2019-03-05

ما لا تعرفونه إلى أين وقعت سورية ؟


تنوه مدونة الكويت ثم الكويت أن هذا الموضوع لتسليط الضوء على الأوضاع الإجتماعية في سوريا وإن كانت هناك فقرات تخص الشعب السوري فهي ليست بالعموم مع كل التقدير والإحترام للشرفاء هناك لذا اقتضى التنويه .

الموضــــــوع
منذ أكثر من سنة وأنا أحاول أن أكتب عن ما وصل إليه المجتمع السوري من انهيارات على مستويات كثيرة ومختلفة ولم أستطع أن أكتب لأني لست أدري أصلا من أين أبدأ وكيف أبدأ من هول الفظائع ... لكن الأمر مهما كان شكل أو حسن أو سوء الكتابة فإن الموضوع ارتأيت بكل الأحوال يجب أن يكتب وينشر حتى يعرف الناس الحقيقة التي حجبت عنهم تماما ... وأن هناك جانبا مظلما وواقعا مأساويا حجبته الصحف والمجلات والفنوات الفضائية الخاصة والرسمية بشكل عام والسؤال الذي تبادر إلى ذهني أولا أنه قد نفهم لما يحجب الإعلام السوري مآسيه لأنه تحت نظام مجرم مارق خارج عن كل الأعراف الدولية والإنسانية ... لكن ما السبب أن حتى الصحف العربية كلها لم تسلط الأضواء عما يحدث في المجتمع السوري بالرغم من وجود مواد إعلامية دسمة وثرية وواسعة لكن لم يكلف أحد نفسه عناء البحث أو حتى أجر كشف الحقائق للعامة وهذا مزيد من السقوط الإعلامي العربي الغير مهني والمأجور ؟

8 سنوات من الحرب الأهلية في سورية كانت كافية جدا بأن تقلب المجتمع السوري رأسا فوق عقب إنه ليس زلزال كلا وأبدا بل هناك من قلب تربتهم عن بكرة أبيها ... فأنتجت هذه الحرب إنقلاب كامل في المجتمع السوري فحوله إلى أجزاء جزء بالملايين مغلوب على أمره لا حول له ولا قوة مسلوب الإرادة تماما عبدا لا يعصي لك أمرا يبحث عن الستر فقط ... وجزء بالملايين كل نفاق وأكاذيب الدنيا تلبسته لباسا مخيفا فأصبح يتلون حسب الظروف لا حرام لا ممنوع لا عيب كل شيء مباح وكل شيء ممكن من أجل البقاء والمال ... وجزء بالملايين مجرمين قتلة سارقين مغتصبين قطاع طرق هاربين وعملاء للأجهزة الأمنية المجرمة ومصادر أخبار وشهود كذب وهذا الجزء هم حلفاء وأعداء الحكومة السورية في نفس الوقت يلتقون وقتما تلتقي المصالح ويتعادون وقت الضرورة ... لكن المجتمع السوري لا يزال متماسك في أدبيات التعاطي مع بعضه البعض في الشارع في المطاعم في الأسواق لكن برمشة عين يمكن أن ينقلب عليك في البيع والشراء أي أنه أصبح سهل استفزازه وهذا الأمر مبررا بسبب حالة الحرب والدمار وتلف الحالة النفسية ... لكن نفس هذا المجتمع تعرض من قلبه من داخله من بني جلدتهم إلى الذل والهوان والإستغلال والإبتزاز فتحول إلى مجتمع متوحش لا قلب ولا ضمير له ... وعلى سبيل الأمثلة لا الحصر يأتيك سمسار عقارات يسألك عن بيع بيتك أو شقتك فترفض وبعدها بشهر تقريبا يتم خطف ابنك أو ابنتك فيطلبون منك مبلغ يفوق قدراتك فليس أمامك سوى منزلك فتذهب إلى نفس السمسار الذي جاءك من منطقتك فتبيع مكرها فيطلقون سراح ابنك ... وبذلك حصلوا على ما يريدون ليس بسعرك بل بثمنهم هم كسرا لتتضح الصورة فيما بعد أن مكاتب سماسرة بيع وتأجير العقارات فيما بينهم اتفاق وتوزيع مسبق على المناطق أن كل مكتب له مساحة جغرافية يتحكم فيها ومن فوقهم قيادات يقبضون من الجميع ... ومثال أخر فقد انتشرت المخدرات والحبوب المخدرة والمهدئات بشكل خرافي صادم في المجتمع السوري بالرغم من أن القانون السوري لا يرحم في قانون المخدرات ... لكن هذه الحرب سببت كما كالبحر من الآهات والآلام والضرر النفسي البالغ لجنود النظام الذين يعودون جرحى أو مقطعين الأطراف وعلى المدنيين الذين تعرضوا للقصف ... فكسرت هيبة كبير العائلة وضاعت كرامة رب الأسرة أمام ذويهم فأصبح الغني فقير والتاجر مشرد في مشاهد من الذل والإهانة فأصبح المال هو سيد الكل وعلى حجم ما تملك تكون مقدار كرامتك وأهميتك ؟

أما النساء فهم كانوا أكثر أداة متوحشة تم استغلالها ففي الحروب تكون الإحصائيات تقديرية لكن المرأة السورية تعرضت إلى عمليات مختلفة من الإغتصاب والإستغلال والإبتزاز ... فأصبح اليوم هناك مشهدا مألوفا جدا في سورية وهو مشهد الـ "boy friend" لأن القدرة على الزواج والإستقرار هبطت من 100% قبل الحرب إلى أن وصلت اليوم إلى 5% أو 10% ... لأن الوضع المعيشي اليوم لأسرة مكونة من 5 أفراد ستحتاج كأدنى حد إلى 195 ألف ليرة سورية = 114 دينار كويتي ... ولا غرابة أن تسحق هذه الحرب اللعينة 55% من الطبقة المتوسطة هناك فأصبحت رشوة الموظف الحكومي من البديهيات بل وباتت علنا ... وكيف لا إذا ما علمتم أن راتب الموظف الحكومي ما يقارب 35 ألف ليرة سورية = 21 دينار كويتي والقاضي يتقاضى 514 ألف ليرة سورية = 303 دينار كويتي ورئيس مجلس الشعب يتقاضى 300 ألف ليرة سورية = 176 دينار وسكرتيرة في شركة راقية وكبرى وفي مكتب المدير العام تتقاضى 100 ألف ليرة = 58 دينار ... وسبحان الله لا تعرف كيف تسير الناس أمورها أو كيف تعيش ولا مأساة أكثر من أمراض السرطان وغسيل الكلى والذين بلغت نسبة شفائهم 20% فقط لأن الأدوية غالية الثمن وأجهزة غسيل الكلى غير كافية ... ضف على ذلك أن كمية الأدوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية قد غزت الأسواق السورية بشكل جارف مما أدت كل تلك العوامل إلى ضغط غير عادي وكبير جدا على الحالة المادية للفرد والأسرة ... ناهيكم عن أسواق تهريب الأفراد إلى الخارج عبر الحدود التركية ومنها إلى اليونان والتي تكلف الفرد الواحد ما لا يقل عن 10 آلاف دولار في دولة منعدمة اقتصاديا ... وحدثت حالات بعشرات الآلاف أن يقبض السمسار مبلغ التهريب ثم يبيعهم مرة أخرى إلى إحدى الفصائل المقاتلة الإرهابية فيجد من يريد الهرب أنه وقع ضحية فإما أن يعمل لديهم أو أن يدفع أهله الفدية ... هذا غير بيع الأعضاء البشرية "الكبد - القلب - الكلى" وتجارة الأعضاء قد انفجرت انتشارا من داخل المجتمع السوري وعلى حدوده فتتراوح أسعار بيع الكلية الواحدة ما بين 2.000 إلى 5.000 دولار = 1.500 دينار ... والبعض ذهب إلى الموت بطلبه بأن يتم حقنه بمخدر ومنوم ومن ثم يأخذون ما يريدون كبد قلب كليتين أي شيء لأنه وجد أن بقائه في الدنيا لم يعد له أي فائدة وأن المال لأسرته أنفع من بقائه وقد حدث بالفعل ... والبنات العذروات اللاتي باعوا عذريتهن بثمن بخس من أجل علاج الأم أو الأب أو من أجل دفع أشعة وفحوصات أو رشوة لأجل سرير في مستشفى حكومي في ظل أطباء وممرضات الرشوة أصبحت أساس مهنتهم ... والنساء اللاتي يمارسن الجنس مع رجال المخابرات من أجل إطلاق سراح إخوانهم وأزواجهم وآبائهم بل وصلت ووصلت فعلا أن رجل المخابرات أو الأمن السوري الساقط يتصل بشكل طبيعي على الرجل ويأمره أمرا أن تأتي زوجته إليه وفق الموعد الذي يحدده هو ... يا سادة يكفي أن تعرفوا أن ما بين 600 ألف إلى 650 ألف نسمة لا أحد يعرف من دفنهم وما هي أسمائهم وأغلبهم قبور جماعية هذا غير القبور المعروفة والموثقة رسميا والتي تتجاوز 500 ألف نسمة ؟

كرامة الشعب السوري الكريم سحقت تحت أحذية حزب البعث السوري المجرم منذ زمن طويل وهو حزب مجرم متوحش لكنه بعد هذه الحرب الطاحنة وخروجه منتصرا بفضل الإيراني والسوري فإن توحشه قد زاد ألف مرة عما كان سابقا ... وجرائم المجتمع زادت ألف مرة عما كانت سابقا بل أصبح المجتمع السوري مجتمع مفكك مهلهل وأجزم جزما أن النظام البعثي السوري المجرم لو سقط لتحولت الشوارع السورية إلى بحور من الدماء من كم وهول الظلم والثأر والأحقاد ... ولذلك المجرم يمسك جيدا بالمجرمين والمجرمين يعرفون كيف يتحايلون على المجرم وما بين الطاغية والمجرمين ضاع المساكين والشرفاء بين هؤلاء بلا حول لهم ولا قوة ... ولا تحسبوا للحظة واحدة أن كل ما سبق من هذه المعاناة أنها الحقيقة كاملة كلا وأبدا بل هي أقل من 5% من الصورة الحقيقية ... وقد كانوا مثلكم أمة وشعب وأفراد نساء ورجالا فتيات وشبان لديهم أحلامهم وأمنياتهم وتطلعاتهم ومبادئهم وغرورهم ونرجسيتهم وعنادهم وصلفهم بخيرهم وشرهم ... لكن ما أن وقعت الحرب كل ذلك تحطم على صخرة الواقع الأليم فذاق الجميع المر والزمهرير فاحمدوا ربكم على ما أنتم فيه ... وانظروا لمن حولكم حتى تعرفوا كم هي عظمة نعمة ما تفضل بها ربنا سبحانه وتعالى علينا ولكن أكثرنا قلوبهم عمياء وبصيرتهم ملأها الطمع والجشع والحسد وعقولهم حمقاء لا تعي ولا تفهم ... فاللهم لك كل الحمد وكل الشكر على ما أنعمت علينا من نعم لا تعد ولا تحصى ونحن أتفه من أن نجرؤ على عد وحصر نعم رب كريم عظيم رحيم سبحانه رب العزة ؟





دمتم بود ...