2022-02-11

بحث : جدوى الكويت من البقاء في منظومة دول الخليج ... العالة ؟

 

هذا الموضوع بحث سياسي ذوو مراجع وواقع تاريخي الهدف منه لفت الإنتباه للأخطاء السياسية الكويتية الجسيمة التي كانت ولا تزال تقع في نفس الأخطاء ... والهدف من هذا البحث هو التنبيه للأخطاء التي إن استمرت قد تمحي الكويت بأسرها من الخارطة الجغرافية والسياسية ما لم ينتبه الجميع ويأخذوا هذا الموضوع على محمل الجد والمسؤلية الوطنية الرفيعة بعيدا عن العاطفة والأنانية بسطحية العقول وعمى القلوب وضبابية العيون ... لذا اقتضى التنويه .

الموضــــــــوع

من المؤسف حقا أننا في الكويت لم نعد نقرأ بحوث سياسية ولا تحليلات سياسية صرفة تكون الكويت في أولوية اهتماماتها ... ربما لأن أصحاب الشأن أو المتخصصين وجدوا أن تغليب المصالح الشخصية أفضل من تغليب المصلحة الوطنية ... وربما حتى لا يخسروا رصيدهم من الأصدقاء والأشقاء في الخليج وربما خوفا على وجاهتهم الاجتماعية أو لأسباب أخرى ... لكن الأكيد والواقع أن الكويت تخلو من بحوث سياسية مكثفة تتحدث عن السياسة الخارجية للبلاد وتراقبها وترصدها وتحللها فهذا الأمر اللافت مع الأسف في وقتنا هذا ... وعلى افتراض أن الكويت سقط حكمها وآل الحكم لغير حكم الصبــــاح فما هو حال الشعب الكويتي وقتها ؟ ... وعلى افتراض أن الفوضى قد دبت في العالم بأسره وعادت البشرية إلى حُكم الغاب وقامت إيران أو العراق أو السعودية بابتلاع الكويت وتنصيب واليا أو محافظا أو أميرا عليها فماذا سيكون حال الشعب الكويتي ؟ ... السيناريو وفق خيالنا المتواضع والمندفع في نفس الوقت سيقول أنه ستنشأ خلايا مقاومة لن تصمد أكثر من بضعة شهور أو بضعة سنوات ... والسيناريو الأخر من الخيال يقول أن الشعب سيسلم بالأمر الواقع والبعض وربما الكثيرين سيتخذون قرار الهجرة إلى أرض أخرى ودولة وشعب أخر ... تلك المعطيات من الأسئلة والأجوبة التي سطرتها من وحي الخيال لها دلائل ووقائع تاريخية لا يمكن إنكارها بالمطلق ... فالتاريخ السياسي الكويتي يحدثنا أن السعودية كانت طامعا بالأراضي الكويتية وقامت بمحاولات غزو الكويت مرات متكررة ... مثل "معركة الجهراء" في 1920 و "معركة الرقعي" في 1928 وابتعلت ثلثين الأراضي الكويتي ما قبل سنة 1900 ميلادية ... ونفس التاريخ يحدثنا أن العراق أيضا كانت له أطماع أيضا بضم الكويت لأراضيه بدأها ملك العراق "غازي بن فيصل" في الثلاثينات عندما احتضن المعارضة الكويتية "راجع موضوع : تاريخ المعارضة الكويتية وتأثيرها على الجنسية" وقاموا مجتمعين بمحاولات حثيثة لضم الكويت للعراق وإسقاط حكم الصباح كهدف رئيسي ... تولى مهمة عداء الكويت بعد "الملك غازي" وصي العرش الأمير "عبدالإله بن علي" في الأربعينات ... ثم تهديدات الرئيس العراقي "عبدالكريم قاسم" بضم الكويت للعراق في 1961 ... ثم محاولة غزو الكويت في 1973 عندما اجتاحت القوات العراقية "مركز الصامتة" الكويتي الحدودي مع العراق وتوغلت القوات العراقية بضعة كيلومترات ... ثم الزلزال في 1990 غزو العراق للكويت واجتياح الأراضي الكويتية بالكامل من قبل طاغية بغداد "صدام حسين" ... كلها وقائع وحوادث تاريخية سجلها ووثقها التاريخ السياسي الكويتي والأرشيف البريطاني كانت كافية أن تستفيق الكويت من غفلتها السخيفة وعبثها السياسي ومجاملاتها التي ضيعتنا في السابق وتتغير سياستها لكن ما حدث هو العكس بمزيد من الفشل والتخاذل الوطني والسياسي وجُبن العقول وتردد النفوس ؟

ونحن في الشهر الثاني من العام 2022 عندما نرى سنوات التاريخ الكويتي بكوارثه سالفة الذكر يحدث إسقاط تلقائي يشوبه الذهول والصدمة وفي نفس الوقت خيبة الأمل ... لأن إن كان التاريخ الكويتي يصرخ علينا جميعا بالحذر والإنتباه أن سياسة الكويت البليدة لم تعد تنفع في أيامنا هذه بالمطلق ... وفي مشهد يتقارب مع وضع الكويت السياسي لا بل أكثر خطورة من وضع الكويت السياسي والجغرافي ... فأمامنا مشهد دول مثل : كوريا الجنوبية - تايوان - فيتنام - تايلاند - جنوب أفريقيا وغيرها ... دول قامت من الصفر بل من تحت الصفر وصنعت اليوم اقتصاديات مرعبة وتحالفات واسعة النطاق فاصلة فصلا كاملا بين الهوية واللغة والدين والمعتقد لأنها ببساطة وضعت مصلحة الدولة فوق الجميع ومقدمة الأمن القومي السياسي والأمني والإقتصادي فوق كل اعتبار اجتماعي ... ومن المهم أن يعرف الجميع أن التلاعب بالمصطلحات السياسية التي تم استحداثها لم تخرج إلا من قبل أكثر السياسيين كذبا وإجراما وفسادا مثل مصطلح "الأمن القومي العربي - البعد الإستراتيجي - المصالح القومية العليا" وغيرها من الخزعبلات التي تم استغفال العقل العربي فيها فاتبع المغفل بما ساقوه عليه من كذب وتدليس ... والواقع السياسي التاريخي بمدارسه السياسية لا تتحدث عن منظومات دولية بل تتحدث عن تحالفات سياسية بين الدول واتفاقيات تحدد شكل ونوع العلاقات بكافة أشكالها ومضامينها ... واليوم توجد مشكلة حقيقية كبيرة وكبيرة جدا تواجه الكويت "الغافلــــة" والتي تتمثل بتواجدها في منظومات إقليمية فاسدة فاشلة لم تجني الكويت من ورائها سوى الخسائر وخيبات الأمل ... ناهيكم عن إقحام الكويت بنزاعات لم ينالنا من ورائها سوى الأذى والإستغلال المادي ؟

من الطبيعي أن نجري جميعا نظرة على الواقع الخليجي الحقيقي لجميع الدول التي تضم منظومة "دول مجلس التعاون الخليجية" 

1- كل دول الخليج تعتمد على أمنها الخارجي بنسبة 100% على الخارج .

2- كل دول الخليج تعتمد على غذائها ولبسها ومستلزماتها من الخارج وبنسبة تتفاوت ما بين 80% إلى 95% .

3- كل دول الخليج وبنسبة 100% ترسل أبنائها للدراسة في الخارج سواء دراسة مدنية أو عسكرية .

4- كل دول الخليج لا تصنع أسلحتها بل تستوردها بنسبة 100% .

5- كل دول الخليج تعتمد في سياستها الخارجية بنسبة 100% على "أمريكا - بريطانيا" لأنهم من ضمن "الرعايــــا" السياسية لبريطانيا وأمريكا التاريخيين .

6- كل دول الخليج استثماراتهم الضخمة مودعة وتدار في أوروبا وأمريكا .

لذلك ينطبق مفهوم "مشيخة الخليج" كمشيخة قبائل كفكر وتوجه وسياسة تعتمد بنسبة 100% على الولاءات لا الكفاءات وتَتذلّل الرعية بالعطاء لا الحقوق ... بدليل أنه ما أن يموت حاكما حتى يأتي من بعده لينسف إنجازات من قبله ويغير سياسة من قبله وتلك عقلية المشيخة يا سادة التي لا تمت بأي صلة لأي مدرسة من المدارس السياسية العالمية ... تتطابق تلك العقلية من المشيخات مع عقلية مشيخات قبائل أفريقيا والأمازون وهذا واقع حقيقي وليست سخرية ليعلم الجميع أن الفرق بين مشيخة الخليج وبين المشيخات الأخرى المال فقط أي مشيخة الخليج يتمتعون بالثراء الفاحش والمشيخات الأخرى كان الفقر صديقهم الأزلي ... والشعوب الخليجية تحديدا بطبيعتها مطمئنة لحكم المشيخة لأنها أولا شعوب قبائل بنسبة 80% + أفضل أنواع الحكم العربية حصريا والتي أثبت مدى جدواه "الإجتماعي" وعلى الجانب الأخر أثبت مدى فشل نظام الحكم "الرئاسي والجمهوري في دول الأحزاب" في باقي الدول العربية ... لكن مثل هذا الحكم يشكل خطرا على وجود الدول والكيانات والشعوب لأنه حكم ربط نفسه بوجود وبقاء الدول العظمى أو الكبرى ولأن أمنه الخارجي يعتمد عليهم بنسبة 100% ... مع ملاحظة أن الشعوب الخليجية قد تكون في ترابط هنا ومحبة هناك ويجمعهم الدين الإسلامي واللغة العربية لكن هذا لا شأن له في ما أتحدث عنه من تغيير سياسي وتحول سياسي ونقلة سياسية نوعية ؟

لو وسعت مدارك العقل قليلا لتخرج فقعات العاطفة السخيفة وسألت أحد أهم السياسيين وليس أحد العامة : ما أهميتنا كدولة الكويت بأن نبقى في منظومة "دول مجلس التعاون الخليجي" وفي منظومة "جامعة الدول العربية" ؟ ... حتما سينطلق بلبل السياسة ويسطر علينا هرطقاته وسيأخذك إلى الأمن القومي العربي والبعد الإستراتيجي ويذكرك بالدول العربية والخليجية التي وقفت معك في كارثة الغزو ... ثم سيجنح بك إلى التعاون الخليجي والعربي في المحافل الدولية وفي القضايا المصيرية وكأنك جالس أمام تلفاز أثناء نشرة الأخبار بحديث المجانين ... وكأن العرب لهم رأيا أمام رأي وقرار أمريكا وبريطانيا وروسيا والصين أو يتحدثون وكأنهم قوى عظمى حاملات طائراتهم تجوب البحار والمحيطات وصناديقهم السيادية تتراقص أمام تريليونات الدولارات !!! ... وكأن هناك دولة عربية واحدة تملك حق النقض الدولي "الفيتـــو" في مجلس الأمن الدولي !!! ... لقد تعمد الإعلام العربي تعمدا وصل إلى درجة المرض العقلي حقا أنه أصبح لا يستطيع العيش دون كذب ودون تزوير ودون تلفيق ودون صراعات بهدف تغيّيب العقول... فهل فتح أحدكم كتب التاريخ ليحدثنا ما أخبار الصراعات بين : الجزائر والمغرب - العراق وتركيا - السعودية وإيران - مصر والسودان - سوريا وقطر - الإمارات واليمن ... فمن بقي من دولكم العربية !!! بل حتى قطر التي هي عضوا في منظومة دول الخليج كاد أن يحدث عليها غزوا عسكريا في 1996 وغزوا عسكريا في 2017 وكلاهما محاولات غزو خليجية بنسبة 905 بدعم سياسي ولوجستي مصري !!! ... هي نفسها قطر التي تآمرت لإسقاط الأنظمة السياسية في الكويت والبحرين ومصر وأشعلت ليبيا وسوريا واليمن فعن أي منظومة عربية نتحدث وتتحدثون والخلافات أصلا لا تزال مشتعلة والبعض منها كالنار تحت الرماد ... وما حدث في الأزمة "الخليجية الخليجية" والتي دامت 4 سنوات من 2017 إلى 2021 كانت أقوى جرس إنذار وتنبيه للكويت تحديدا وحصريا بأن تنتبه وتستفيق من سباتها المزعج ... فمن خلال ما شاهدناه من كذب وتزوير وفجور مزلزل في الخصومة وإجراءات انتقامية تضعك كمحلل كسياسي كمراقب في موضع جدية إعادة التفكير في هذه المنظومة "مجلس التعاون" ومدى جدواها وأمنها أو خطرها عليك كدولة وكسياسة وكتحالف موثوق فيه ... ولا يمكن أن تستمر وضعية التذلل لدول الخليج كفضل ومنة خالدة أبد الآبدين على مواقفهم تجاه الكويت أثناء الغزو العراقي ... والذي كالعادة يتجاهل الإعلام والمستثقفين من كل خسيس ووضيع أن يحجب ويكتم الحقائق التاريخية التي تؤكد وتثبت بالأدلة أن "صدام حسين" كان يتحدث عن الكويت والسعودية والإمارات وأكد ذلك برسائله السرية التي كشف عنها الرئيس الإيراني السابق "هاشمي رفسنجاني" وفوق هذا "صدام حسين" صرح واتهم جهارا نهارا علنا حكام الكويت والسعودية والإمارات مجتمعين وأن حدود العراق البحرية تمتد إلى أخر سواحل الإمارات وبالتأكيد التعتيم مبدأ خليجي !!! ... لكن فوق كل ما حدث وجدنا أنفسنا في كارثة سياسية "خليجية خليجية" فذهب كل طرف ليضرب منظومة "دول مجلس التعاون" بعرض الحائط ويطبّع العلاقات بينه وبين الكيان الصهيوني تحت ذريعة ومبدأ "سيادة الدول" وهذه السيادة أصبحت تعرض أمنك الوطني لخطر فادح وكارثي ... فإن كان المبدأ سيادة الدول فإن صفة المنظمة تنسف عن بكرة أبيها ويعود الجميع إلى الأصل السياسي وهو سيادة الدول واتفاقياتها السياسية الإقليمية والدولية ... فلم يأخذ أحدا رأي "منظومة دول الخليج" ولم يلتفت أحد لمصالح الكويت الإستراتيجية ولم يعبأ أحد للأمن القومي الكويتي وهذا الأمر بالمناسبة من حق دول الخليج ... لكن كمنظومة سياسية لديها أُطر قانونية ودبلوماسية ولها تاريخا حافلا بالشجب والتنديدات تجاه الكيان الصهيوني ثم تنقلب عليك وعلى المنظومة بأسرها وتطبع مع الكيان الصهيوني فهنا وجب أن تتوقف أنت وتعيد قراءة المشهد لا أن تسايره وكأنك الجمل السادس في القافلة !!! ... ناهيك عن ارتباط الكويت بمنظمة أوبك للدول المصدرة للنفط وما تكبدته الكويت من خسائر اقتصادية قاسية إرضاء ومجاملات لحلفاء أنت بالأساس أخر اهتماماتهم !!!

إن التأثير الاجتماعي أو المزاج الاجتماعي الطاغي حاليا تجاه السعودية هو نفس المزاج الإجتماعي الذي كان طاغيا تجاه العراق ما قبل 1990 ... لدرجة أن السفارة العراقية في الكويت كانت تقيم حفلات راقصة تملأ طاولاتها الخمور علنا وتدعوا للكويت وليس للعراق أكرر السفارة العراقية كانت تدعو للكويت الفنانين من مصر ولبنان لإحياء مناسبات السفارة القومية وبالتأكيد مع بعض فنانين الكويت ... والحكومة كانت تعلم كل ما كان يجري وأعضاء مجلس الأمة آنذاك كانوا على علم بما كان يجري والشعب كان مخدرا غبيا مغفلا والجميع لم ينتبه إلى الأمن القومي الكويتي ولا إلى أي مدى تم اختراق الكويت بمؤسساتها وبأجهزتها بإعلامها ... وحتى القرار السياسي الكويت بات في جيب البنطلون العراقي الخلفي وليس حتى الأمامي ... وقبل السعودية والعراق كان المزاج الاجتماعي السخيف طاغيا تجاه مصر وفلسطين وقبلهم كان باتجاه بريطانيا والهند ... هذه الأمواج من الأمزجة الشعبية العاطفية سببه جهل وسطحية الحكومات الكويتية وإفلاسها السياسي وعدم وجود خطوط سياسية أي دولة تسير بلا أهداف ولا رؤية سياسية ... سياسة حمقاء أودت بحياة وطن وشعب وكارثة تاريخية لم يتعلم منها أحدا بل وحتى في مجلس الأمة في 1992 لم تجري محاسبة حقيقية بالمطلق بل كان مجلسا متخاذلا متواطئا ... ووصولا إلى اليوم فلا نرى رؤية واضحة للسياسة الكويتية ولا بعدها الإستراتيجي كمن ربط مصيره بمصير الأخرين !!! ... أي كمن يقول إما أنا والسعودية وإلا فلنذهب جميعا أو إما الكويت والعراق وإلا فلنذهب جميعا أو إما الكويت ودول الخليج أو ليذهب الجميع !!! ... وحتما وبالتأكيد ما هكذا تدار السياسة ولا هذا عقل السياسي الحقيقي ولا هذا حديث أهل المدارس السياسة ... فالسعودية لديها مصالحها أهم من الكويت بألف مرة والعراق له مصالحه السياسية أهم من الكويت بألف مرة وإيران لديها مصالحها أم من الكويت بألف مرة فأين مصالح الكويت ؟ أهدافها ؟ استراتيجيتها ؟ أمنها اقتصادها مجتمعها ؟ ... ما هو وضع وشكل الكويت بعد 5 سنوات ؟ وبعد 10 سنوات وبعد 20 سنة ؟ وبعد 30 سنة ؟ ... أنا أراهن أي مسؤل في وزارة الخارجية أن يعلم ويعرف إلى أين نحن ذاهبون بعد 5 سنوات كله على بركة الرحمن ؟

إن الدول ذات السياسة الحكيمة والدول التي تمتلك بعد نظر لا تربط نفسها بدولة عظيمة واحدة أو اثنتين ولا تربط مصيرها مع منظومات سياسية إقليمية ضعيفة وفاشلة وفاسدة ... ولا ترهن مصالحها بيد كل سفيه وغير منضبط ولا تستخدم أموالها إلا كسلاح اقتصادي يعود بالمنفعة والمكاسب السياسية المؤكدة ... والأمن القومي الكويتي إن كنتم تعرفون يبدأ من منع أي أجنبي يعمل في أي سفارة من سفارات دولة الكويت في كل أنحاء العالم ... والأمن الدبلوماسي يبدأ بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفق وطنيته وكفاءته وإخلاصه لا وفق القبيلة والعائلة ... والحكومات لا تنشأ وفق الأهواء والولاءات والشعوب تُقاد ولا تقود ومتى ما أصبح الشعب يقود الحكومات فإن الهلاك مصير أي أمة والتاريخ يشهد عليكم لا لكم ... وقد آن الأوان أن يعاد النظر بصورة وشكل الكويت السياسي والإقتصادي والإجتماعي داخليا وخارجيا دون النظر للأصوات الجوفاء والغوغاء فنحن أمة يجمعنا الدينار ويفرقنا العصا وليس الطبلة فحسب ... أن الأوان أن تنسحب الكويت من منظومات إقليمية لا قيمة ولا تأثير لها مثل "جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي" ... وآن للكويت أن يعاد رسم سياستها الدولية بأن تصبح دولة لا تتدخل بشؤون الأخرين ولا حتى بالصلح بين الأشقاء فما أتعسنا بأشقائنا ولم يجلب علينا البلاء سوى أشقائنا ولم تستنزف أموالنا إلا من خلال أشقائنا ... والسياسة الجديدة يجب أن تكون مبنية على تحالفات دولية ذات جدوى أمنية وسياسية واقتصادية ترعى مصالح الكويت العليا أولا وأخيرا لا مجاملة لهذه الدولة ولا خوفا من تلك ... ولا أفضل من مثل سويسرا دولة في قلب أوروبا لكنها لم تنظم للإتحاد الأوروبي دولة لا تتدخل في شؤون أي دولة في العالم لا سلبا ولا إيجابا ولا تتفاعل مع أي دولة لا إنسانيا ولا غير إنساني دولة لا يشغلها سوى مصلحة شعبها وتطوير استثماراتها ... وازدهار الكويت لن يحققه لك أعضاء مجلس الأمة من الثعابين والمتلونين والمزاج الشعبي لن يتغير إلا إذا رأى المواطن صفحة جديدة وسياسة جديدة ورؤية جديدة تقتص من الفاسدين وتحرر القضاء من أي ضغوط سياسية أو اجتماعية وتجعل الناس كأسنان المشط لا فرق بين ابن حاكم ولا ابن تاجر ولا ابن عضو ولا ابن فقير ... دستور جديد للبلاد وتحرر كامل من التبعية العربية والخليجية المتخلفة وتعزيزا وتمسكا بالثوابت الكويت الأصيلة بمواقفها المشرفة من الكيان الصهيوني وتعزيز هويتها الإسلامية وانفتاحها الإجتماعي والثقافي والفني وتفكيك الأحزاب السياسية كافة التي تسترزق على المجتمع الكويتي ... وتعزيز روح المواطنة وتأديب كل عنصري وقبلي وطائفي واجتثاثهم من مجتمعنا وفتح أبواب الإستثمار الجريء وفتح أبواب "السياحة النظيفة" ... وتحويل عقيدة العصابات أن الكويت شركة خاصة إلى دولة ذات مسؤلية مجتمعية عامة ... وتحويل العمل في القطاع الحكومي إلى عقد عمل الذي يضمن الكفاءة ويطرد الفاشل والبليد والمهمل وعالة الواسطات ... دولة بانفتاحها الإستثماري تحقق فرص عمل للجميع وتحول الجزر الكويتية الكئيبة إلى "مالديف الخليج" ... وقتها سيتحقق للبلاد عوائد مجزية أخرى غير النفط ووقتها مرحبا بالضرائب عندما نرى الضمائر تنتفض على المال العام والشوارع رائعة والزراعات التجميلية تملأ الكويت والقانون قاسي وصارم وفوري على الجميع ويوم نرى أن من اتصل أو ذهب ليتوسط يتم فصله من العمل وإحالته للقضاء والكثير من الأفكار ؟

ما سبق هي رؤيتي وفكري لوطني والحمدلله لا أملك قلبا يحمل كرها لدولة وشعبا أخر لا إيران ولا السعودية ولا العراق ولا دولة عربية ولا شعبا عربيا فإن كانت هناك انتقادات لآرائي فهي انتقادات لسياسات دول وحكومات لا شعوبا ومجتمعات ... لكن واقعنا مخزي مخجل كمنظمات إقليمية على كثرتنا لا قيمة لنا ناهيكم أن كل الدول العربية ترتبط بعلاقات خاصة وبمعاهدات خاصة بين بعضها البعض فما حاجتنا لمنظمات فاشلة بالية أثبتت أزماتنا أنها وقفت تلك المنظمات عاجزة مشلولة أمامها وحكومات عربية خضعت كليا أمام المال الخليجي ... ناهيكم وحتى يومنا هذا الخلافات "العربية العربية" مستعرة حتى اللحظة وسوف تستمر أكثر وأكثر وتشتعل أكثر وأكثر هذا الخلاف تحركه أمريكا وذاك الخلاف تحركه روسيا والمسرحيات السياسية لا تنتهي ... بعكس لو كنت بعيدا عن الجميع ومتحررا من كل المنظمات الإقليمية وقتها خياراتك السياسية ستكون أكبر وأوسع ناهيك أن المكاسب الإقتصادية ستكون أعلى ... أما المجتمع الكويتي فهو مجتمع ثرثار كثير الكلام وقليل العمل صنعته حكومات فاسدة ومجالس أمة من اللصوص مجتمع عاطفي يمكن بمنحة أميرية أن تقلب الطاولة السياسية برمتها على من تريد ونحن بحاجة إلى مجتمع عقلاني لأجيال عقلانية كويتية وطنية ... وعندما يرى أبواب العمل والإستثمارات قد فتحت على مصراعيها والسياحة النظيفة بدأت تلفت النظر بقوتها وقتها تلقائيا سيتم تفكيك "التكدس الوظيفي" ... لكن كوضع الكويت الحالي فهو وضع خطر جدا ويحمل على أعتابه مخاطر سياسية قادمة لا تحمد عقباها ... والإعتماد السياسي أو الرهان على الدول العربية الكبرى كمن دخل سباق خيل على ظهر سلحفاة وبيديه دجاجة ... يا سادة بلادنا الكويت تمتلك قدرات ومقدرات مرعبة لكنها بيد الجبناء والفاسدين والفاشلين ممن اعتمدوا بنسبة تتراوح ما بين 90% و 100% على الواسطة لا الكفاءة ... فالكويت تمتلك عقول كويتية خطيرة وطاقات شبابية جبارة وتمتلك موارد مالية سلطانية وتمتلك سمعة دولية محترمة جدا جدا فما الذي يمنعك من أن تتحرر وتنطلق برؤية واستراتيجية وشكل جديد للكويت إلا أن تكون فاشلا أو فاسدا أو لصا أو جبانا وأيا من تلك الصفات إن حملت أحدا منها فمستقبل الكويت وشعبها وأجيالها في خطر ماحق بنسبة 100% إن لم يكن اليوم فغدا ؟

الواقع الخليجي اليوم كل دولة تلعب وفق مصالحها وتتضارب في الخارج بسبب مصالحها والكل يلعب خارج منظمة "مجلس التعاون" أي أننا أمام منظمة شكلية لكنها في الواقع هي في حكم الميت ... وخذوا من الأزمة الخليجية عبرة ومن النقلة النوعية القطرية عظة ومن تايوان وكوريا الجنوبية مبدأ ومن سويسرا كواقع سياسي فرض احترامه على الجميع ... وأراهن أن اجعلوا الكويتي والكويتية يعملون بوظيفتين صباحا ومساء واجعلوا يحسن من مستوى معيشته ودخله ووقتها لن تجدوا أحدا يهتم بالسياسة ولا بالحكومة ومجلس الأمة ... الناس بفطرتها بطبعها تعشق وتطمع ودائما تطمح لتحقيق أعلى درجات تحقيق العوائد المالية لبناء مستقبلها ووجاهتها ومستقبل أبنائها ... وهذا لن يتحقق إلا برجال دولة حقيقيين وطنيين وسياسة لديها استقلالية وقوة وسرعة قرار ونفوذ دولي دبلوماسي نشط في السلام العالمي وليس في الصراعات الدولية والإقليمية التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل ... فلا تربطوا مصيرنا بيد الأخرين حتى لا تضيعوننا كما ضيعتمونا في 1990 بسبب سياسات خاطئة وقناعات خاطئة مثلما تفعلونه اليوم بسياسات خاطئة بفكر خاطئ وتوجه كارثي ... ولتكن الكويت ثم الكويت هي أساس أي مبدأ بل المبدأ الأول في السياسة والإقتصاد ورؤية مستقبل الكويت وأجيالها ... سياسة يستمر خطها دون التأثر بتغيير حاكم أو موت حاكم بسياسة لها داعميها من الصف الأول والثاني والثالث من أسرة الحكم ... وإن تم التعديل عليها يذهب التعديل للأفضل والأحسن والأجرأ والأضمن مع عدم السماح مطلقا بأي خطوة ربما تؤدي إلى تراجع أو تأثير بسياسة الكويت سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا ... ومن صنع مجتمعا اتكاليا بليدا ونشر فساده عليه أن يتحمل مسؤلياته أن ينفض الغبار عن هذا المجتمع الذي امتلأ بالنفاق الإجتماعي والترف الفكري والإتكالية المؤسسية والثرثرة الحمقاء وفساد الواسطة ... وهذا وضع بالمطلق لا يبشرك بالخير ولا بديمومة بقاء الكويت كدولة على الخريطة في ظل عقليات فضلت مصالحها الشخصية على مصلحة البلاد العليا ... فجميعنا ماضون إلى قبورنا لكن عليكم أن تعلموا أن هناك أجيالا قادمة إما أن تترحم عليكم في قبوركم أو تلعنكم كما تلعن إبليس وشياطين الأرض ... إما كويت جديدة بسياسة جديدة ونهضة جديدة واقتصاد جديد ومجتمع جديد ومفهوم جديد للأمن القومي الكويت والتحرر الكامل من التبعية الخليجية التي أصبحت عالة علينا وأصبح ضررها أكبر من نفعها أو الثمن سيكون يوم تبكي الرجال ووقتها لن ينفع بكائها شيئا ... والقرار لكم والحساب يوم القيامة لا يقبل الشك أو اللبس ولا 1% ؟



ألا هل بلغت اللهم فاشهد 


دمتم بود ...


وسعوا صدوركم