2018-06-01

تاريخ العرب ... في الجاهلية


كتب التاريخ القديم لا حصر لها تتضارب فيما بينها من صحة الرواية أو عدمها أو إنقاصها أو زيادتها والنقل الأمين نادرا ما يكون موجودا ... وفي هذه السلسلة من الأجزاء التي أسلط فيها الضوء على التاريخ "المختصر" للعرب في الجزيرة العربية حصريا والإبحار بكم من ذاك الزمن إلى زماننا هذا يأتي لفهم العقلية العربية ... العقلية التي لا تريد أن تتوحد وأسباب ذلك وكم المؤامرات التي لا تعرف لها عددا التي تسلطت فوق هذه الأمة ومع الأسف أن غالبية تلك المؤامرات قد نجحت نجاحا عظيما وحققت أهدافها بامتياز ... لذلك من المهم بمكان أن يفهم الجيل الحالي حقيقة ماضيه وأن كل الماضي قد كان تزويرا أو تحريفا بقصد صناعة عظمة لا وجود لها ... لذلك لنجعل التاريخ يتحدث بتجرد مطلق من أي عاطفة وبأدلة سهل الإستدلال عليها من خلال آلاف الكتب وعشرات آلاف المواقع الإلكترونية ... وأهم سؤال أضعه في أعلى القائمة حتى لا يوسوس الشيطان في رؤوس بعضكم : هل للعرب طريق مع الرجولة والفروسية ؟ ... نعم وبقوة لكن الخونة والجبناء كانوا أكثر منهم بكثير ؟
 
العرب في الجاهلية
التاريخ يتحدث على أن حياة العرب في جاهليتهم كانوا قوم أجلاف حمقى السفاهة لا تعرف لها حدود وكيف لا وهم في جاهلية الماضي ... حيث كانوا يعبدون الأصنام ويتاجرون بالنساء ويصدقون النجوم والسحرة والكهنة ويتعاملون بالربا ويستعبدون الناس ويفرضون شريعة الغابة القوي يأكل الضعيف ... ولا عجب من هذا ونحن نعلم أنهم كانوا يقتلون الأنثى المولودة لظنهم أن مولد الأنثى هي عار على أبيها وقد قتل الآلاف من المواليد كل ذلك وما سأسرده حدث وكان يحدث قبل عام 610 ميلادية أي قبل 1408 سنة ميلادية وقبل الهجرة بـ 13 سنة ... وكانت المرأة عندما يموت زوجها تورث وتنتقل إلى أخيه مع ما يملكه المتوفي من مال وأثاث وكان الرجل يحق له أن يتزوج علنا ما يشاء من النساء واحدة أو 10 أو 20 ... وكانت الجواري لهن أسواق لبيعهن مع سبايا الغزوات والنكاح كان يتم دون أي مبادئ ولا أي شريعة سماوية اجمع وانكح ما شئت من النساء واستعبد ما شئت من الغلمان ... وكانت أسواق العبيد تختلف عن أسواق الجواري لأنهما كانتا تجارتين في تنافس شديد بينهما وليسبح خيالكم فيما كان يجري في البيوت آنذاك ... لكن كان هناك أشراف العرب وساداتها فهؤلاء ممن يعتبرون من أهل القوة والعزم ويملكون العزة والكرم والشهامة بسبب نسلهم وأصلهم وبسبب ما يملكونه من خيرات الإبل والخراف والماعز وعدد الرجال وقوة تسليحهم ومناطق حكم نفوذهم ... وتلك الفصيلة أو النوعية كانت العرب تهابهم وتضع لهم ألف حساب بالرغم من أن رجال تلك الأقوام من القبائل العربية كانوا يمارسون نفس ما كان يمارسه أهل المدن آنذاك من كل أنواع الجهل ... لكن هناك خصلة جدا مهمة أن نضعها وعي أن نساء تلك القبائل العريقة كان الزواج من بناتها لا يتم بنفس طريقة الجواري والسبايا والعبيد بل لا يأخذها إلا من كان كفؤا لنسبها ... والعرب كانوا ينقسمون إلى قسمين الأول : هم قبائل العرب أهل البادية والذين يطلق عليهم "بدو الصحراء" وهؤلاء لا يعيشون إلا في الصحراء ويتنقلون حسب ظروف طبيعة الأرض ... والثاني : هم قبائل العرب أيضا لكنهم كانوا يعيشون في المدن والبيوت لا يسكنون الصحراء أبدا ... والبدو وأهل المدن هم يرجعون إلى نفس القبائل بأسمائها ونسلها وأصلها لكن هذا اختار الصحراء وذاك اختار المدينة ؟
 
في ظل ما سبق من رسم صورة عقولنا في 2018 تأبى أن تخضع لذاك الزمان ومبادئه السفيهة وعادتهم المتخلفة وتقاليدهم المخزية فلا بد أن نبحث عن إجابة هذا السؤال : من كانوا يتبعون ؟ أي في شريعة من كان الأكثر قوة الذي كان يبسط رأيه وأمره على الجميع ويخضع له الجميع ؟ ... التاريخ يخبرنا أن أمة العرب كانت خاضعة بل وتابعة لسلطة الفرس والروم والتبّع اليماني وجميعهم كانوا ملوكا وجبابرة ومجرمين ... فلو أردت أن أرسم لكم خريطة وفق "مفهوم وعقلية وواقع" دول اليوم لكانت كالتالي : أرض اليمن وكل ساحل عمان وأرض الحجاز ونصف السعودية والبحرين والإمارات كانت تابعة لسلطة التبّع اليماني من بني حمير من سلالة مملكة سبأ ... وباقي أرض الجزيرة العربية والعراق والكويت وجزء من تركيا وأفغانستان وأزربيجان وباكستان كانت تابعة لكسرى الفرس أنوشروان ... أما إمبراطورية الروم فكان الأقوى والأكثر انتشارا فقد خضع لحكمها وسلطتها جزء من العراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر وتركيا بل ووصلت حتى إلى ليبيا والجزائر وغيرها ... وكانت كل تلك السلطات تفرض الجزية على من تحكمهم من العرب في مقابل تدفق التجارة والصناعة والخيرات على المناطق العربية التي تقع تحت نفوذها ... مثل المياه العذبة والملابس والقماش والسلاح والأواني المنزلية وأنواع الفاكهة والذهب والحلي وتجارة العبيد والجواري وغيرها ؟
تتحدث كتب التاريخ أن "بعض" العرب امتهنوا الحرب والغزوات والسلب والنهب حتى يبيعوا ما يسرقونه ومن ثم يوفرون أموال الجزية لمن هم تابعين له ... وتروي كتب التاريخ أيضا عن وقوع أكثر من ألف غزوة بين العرب بعضهم بعضا وروايات تتحدث عن أكثر من 1.700 غزوة ومعركة مثل معارك : ذي قار ويوم الصفقة ويوم البرادان وعين أباغ واليحاميم وحروب الأوس والحزرج وحروب كعب وحاطب ويوم بعاث وكلاب الأول والثاني ويوم حجز وخزاز وظهر الدهناء والبسوس والوقيط والغبيط وداحس والغبراء والرقم وهراميت والكديد وحرب الفجار وذي نجب والرغام والصرائم ويوم رحرحان والشقيقة والنقيعة وذات الأثل ... حروب كثيرة جدا لا تعرف عدد قتلاها بالشكل الصحيح منها ما كانت حربا مبررة ومنها من كانت حرب عدوان وبغي ... ناهيكم عن قطاع الطرق وسلب أموال الناس وممتلكاتهم وخطف النساء والذي التاريخ لا يذكر تفصيليا كم عدد من حملن بسبب عمليات السلب والنهب والقتل ... والعرف كانت السبية أو الجارية إن حملت وولدت بنتا فإنها تباع في الأسواق هي ومولودتها وتطرد وإن وضعت ولدا فالأمر هنا يختلف فإما أن يتزوجها سيدها ويعترف بولده أو يقتلها هي وولدها لعارها على نسبه والحليم منهم يبيعها أو يرحلها خارج مناطق نفوذه حتى لا تعايره العرب ويمكن أن يعترف بولدها لكن لا يتزوجها ... والملفت في الأمر أن حشود القبائل أنداك تأخذني "شخصيا" إلى الإعتقاد والظن أن كل من شارك في حرب في الجاهلية كان لسببين : إما أنه دخل في تلك الحرب طمعا بغنائم الحرب والتي يمكن أن توفر له دخلا في بيعها أو أنه دخلها نصرة لقبيلته حتى لا يتم معايرته في مجالس الرجال ... أي أن الأمر لم يكن باقتناع كامل بل إما لخوف من عار الرجال أو طمعا بالمال هي نفس مبادئ المرتزقة في أيامنا هذه الذين يقتلون من أجل المال ولا شيء إلا لأجل المال ؟ 

إذن وبالمختصر المفيد أن العرب في جاهليتهم كانوا قوم خاضعين لسلطة وقوى خارجية كانت متسيدة مستبدة على المنطقة آنذاك ... وكانوا قوم جهالة وحماقة مفرطة ولم يأخذوا منطقتهم إلى التحرر الكامل من أي قوى خارجية على الإطلاق في كل تاريخهم إلا ببضع سنين في عهد النبوة والخلفاء العهد الأموي والعباسي وهذا ما سأعرج عليه لاحقا ... وأن الغزوات في الجاهلية كانت حربا بالقوة وبالإكراه وتم تغيير الغزوة أو الغزو بلفظ "الفتوحات الإسلامية" وهذا تزوير لحقائق التاريخ العربي والإسلامي ... والفتح الوحيد الذي يستحق أن نطلق عليه فتحا حقيقيا هو فتح مكة المكرمة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام الذي فتحها ودخلها دون حرب ولا سفك دماء في 20 من شهر رمضان المبارك سنة 8هـ  = 10 من شهر يناير سنة 630م .


يتبع الجزء الثاني : تاريخ العرب في الإسلام





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم