2018-06-16

جهالة الإنسان ورحمة الله به ؟

من الإعتقاد السائد أن الحيوانات هي لا عقل لها وهي "حقيقة علمية منقوصة" بل كل حيوان وله عقل ومدى محدد ... ولو كانت الحيوانات لا عقل لها لانتهت ولأبيدت عن بكرة أبيها منذ آلاف السنين ... ولو أن الحيوان ليس له عقل لما عرف الهجرات والتنقل من مكان لأخر ولما عرف كيف يأكل ويشرب وقيمة الماء والطعام والتزاوج لتخرج لنا المحصلة النهائية أن الحيوان له عقل لكنه عقل محدود له مدى محدد وأفق لا يتعداه ... لكن الإنسان وهو أيضا كالحيوان لكن رب العالمين منح الإنسان عقلا فاق عقل كل خلق الله من الحيوانات بكل أنواعهم وأشكالهم بأضعاف مضاعفة ... لكننا منذ خليقتنا وحتى قيامتنا لا نعرف القدرات العقلية للجن والشياطين والملائكة لأننا لم نراهم أصلا ولا نعرف دقة عالمهم وخلقهم بالعين المجردة والأدلة المادية ... وكل المعلومات عن الملائكة والجن والشياطين تعتبر معلومات محدودة جدا بيد الإنسان ويظن أنه يعلم وهو لا يعلم ويعتقد أنه يعرف وهو لا يعرف إلا ما نسبته لا تتجاوز 10% ... 6% مما نقله إلينا ربنا سبحانه في كتابه العزيز و 4% مما كتب ونقل في كتب عالم السحر والشعوذة وأكثر من هذه النسبة تعتبر عملية "استعباد" العقل والجسد والإرادة البشرية في عمليات النصب والإحتيال ؟
 
سآخذكم إلى خيال ربما يتمناه الكثيرين وهي عملية افتراضية "الإطلاع على أفئدة الناس" بمعنى فجأة كشف عنك ستر الحجاب والبصر لتطلع على ما هو أبعد مما تتخيل ... وفجأة أصبحت تقرأ وتعلم يقينــــا ما في صدور الناس تتحدث إلى شخص ما وهو يجلس معك ويحدثك لكنه يقول في قلبه حديث أخر عنك وأنت تعلمه في نفس الثانية ... وتجلس مع هذا وهذه وهذا وذاك لتصعق بصدمات عقلك البشري ربما من شدتها ستصاب بصدمة نفسية شديد أو جلطة مخ أو تدخل في حالة شديدة الإكتئاب ... والأمر لا يحتاج إلى الكثير من الذكاء لنعلم السبب وهو فقط اطلعت على ما في صدور الناس ممن هم حولك فقط في المنزل في العمل في الديوانية في أي مكان وأنت شخص وإنسان عادي ... لتكتشف هذا يخون هذا وهذه تخون زوجها وهذا يدبر مكيدة لهذه وهذا يقول عنك في وجهك حديث وفي قلبه حديث أخر وابحروا أنتم في خيالكم من كم الفظاعات والصدمات التي يمكن أن تحدث زلزالا اجتماعيا يستحيل أن تعرف مداه ؟
 
خيال آخر أريد أن أخذكم إليه وهي من "قصص التراث" التي تحكى للأطفال وصنعت أفلام ومسلسلات رسمته بشكل فني ... وهي "طاقية الإخفاء" فقط تخيلوا أن شخصا لديه "طاقية" إن لبسها اختفى بنسبة 100% وكأنه غير موجود بالعين المجردة نهائيا فيا ترى ماذا سيفعل الإنسان بها ؟ ... الخيال سيقول أنه سيذهب إلى بنك ويسرقه وخيال البعض سيذهب إلى أنه سيذهب إلى منزل هذا وهذه ليرى ماذا يقولون وماذا يفعلون ... وهذا يريد تسخير الطاقية لأسوأ الأعمال وهذه تريد أن تسخر الطاقية لأفظع الأفعال والطمع والجشع سيكون هو سيد الموقف لأنه الطبيعة البشرية ستقفز بالدرجة الأولى في عقليات الكثيرين ... إلا العقلاء ومن يخافون ربهم فإن لهم رأيا مختلفا كليا ؟ 
 

إن من رحمة الله جل جلاله بعباده وبعقولهم رغم نرجسيتهم العالية وغرورهم الذي فاق غرور إبليس بألف مرة أنه سبحانه لم يطلع عباده على كل شيء ... وهي حكمة بليغة ورحمة عظيمة من رب هو أدرى منا من أنفسنا ولو رجعتم إلى كتب التاريخ بكل ما فيه من أفعال وكوارث ومصائب لأدركتم السبب ... فالبشر "غالبيتهم" في أيامنا هذه يبيعون أغلى ما عندهم من أجل المال حتى ظن الكثيرون أن لكل إنسان قيمة من المال !!! ... ولو أبحرتم في كل فظائع العالم من حرب شركات التكنولوجيا وحرب شركات صناعة الأسلحة والدواء وكل شيء يخطر في بالكم بما فيهم أعرق سياسيين العالم ستجدون أن المال هو الهدف ... المبادئ والقيم النبيلة والإنسانية التي تجمعنا هم ينظرون إليها على أنها مجرد توافه وشعارات كاذبة سعل سحقها بالمال ... فماذا لو ملك الإنسان "الطاقية الخفية أو الإطلاع على أفئدة الناس" حتما هذا الكوكب لن يسعنا جميعا بل سينهي خلال أقل من سنة واحدة ما لا يقل عن 500 مليون نسمة بسبب عمليات القتل جراء الإنتقام ... { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } المائدة ... هي آية تتطابق في موضوعنا هذا فلو نزل ملاك من السماء بحقيقته الجسدية بأجنحته العظيمة بخلقه الباهر بقدراته الخارقة للطبيعة نزل مسخرا للناس لرأينا أكبر وأطول طابور عرفته كل البشرية في التاريخ ... طابور قد يمتد لمئات الكيلو مترات وأناس متفرقون فجأة يجتمعون فيكونون كتلة بشرية بالملايين تتزاحم في مكان واحد على منزل واحد لتظهر أكبر جهالــــة بشرية في الجنس البشري ... فهذا يريد أن يعرف هل هو في الجنة أم في النار وهذه تريد علاجا وهذا يريد حظا جميلا وهذه تريد زوجا صالحا وابحروا في حيالكم في بحر طلبات البشر التي لا تعرف لها نهاية ... ودليلا واقعيا على ما أقول فبالتأكيد الكل يعلم عن مدى سفاهة وجهالة الناس التي تركع تحت أرجل السحرة والعرافين لينالوا مرادهم المزعوم فما بالكم لو كان ملكا حقيقا رأوه مرأى العين !!! ... فهل عرفتم رحمة ربكم بكم أنه لم يطلعكم على علم الغيب ولا ما في صدور الناس ولم يريكم الجن والشياطين والملائكة ؟ ... فلو رفع ربكم الحجاب عنكم وكشف الغطاء منكم ورأيتم الملائكة والجن والشياطين مرأى العين لرأيتم الطبيب مجنونا والمهندس مخبولا والعالم طفلا والمثقف أحمقا فما أعظمها من رحمة من رب العالمين نادرا من تجد من يعقلها ... لكن حقا على كل إنسان قبل موته بلحظات أن يكشف الحجاب عنه مهما كانت حالته فيرى بأم عينه وإن كان أعمى البصيرة وإن كان غائبا عن الوعي الطبي أن يرى ملائكة الموت أو الرحمة بأم عينيه { لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } ق ... فما أجهل الإنسان وما أضعفه وما أتفه غروره وما أكثر عيوبه خلق من لا شيء وظن أنه شيء نهايته محسومة ولا يعي ويعرف أنه زائل ولا يتقي ... فما أعظم رحمة رب العالمين بعباده وما أجحد غالبيتهم ولا يشكرون ؟





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم