عندما ولدت ولدت كما يولد المسلم
والكافر على حد سواء بطريقة فطرية بشرية فطر رب العزة خلقه من البشر عليها فلا
توجد إمرأة مثلا تلد من صدرها أو رأسها كل نساء الأرض يلدن بطريقة واحدة ومع تطور
الزمن والتقدم الحاصل تطورت وسائل الولادة لكن الطريقة واحدة ... وبعد مولدي من
أبوين مسلمين نشأت على الدين الإسلامي وتعلمت في المدارس الحكومية ... وفي حصص
التربية الإسلامية ضخوا في عقولنا أننا مسلمين وأننا أمة واحدة ولا يوجد في الأرض
إلا مسلم وكافر ... المسلم يذهب إلى الجنة والكافر يدخل النار وفضائل العمل الصالح
وأنواعه وووو إلخ ؟
لكني عندما كبرت وتجاوزت مراحل
المراهقين ومراحل السفاهة والجهل ورعونة الشباب جلست مع الكثير من مشايخ الدين
وقرأت الكثير الكثير من كتب ومقتطفات الفقه والمفسرين والسيرة ومن كثر ما قرأت
وربي قد نسيت حتى أسماء كتب ما قرأت ... وبعدها انتقلت إلى مرحلة الخلافات والبحث
عن أسبابها فاكتشفت أننا درسنا أكاذيب وتعلمنا أكاذيب ... فلا نحن أمة واحدة
وإسلامنا ليس موحد وشريعتنا ممزقة والخلاف وصل للكره والبغضاء ثم وصل للمؤامرات ثم
انتقل للقتل وسفك الدماء ... وبالتأكيد الناس اليوم ليسوا هم السبب وليس ذنبهم
وليسوا أصل الخلافات لكنهم امتداد لمن سبقوهم وسبقونا منذ مئات وآلاف السنين
والأكيد أن الأجيال القادمة ستواصل مسيرة الضحايا ؟
لقد أكرمنا المولى عز وجل بنعمة
الإسلام فانظروا إلى ماذا أوصلونا ؟
السنة : المذهب الحنفي - المذهب
المالكي - المذهب الشافعي، نسبة إلى الشافعي - المذهب الحنبلي - المذهب الظاهري - المذهب
الأوزاعي - المذهب الليثي ... وأيضا المدارس الفكرية السنية مثل : الطريقة
الدسوقية - الطريقة البرهانية - الطريقة الشاذلية - الطريقة القادرية - الطريقة
التيجانية - الطريقة الرفاعية ؟
الشيعة : الإثنا عشرية - الإسماعيلية
- الزيدية - الجعفرية - الزيدية - الإمامية - الإسماعيلية - العلوية - المستعلية
... وغيرها ؟
وكأننا لم يعجبنا كل هذا التمزق
فخرجت حركات فكرية شديدة التأثير مثل : الخوارج - القرآنيون - النجدات - البهره ؟
كل هذه الطوائف وكل هذا التمزق
والتقسيم في أمة الإسلام كان صنيعة زمن مقداره أكثر من 1.400 عام هجري ... خصوصا
إذا ما علمتم أن أمة الإسلام من عهد أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – إلى عام
1932م حكم أمة الإسلام أكثر من 300 حاكم وولي أمر وخليفة وسلطان للمسلمين ابتداء
من دولة الخلافة وانتهاء بالدولة العثمانية ... وبعد وضع الأسماء والأرقام وأعداد
السنين اكتشفت أن متوسط حكام المسلمين كان 4 سنوات و 3 أشهر فقط لا غير ... وهذا
تأكيد لا يقبل الشك بأن الأمة الإسلامية كانت ممزقة بخلافاتها وحروبها وصراعاتها
فلا نعجب بعد ذلك على كثرة الأسماء ونوع المذاهب والخلافات الفكرية ودولة الخلافة الواحدة باتت اليوم دولا كثيرة ممزقة متناحرة ؟
هناك أمرا هو الأكبر والأخطر فقط
تيقنوا جيدا جيدا وبشكل مركز على هذه الآيات القرآنية العظيمة
أفلا تتقون
أفلا تتوبون
أفلا تعقلون
أفلا يتدبرون
أفلا تتفكرون
أفلا تتذكرون
أكثرهم لا يعلمون
أكثرهم فاسقون
أكثرهم لا يعقلون
أكثرهم لا يعلمون
أكثرهم يجهلون
أكثرهم كاذبون
أكثرهم لا يشكرون
أكثرهم فهم لا يسمعون
وأكثرهم لا يؤمنون
وأكثرهم الفاسقون
وأكثرهم للحق كارهون
وما كان أكثرهم مؤمنين
ولا تجد أكثرهم شاكرين
وجدنا أكثرهم لفاسقين
وما يتبع أكثرهم إلا ظنا
ما لكم كيف تحكمون
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم
مشركون
أكثرهم لا يعرفون الحق فهم معرضون
أم تحسب أن أكثرهم يسمعون ويعقلون إن
هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا
يا إلاهي أبعد كل هذه التحذيرات
والتنبيهات والتذكير والإنتقادات والحقائق والنصائح في القرآن العظيم لقوم أسلافنا ما قبل الإسلام
وكانت أغلب تلك الآيات تتحدث عن كبار القوم من حكمائهم وفلاسفتهم وعلمائهم وكبارهم
... ومع ذلك أهل الإسلام لم يأخذوا بها أو أنكروها بأفعالهم فكابروا وتجبروا
فتفرقوا وتمزقوا ... أفبعد كل ذلك نجد من يختلف ومن يسعى لتفريق الأمة ومن سعى
لتمزيقها !!! إذن فما هو الفرق بيننا وبين أسلافنا ؟
أعداء الإسلام والمسلمين والمنافقين
والدجالين والأفاقين من المسلمين تعمدوا عمدا لا يقبل الشك من أن يدمروا أي أثر من
الكتابات التي كانت تكتب في عهد رسولنا وأشرفنا - عليه الصلاة والسلام - وفي عهد
الخلفاء الراشدين وما بعدهم ... نعم وحقا فقد كانوا يكتبون ويسجلون ويدونون ...
لكن المجرمين أتلفوا وأحرقوا كل أثر من ذلك حتى تصل الأمة إلى التمزق والخلاف ثم
التناحر والدم ثم ينتهي الإسلام إلى الأبد ... لكن الإسلام باق ولله الحمد إلى
قيام الساعة ولو كره الكافرون ؟
لا يجب أن أختم قبل أن ألفت عنايتكم
إلى المرتدين عن الإسلام وكيف أن علماء الأمة غالبيتهم أجمعوا على قتل المرتدين
وهذا خطأ كارثي كبير وخطير ... فمن أين جئتم بمبدأ قتل المرتد عن الإسلام وربكم لم
يأمر بقتل المرتدين في كل آيات وسور القرآن الكريم ؟ فهم يستندون إلى ما قام به
الصديق أبو بكر - رضي الله عنه - في حروب الردة بعد وفاة الرسول - عليه الصلاة
والسلام - وهذه حادثة استثنائية لا يجوز تعميمها على كل الأوقات والأزمنة ... أنت
مسلم ما تبي الإسلام ما تشوف شر روح توكل والإسلام بعد ما يبيك ... يبي يرتد عن
الإسلام باللي ما يحفظه وين المشكلة ؟ شنو الإسلام راح يهتز ولا يتضرر بخروج واحد
ولا مليون ولا حتى نص مليار كائن بشري !!! ليش أحكم عليه بالقتل وهو نفس بشرية له
خالق سيحاسبه أشد الحساب وبأي سند قرآني واضح وصريح ؟؟؟ بل إن الإسلام يحتاج إلى
أقوياء العقيدة ولا يحتاج إلى الضعفاء والمشككين والمثبطين بدليل أن عددنا فوق
المليار ونحن أضعف أمة ... ولكم في معركة بدر مثال مما أقول فقد كان عدد المسلمين
314 وكان عدد الكفار 3.000 ومع ذلك انتصر فيها المسلمين بسبب قوة إيمانهم وعقيدتهم
... ثم ربكم قال لكم صراحة وبوضوح
{ وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن
ومن شاء فليكفر }الكهف :29
{ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد
من الغي } البقرة : 256
{ لكم دينكم ولي دين }الكافرون : 6
فكفاكم عبثا بعقيدتنا وخروجا عن كتاب
ربكم الذي هو الحق واليقين والرحمة
الحقيقة الثابتة واليقين المستكين هي
أن الأمة اختلفت في السنة النبوية وفي آل البيت عليهم السلام والخلافة وكراسيها
وفي الشريعة الإسلامية وأفرعها وبسبب كل تلك الخلافات حدثت الصراعات والإنشقاقات
التي وصلت كثيرا إلى مرحلة السيف والدم ... لكن لا أحد يختلف على القرآن الكريم
أنه هو الحق من رب العالمين وهو الأصل وهو المرجع فعودوا إلى مرجعكم تقهرون
أعدائكم وتعودوا موحدين غير متناحرين هذا إن كنتم تريدون التوحد من الأساس ؟
دمتم بود ...