعبير وحق الخبر بالوصول إلى العامة نعم فلو سردنا الأحكام القضائية سنرى عجب العجاب وكأننا دولة لا يوجد فيها حرية رأي ولا دستور واسع الحريات ... فاتفق "ضمنيا شكليا حقيقة خيال" صفوها كيفما شئتم أن سلطات البلاد الثلاث "القضائية والتنفيذية والتشريعية" أجهزوا وقضوا على حرية الصحافة والكلمة والرأي والفكر ... وعللوا ذلك بأسباب ليس لها أي منطق ولا يقبلها أي عقل حكيم سوى أن الحكومة تريد اكتساح الساحة السياسية تقصي هذا وتصنع ذاك تنتقم من هذا وتوفر الغطاء لذاك ... وحتى لو كانت الحكومة تصنع إنجازات واقعية فهذا أصلا عملها المعتاد ولا يمنع على الإطلاق انتقادها وكشف فسادها ومحاسبتها بل وحتى تمزيقها على طاولة الحرية الإعلامية ... نعم أمزقك بأشد الإنتقاد إن علمت أنك فاسد أو أنك متنفذ لصالح تحقيق مكاسب شخصية مخالفة للقانون ... ونعيب بكل أسف على هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" التي لا تقوم بدورها إلا ما دون أقل من 10% فهي تجلس ولا تراقب ما يكتب وينشر ولا تستدعي ولا تقوم بواجبها المنوط بها وصلاحياتها الواسعة التي تملكها واكتفت بمبدأ : طالما لا توجد أي شكوى فالأمر لا يستدعي أي تحرك ولا حتى تحقق !!!

هل تقول أن في الكويت لا توجد حرية إعلامية ؟
لو كنت أنانيا وعاشق للشخصانية لقلت كلا وأبدا نحن دولة الحريات المطلقة بدليل مدونتي وما أكتب فيها من مواضيع "استثنائية" وقد قلتها وكتبت هذه النقطة ... لكن وماذا عن غيري ؟ !!! ؟ ... أليس من باب الأمانة أن أسأل أين غيري من يكتب بجرأة ويقتحم المحظور الذي أنا أراه أنه أمر عادي وطبيعي ... نعم طبيعي أن أدخل بتحليل كل شيء وكل أمر فإن كنت صالحا فإن جبال الأرض لن تستطيع أن تهزمك وإن كنت فاسدا فإن أقل همزه وغمزه سترعبك ... ولذلك أقولها حقيقة وصدقا نعم لا توجد في الكويت صحافة لقد ماتت وانتهت ... وانتبهوا عالم الإنترنت والصحف الإلكترونية لا دخل ولا شأن لها بالصحافة فالصحفي صحفي يبدع سواء صحافة ورقية أو الكترونية لا يوجد مبرر لأي تافه أو فاشل أو فاسد أو حتى صالح أن يعلل عجزه على شماعة التحول الرقمي ؟ 

محزن ومؤسف ومخجل بل و عــــــــــار أن نجد الصحف الأوربية والأمريكية تتقدم وتتقدم وتجرؤ وتتجرأ وتخوض في المحظور ... وتقتحم كل أسوار المحظور للسياسيين وصفقاتهم الفاسدة وتحركاتهم المشبوهة ومخططاتهم الشيطانية ... ودلالة على قوة الصحافة الغربية والأمريكية أن لا يوجد مسؤل عربي واحد يجــــرؤ أن يواجهها لأنه يعلم مسبقا ويقينا وفعليا وحقيقة أن القضاء يقف قلبا وقالبا مع الحريات ولن يقف مع سياسة الدولة أو سياسة الحاكم وحكومته ... لكن المسؤلين العرب تطول شواربهم فجأة وتنشط هرمونات الرجولة على أي كاتب صحفي مغرد عربي في وطن عربي يكتب ضده أو ضد دولته ... على الشعوب العربية أن تقدسنا تقديس لأننا نحن أسيادهم ولا عيب نحن المسؤلين إن مسحوا بكراماتنا أرض ومساحة قارة أوروبا فنحن نتفهم طبيعة مجتمعاتهم ومستوى سقف الحريات لديهم ... هذه هي الحقيقة يتكبرون في أوطانهم ويتواضعون في أوطان الغرب فقتلوا الصحافة الحرة وكل مبادئها بأن تكون صوت الشعب فأصبحت الصحافة اليوم هي صوت المسؤل ويتسول من يسمون أنفسهم بالصحفيين على أبواب المسؤلين فانقلبت الآية فبدلا من أن يرتعب منهم كل مسؤل فاسد أصبحوا هم من يرتعبون منه ... الأمر بسيط للغاية فعندما تبيع نفسك فلا تستحق سوى أن يطلق عليك لقب "الإنسان الكلب" نظير وفائك وإخلاصك لسيدك والسادة متغيرين فمن يدفع أكثر يستحق الوفاء الأكثر ؟
 
الله يرحم الصحافة ويرحم مبادئ رميت في سلة المهملات





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم