2014-09-12

الفلسفــــة الإِلـَهـِـيـّـــــة ؟

إن الإنسان المسلم عندما يسجد في صلاته لرب العالمين من سابع المستحيلات أن تعرف ماذا يقول بينه وبين رب العالمين خالقه ... بماذا يتحدث وماذا يطلب وماذا يتمنى ... كل هذا هو سر تم تسجيله وتوثقه عند رب لا يغفل ولا ينام سبحانه ... والأمر كذلك عندما يتحدث الناس في قلوبهم وهم في لحظة ضيق أو هم لوحدهم في منازلهم في مكاتبهم في سياراتهم في كل وأي مكان ... فسبحان من يعلم طعام النملة وما تخفيه عقول وأنفس خلقه نفسا نفسا وفردا فردا بحياتهم ومماتهم وأرزاقهم وقضائهم وقدرهم ؟
التجلي أي الإنكشاف والظهور لهو أمر عظيم ونعمة لا ينالها كل البشر ... التجلي هي مشابهة ومتقاربة جدا مع التفكّر لكن التجلي صفة تطلق على الروحانيات الرحمانيات كمن يتفكر بآية أو بنعمة من نعم العظيم سبحانه وتعالى أو يتفكر بعظمة خلق رب العالمين وإعجازه ... والتجلي هو الوصول إلى الله سبحانه وتعالى بحب وبتذلل وبأسئلة روحانية مرتبطة تلقائيا ومباشرة برب العزة سبحانه ... كم يقول أن الله هو حبيبي خالقي ما أعظمه وأن أعظم وأصدق حب هو حب العبد لخالقه فيناجي حبيب لحبيبه بحوار لا تعرف له متى وكيف وماذا يدور فيه ... وكثيرا ما نجد أحد يتحدث وهو لوحده فنكتشف عندما يقول لا تفهموني خطأ فأنا لست بمجنون بل كنت أتحدث مع ربي خالقي ملك الملوك وجبار الجبابرة الذي ليس بيني وبينه لا حرس ولا مدير مكتب ولا سكرتارية ولا مخابرات ولا أمن دولة ولا جواسيس ... ربي حبيبي حرم الظلم على نفسه وعلى عباده هو ربي الذي حرمني وأعطاني من نعمه التي لا تعد ولا تحصى يرزقني دون حساب ولا منة ... يحبني أكثر من أمي التي حملت بي 9 أشهر وولدتني بآلام لا يتحملها 100 رجل وأرضعتني وسهرت الليالي علي وربتني وووو هذه الأم العظيمة حبها لي لا يساوي شيئا أمام حب ربي خالقي فما أعظم هذا الإله ... ربي معي أينما كنت ومهما كنت باللحظة والثانية يرى ويسمع فإن كان من خلقني معي ومتأكد يقينا من حبه لي فكيف أخاف بشرا هو خلق مثل خلقي ؟
بيرم التونسي واسمه الحقيقي محمود محمد مصطفى بيرم ( 1893 – 1961 ) شاعر مصري ذو أصول تونسية ويُعد من أشهر شعراء العامية المصرية ... كتب أغنية للسيدة أم كلثوم ولحنها الموسيقار الكبير رياض السنباطي بعنوان : القلب يعشق كل جميل ... بيرم التونسي في هذه القصيدة ( الغنائية ) ضرب مثلا لم يسبق إليه مثيلا في التاريخ الحديث من حجم وشدة التجلي الروحاني بينه وبين رب العالمين وسطر شعرا وحوله إلى فلسفة إلهية بين الخالق والمخلوق بشكل راقي فخم فخامة فاقت مئات الملايين من صغائر عقول من يعيشون بينهم في زمانهم إلى يومنا هذا وأجزم حتى في المستقبل ؟    

 التجلي الروحاني عند بيرم التونسي بدأه عندما قال
القلب يعشق كل جميل ويا ما شفت جمال يا عين
واللي صدق في الحب قليل وان دام يدوم يوم ولا يومين
واللي هويته اليوم دايم وصاله دوم
لا يعاتب اللي يتوب ولا في طبعه اللوم
واحد مفيش غيره ملا الوجود نوره
دعاني لبيته لحد باب بيته وأما تجلى لي بالدمع ناجيته
كنت ابتعد عنه وكان يناديني

وهنا بيرم يتخيل رد رب العزة عليه فيقول 
ويقول مسيرك يوم تخضع لي وتجيني
طاوعني يا عبدي طاوعني أنا وحدي
أنا اللي أعطيتك من غير ما تتكلم
وأنا اللي علمتك من غير ما تتعلم
واللي هديته إليك لو تحسبه بايديك
تشوف جمايلي عليك من كل شيء أعظم
سلم لنا تسلم

ويتخيل بيرم في القصيدة أنه أطاع رب العالمين ولبى دعوته الكريمة فيقول
مكة وفيها جبال النور طلة على البيت المعمور
دخلنا باب السلام غمر قلوبنا السلام بعفو رب غفور
فوقنا حمام الحمى عدد نجوم السما
طاير علينا يطوف ألوف تتابع ألوف
طاير يهني ضيوف بالعفو والمرحمة
واللي نظم سيره واحد ما فيش غيره

وبعد أن انتهى من مناسك مكة ذهب لمدينة أشرفنا - عليه الصلاة والسلام - فيقول
جينا على روضه هلا من الجنة
فيها الأحبة تنول كل اللي تتمنى
فيها طرب وسرور وفيها نور على نور
وكاس محبه يدور واللي شرب غنى
وملايكة الرحمن كانت لنا نُدمان
بالصفح والغفران جاية تبشرنا
ا يا ريت حبايبنا ينولوا ما نلنا
يا رب توعدهم يا رب واقبلنا
 والأجمل أن من صاغ ألحان هذه القصيدة التي فيها من التجلي والروحانية الشيء الكثير هو الموسيقار الكبير رياض السنباطي الذي حولها إلى موسيقى شعبية بروح وثقافة مصرية صرفة وبطريقة لا يسمح الموضوع بشرحها بشكل مفصل ... وبالنهاية أطلقت سيدة الغناء العربي الراحلة كوكب الشرق أم كلثوم حنجرتها الذهبية وصدحت بها فأصبحت كعادة أغانيها الكثيرة منها الخالدة إلى يومنا هذا ؟ 

أغنية : القلب يعشق كل جميل
غناء السيدة : أم كلثوم
كلمات : محمود بيرم التونسي
ألحان : رياض السنباطي
مقام : بياتي
تاريخ الإنتاج : 1971
استمعوا لهذا التجلي الجميل وكيف ترجمها الملحن بلغة المشاعر المرهفة


الفلسفة الإلهية خيال واقعي روحاني رحم الله من عرف دربه بتواضع وخلق جم






دمتم بود ...



وسعوا صدوركم