2018-07-02

رسميا .. أمريكا دولة عنصرية لا إنسانية ؟


يظن الكثيرون أن الولايات المتحدة الأمريكية بكل الصور الرائعة التي خدعتنا فيها الدعايات الأمريكية منذ صغرنا فترسخت قناعة باطلة لصورة غير حقيقية ... ثم تأثرنا بالأفلام والمسلسلات التي تنتجها "هوليوود" فظن البعض أن أمريكا خارقة للطبيعة وخارجة عن المألوف البشري والحقيقة ليست كذلك على الإطلاق ... فأمريكا تعتبر قوة عسكرية لا أحد يجادل في ذلك وفي المجال العسكري والبحوث والتجارب العسكرية أيضا لا نجادل بأنها متفوقة ومتقدمة عنا بسنوات ضوئية أيضا ... ولو نظرنا إلى صناعاتها فلا نشكك بقوتها وعظمتها فهي تمتلك أكبر الشركات العملاقة وأدهى العقول العلمية والأيدي العاملة المحترفة ... مع ملاحظة أني لا أقلل من حجمها أو قيمتها أو مدى قوة سطوة نفوذها العالمي لكن لا نجهل الأضواء تحجب عنا أرفف وخزائن تمتلأ بالوثائق والحقائق ... والأهم يجب أن نستخدم العقل في التقييم العام لأن هناك أدلة تطرق أبوابنا ولا تنتظر سوى العقول التي تفتح لها لتراها مرأى العين لتعرف حقيقة هناك من تعمد حجبها عنكم ؟

أمريكا اقتصاديا
وفق تقارير وإحصائيات 2018 فقد بلغت ديون الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 21 تريليون دولار = 21 ألف مليار دولار = 6.6 تريليون دينار كويتي ... وهو مبلغ كافي جدا من أن ينقذ سكان الكرة الأرضية مجتمعين وقادر وبسهولة على إعادة إحياء الإقتصاد العالمي بل ويغير من شكل كوكب الأرض برمته من حيث فرص العمل والإنتاجية والمشاريع وغير ذلك ... أما موضوع كيف دولة غارقة في الديون ولا يزال دولارها متسيدا فالقصة "باختصار" أن الدولار مرتبط بالذهب والذي تملكه أمريكا وتعتبر الدولة رقم 1 بمخزونها من الذهب بأكثر من 8.133 طن حيث بات الوزن الذهبي للدولار أي يقابل الدولار للذهب هو 0.88 جرام من الذهب "تقريبا" ... لكن بعد الحرب العالمية الثانية في 1945 خرج الإتحاد السوفييتي وأوروبا مدمرين تماما من الحرب فلا بنية تحتية ولا اقتصاد ولا زراعة ولا صناعة حياة من تحت الصفر ... باستثناء أمريكا التي لم ترمي بكل ثقلها في هذه الحرب فكانت هناك خططا أمريكية تهدف إلى إعادة إعمار أوروبا عبر اقراض من يشاء منهم بفائدة طبعا وكانت فرصة خلقتها الظروف وجب على أمريكا أن تقتنصها ... فقد عقد مؤتمر قبل انتهاء الحرب بمشاركة 44 دولة في أمريكا بتاريخ 1-7-1944 واستمر لمدة 20 يوم نتج عنها اتفاقية "بريتون وودز - Bretton Woods" ... وأهم ما في المؤتمر أنه اشترط أن تربط كل دولة عملتها إما بالذهب أو الدولار فقط وإلا لا مال لإعادة الإعمار والصناعات ومن يومها انطلق الدولار كعملة ذات سيادة دولية ... وعلى هذا الأساس لا نستغرب أن البنك الدولي "WB" وصندوق النقد الدولي "IMF" ومنظمة التجارة العالمية "WTO" تأسسوا في أمريكا وخرجوا منها ... ضف على ذلك ما كشفته قناة "CNN" الأمريكية وأعادت نشره صحيفة عكاظ السعودية بتاريخ 22-1-2016 من أن الإستثمارات والسندات والودائع السعودية في أمريكا قدر مجموعها بـ 1 ترليون دولار = 1.000 مليار ... أما الكويت فقد أكد وزير المالية الكويتي "السابق" أنس الصالح من أن هناك أكثر من 400 مليار دولار مستثمرة في الاقتصاد الأمريكي بمختلف أصوله وقطاعاته وصناعته من أموال الدولة ... والإمارات تستثمر في أمريكا بأكثر من 100 مليار دولار ... إذن من النظرة السريعة يتضح أن أمريكا دولة مفلسة وتعاني اختناقا اقتصاديا قاتلا ودول الخليج توفر لأمريكا أهم مصدر للإبتزاز السياسي بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الإقتصاد المتدهور ؟
أمريكا اجتماعيا
بعد الأرقام الترليونية والمليارية هناك وجه أخر يكشف حقيقة أمريكا ومجتمعها وطريقة نظام حكمها وآلية عملها ... فقد نشرت الأمم المتحدة في 2018 عبر "فيليب ألستون" محقق الأمم المتحدة المختص بشؤون حقوق الإنسان تقريرا في يفيد بأنه وصل عدد فقراء أمريكا إلى 41 مليون نسمة والفقر الشديد إلى أكثر من 18 مليون نسمة "انتهى مختصر التقرير" ... وفي الجهة الأخرى ووفق إحصائية 2016 يقدر عدد الأطفال المولودين خارج إطار الزواج في أمريكا بـ 40% من عموم الأطفال وأن 12 مليون عائلة تعيش بدون الأب أو الأم ونحو 10 مليون منهم 80% بدون الأب "الأب يهرب من المسؤولية أو يذهب لمعاشرة إمراة أخرى أو يذهب للسجن أو ينتقل إلى بلد أخرى بسبب الفقر" وأن هناك 17.4 مليون طفل ولد لأم فقط دون وجود الأب 45% منهم يعيشون تحت خط الفقر "أقل من دولار يوميا" و 36% منهم فقراء ... وفي تقرير لـ "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية نشر في 2017 يتحدث عن وجود أكثر من 2.3 مليون سجين في أمريكا ومراكز الإعتقال ... وقد وصلت العنصرية الأمريكية أن تسجن السود "أصحاب البشرة السوداء" بـ 6 أضعاف عن البيض "أصحاب البشرة البيضاء" ... وأمريكا تعتبر الدولة المتقدمة الوحيدة في العالم التي أنشأت سجن "غوانتنامو" الذي تعتقل فيه مسلمين دون توجيه أي تهمة أو محاكمة نهائيا منذ 2002 أي منذ 16 سنة والحديث اليوم يدور حول ضيوف جدد لهذا السجن من معتقلي تنظيم داعش ... في عهد الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب" ارتفع مستوى التجسس وانتهاك الخصوصية على مئات آلاف الأمريكيين والمقيمين مما شكل خرقا وانتهاكا للدستور الأمريكي والذي على أساس ذلك أقيمت آلاف الدعاوي القضائية والتي لا تزال المحاكم تنظرها ... إذا ما سبق ليعبر عن أن المجتمع الأمريكي مجتمع هــــش ضعيف سهل اختراقه وتفكيكه منذ ومن طويل لولا وجود القدرات الإلكترونية شديدة القوة التي تمتلكها أمريكا بالإضافة إلى أجهزتها الفيدرالية والمخابراتية ؟

ترامب كشف الحقيقة
الرئيس الأمريكي الذي صدم كل حلفاء أمريكا من تحول سياستها وتغيرها بنسبة 180 درجة لكن في حقيقة الأمر هو لم يفعل شيئا بل كشف حقيقتهم بدون أي رتوش أو مكياج ... نعم دولة كانت تمارس عجب العجاب في الخفاء فأصبحت المؤامرات في العلن فوصل الأمر إلى درجة العنصرية العلنية وأمام العالم بأسره في نهاية شهر 6-2018 ... عندما كاد أن يوقع ترامب قرار يعاقب كل من يخترق الحدود الأمريكية المكسيكية بالإعتقال وفصل الأطفال عن ذويهم بنفس طريقة النازية الألمانية قديما ... ولا يغيب عنكم عنصريته العلنية بحظر دخول مواطني دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة "سوريا وإيران واليمن والسودان والصومال وليبيا" القرار الذي أصدره في 10-2017 وأثار غضبا عالميا ... فقدمت المحكمة الدستورية العليا الأمريكية هدية لترامب فصدقت على قراره وأكدته بتاريخ 26-6-2018 فأصبح من أهم انتصاراته السياسية أثناء توليه المنصب بحقه في منع من يشاء من دخول الأراضي الأمريكية ... وبحجة الإرهاب تم إهانة شعوب مسلمة ودول إسلامية وكأن أمريكا ليست الإرهابي الأول في العالم وكأنها ليست الرقم 1 عالميا في بيع الأسلحة ... وباعترافهم الرسمي والعلني المصور والموثق "صوت وصورة" كأنهم ليسوا من صنع تنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين ... وكأنها لم يكن لها يد في الربيع العربي وثورة الأغبياء وتدمير الأوطان منذ 2011 وجعلت نفسها بريئة من "غزو اليمن" ... وتحول ترامب بقدرة قادر من رئيس أمريكا إلى أمير المؤمنين وخليفة المسلمين ساعة يهينهم علنا وساعة يبارك لهم بشهر رمضان ناهيكم عن ابتزازه الوقع مما يدل على أنه لا دخل له في الفكر السياسي ... وكأنه يريد أن يجمع أكبر قدر من الأموال ويعقد أسرع الصفقات ويسابق الزمن لتحقيق أقصى أهداف الكيان الصهيوني المحتل "إسرائيل" ... أم نسيتم اعترافه بالقدس مدينة موحدة لليهود وعاصمة للكيان الصهيوني المحتل ؟
 
ترامب فليلا من الوقت وسينتهي وسيزول هو وفريق عمله كاملا فهذا الرئيس لن ولن وأكرر لن يستمر في منصبه ... فالعبوا معه ومع إدارته لعبة الوقت فهي اللعبة القاتلة مع إدارته ونوعيته ... وأعيدوا تحليل وقرائة السياسة الأمريكية وتغيراتها "الطارئة" ومدى سلبيتها وخسائرها عليكم واحسبوا حساب أفضل وأسوأ الإحتمالات وأفضل وأسوأ حليف في قوائمكم ... فأمريكا اليوم رسميــــا أصبحت دولة لا إنسانية عنصرية أعظم من صنعت الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط لا عهد ولا أمان لها ... دولة لا تحترم اتفاقياتها الرسمية ولا الدولية التي انضمت لها ووقعت عليها فقد انحسبت أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ والإتفاق النووي الإيراني واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي في 2015 كما انسحبت أمريكا من المنظمة الدولية "اليونيسكو" ومجلس حقوق الإنسان الدولي في 2018 وانسحاب أمريكا من معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية في 2001 والموقعة في 1972 ... كلها أحداث تمت في عهد بوش الإبن وأوباما وترامب لتعطينا مؤشرات أن هذه الدولة لا يمكن الوثوق فيها إلا بحذر شديد جدا ... والحقيقة الأهم تاريخيا وحاليا ومستقبلا أن أمريكا ليس لها في كل العالم حليفا واحدا وصديقا حقيقيا إلا إسرائيل فقط لا غير وأما كل العالم فهي لغة مصالح متى ما انتهت أداروا ظهورهم لكم وللجميع ؟
 
لقد تغيروا فمن يجرؤ على التغيير ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم