2018-10-14

هل ألفاظ الإنسان تعبّـر عن تربيته ؟

سؤال الموضوع كثيرا ما يظن الكثيرون أنه أصبح قاعدة وأساس للحكم على الشخص وبناء قناعة عنه حتى من دون أن يعرفونه شخصيا أو يعاشروه ... وهذا من جهل العقل أن تحكم دون تبصر دون تبيان وانجلاء كامل للحقيقة ولا يعني كلامي أن كل شخص يجب أن تعرفه شخصيا حتى تحكم عليه ... لكن قدرتك البشرية المحدودة ومستوى ثقافتك هما من يحددون أهمية هذا من ذاك ولا يعني أن تعرف أنت وهم لا يعرفون حقيقتك ... والأهم لماذا تريد أن تعرف الحقيقة لفرد ليس ذوو أهمية في حياتك الشخصية وليس ذوو هدف مهم وغاية أو مصلحة ولذلك يجب تحكيم العقل كثيرا في هذا الشأن ... وقد وصلتني انتقادات بالتأكيد أتقبلها بصدر رحب مفادها أن بعض مفردات كتاباتك سواء على المدونة أو على حسابك في "تويتر" في أحيان كثيرة تكون قاسية أو جارحة ... مما يصعب علينا التفاعل معها ونرجو أن تنتقي مفرداتك لتكون متماشية مع الذوق العام ومقبولة إجتماعيا ؟
 
الخطأ الذي يقع فيه الكثيرون أنهم لا يفرقون في التحليل النفسي والشخصي للمجهول فقد كانت وسيلة الإتصال قبل مئات وآلاف السنين تتم عبر الرسائل أو الرسول أي كتابة أو نقلا لفظيا ... قم طور الإنسان أساليب المخاطبات بين الأفراد فأصبحت عبر الهاتف والفاكس حتى انفجرت التكنولوجيا في وجوهنا فأصبحت عبر البث المباشر صوت وصورة وإيميل وواتساب وووو  ... ولذلك يجب الفهم والتفريق الشديد أن الحديث "المباشر" بين الأفراد عبر الكتابة يختلف عن الحديث "الصوتي" عبر الهاتف يختلف عبر الجلوس وجها لوجه وتلك أخر مرحلة يقين تنجلي فيها الحقيقة ... والحقيقة هو أن اليقين حدث لما اجتمعت حواس الإنسان الرئيسية الثلاث من أصل الخمسة وهي "النظر والسمع والكلام" وربما تتفاعل خاصية "اللمس" أثناء القاء وتبقى الأخيرة وهي خاصية "التذوق" وهي التي ليس لها شأن بالإدراك والتحقق العقلي لتحقيق الهدف المرجو منه ... ولذلك يجب الفهم أن ليس كل هو على مواقع التواصل الإجتماعي تكون شخصيته متطابقة مع واقعه لكن ربما هو نفسه في الواقع الإفتراضي في عالم الإنترنت وهو نفس الشخصية في واقع الحياة ... والغالبية حسب خبرتي يمارسون العكس والنقيض إما بسبب عشق البعض للغموض أو لصناعة واجهة للنفاق الإجتماعي أو أنه محتال يسعى للجنس أو المال أو ربما من المطاردين أمنيا أو سياسيا ... وفي كل الأحوال لا يمكن الجزم أو الحكم على أي إنسان لمجرد كتابات تخللتها بعض المفردات التي ربما أنا لا أتقبلها لكن غيري يتقبلها كل حسب مرحلته العمرية والثقافة ومستوى التربية ونوع البيئة التي جعلته متربعا بينكم ؟

إن رب العالمين سبحانه وتعالى هو من علمنا كيفية إطلاق الأوصاف على الحلات التي يعيشها الإنسان سواء بخيره أو شره ... كقوله سبحانه في سورة العنكبوت { مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون } ... { ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين } البقرة ... { فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث } الأعراف ... { واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } لقمان ... { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها } البقرة ... كلها آيات رب العالمين فيها نقدا جارحا من الخالق عز وجل إلى "بعض" عباده فهل ربكم أخطأ وأنتم الصادقون أم أنتم أهل الخلق وربكم يتعلم منكم !!! سبحان ربي رب كل شيء { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } الشورى ؟

وأخيرا والأهم لو رأيت رجلا أو إمرأة يصنعون السحر أو يتاجرون به فما هو الوصف المناسب لهم ؟ وقد رأيتم بأم أعينكم أفعال "تنظيم داعش الكافر" فماذا قلتم فيهم ؟ ... ولو خرجت فضيحة زنا بابنته أو ولد زنا بأمه أو رجلا زنا بمعاق فما هو الوصف المناسب سيكون ؟ ... هل "حسبي الله ونعم الوكيل" وهي الجملة المقدسة ستكون كافية للتعبير عن الغضب الذي كلأ صدوركم الضعيفة ؟ كلا ... بل ستشتمونه بكل ما تعلمتم من ألفاظ أو بكل ما سمعتموه لأن هذه الحالة تعتبر "ردة فعل لا إرادية" نتجت عن حدث أو فعل أو مشهد ضرب كل مبادئكم ومعتقداتكم وقيمكم في الصميم ... وبالتالي هذا يقول "حيوان" وهذه ستقول "كلب حقير" وما إلى ذلك وهي لغة التنفيس الخالي من الفعل لأنه لا يملك الفعل نفسه بحكم أنه بعيدا عن الموضوع مكانا وزمانا وقربا وصلة ؟ ... والمسألة أيضا مرتبطة في بيئة العمل فمثلا تجد رجال السلك الدبلوماسي شديدي الحرص على مفرداتهم ورقيها لكن رجال المباحث حدث ولا حرج ... وإني أقدم اعتذاري لجميع قرائي ومتابعيني الكرام عن أي لفظ خارج قد تسبب لكم بأي حرج أو أذى فأنا بشرا أصيب وأخطئ ولست معصوما ولست منزها ولست كاملا ولن أكون كاملا ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم