2018-08-08

توثيق : هذه هي حقيقة ترسيم الحدود الكويتية السعودية ؟


المدونة تلفت عناية القراء الكرام أن هذا الموضوع هو سرد وبحث تاريخي وتحليل سياسي لا يقصد به الإسائة لأي دولة أو شعب أو حكومة بل خرج هذا الموضوع إلى العلن لحسم الأمور التاريخية ونظرة لمستقبل وحماية للأجيال القادمة من أي خلاف أو نزاع أو تدليس أو تزوير للتاريخ ... لذا اقتضى التنويه والتوضيح .

الموضـــــوع
أثبت التاريخ الكويتي قبل 1990 أن الإفراط بالثقة من الكويت حكومة وشعبا كان له ثمنا باهظا للغاية أدى إلى وقوع الغزو العراقي الغاشم في 2-8-1990 ... وأثبتت وأكدت التحقيقات البرلمانية في ملف التحقيق عن كيفية أسباب وقوع الغزو العراقي الغاشم على الكويت أن "تغييب الرأي العام الشعبي والإستفراد بالسلطة كان السبب الأول لعدم اتخاذ القرارات المناسبة لعدم وقوع الغزو" ... ويؤكد التاريخ الكويتي في أحداث وأزمات كثيرة مرت بها الكويت أن النهج السلمي لنظام الحكم والسلطة السياسية ليست دائما كانوا على حق + سياسة أن الزمن سيحل الخلاف وترك الأمور معلقة كان ثمنها الغزو والتمدد السعودي على الحدود الجنوبية من البلاد + تعنت إيران برفضها ترسيم الحدود البحرية بين البلدين ... ومن مساوئ الفكر السياسي الكويتي أنه لا يتحرك إلا بعد وقوع الحدث وليس قبله سواء أزمات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية وحتى رياضية ... وأنا شخصيا وهذا رأيي الذي أعبر عنه لأول مرة أرى أن الخلل يقع على نوعية المستشارين ونوعية القيادات في وزارة الخارجية ... وهؤلاء الطرفين مجتمعين هما من يشكلون الآراء والإقتراحات السياسية والرؤية والتي تقدم بصفة عاجلة أو بخطة شديدة الدقة للقيادة السياسية في البلاد والتي عليها أن تتخذ القرار وفق ما هو معروض أمامها من اقتراحات مهمة ... وبالتالي فإن "الظاهر" من المشهد العام أن كل تلك العقليات الموجودة حاليا في المناصب التي ذكرتها من قيادات ومستشارين هم في عمر ما بين 70 و 80 سنة ... أي أنهم جميعا من جيل "الروبية الهندية" وبالمناسبة هذا ليس عيبا بل إشارة إلى أن عقول الماضي ربما تقرأ المستقبل لكنها ليس بالضرورة أن تتخذ القرار السليم بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب ... بدليل أن السياسة الكويتية لا تريد أن تتطور وترتعب من أي تطور حتى لو كان الأمر على حساب حقوقها المشروعة التي تراها بأم عينها وهي تنتهك وسط صمت مخجل ومؤسف لضياع الحقوق الكويتية ؟
 
الكويت والعراق
تأكيدا واستدلالا على ما جاء في الفقرة الأولى من الموضوع فإن الكويت ظلت تستجدي العراق لسنوات طويلة من أجل ترسيم الحدود الكويتية العراقية ... نعم هذه هي الحقيقة كنا نستجدي العراق ونرجوه أن يدخل معنا في مفاوضات "سياسية فنية تاريخية" من أجل إنهاء وحسم ملف ترسيم الحدود ليعرف كل من الدولتين والشعبين حقوقه وحدوده ... وبالرغم من الإهانات وبالرغم من سرقة العراق للنفط الكويتي في الحدود الشمالية وبالرغم من دعم العراق للمعارضة الكويتية قديما أيام ملكية العراق وبالرغم من التهديدات السياسية كأزمة عبدالكريم قاسم ... صمتت الكويت ولم تدافع بقوة وبشراسة عن حقها حتى جاء الغدر العراقي وكان الثمن باهضا وصدفة وخدمتنا الظروف فتم ترسيم الحدود بين البلدين وفق قرارات الأمم المتحدة بعد لجان فنية كثيرة ... إذن العراق يجب أن يكون هو مرجعنا لفهم الفكر السياسي الكويتي وكيف يدير الأمور لنستنتج الواقع الأخر مع السعودية لنعرف أن الفكر الكويتي هو هو لم يتبدل ولم يعي حجم خسائره جراء خوفه أو إهماله أو تردده لنيل حقوقه المشروعة بالرغم من كل ما ممرنا به من كارثة وفاجعة الغزو العراقي ؟ 

الكويت والسعودية
لا أحد يطعن ولا أحد يشكك بالشعب السعودي الكريم وأيضا لا أحد ينكر وقفة السعودية مع الكويت أثناء الغزو العراقي وتلك نقاط مهمة حاسمة لا نقاش ولا جدال فيها حتى تكون مدخلا للفقرة ... لكن في نفس الوقت لا يكون كل ذلك على حساب الحقوق المشروعة للكويت حكومة وشعبا وأجيالا قادمة ولا أحد أيضا ينسى وقفة الكويت مع نظام الحكم في السعودية من قبل أن تصبح لديه دولة حتى ... وإن كان استفراد السلطة في الكويت اليوم وسط سبات عميق من مجلس الأمة فأيضا هذا لا يعني أن الشعب هم كتلة أصنام ضخمة لا تعي ولا تفهم أو حتى لا يحق لها الحديث في الشأن السياسي بل وفي قلب وصميم السياسة نفسها ... وإذ جلدت ظهورنا من الغزو العراقي لا يعني أن ننتظر أن تجلد ظهورنا مرة أخرى وإن توفرت حسن النوايا وإن توفرت الثقة "النسبية" وإن كان هناك جزء من الإطمئنان من الجانب السعودي ... الذي فعليا نحن كمواطنين وكمتابعين وكباحثين وراصدين للشأن العام نرى أمرا غريبا وغير طبيعي أن لا تطلب السعودية من الكويت الترسيم النهائي للحدود البرية !!! ... مع العلم أن الترسيم النهائي للحدود بين البلدين أنت هنا تحمي مستقبل العلاقات بين الدولتين وتمنع أي جيل قادم من أن يعادي الأخ أخاه وتغلق الأبواب أمام أي شرور أو أطماع ... وفي نفس الوقت موقف الحكومات الكويتية هو أمر أصبح مستفز للشارع الكويتي بسبب ضعفه وخوفه وكلما سألت أو حللت أسباب هذا الضعف يتعلل المسؤل الحكومي أو الفكر السياسي بظروف المنطقة !!! ... وكأن العالم هدأ في سنة من السنين وكأن العالم ليس في دوامة الظروف والأحداث وصناعة المؤامرات ... فتارة بأوضاع منطقة الجزيرة العربية وتارة بأحداث فلسطين وتارة بانقلابات مصر في الخمسينات وتارة بأزمة الأردن والفلسطينيين وتارة بالحرب مع إسرائيل وتارة بالحرب العراقية الإيرانية وتارة بغزو الكويت ... ومسلسل من "السخافات" التي لا تنتهي والغير مبررة بل والغير مقبولة لصمت الكويت عن نداء السعودية لجلسة ترسيم الحدود بين البلدين ... والتي أرى أن تبادر السعودية إليها لكم كبير من المكاسب التي حققتها على حساب ضعف الكويت أمامها ولأنها لو ذهبت الدولتان إلى التحكيم الدولي فستكون خسائر السعودية أكبر بكثير ؟
 

الترسيم التاريخي بين الكويت والسعودية
السعودية كدولة وكيان وحدود واسعة واستقلال حقيقي لم يكن له وجودا إلا على يد مؤسس المملكة الراحل "عبدالعزيز آل سعود" وما قبل عبدالعزيز كان حكم عثماني لمجموعة قبائل وكيانات متناثرة ومنتشرة على أرض الجزيرة العربية ... كل قبيلة لها أرضها وكل أرض لها حاكم أما المدن الرئيسية كالحجاز فكانت تحت ولاية وسلطة الهاشمي "الحسن بن علي" شريف مكة ... والبصرة وبغداد تابعين للعثمانيين والموصل تابعة لولاية حلب السورية تمزيق ما بعده تمزيق في سياسة "فرق تسد" ... وأما عن خلاف "عبدالعزيز آل سعود مع ابن رشيد" فهذا لا شأن لنا به وليس موضوعنا لكن "عبدالعزيز آل سعود" لجأ إلى الكويت هو وأباه وأسرته ... ومكثوا في الكويت ما بين 9 و 10 سنوات وسكن في منطقة شرق وأنجب "سعود وفيصل" أي من حكم السعودية ملكين هما مواليد الكويت ... في تلك الفترة أي قبل سنة 1920م الكويت تمتلك تصوير جوي + مسح جغرافي كامل لمساحة أراضيها وحدودها أي قبل قيام الدولة السعودية تماما + اتفاقية الحماية بناء على هذا الترسيم والتصوير وقعت بين الكويت وبريطانيا "اتفاقية حماية" سنة 1899م ثم ألحقتها باتفاقية ترسيم الحدود الكويتية كتسجيل وتوثيق رسمي في سنة 1913م أي بعد 14 سنة بين اتفاقية الحماية واتفاقية الترسيم المعتمد للكويت ... وبالرغم من العلاقات الأخوية والإجتماعية فإن الكويت قد تعرضت لخيانة وغدر من قبل "بريطانيا" التي باعت نصف مساحة الكويت إلى "عبدالعزيز آل سعود" والذي صمت وقبل بكل هذه الأراضي في اتفاقية العقير سنة 1922م بالرغم من علمه الأكيد أنها أراضي كويتية 100% وكان في الماضي أحد رعاياها ؟
 
نص الإتفاقية المرقمة 36 البريطانية الكويتية الأولي المعقودة مع شيخ الكويت 1899م
بسم الله تعالي شأنه
إن الغاية من تحرير الاتفاقية المشرفة هو إتمام التعهد والإتفاق بين "الليفانت كولونيل / مالكولم جون ميد" المقيم السياسي لصاحبة الجلالة بالنيابة عن الحكومة البريطانية كطرف أول وبين الشيخ مبارك ابن صباح شيخ الكويت طرف ثاني بأن الشيخ مبارك ابن صباح بكامل حريته يرغب أن يرتبط ويلزم وارثيه وخلفه في الحكم بأن لا يستقبل أي وكيل أو ممثل لأي سلطة أو حكومة في الكويت أوفي أي مكان أخر من حدود مقاطعته بدون الموافقة المسبقة للحكومة البريطانية وهو بالإضافة إلي ذلك يلزم نفسه ووارثيه وخلفه في الحكم بأن لا يتنازل أو بيع أو يؤجر أو يرهن أو يعطي للإستغلال لأي غرض كان أي جزء من مقاطعته لأي حكومة أو رعايا أي سلطة بدون الموافقة السابقة لهذه الأغراض من حكومة صاحبة الجلالة .
وهذا الجزء يمتد لأي جزء من المقاطعة التابعة للشيخ المذكور مبارك ابن الشيخ صباح التي قد تقع الآن في حوزة رعايا أي حكومة أخري .
ورمز للصداقة على توقيع هذه الاتفاقية القانونية المشرفة بين "اللفتانت كولونيل / مالكولم جون ميد" المقيم السياسي لصاحبة الجلالة في الخليج الفارسي والشيخ مبارك بن الشيخ صباح بقوم الطرف الأول بالنيابة عن الحكومة البريطانية والطرف الثاني بالنيابة عن نفسه ووارثيه وحلفائه بالتوقيع على هذه الإتفاقية بحضور الشهود في اليوم العاشر من رمضان سنة 1316 الموافق الثالث والعشرين من كانون الثاني 1899 م
التوقيع
شيخ الكويت / مبارك الصباح
المقيم السياسي في الخليج الفارسي / مالكولم جون ميد
الشهود
اي . وكهام هور
كابتن. ج كالكلون جاسكن
السيد محمد ابن عبدالنبي

اتفاقية العقير 1922
القاعدة القانونية تقول "ما بني على باطل فهو باطل" لكن الباطل في موضوعنا هذا أصبح بقدرة قادر حـــق !!! ... كيف حق وهو باطل هكذا هي الظروف السياسية وضعف الكويت بالدفاع عن حقوقها حتى لو سقطت نصف أراضيها ... ففي اتفاقية العقير سنة 1922 لم يحضر ولم يكن هناك أي ممثلا عن الكويت على الإطلاق بتهديد بريطاني وبضعف كويتي الذي أصابه الشلل ... ومهما كانت أسباب عدم حضور الكويت لهذا الإجتماع فإنه يعتبر سقوطا سياسيا فاضحا كارثيا يتحمل مسؤليته كل من كان على رأس السلطة وأعيان وتجار الكويت "آنذاك" بصمتهم عن سلب الحقوق الكويتية أمام أعينهم ... والصراع الحقيقي كان بين الملك "فيصل العراق والملك عبدالعزيز آل سعود حاكم نجد" ففيصل كان يريد أراضيه وسلطته أن تمتد إلى عمق الجزيرة العربية وعبدالعزيز كان يريد الوصول إلى نهر الفرات لكسب المياه العذبة إنقاذا من الصحراء القاحلة ... وكان آنذاك من يحكم الجميع "الكويت والعراق ونجد والحجاز" هو المقيم السياسي البريطاني "بيرسي كوكس" والذي عوض وأنهى الخلاف "العراقي السعودي" من أراضي الكويت كما نصت عليه اتفاقية الحماية الإنكليزية 1899 "المنشورة أعلاه" للكويت التي جعلت الشؤون الخارجية من اختصاص الإنكليز ... دلالة على ذلك أن في هذه المفاوضات وهذه الإتفاقية لم يكن حاضرا ولا فرد واحد من الكويت ولم يراجع أحد الكويت ولم يأخذ أحدا برأي الكويت فقد أعتبر البريطاني "بيرسي كوكس" هو الكويت وهو من يمثلها وهو من يقرر بدلا عنها ... وكان الشيخ مبارك في أخر سنواته في ضعفه ومرضه ومقعد وبعدها حكم الشيخ / جابر الثاني "أقل من سنتين" ثم حكم الشيخ / سالم مبارك الصباح 4 سنوات جميعهم رفضوا الإعتراف باتفاقية العقير ورفضوا التوقيع عليها واعتمادها ... ثم حكم الشيخ / أحمد الجابر الصباح شهر 3-1921م فوجد نفسه أمام ضغط بريطاني شديد أمام اعتماد اتفاقية العقير فدخل الخبث البريطاني بعيد المدى عندما قال المعتمد البريطاني "بيرسي كوكس" للشيخ أحمد الجابر "عندما تكون أقوى من عبدالعزيز تسترجع أراضيك التي خسرتها" ... وقع الشيخ / أحمد الجابر اعتماد اتفاقية العقير وسط الضغط البريطاني وأن القرار السياسي الكويتي "الخارجي" وفق اتفاقية 1899م كان للبريطانيين وليس للكويتيين حماية لهم من بطش العثمانيين فكان الثمن "نصف أو ثلثي" أراضي الكويت التي احتضنت عبدالعزيز وأسرته 10 سنوات ؟

عرض لاسترجاع أراضي الكويت 
ما بين 1929 و 1930م كانت سنة تمرد "إخوان السعودية" وهم أشد حلفاء "عبدالعزيز آل سعود" وأكثرهم قوة وبأسا في بداية قيام دولته والذين كانوا هم من أهم أسباب قوة "عبدالعزيز آل سعود" وسبب حصوله على حكم الحجاز وإسقاط حكم الهاشميين آنذاك ... حدث تمرد واسع على "عبدالعزيز آل سعود" من قبل أمير مطير فيصل الدويش وأمير العجمان نايف ابن حثلين وأمير العتبان سلطان بن بجاد ... ومنعا للتطويل والدخول بأدق التفاصيل التي حدثت لكن المهم في هذه الفقرة سنتناول ما يخص الكويت تحديدا ... فقد ألقى الدويش بكل ثقله إلى العجمان في 19 يونيو 1929 وكانت أول خطوه أقدم عليها الدويش عند وصوله إلى الحدود الكويتية هي دعوة الشيخ / أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت مساعدتهم في حركة التمرد والإنقلاب على عبدالعزيز مقابل استرداد الأراضي الكويتية التي اقتطعت من الكويت ظلما في اتفاقية العقير 1922 أي قبل 7 سنوات من تمردهم وخروجهم على "ابن سعود" ... فرفض الشيخ / أحمد الجابر هذا العرض الذي لا يقدر بثمن بسبب التحذيرات البريطانية المسبقة من مساعدة الخارجين على ابن سعود كما أحيط الشيخ / أحمد الجابر علما وتم تحذيره بأن "كل من يحاول اجتياز الحدود سيتعرض للقصف الجوي بقنابل الطائرات البريطانية" ... وفي 28 يونيو "بعد 9 أيام" جدد الدويش محاولاته لإقناع الشيخ / أحمد الجابر بأن يساعدهم بالتمرد وبعث اليه عدة رسائل مع عدد من كبار زعماء الإخوان وذكر الدويش في رسائله أن المؤن والإمدادات هي كل ما يحتاجه فقط ... وأنه سوف يتولى هو بقية الأمر وبالرغم من ذلك فقد رفض الشيخ / أحمد الجابر عروض الإخوان خوفا من انتقام البريطانيين أو ربما يشكل ابن سعود والبريطانيين حلفا ضده وضد الكويت ... فكان خطأ تاريخيا بأن الشيخ / أحمد الجابر الذي لم يساوم البريطانيين على إعادة ترسيم الحدود بين الكويت والسعودية والعودة لحدود الكويت 1913م وليس لاتفاقية العقير 1922م ... فضاعت الفرصة السياسية التي جاءت لأقدام الكويتيين جاهزة وسقط كل من تمرد على "عبدالعزيز آل سعود" بعد استسلامهم له ؟
 
المنطقة المحايدة بين السعودية والعراق
هي مشابهة بل ومتطابقة تماما مع قضية أو مسألة المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية ... وهي منطقة نتجت عن خطأ في الترسيم منذ اتفاقية العقير 1922 وتركت حتى جاء تنظيمها في 1975 ثم لحقتها اتفاقية ترسيم حدود بين العراق والسعودية في 1981 وهي اتفاقيات غير معتمدة في الأمم المتحدة أي أنها اتفاقيات خاصة بين البلدين ... حتى جاء الغزو العراقي على الكويت فألغى العراق كافة الإتفاقيات بين العراق والسعودية وتحديدا منذ 1968م وحتى 1991 وبهذا القرار أنهى العراق وجود "المنطقة المحايدة" بين البلدين ... وفي شهر 6 من عام 1991 أي بعد تحرير الكويت قامت السعودية بتوثيق كل اتفاقياتها الموقعة مع العراق في الأمم المتحدة ومنذ ذاك التاريخ انتهى أي وجود للمنطقة المحايدة بين العراق والسعودية ؟
المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت
يتضح من ترسيم اتفاقية العقير أن "البريطانيين" كانوا يصنعون هدفا استراتيجيا بعيد المدى بأن يتم ترك "منطقة محايدة" بتعمد واضح حتى تدب الخلافات بين الأشقاء وربما حتى تحدث حروب بين الأشقاء ... فقد صنعوا منطقة محايدة بين السعودية والعراق ومنطقة محايدة أخرى بين السعودية والكويت ... وكالعادة الكويت لم تحسم الأمر نهائيا وتركته للزمن وليس ذلك فحسب بل وقعت اتفاقيات ثنائية بين البلدين "الكويت - السعودية" تنظم العلاقة وحجم الإستفادة كل طرف من هذه المنطقة ... فكانت اتفاقية تقسيم المنطقة "البرية" المحايدة سنة 1965م والتي وقعها آنذاك وزير المالية والتجارة الشيخ / جابر الأحمد الصباح ممثلا عن دولة الكويت ووزير النفط السعودي / أحمد زكي يماني في 6-7-1965 ودخل الإتفاق حيز التنفيذ في 21-5-1970 وهذه بنودها
1- تقسم المنطقة المحايدة إلى قسمين شمالي يضم إلى الكويت وجنوبي يضم إلى السعودية .
2- يكون لكل دولة سلطة الإدارة والقضاء والدفاع في المنطقة التي تضمها .
3- تشمل المنطقة المقسمة على الأرض والشواطئ والمياه المحاذية لها من دون المناطق البحرية البعيدة عنها .
4- يكون للدولتين حقوق متساوية من الثروات الطبيعية في المنطقة المقسومة بما في ذلك المنطقة البحرية إلى مسافة ستة أميال بحرية من الشاطئ .
5- تضمن اتفاقية الإمتياز التي عقدها الطرفين ويتم احترام الحقوق المنصوص عليها .
6- منع الإزدواج الضريبي وتسهيل نقل الأفراد العاملين في تطوير الثروات الطبيعية من القسمين .
ثم تم توقيع الإتفاقية البحرية بين البلدين في شهر 7-2000 وقع عن الكويت أمير الكويت الراحل الشيخ / جابر الأحمد الصباح وعن السعودية ولي عهدها الأمير الراحل / عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ... وكالعادة دون حسم نهائي وبقي حقل الغاز "الدرة" معلقا بلا حل ولا حسم إلى يومنا هذا بين الكويت والسعودية وإيران ؟

صراع النفط الكويتي السعودي من السر إلى العلن
خبر في 19-10-2014 - صحيفة الأنباء
12 مليون دولار خسائر الكويت يومياً من إغلاق حقل الخفجي


خبر في 12-5-2015 - صحيفة الجريدة
هل تلجأ الكويت والسعودية إلى التحكيم الدولي لفض النزاع النفطي ؟

خبر في 10-11-2017 - صحيفة الأنباء
8.5 مليار دولار خسائر الكويت من "الخفجي والوفرة"

خبر في 24-6-2018 – الجريدة
10.2 مليارات دولار خسائر توقف إنتاج النفط في حقلي "الخفجي والوفرة"
  

خاتمة التوثيق
أول سؤال يجب أن نواجه به أنفسنا : هل السعودية يقع عليها اللوم أو الخطأ أو حتى الإستغلال ؟ ... الإجابة : بالتأكيد كلا وأبدا ... ولو نبحث عن السبب سيكون بسيطا للغاية وهي أن السعودية دولة مستقلة وتبحث عن مصالحها حالها كحال بريطانيا وإيران وأمريكا كأي دولة في العالم وتتحرك وفق ما يخدم مصالحها الإستراتيجية القريبة وبعيدة المدى ... لكن السؤال الأهم : أين الكويت من مصالحها ؟ وماذا فعلت فعليا من أجل ذلك ؟ ... لا نحتاج إجابة فالتاريخ الكويتي في الأعلى يكشف طريقة ونوعية الفكر السياسي الكويتي تماما !!! ... إن كل ما سبق لا يرمينا إلا لأمر واحد وسبب واحد وهو أن الكويت وشعبها دائما ما يدفعون ثمن الخطأ السياسي ودائما ما يكون فادحا وكارثيا وعظيما ... والأمر الآخر اللافت أن السياسة الكويتية منذ القدم لا تعرف الحسم النهائي أبدا حتى في قضاياها المصيرية مما يجعل الداخل الكويتي عرضة للتدخل الخارجي أو للأطماع والإبتزاز الخارجي ... ولذلك الشعب الكويتي يجب أن يعي وأن يفهم فكر السياسة الكويتية وإن كانت حققت مكاسب أو لم تحقق فإن واقع الأرض والسرد التاريخي لا يخبرنا عن أي تدبير عظيم ولا تحقيق أي انتصار إلا بالصدفة والحظ فقط ... ولم يكن هناك أي تخطيط غاية بالذكاء والدهاء السياسي إلا في السياسة الداخلية للدولة أي في قضايا المجتمع والتي بعضها أيضا ترك للزمن مثل قضية "البدون" حتى أصبحت تشكل أزمة وقنبلة موقوتة ... ولذلك وبعدما سبق فإني أعود بكم إلى الفقرة الأولى من الموضوع ألا وهي "الفكر السياسي" سواء للحاكم في الماضي والمستقبل أو للحكومات أو لنوعية المستشارين ... وبالتالي حسم الحدود الكويتية العراقية خدمتنا فيها ظروف "الغزو العراقي" ولم تكن بدهاء سياسي ولا حتى بتخطيط بل كلها جائتنا بمحض الصدفة والظروف ... ولم يبقى أمامنا إلا السعودية وإيران وأيضا لن تقوم الكويت بأي خطوة لحسم ملفات الحدود البرية والبحرية معهما وكأننا ننتظر كارثة حتى تنتج عنها ظروف تخدم قضيتنا !!!... بل أن كل من يتحدث عن هذا الملف "يوصف ويتهم" بأنه يتعمد افتعال أزمة بين البلدين وهذا تفكير العقول "السطحية" التي لا ترى أبعد من أرنبة أنوفها ... ألم تحارب الحكومة الكويتية كل وأي مواطن كويتي ينتقد العراق وتنكل به في أمن الدولة والمحاكم في فترة حكم "صدام حسين" عفن اللحود وعندما وقع الغزو العراقي خرجت الحكومة تستنجد بكل كويتي وكويتية !!! ... مما يعني أن كل من كان ينتقد عفن اللحود كان على حق 100% والحكومة كانت على باطل وخطأ 100% ... لا أحد يريد العداء مع السعودية بل ولا يجب أن نخسرها هم الأقرب إلينا نسبا وروابط إجتماعية عميقة ... وهذا الملف يجب أن يفتح بهدوء بعيدا عن الإعلام تماما بمفاوضات سرية سياسية عميقة وشديدة الوضح والصراحة حماية للشعبين ومنعا لأي شيطان مريد قد يشعل نيران الفتن بين دولتين وشعبين شقيقين في المستقبل القريب أو البعيد ؟

 كنا ضحية خبث البريطانيين ولم ولن يتعلم أحد

مراجع الموضوع
موقع ويكيبيديا
الوثائق البريطانية
موقع مقاتل من الصحراء
أرشيف مدونة الكويت ثم الكويت
كتاب : جزيرة العرب "حافظ وهبه"
كتاب : عرب الصحراء "هارولد ديكسون"
كتاب : الكويت وجاراتها "هارولد ديكسون"





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم