2024-03-01

حظائـر الحكـــام الحميـــر 1

 

هناك جهل في عقول الكثير من الأمم والشعوب جهل وصل لدرجة التقديس لرئيسهم لرياضي لفنان لرجل أعمال لرجل دين إلخ ... التاريخ الحديث وتحديدا ما بعد عام 1920 يكاد ينفجر من كثر الأدلة التي لا تعد ولا تحصى على جهل شريحة كبيرة بين كل شعب وفي كل دولة ... لكن الثابت والأكيد واليقين بالمطلق أنه لا يوجد إنسان على وجه الأرض معصوم من الخطأ أو الزلل أو الإثم والذنب بدأ من أبونا آدم عليه السلام وحتى قيام الساعة ... ومن البديهي أن حتى الأنبياء والرسل يصيبون ويخطؤون وكل حاكم حكم جماعة أو قبيلة أو أمة أو شعب يصيب ويخطئ ... لا بل ربكم سبحانه وتعالى قال في ذرية سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم عليهما السلام أن أكثر ذريتهم فاسقين { ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثيـــــــر منهم فاسقـــــون } الحديد ... ولا أقرب من ذلك أبن نوح والطوفان وأبناء يعقوب وما فعلوه بأخيهم يوسف عليه السلام ... ورسول الله "موسى ابن عمران" قتل نفسا ... ورسولنا "محمد ابن عبدالله" عليه الصلاة والسلام باجتهاد منه حرّم القرب من زوجته أم المؤمنين السيدة "مارية القبطية" بعدما غارت منها زوجته أم المؤمنين السيدة "حفصة بنت عمر" فنزل قول الله سبحانه فيه معاتبا رسوله { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم } التحريم ؟

إذن إن كان خاصة الله في الأرض يصيبون ويخطؤون فمن أنت ومن أنا ومن أنتم ومن الحاكم ومن الوزير وغيرنا حتى لا نخطئ ولا نزل ... والأهم إن كنا لا نخطئ فكيف ستعمل خاصية الإستغفار ؟ بمعنى لا أحد يخطئ فلماذا يستغفر ؟ ... وإن كان الأنبياء والرسل لا يخطؤون فما الفرق بينهم وبين ملائكة السماء المنزهين المعصومين من أي خطأ أو زلل بخلق وتكوين استثنائي ؟ ... كلها استدلالات لتؤكد أن الإنسان يصيب ويخطئ أيا كان ومهما كان ولا داعي لذكر من أول من أخطأ في الجنس البشري ألا وهو أبونا آدم عليه السلام ... عندما عصى ربه وأكل من الشجرة التي نهاه عنها لا بل رب العالمين وصف أبونا آدم بأنه لا يملك إرادة أصلا { ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزمـــــــا } طه ... ولا داعي أيضا ذكر أول جريمة وقعت في التاريخ البشري وهي جريمة "هابيل وقابيل" أبناء أبونا أدم ... واليوم هناك أسرتين حكم عربيتين يحكمون وهم من سلالة آل البيت عليهم السلام أخطائهم السياسية لا تعد ولا تحصى بل هم من حلفاء الكيان الصهيوني "الأردن - المغرب" ... وهنا يجب الإنتباه أن لا تخلط بين نفسك وبين خاصة الله في الأرض من الأنبياء والرسل تحديدا وحصريا فهؤلاء لا يمكن بالمطلق مقارنة النفس البشرية كافة معهم لأن الله سبحانه وتعالى قد خصّهم واختارهم لنفسه دونا عن باقي كل البشرية بل ودونا عن باقي أقاربهم ... بمعنى لماذا نبي الله يوسف وليس أخوه من أمه ؟ ولماذا يوسف وليس أخوته الأخرين من أبوهم يعقوب ؟ ... واستثناء رب العالمين جل جلالة لا يناقش ولا يجادل فيه بالمطلق ... ومن ثم نذهب إلى ما دون الطبقة الإستثنائية بكل المقاييس والتي تأتي بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام إلا وهي منزلة أو طبقة الحكــــام "امبراطور - سلطان - ملك - رئيس - أمير - شيخ" إلخ ... وبطبيعة الحال هؤلاء تصنيفهم البشري يعتبرون من نوادر البشر بمعنى اليوم يوجد 8 مليار نسمة يديرونهم ويحكمونهم عدد لا يتجاوز 200 فرد بعدد فريق تابع لهم لا يتجاوز 4.000 فرد ... أي أن 200 فرد يحكمون 8 مليار نسمة ويدير شؤون الـ 8 مليار نسمة فريق مكون من 4.000 شخص يطلق عليهم "رجال الدولة" ؟

الحاكم إنسان أي له ما لك من نفس التكوين الجسدي والعضوي "رأس ويدين ورجلين وكليتين وقلب ومجموعة عظام إلخ" ويمتلك كل الخواص البشرية "الشعور - الضمير - المغامرة - العصبية - الفرح - الخوف - الشجاعة" ... ويمتلك الحواس الخمسة كما تملكها أنت ونحن جميعا "النظر - السمع - الشم - التذوق - اللمس" ... وبطبيعة الحال كما أسلفت أعلاه وبشكل بديهي الحاكم ليس معصوما من الخطأ والذنب والإثم ... لا بل وأؤكد لكم جميعا أنه لا يوجد وبالمطلق لا يوجد نظام حكم أو حاكم ليس له أخطاء ... وهنا نميّز ونفرّق جيدا أن هناك أخطاء طبيعية وهناك أخطاء ظرفية وهناك أخطاء متعمدة ... فالأخطاء الطبيعية : هي الممارسات اليومية لسلطة الحكم والتي تتضارب ما بين الغضب والفرح والقرارات المتسرعة التي تجري والتي تخص أسرة الحكم والبطانة المقربة ورجال الدولة بعيدا عن أعين العامة والصحافة ... وأما الأخطاء الظرفية : فهي السياسيات التي تكون وليدة اللحظة وتتطلب ردود أفعال كأحداث غزة ومثل جائحة كورونا وكارتفاع أو انخفاض أسعار النفط والغاز والعملية والتصنيف الدولي للإقتصاد إلخ ... وأما الأخطاء المتعمدة : فهي التي يُخطط لها ويُبنى عليها أهداف واستراتيجيات وبعد الدخول فيها يتضح أنها كان ممارسات رعناء حمقاء تكلفتها السياسية لم يكن لها أي داعي وتحمل الدولة والشعب ثمنا باهظا من سمعتها الخارجية أو الداخلية ومن احتياطياتها النقدية وغيرها ... ومن المهم أن تفرق في أي تحليل يخص أي حاكم ما بين حياته الشخصية وحياته العملية وتبحث هل يدخل العاطفة بالعقل والحكمة بالتسرع ؟  

 وسلسلة موضوعنا هذا هي الأخطاء المتعمدة التي يرتكبها وارتكبها الحكام في التاريخ البشري ... وقبل الدخول في تلك السيرة يجب التنويه وإحقاق الحق في السرد التاريخي أن هناك حكام عادلين أيضا ويملكون ضمير ومنهم على سبيل المثال لا الحصر "عمر ابن عبدالعزيز - نيلسون مانديلا - خوزيه موخيكا - أبراهام لينكولن - فرانسوا ميتران - فيصل بن عبدالعزيز - صباح الأحمد - زايد آل نهيان" ... وعلى الجانب الأخر في خاصية "الأخطاء المتعمدة" والتي تضع أصحابها من "الحكــــام الحميــــر" من فرط جهلهم وحماقتهم وجرائمهم وطغيانهم التي مصدرها النرجسية التي تحجب البصيرة عن صاحبها وما أكثرهم في التاريخ ... وهذا ما سوف نخوض فيه لاحقا ؟




يتبع الجزء الثاني 



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم