2017-01-11

الخيانة في الإسلام قديما وحديثا ... فماذا تغير ؟

الخيانة هي أن تنقض عهدا وتنكر اتفاقا الخيانة هي الغدر ونسف الوعود والعهود والطعن في الظهر وسقوط كل أنواع الرجولة وكل درجات الفروسية ... وهذا واقعنا العربي والإسلامي بل هي حقيقة تاريخنا الإسلامي الذي لا يكفيه ألف مجلد ومليون كتاب ... وإن كانت هناك كلمة حق أشهد الله عليها وأشهد ملائكته وحملة عرشه عليها فإنها ستكون هي : نحن العرب والمسلمين أسياد الغدر والخيانات منذ الجاهلية وفي فجر الإسلام وحتى يومنا هذا ... بل كل ما كتب عن اليهود وخستهم وغدرهم لا يساوي شيئا بل قطرة في بحر تاريخنا المليء بالمؤامرات والغدر والخيانات ... ولم يكن هناك عهدا ملأ عدلا ونورا إلا عهد سيدنا محمد ابن عبدالله - عليه الصلاة والسلام - فقط لا غير ؟ 

المؤامرات والخيانات بدأت تحديدا من بعد وفاة سيدنا ورسولنا محمد - عليه الصلاة والسلام - عندما ارتد الكثير من العرب عن الإسلام أمثال : الأسود العنسي ( عبهلة بن كعب بن غوث العنسي ) ومسيلمة الكذاب ( مسلمة بن حبيب الحنفي من بني حنيفة ) وطلحة ابن خويلد وسجاح بنت الحارث بن سويد التميمي وغيرهم الكثيرين ... جميعهم ادعوا أنهم رسل وأنبياء وجميعهم ادعوا أن الوحي يتنزل عليهم ... وهذه كانت فرصة الروم والفرس بأن تتغلغل إلى قلب الدولة الإسلامية وتشتري من العرب المسلمين الخونة عدد لا حصر لهم فقتل الفاروق عمر ابن الخطاب وقتل عثمان وعلي رضوان الله عليهم ... شاهد ولاحظ أن من تم التآمر عليهم وقتلهم هم أعلى جواهر الإسلام فلك أن تتخيل عزيزي القارئ ما كم وحجم الفتن والغدر والخيانات آنذاك ... ثم جائت الدولة الأموية 41 - 132هـ - 662 - 750م التي أسست لأول مرة في تاريخ الإسلام توريث الخلافة ... الدولة الأموية التي مزقت الأمة الإسلامية إلى فسطاطين هو نفس العهد الذي ضرب الكعبة المشرفة في مكة المكرمة بالمنجنيق وهدم جزأ منها في صراع الخلافة بين يزيد ابن معاوية وعبدالله ابن الزبير ابن الصحابي الجليل الزبير ابن العوام وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق الذي احتمى بالكعبة المشرفة ... فلم يشفع له أن لجأ إلى الكعبة فأمطره يزيد ابن معاوية عبر خادمه الحجاج ابن يوسف الثقفي بالمنجنيق وقتل منهم الكثيرين وقتل عبدالله ابن الزبير وقطع رأسه وأرسل لأمير المؤمنين يزيد ابن معاوية وعلق جسد ابن الزبير في مكة لأسابيع ... هي ذاتها الدولة لأموية التي ارتكبت مجزرة مقتل الحسن والحسين سيدا شهداء الجنة ... باختصار بنو أمية سحقوا كل من وقف في طريقهم دون أي استثناء لم يقف أمام جنون السلطة أي أحد لا صحابي جليل ولا حتى آل البيت عليهم السلام الكل تم سحقهم كليا ... كل مجازر الأمويين هذه لكنها أيضا صنعت الفتوحات الإسلامية بالحديد والنار ؟

ومن الدولة الأموية دولة المجازر والفتن إلى الدولة العباسية 750م إلى 1258م التي استمرت لأكثر من 500 سنة والتي قامت بثورة دموية على بني أمية ولم يتركوا فيهم أحد وقف أمامهم إلا وقتلوه ... إلا  أبو المطرَّف عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي ( عبدالرحمن الداخل ) الذي فر إلى بلاد الأندلس ... وحتى قبور بني أمية لم تسلم من العباسيين فنبشت قبورهم بمجازر وحشية ينم عن كم الكره والحقد الذي صنعه الأمويين في الأمة الإسلامية آنذاك ... وما بين فتن الدولة الأموية والدولة العباسية انشق الكثيرين وخان وغدر الكثيرين وأنشؤا دولا مستقلة ودارت حروب ومعارك لا حصر لها مثل كيانات : الخوارزمية والسلاجقة والفاطميين والمماليك والبويهيون والإخشيديون والأيوبيين والقرامطة وغيرهم الكثيرين ... كل ذلك حدث والأعداء معروفين وهم اليهود والروم والفرس قديما هم نفسهم اليوم إسرائيل وأمريكا وروسيا وبريطانيا ... ضف على ذلك الكم المهول من خلافات وصراعات بيت الحكم في كل نظام حكم توجد الخلافات والمؤامرات وكيد النساء كان قديما سببا لا يمكن استبعاده عن أصل الخلاف ... هي نفس خلافات بيوت الحكم في أيامنا هذه لا فرق بين الماضي والحاضر سوى تغير الشخوص والوجوه فبيت الحكم يعني السلطة يعني الحكم يعني المال والجاه والخضوع المطلق ؟
الخلافات والمؤامرات وكم الغدر والخيانات والمجازر في الدولة الأموية والعباسية لا يقارن مع فتن وبطش وكم الخيانات والغدر في الدولة العثمانية الذي حصدت أرواح الملايين وابتدعت أساليب وحشية في فنون التعذيب ونزع الإعترافات بطرق وحشية لا يتصورها عقل بل ينسفها نسفا الإسلام وتعاليمه السمحة ويحرمها تحريما مطلقا لا يقبلها بل مستحيل أن حتى نبررها فما هي إلا أعمال مجرمة وحشية لا تمت للإسلام بأي صلة على الإطلاق ؟ 

ومن الخيانات التي تعرض لها الخلفاء الراشدين إلى خيانات والدولة الأموية إلى غدر الدولة العباسية إلى جرائم الدولة العثمانية أسقت وانتهت دولة الخلافة الإسلامية على يد بريطانيا ... فقسمت الشرق الأوسط ومزقت أوصالنا إربا إربا ثم ظهرت الدول التي ما أنتم عليها حاليا وهذا يطلق عليه : التاريخ الحديث ... الذي مستحيل أن يخلوا من كم الغدر والخيانات والمؤامرات وشراء الذمم ... هي هي نفس المؤامرات وهي هي مثل درجات الغدر تسير في اتجاهين وتضرب وتوجع أيضا في نفس الإتجاهين وهما : بيت الحكم والإسلام ... لم تتغير الأهداف الخارجية بل تغيرت الإستراتيجيات وطرق وأساليب الفتن ... فمنذ أكثر من 1.355 سنة ميلادية والمسلم لا يقتل إلا مسلما والمسلم لا يكره إلا مسلما والمسلم لا يسرق إلا مسلما والمسلم لا يخون ويغدر إلا بمسلما ... فوصلنا إلى الذل والهوان والطاعة والإستعباد فمات العلم وانتهى العلماء فنجح الغرب وتفوق علينا فزرع وصنع ثم حصد وارتفع ثم وصل إلى القمة ونطق وبنا استأسد وحكم ؟ 

ما خرجت مذاهبكم التي صنعتموها بأيديكم إلا بسبب خلافاتكم التاريخية ... وما تمزقنا إلا بسبب هوانكم ولا وصلنا إلى هذا المستوى من الإذلال إلا بسبب غدركم وخياناتكم ومؤامراتكم ... وما هان المسلم على أخيه المسلم إلا بشراء الذمم بمال نجس لم يكن هدفه أنت أيها العبد الغبي بل إسلامك هو من كان الهدف ... وما أنت إلا سن من ترس من مكينة من آلة هي جزء بسيط من نظام من هدف أعظم وأكبر من توافهكم التي أوصلتكم إلا هلاككم وغدا عند ربكم ملتقاكم وحسابكم ؟ 

هذا هو تاريخكم اختصرته لكم كي يتوقف السفهاء عن تسطير أكاذيب العزة والكرامة ... ولا يكرم المخلصون والمؤمنون لدينهم وأوطانهم ولا أحد يعرف قدرهم { إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون في جنات النعيم على سرر متقابلين يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهن بيض مكنون } الصافات .



دمتم بود ...



وسعوا صدوركم