2018-05-03

الشيطان يكمن في التفاصيل ؟


منذ أن وعيت على هذه الدنيا وأنا أرى في البيت سياسة في العمل سياسة في الدواوين سياسة وفي الصحف والمجلات سياسة في التلفزيون سياسة ... مرة بسبب أوضاع فلسطين ومن يطالب بالإعتدال فالتهمة جاهزة : أنت خائن ... ومرة بسبب الحرب العراقية الإيرانية ومن يطالب بتحليل عقلاني للموضوع فأيضا التهمة جاهزة : أنت خائن ... وتستمر المسرحية السياسية منذ فلسطين إلى الحرب العراقية الإيرانية إلى الغزو العراقي إلى وإلى وإلى ولن تعرف للسياسة نهاية ... لنكتشف عندما كبرنا أن هناك من وضعنا كرها وإجبارا في دوامة السياسة وصنع شعبا ومجتمعا سياسيا ... لم يتم تخيير أحدا على الإطلاق الكل كان تحت عملية تفريخ وصناعة أجيال سياسية والأسوأ من ذلك لا تفكر إلا فيما نحن نريدك أن تفكر فيه وتتجه بالإتجاه إلا الذي نحن نريدك أن تسير فيه ... لا يحق لك أن تكون ذوو فكر لالالا بل سنكون لك بالمرصاد والتهمة أيضا جاهزة : أنت خائن ... ومع الأسف والألم الشديد أن القضاء الكويتي كان له دورا بارزا بتعزيز تلك الصناعة وتلك التوجهات السياسية ونادرا في تاريخ القضاء الكويتي أن ناصر وأيد الحريات وأنا على ذلك أتحدى جهابذة القضاء الكويتي وفطاحلة القانون الكويتي وبيني وبينكم سجلات القضايا ... نعم كان ولا يزال القضاء الكويتي معاديا للحريات باسم العدالة ولم يخرج احتجاج واحد من رجال القضاء في كل تاريخ الدستور الكويتي يطالبون أو يحتجون على تحجيم أو قمع أو إضعاف الحريات في الكويت بل كانوا مؤيدين وكثيرا ما كانت الأحكام قاسية ومبالغا فيها كثيرا ... وتلك النقطة أسجلها للتاريخ والتوثيق ؟

إن الحكومات والحكام والوزراء والمشرعين والقضاة وكل صاحب شأن كان ولا يزال المجتمع الكويتي كله الصالح والطالح والأرعن والحكيم الكل ضحاياهم ... صنعوا لنا دولة سياسية في كل شيء جعلوا سياسة حتى القضايا الإنسانية والوطنية سيسوها ... ومن لا يعلم ومن حتى يعتقد فإن القضاء أيضا سياسة ومن لا يعرف تلك الحقيقة فهو خارج نطاق التغطية ... ولا تزال الحكومة تلعب سياسة في الشعب وهذا حقها لكنها ألاعيب جدا وقحة حتى أصبحت كغطاء الصرف الصحي لو رفعت الغطاء عنه لضربك الصداع من شدة الريح العفنة ... لكن ما لا يدركونه أصحاب القواعد السياسية أن الزمن قد تغير والتغير المقصود أنه تغير التكنولوجيا وسرعة انتشار الخبر والذي لها إيجابياتها بسهولة كشف الفساد والمفسدين وسلبياتها بالإفتراء على هذا وذاك ... لكن المهم والأهم أنه لا يجب عليك أن تلقي إسقاطاتك وقناعاتك على الغير وتفرضها على الغير وتظن أن العالم كله أو حتى بعضه يجب أن يسير وفق قناعاتك فهذا مسلك طغاة الأرض والعقل الدكتاتوري ومركزية القرار التي لطالما أنتجت الفشل تلو الفشل ؟

النهضة التي تعيش فيها الكويت اليوم بلا أدنى شك أنها نهضة عمرانية حقيقية واقعية وذات إنجازات لا يستخف بها ومن يقلل من أهميتها إما يكون جاهلا أو أنه حاقدا وهب محل اعتزاز وفخر ... لكن في حقيقة الأمر والواقع هي أصلا طبيعية بمعنى أنت دولة صغيرة وشعب صغير وثروة هائلة فمن الطبيعي أصلا أنك تصنع وتعمر وتنشأ المشاريع ولا تتوقف فهذا الطبيعي ... والغير طبيعي والذي كنت وكنا نتحدث عنه منذ سنوات أين النهضة وأين المشاريع والتي كان مجلس الأمة في السابق هو من كان يعرقلها وهو من كان يصنع الأزمات ضد الحكومة على مشاريعها ... مثل طريق الجهراء ومشروع الداو كيميكال وجسر جابر وغيرها ألم تكن هناك أزمات بسبب تلك المشاريع وغيرها من قبل أقطاب مجلس الأمة ؟ ... وهذا بالمناسبة لا يعيب الحكومة بمشاريعها لكن يعيبها فسادها بمشاريعها والذي يفضح فسادها التقارير السنوية لديوان المحاسبة وكم القضايا المرفوعة ضدها والقضايا المقدمة للنيابة العامة والتسريبات التي تخرج هنا وهناك ... فانتقلنا من صناعة السياسة إلى صناعة السياسة الإقتصادية إلى السياسة الخارجية التي تكب أموال الكويت كبا ورميا في حسابات وتقديرات سياسية خاطئة ونحن نعلم أنها خاطئة بحجة أن الكويت بلد السلام !!! ... ألم تكن الكويت قبل الغزو بلد الصداقة والسلام وكانت تمنح المليارات هنا وهناك ولما وقع الغزو أول من انقلب علينا هم أكثر من أعطيناهم أموالنا فهل لا تزالون مقتنعين أنكم العارفون والعالم كله جاهل ؟
 
إن الخطأ وارد بل مؤكد أن تكون أنت على خطأ وأنا على صواب والعكس صحيح ومعيار الصواب والخطأ يتبين بالفعل المادي الواقعي وليس بمجرد التفكير أو التعبير ... وهنا يكمن الشيطان في التفاصيل أنك تنقل الفكر السليم البريء إلى واقع شيطاني مع إن النوايا صالحة والفكر سليم لكن الفعل فاسد فتحول المبدأ إلى عرف !!! كمن يفكر فكرة عبقرية لمساعدة الناس والفقراء وعند التطبيق يأتي من يسرق الأموال أو كمن ينشا مشروعا للدولة بقيمة 100 مليون دينار بينما التكلفة الفعلية لا تتجاوز 30 مليون دينار أو كمن قال رأيا ففسر رأيه بمزاجية وظن الطرف الآخر فانتقم منه بانتقائية لا يستخدما سوى الضعفاء ... والإنتقائية هي مصيبتنا فأطبق القانون على حسب الواسطة والمزاجية أي هناك خرقا متعمدا للقانون وهناك إهانة للمجتمع الذي يحترم القانون لكن هناك شرذمة القانون وأحذيتهم واحد لا قيمة له ... فكنا نحن الضحايا وأبنائنا الجيل الثاني أو الثالث من الضحايا ... ضحايا السياسة وضحايا الإقتصاد وضحايا القانون الأعور وقانون "ساكاسونيا" القانون الذي يطبق على الضعيف ويرتعب من القوي يفسّر بمزاجية ويشرع بمزاجية ويطبق بمزاجية ... ما هكذا تدار الأمور ولا هكذا تستقيم الأمم ولا هكذا تنهض الشعوب فصناعة الإنسان وعقل الإنسان أهم بمليون مرة من صناعة عقليات تافهة وأنفس عبيد خاضعة ... ولا زلت أقول : لا تضيعوا فرصا بين أيديكم لا تقدر بثمن تدر عشرات المليارات من الدنانير "سنويا" وتصنع نهضة إنسان وتصعق كل من حولينا بعدالة دولتنا وبتطورها وحرياتها ... توقفوا عن صناعة أمجادكم فإنكم تخونون وطنكم وتخونون أماناتكم فأنتم زائلون ووطنتكم هو الباقي وكل مال حرام ثقوا بمن رفع سبع سموات وبسط سبع أراضي أنه سيكون عليكم دليلا وشهيدا يوم القيامة فلا أبنائكم ولا أهاليكم ولا معارفكم ولا "السوشال ميديا" سينزل أحد منهم إلى قبرك ولن تجد أحدا معك يوم تلقى ربك ... { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } الحج ؟
 
اتعظوا من الغزو العراقي الغاشم كيف كان حالكم وبماذا منّ علينا وعليكم رب العالمين وماذا تفعلون اليوم بوطنكم ... تعلموا كيف نهضت اليابان وكيف عادت ألمانيا شامخة وتعلموا حتى من اليهود كيف يتحالفون مع شياطين الأرض من أجل أمن وكرامة ونهضة وطنهم "المصطنع" ... تعلموا من كل دين وأمة ومن أمم التاريخ أن الوطن ليس هوية الوطن حياة وكرامة ووفاء وعطاء وحقوق وواجبات وحرية إنسان وأفكار وأراء تحلق في سمائه ؟





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم