2018-03-03

أمير المؤمنين ... أدولف هتلر ؟

أدولف هتلر ولد في مدينة "براوناو" النمساوية من أب نمساوي في 1889م من الزوجة الثالثة للأب ... إلا أن هذه الشخصية أي هتلر كتبت عنه مؤلفات كثيرة فبعد طفولة قاسية من الأب وبعد مشاركته كجندي في الحرب العالمية الأولى وعمله كجاسوس للشرطة "مخبر" في 1919م وبعد فصله من الجيش في 1920م وبعد وسجنه في 1924م لمدة 5 أشهر ... وبعد تشكيله لتنظيم سري وبعد وبعد وبعد حتى وصل إلى سدة الحكم وأشعل العالم في الحرب العالمية الثانية ... كلها حياة مثيرة لشخصية مثيرة ... لكن المحققين بعد انهيار النازية توصلوا إلى أدلة ووثائق وصور وفيديوهات تؤكد أن هتلر في آخر أيامه كان مدمنا على المخدرات وفق شهادة طبيبه الخاص "أربيرت هايم" والذي كان يلقب بطبيب الموت ... كل ما سبق ليس مهم فقد أشبع سردا وكشفا في كتب التاريخ والإعلام وما يهمني في موضوعي هذا هو أمر في غاية الأهمية ... كيف صناع الإعلام في الحكم النازي لهتلر كانوا يريدون أن يحولوا طاغية عصره إلى أمير المؤمنين وخليفة المسلمين ؟ وهل بالفعل بدأ ذاك المشروع أم توقف أم ما هي الحكاية أصلا ؟
 
الإحتلال البريطاني لمنطقة الشرق الأوسط
الإحتلال البريطاني الذي أسقط الدولة الإيرانية "القاجارية" في 1925م ونصب عليهم رضا بهلوي شاه إيران والبريطانيين أنفسهم من أسقطوا آخر سلطان عثماني في 1924م وكان عبدالمجيد الثاني وجلبوا ونصبوا الزعيم التركي أتاتورك ... والبريطانيين الذي أسقطوا حكم الشريف حسين في الحجاز ومكنوا عبدالعزيز من الحكم وهم أيضا من ساندوا وأيدوا حكم الشيخ مبارك الصباح ... والبريطانيين هم أيضا من كانوا يحكون مصر فعليا التي كانت تحت الإحتلال لمدة 70 عام حتى عام 1952م وأيضا البريطانيين كانوا يحتلون العراق وسوريا في تلك الفترة ... كلها معطيات أدت إلى حالة من التمرد السياسي في منطقة الشرق الأوسط لإيجاد بديل يكسر شوكة الإحتلال البريطاني وتحكمه في القرار السياسي للدول ... فكان البديل هي ألمانيا وهتلر حصريا لأنه كان العدو اللدود لبريطانيا فظن العرب أن معاونة ألمانيا على بريطانيا "ســـرا" يمكن أن يؤدي إلى إنهاء الإحتلال البريطاني الجاثم على صدورهم ... وبالفعل قامت اتصالات سرية بين النازيين وبين العرب وتم التعاون مع الألمان بمدهم بخرائط وتحركات الجيش البريطاني ... إلا أن الأمر تجاوز كل ذلك بعدما رأى الألمان الميل العربي العنيف تجاه ألمانيا وطلب العرب نصرتهم ضد الإحتلال البريطاني آنذاك ... والغريب في الأمر أن أدولف هتلر كان معجبا بالدين الإسلامي وتحديدا في "أمير المؤمنين" لأن هذه الأيدلوجية أو هذا النهج مشابه تماما للنازية بمعنى حكم الفرد الذي يحكم بالأمة وتطيعه الأمة ويقود الأمة وتحريم الخروج على الحاكم ... كلها معطيات تشكلت في ذهن صناع الدعاية النازية أيضا ؟
المهدي المنتظر أدولف هتلر
في 28-11-1941م استقبل الزعيم النازي أدولف هتلر الزعيم الفلسطيني أمين الحسيني وصاح هتلر بصوت مرتفع أثناء مراسيم الإستقبال : تخوض ألمانيا حربا لا هوادة فيها ضد اليهود وهذا بالطبع يشمل الكفاح ضد إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين التي لن تكون سوى حكومة مركزية للتأثير المدمر للمصالح اليهودية ... وبعيدا عن الإعلام وكاميراته اقترح صناع الإعلام النازي أن يكون هتلر هو المهدي المنتظر فاكتشفوا أن المهدي اسمه محمد ابن عبدالله وفق المعتقد الإسلامي فصرف النظر عن المهدي المنتظر ... ثم قالوا ليكن زعيمنا أي هتلر هو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين وعليه ستطيعه أمة الإسلام قاطبة فاكتشفوا أن أمير المؤمنين يجب أن يتحدث العربية ويجب أن يحج ويصوم ويصلي في المناسبات أمام الرعية ففشل أيضا هذا المسعى ... كل ذلك كان يتم في ظل ذهاب وإياب مفتي القدس الراحل "أمين الحسيني" الذي كان مرتبطا بالنازية بشكل مطلق بعدما عادى الجميع ولم يبق له صديق في فلسطين بسبب نرجسيته ... فعادى رفيقه "رشيد علي الكيلاني" وكتب وشاية بالسوري "فوزي القاوقجي" كما أيد بقوة حليف هتلر الإيطالي موسوليني ... وكان يظن الحسيني أنه يمكن أن يكون هو سيد المنطقة بعد أن يضمن مباركة الألمانيين له وينهون الإحتلال البريطاني فينصبونه أميرا على بيت المقدس ليذهب بعد ذلك إلى حكم الحجاز ... وفي أثناء زيارات أمين الحسيني إلى ألمانيا سربت إشاعة عن قصد وعمد لجس نبض العرب بأن أدولف هتلر قد اعتنق الإسلام وأن هتلر غير إسمه إلى حيدر ... كلها محاولات باءت بالفشل لرفض تصديق العرب آنذاك أن هتلر يمكن أن يكون سليل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ؟
 
الكتيبة الثالثة عشر مسلمين الجيش النازي
تكونت تلك الكتيبة من الجنود المسلمين في إقليم البلقان وكانت مهمتهم الأساسية هي الحفاظ على الأمن والاستقرار في يوغوسلافيا والمناطق الخاضعة لسيطرتها ... فصنعوا شعار الكتيبة من سيف معقوف نسبة إلى السيف التركي الشهير الذي كان يستخدم في تلك المنطقة حين كانت خاضعة للدولة العثمانية بالإضافة إلى شعار النازية ... وكانت أول كتيبة غير ألمانية تقاتل ضمن قوات الصاعقة "شوتزشتافل" التي أنشأت في 1925م وانتهت في 1945م ... وهي قوات النخبة في الجيش النازي تحت القيادة المباشرة لـ "هاينريتش هيملر" وتكونت الفرقة تحديدا من جنود بوسنيين مسلمين وبعض العرب والمغاربة ... خاض جنود تلك الكتيبة معركة ضد القوات السوفييتية في منطقة البلقان في محاولة لمنعهم من التقدم وقد كانت الغلبة لهم حتى اكتسح السوفييت الجميع في طريقه إلى قلب برلين ؟
 
حرب المال وشراء الخيانات
مع الأسف الشديد كان العرب أسهل قوم يمكن شراء ذممهم بالمال منذ جاهليتهم وحتى يومنا هذا "إلا من رحم ربي" ... لكن وتحديدا في موضوعنا هذا نعم اشترى النازيين بعض المسلمين بالمال اشتروا المصريين والعراقيين والفلسطينيين والسوريين والكثيرين وأيضا بريطانيا كانت تدفع لعملائها ... كل القوى العظمى كانوا يشترون رجال دين ورجال سياسة وكتاب وصحفيين وفنانين وكل من يسهل شراؤه لا يتأخرون بالدفع له وابتزازه ... مثلما خصصت وزارة الخارجية الألمانية راتبا لأمين الحسيني بمبلغ 5.000 مارك ألماني شهريا ... أيضا في مصر كان للألمان عملاء كما جاء في نص وثيقة من أرشيف وزارة الخارجية البريطانية تحمل رقم 23342 .O.F بتاريخ 22-10-1939م تقول : أن السلطات المصرية بإيعاز من بريطانيا فتشت مكتب الملحق الصحافي الألماني ومدير مكتب الدعاية النازية بالقاهرة "ويلهام ستلوبغن" ووجدت فيه خطاباً يفيد تسليم مبالغ مالية لحسن البنا مرشد تنظيم الإخوان المسلمين ... وخلاصة هذه الفقرة أن لا أحد دخل في الشأن السياسي في الأزمات الدولية إلا وتم شراء ذمته لضمان ولاؤه وما أشبه البارحة باليوم !!! 

التوثيقات التاريخية  
كتب الطبيب الفرنسي الشهير "بيير فيرون" الذي عمل في القاهرة وتعاون مع الإستخبارات الألمانية في 1942م كتب فقال : كانوا في العالم الإسلامي ينسبون لهتلر قوة خارقة وكانوا على قناعة بأن هتلر كان لديه جنيا يقول له متى وكيف يتصرف كما كانوا يعتبرون أن هتلر هو المهدي المنتظر المرسل من السماء لمحاربة اليهود ... كما يروي القيادي الألماني مارتين بورمان "Martin Bormann" الذي كان مقربا من هتلر الذي قال له هتلر : تذكر كلماتي جيدا يا بورمان فأنا أنوي أن أصبح متدينا جدا وأن أصبح شخصية دينية وسأصبح عما قريب حاكما عظيما وقد بدأ العرب والمغاربة ذكر إسمي في صلواتهم ... إلا أن خبراء القسم الرابع في الدائرة العامة للأمن في الرايخ الثالث من المستشرقين الألمان قالوا : إن فكرة ربط الفوهرر بالمهدي المنتظر غير ممكنة لأن المهدي المنتظر يجب أن يكون من سلالة النبي محمد لذلك نقترح ربط صورة هتلر بالمسيح عيسى ابن مريم لأن المسلمين يؤمنون بالقدوم الثاني للمسيح في نفس فترة ظهور المهدي المنتظر الذي سيقتل برمحه المسيح الدجال حسب اعتقادهم ... كما كانت تبث دعايات من الإذاعة النازية الناطقة بالعربية التي كانت تبث من برلين في 1943م تدعم المفاهيم المزورة وإدخالها في عقول العرب والمسلمين وأن الإشتراكية هي نفس نهج الإسلام أي احترام القوة فقاموا بالتدليس وربط التشبيه بحديث الرسول : المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ... وأن هذه القوة أي الإشتراكية وتشبيهها بالإسلام هي من ضمنت الفتوحات الإسلامية ونجاح الإشتراكية النازية تماما ... وفي الناحية الأخرى أوفد الألمان إلى سوريا المستشار الأقدم في وزارة خارجيتهم المدعو "ران" الذي كان يعمل تحت قيادة وزير الخارجية النازي "كونستانتين فون نيورات" في 1942م وكانت مهمة "RAN" دعم الفصائل العربية الموالية لألمانيا والتأكد من قدرتها على مقاومة البريطانيين وقتالهم فكتب تقريرا لوزارة خارجيته يقول فيه : أثناء وجودي القصير في سوريا دهشت عندما اكتشفت أن لا وجود هناك لأي حركة قومية عربية وإن أي شعور بالقومية العربية لم يكن موجودا عند القبائل السورية البدائية الهمجية والتي تشكل في معظمها خليطا منفرا من الأعراق والديانات قبائل أفسدها الجشع والطمع والدسائس والغيرة وتعودت منذ زمن طويل على تلقي الرشوة من الدول الكبرى المتنافسة وحتى الجزء الأفضل منها عرقيا أي البدو استسلم للفساد الشامل وتبع السلطة الأقوى ولم أجد في سورية قوى من شأنها التمتع بالقدرة على القتال وجميع زعماء الحركة العربية معتدين بأنفسهم "مغرورين" أظهروا جبنهم في لحظة الخطر لكن السمعة التي يتمتع بها الألماني لا حدود لها ويمكن الحصول من السكان العرب على كل شيء وأما الكفاح فلم أجد أي رغبه لديهم في خوضه ؟

ما سبق هي عملية استحضار التاريخ الذي كان محظورا بقوة وبشدة في زمن ظن الناس أنهم كانوا يحترمون أهل الذمة والشرف وأهل الوطنية والعزة ... ولم تعرف الشعوب العربية آنذاك أنها كانت تعشق الخونة وتصفق للأوغاد وتمشي وراء من كان يبيع الأوطان وفوق البيعة شعوبهم بالمجان ... فما أعجب الزمان يلعب بنا ويكرر نفس الأشكال لكن باختلاف الألوان والأوضاع والأفعال هي هي لا يختلف فيها الأوغاد ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم