2020-09-16

سقطت ثقة المواطن بأعضاء مجلس الأمة ؟


منذ إقرار دستور 1962 وحتى يومنا هذا مر على الكويت 17 مجلس أمة بـ 17 انتخابات برلمانية بـ 10 رؤساء مجلس أمة وبعدد أعضاء 850 عضو في مقابل 36 حكومة قادها 8 رؤساء حكومات بأكثر من 350 وزيرا كل ذلك حدث على مدار 58 سنة وحتى يومنا هذا ... ومن تلك الأرقام وخلال تلك السنوات وبشكل واضح فإن التحليل السياسي لا يعطينا إلا علامة واحدة مثيرة في كل تلك الأرقام وهي أن الكويت خلال 58 سنة الماضية كانت تعيش في ظل صراعات سياسية واضحة ... وهذه العلامة تتضح من خلال وجود 17 مجلس أمة بمقابل 36 حكومة أي أن عدد الحكومات = ضعف عدد مجالس الأمة مما يستدل القارئ والباحث والمحلل أن هذا الضعف الحكومي نتيجة تلقائية لعدم توافق مجلس الأمة مع الحكومة والعكس صحيح ... ولو أردنا أن نعطي الأرقام التي تدل على الإستقرار السياسي في الكويت فيجب أن يكون عدد مجلس الأمة الـ 17 في مقابل 20 أو 25 حكومة كحد أقصى للإستدلال على حالة الاستقرار السياسي أما أن يصل عدد الحكومات بـ 36 حكومة فهذا دليل على مدى الصراع السياسي التي عاشته وتعيشه الكويت منذ 58 سنة ... ناهيكم أن الديمقراطية الكويتية قد أقصت وأبعدت نصف من يحق لهم التصويت الترشح والإنتخاب بسبب "مادة الجنسية" التي تميز الكويتيين درجة أولى ودرجة ثانية ... وأول إسفين ضرب بين الحكومة ومجلس الأمة كان من خلال تزوير انتخابات 1967 التي مارستها الحكومة في محاولة لإجهاض الدستور والعملية الانتخابية من خلال 10 دوائر انتخابية آنذاك ... ثم تبع ذلك حل مجلس الأمة في 1976 فحدث الشرخ والتصدع في العلاقة ما بين مجلس الأمة والحكومة ثم جاءت ضربة الحكومة وأمير البلاد الشيخ الراحل "جابر الأحمد الصباح" بحل مجلس 1986 وتعليق وتعطيل بعض مواد الدستور ... ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تحرك نظام الحكم للإجهاض على المسيرة الديمقراطية بأسرها عبر إنشاء "المجلس الوطني" عندما خاطب أمير البلاد الراحل "جابر الأحمد" الشعب في 20-1-1990 ليعلن عن إنشاء المجلس الوطني ... كلها أحداث تاريخية "مختصرة" تدل على أن هناك صراع سياسي دائم ما بين الحكومة والمجلس بطبيعة الحال جـُــرّ الشارع إليه فأصبح الأمر لدى الشارع مسألة "حب وكره" لا مسألة فهم وتقييم وتحليل وأسباب ... نتج عن ذلك هشاشة الوعي لدى الناخبين بسبب أن هناك طرفين "الحكومة والمجلس" فترى أعضاء المجلس يمارسون وصلات الردح والتسويق الذاتي والحكومة التي تمتلك أسرار فساد هؤلاء ملتزمة الصمت التام لأنها شريك رئيسي في فساد هؤلاء ؟

في الفترة السوداء أثناء "كرامة وطن" كنت أعلم أن الحكومة فاسدة وكنت أعلم أن قادة الحراك هم أفسد من الحكومة وكنت على يقين من أن نصرة الحراك سيضيّع الكويت ... لأن المخطط لم يكن وطنيا صرفا بل كان مخططا داخليا وخارجيا لضرب الكويت ورميها في فوضى "الربيع العربي" آنذاك ... فاخترت الوقوف مع الكويت أولا ثم مع الفاسد القديم "الحكومة" لأنها يسهُل التعامل معها تضربنا نضربها تقهرنا نقهرها تلك هي العلاقة بيننا منذ القدم نعرفها ونفهمها جيدا ... والمعارضة أيضا ليست محل ثقة مطلقا لأنها وفي أثناء حراكها ما بين 2010 - 2012 مارست الإنحطاط السياسي واستغلت الحريات أسوأ استغلال عبر وضاعة الخطاب هم وأتباعهم حتى خرجت الصحف آنذاك لتتحدث أن "الكويت تواجه أزمة أخلاق" ... فقد سبوا وشتموا وطعنوا وشككوا واستهدفوا الأفراد والمؤسسات وبسبب المعارضة وحماقتها قمعت الحريات وخرجت القوانين المشددة ليدفع الجميع ثمن قلة أدب "الكثير" من المعارضة ... التي أصلا لم يكن لديها أهداف ولا قائد بل مجموعة أهداف والكثير من القادة وهذا مسلك لو اتبعته لدمرت الكويت ولضاعت بل من سابع المستحيلات أن تراها بشكلها الحالي لو اتبعت أهواء مراهقين وسفهاء السياسة آنذاك ... ولو أجريت استفتاء تحت إشراف القضاء لتبيان نسبة ثقة الشارع الكويتي بأعضاء مجلس الأمة فسوف تكون النسبة لا تتجاوز 20% كأفضل تقدير ... والكويتيين بشكل عام لم يفهموا أن أعضاء مجالس الأمة السابقة هم نفس أعضاء مجلس الأمة الحالي نفس أعضاء مجلس الأمة القادم هم نفس السلوك ونفس الحديث ونفس الشعارات ونفس الخطابات لا شيء تغير سوى تغيير الوجوه وكأنها "ديباجة" متفق عليها ... فأعضاء الستينات والسبعينات كانت أصواتهم تصل إلى أخر الكويت في قضايا الفساد ثم جاء أعضاء السبعينات والثمانينات لتصل أصواتهم في قضية الفساد إلى عنان السماء ثم جاء أعضاء التسعينات والألفين ليكموا مسرحية مكافحة ومحاربة الفساد ... واليوم وصلات الردح التي يمارسها الأعضاء جزأ لا يتجزأ من مسلسل "أنا الشريف أنا العفيف" في الجزء 17 وكأنه سباق لتحقيق نسبة مشاهدة عالية في تقديرات وتقييمات "نتفليكس" و"HBO" !!! ... فمنذ أكثر نمن 50 سنة هل انتهى الفساد ؟ هل قضينا قضوا عليه ؟ هل قلّت حتى نسبته ؟ لا شيء بل يزداد على الرغم من كل المؤسسات الرقابية لأن العبرة ليست بكثرة القوانين بل بمن يطبقها دون ازدواجية المعايير ... إذن وحتى لا نعمم تخرج لدينا قناعة ذات مرجعية تاريخية بأنه لا يقل عن 90% من أعضاء مجالس الأمة هم شرذمة كذابين فاسدين تسترت عليهم الحكومات حتى تضمن ميزانها في مجلس الأمة ... ومن أوصل هؤلاء الفاسدين ؟ الناخب الجاهل والفاسد والقبلي والعنصري والطائفي ؟
الغريب في الأمر أن وعي الناخب الكويتي "في الغالب" لا يزال وعي ساذج سطحي لا يريد أن يبحث ولا يريد أن يقرأ ولا يريد أن يفصل ما بين العاطفة والعقل ناهيك ما تفعله العنصرية والقبلية والمذهبية في مثل هذا الخط من التعاطي السياسي ... فالجهلة يظنون أن بمناصرتهم للعضو بناء على العائلة أو القبيلة أو المذهب فهذا يعني انتصارا لعنصريتهم وطائفيتهم وقبليتهم ولا يعلموا ولا يريدوا أن يعلموا أن ما يفعلونه هو طعن صارخ بكيان الدولة وخيانة صريحة للأمانة التي لولا الكويت لما كانت لهم قيمة في الخارج ... وبسبب هذا التعاطي التــــافه والسطحي نتج عن ذلك بأن "وسّـــدَ الأمر لغير أهله" فأوصل الجهلة كل فاسد وجاهل إلى أن يكون على رأس القرار التشريعي الذي يتحكم بمستقبل دولة وشعب ... ليس هذا فحسب فقد مال الجهل في الكثيرين إلى حالة نفسية مرضية أطلقت عليها "الإشتياق السياسي" أو "العشق السياسي" الذي يجعل سيكولوجية الفرد الذي يتعاطى في الشأن السياسي متعلقة بخصية سياسية أثرت فيه تأثيرا بالغا دون النظر نهائيا لأي من سلبيات أو فساد تلك الشخصية ... وهذا ما نشهده في أيامنا هذه من حالة من الرجاء والتمني من قبل المرضى والمختلين عقليا بعودة شخصيات ماضية إلى المشهد السياسي مهما كان الثمن ومثل هذا التعاطي السياسي لا يعتبر تعاطيا سياسيا بأي شكل من الأشكال بل هذه حالات مرضية ذات خلفية معاناة وترسبات في الشخصية ذاتها ... بينما الفكر والعلم السياسي يبعد العاطفة كليا عن رصد ومتابعة أداء أي من أعضاء مجالس الأمة التي أعمالهم وسلوكياتهم هي من تحدد من هو الإيجابي ومن هو السلبي وما مدى وقوة نشاطه البرلماني وسجل تصويتاته البرلمانية على ماذا ومتى كيف ولماذا ؟ ... لا على الأصوات النكرة العالية ولا على الخضوع لا للمجلس ولا للحكومة أي استقلال الرأي والقناعة وفصل العاطفة عن العقل والبر بالقسم لكن هل هذا يحدث ؟ الإجابة كلا وأبدا ... والأكيد أن المعارضة فاسدة والموالاة فاسدين والتغيير يجب أن يطال الجميع دون أي استثناء وأن وجود هذه الأسماء التي يتداولونها لهو ابتلاء من ربكم وقد ابتلينا بالجاهلين والفاسدين والتافهين وبسببهم كثر اللصوص وفقد الحياء الاجتماعي والسياسي فكثر المنافقين والمرتزقة ألا لعنة الله عليهم كم أضروا وأساؤوا للكويت وشعبها ؟

إن الساحة السياسية الكويتية بحاجة إلى تغيير واسع النطاق يتمثل أولا بتنقيح الدستور الكويتي الذي عفى عليه الزمن بسبب متغيرات الحياة والظرف والأمة وظهور جيلين وليس جيل واحد ... ولأن لا حل لمشكلة وعي الناخبين ولا حل لمرضى السياسة ومراهقي الرأي فإنه قد ثبت بالأدلة الكثيرة أن فساد الحكومة من فساد أعضاء مجالس الأمة وفساد مجالس الأمة من فساد ليس الناخبين بل من صوت لهؤلاء الفاسدين ... بدليل أصبح المشهد لدى الجميع عادي وطبيعي والكل يرى ويسمع عضو يتهم عضو أخر بالسرقة والفساد ويمر الأمر كأن لم يكن شيئا حتى وأنه قد حدث ذلك أمام رئيس الحكومة ورئيس المجلس !!! ... والحقيقة التي يجب أن تصل إلى الجميع "حكومة ومجلس" وهي أن المواطن الكويتي لم يعد يثق بكما وأن الفساد أصبح نهج السلطة التشريعية والتنفيذية وغالبية الناخبين الكويتيين إما فاسدين كأسيادهم أو جهلة وهذا لا يعفي الجميع من خيانة الأمانة وظلما للكويت ... نعم إن الإدلاء بالصوت في أي انتخابات هي أمانة ستقف يوم القيامة وستحاسب عليها مثل العضو والوزير الذين يخونون قسمهم بدعم أو ممارسة أو التستر على الفساد بالتأكيد لهم في كرب وبلاء عظيم لكن شياطينهم قد أعمتهم وربكم قد استدرجهم ليوم الحساب والعقاب ... لعنة الله على من خان قسمه لعنة الله على من صوت بدافع العائلة أو القبيلة أو الطائفة لعنة الله على الراشي والمرتشي لعنة الله على الفاسدين لعنة الله على من أساء للكويت وشعبها ؟





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم







2020-09-13

التشاوريات المجرمة برعاية الحكومة المتواطئة ؟


في الوقت التي صرفت فيه الدولة المليارات في مكافحة وباء كورونا وفي الوقت الذي نزل فيه عشرات الألاف من الكويتيين والمقيمين في الصفوف الأولى لمواجهته وحماية ورعاية الشعب بأسره ... وفي الوقت الذي صدرت فيه عقوبات لكل من يخالف قرارات الحكومة ووزارة الصحة بالحبس مدة لا تزيد عن ستة  أشهر وغرامة لا تقل عن  10 الف دينار ولا تزيد عن 30 الف دينار وفق القانون رقم 8 لعام 1969 بتعديل المادة 17 منه ... واليوم ونحن في المرحلة الرابعة التي تمنع التجمعات والمناسبات وحفلات الأعراس والزفاف ومنع تقديم واجب العزاء ... شاهدنا خلال 10 أيام وحتى ليل البارحة إقامة "انتخابات تشاورية" وتجمعات واسعة وإغلاق شوارع واستهتار في مظاهر من الفوضى وانتهاك صارخ للدستور والقانون وحقوق المجتمع ... وسط صمت من الحكومة ومن وزارة الداخلية يؤكد تواطؤ الجهات الحكومية والأمنية مع ممارسات مخالفة ومجرمة دستوريا وقانونيا ومرفوضة اجتماعيا وحتى أخلاقيا ... مما يثبت في النفس ويستكين في يقيننا أن حتى انتخابات مجلس الأمة القادمة أصبحت في موضع الشبهة الدستورية والفساد القانوني وتزوير إرادة الأمة ... وذلك من خلال السماح لمزورين لإرادة الأمة منتهكي الدستور والقانون والمتحايلين على المجتمع بأسره بالوصول إلى مجلس الأمة ... وإرادة الأمة لا تنتهك ولا تزور ولا يتم التحايل أو التلاعب فيها تحت أي ذريعة كانت ومهما كانت تلك المرجعية "القبيلة أو الطائفة أو العائلة" ؟

في حكم المحكمة الدستورية العليا الذي صدر في 5-12-2011 أغلقت كافة أبواب الأعذار والتبرير وأسقط حجج الفاسدين والسفهاء والجهلة لتنتصر المحكمة الدستورية العليا للكويت ودستورها ... وقد أكدت المحكمة الدستورية من أن الفرعيات أو التشاوريات أنها "تكرّس الانتماء القبلي والطائفي على حساب الانتماء الوطني" و "توصّل أصحاب النفوذ على حساب الأكثر قدرة على العطاء والإبداع" ... وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها التاريخي من أن "المشرّع جرّم هذه الإنتخابات بهدف درء خطر جسيم يهدد نسيج المجتمع الكويتي وترابط أفراده وأن الفرعيات هي تقويض قِيم المواطنة وإحلال ولاء الفرد للقبيلة أو الطائفة محل ولائه لوطنه وتصبح بالتالي معولاً لهدم نسيج المجتمع الكويتي" وأضافت المحكمة "إن ما يستتبعه من ذلك من وجوب استقلال النائب وتحريره من ضغط الفئة أو الطائفة التي ينتمي إليها وتأثيرها عليه حتى تكون المصلحة العامة هي العليا" ؟ 
إن كل من شارك في الفرعيات أو التشاوريات أثبت أنه لا يؤمن بدولة القانون والمؤسسات ولا يعترف بالدستور وأن مرجعيته الوحيدة هي "القبيلة أو الطائفة أو العائلة" ... وتلك الشرذمة الفاسدة التي خرجت من تشاوريات خسيسة قد أساءت إساة بالغة للقبيلة وقد أضرت ضررا عظيما بالشرفاء والوطنيين والكفاءات فيها ... وأن من مارس تلك الجريمة النكراء كان فعله بمثابة تحديا صارخا للقانون وتطاولا وضيعا على المجتمع واستهزاء بالسلطة التنفيذية وتدليسا على إرادة الأمة وتأثيرا يرقى لابتزاز الناخبين والتأثير عليهم ... وصمت الحكومة كان بمثابة موافقة مبطنة وفسادا لا يقل الشك وجبت محاسبة رئيسها محاسبة علنية وجزاء يليق بالدستور واحترام القانون ... وصمت وزير الداخلية ورئيس مجلس الأمة يضعهم أيضا في دائرة التواطؤ والفساد وينسب معهم أعضاء مجلس الأمة الذي يشاهدون بأم أعينهم انتهاك القانون وصمتوا جميعهم صمت أهل القبور ... فكيف الشعب يأمن بمشرعين في مجلس الأمة خرجوا من خلال جريمة جنائية وسياسية وأخلاقية واجتماعية كيف ؟ ... يا سادة وضاعة وانحطاط التشاوريات يعني أن الفائز بالتشاوريات قبل الانتخابات سيطر على قرار جزء من الناخبين وسبب تأثير عليهم وهذا مخالف دستوريا وقانونيا ... لأنه ببساطة وقت التصويت في الانتخابات القادمة يعني هناك فساد انتخابي أعد مسبقا قبل موعد الانتخابات بوقت قليل أي هناك اختراق لصناديق الإقتراع ... وعليه كل من ورد إسمه في تلك الإنتخابات يُشطب من سجلات الإنتخابات القادمة لأنه أتى بجرم وبفساد ولو وصل إلى كرسي البرلمان لا شرف لقسمه ... وقد رأينا من يقسم لقبيلته أولا ثم الشعب تاليا ولو وصل إلى البرلمان فسيقسم مرة أخرى قسما يخالف قسمه الأول نصا وموضوعا وهذا تدليس وكذب وافتراء وظلم للكويت وشعبها وانتهاك لحرمة المجتمع وحنث قاطع باليمين ... من خرج من الانتخابات الفرعية أو التشاورية فهذا فاسد كاذب لا يؤتمن على شرف التشريع والتصويت في أعمال مجلس الأمة ... ومن يؤمن بالكويت وطنا وكيانا لا يقدم عليها لا طائفة ولا قبيلة ولا عائلة ومن يؤمن بالديموقراطية يمارسها بشرف في الانتخابات الرسمية في البلاد لا بخسة التشاوريات ... والكويتي المخلص والوطني والشريف يجمع ولا يفرّق والتشاوريات تفرقة الجاهلية ونزعة الجهل وضرب في أساسات الدولة والمجتمع ... فأبعدوا من كذب علينا وتحايل على الكويت وأهلها فهؤلاء الفاسدين إن وصلوا وصل معهم فسادهم فهل أنتم مصلحون أم فاسدون ؟





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم





2020-09-12

ما الفرق بين المافيـــا وبين الحكومــات ؟


الحكومات بشكل عام الكل يعرف كيف تشكلت وكيف تدير أعمالها فهي قد بدأت منذ آلاف السنين قبل الميلاد وكانت الزعامة هي نواة فكر ومصطلح الحكومة ... أي أن الفطرة البشرية هي نواة زعيم القبيلة أو العشيرة ولما تكونت مجموعة قبائل وعشائر وأفخاذ توسع العدد فأصبحوا بالآلاف فأصبح يحكمهم زعيم يدير شؤونهم ويحافظ على حقوقهم ويوفر لهم الأمان والحماية من أي اعتداء خارجي ... أما المافيا "المنظمة" فقد ظهرت قبل 1860 والتي كانت تعتمد على حماية المناطق وطرق التجارة وتهريب الممنوعات في ظل ضعف أو غياب أو تقاعس الحكومات عن أداء دورها المنوط بها ... ولأن عالم الإنترنت أخرج ما تشيب له الولدان من أسرار وحقائق لتتضح الصورة بأن الحقيقة واضحة وضوح الشمس بأن لا فرق بين الحكومات والمافيا ... لكن وجه الإختلاف أن الحكومات تعمل باسم القانون "الدجال" والقضاء "الأعور" لتوظف القانون في خدمتها وتضع يدها على مقدرات الشعب وتقودهم كيفما أرادت ... أما المافيا فهي تعمل خارج نطاق القانون والقضاء تماما وتقوم بكل الأعمال الخارجة على القانون وضد كافة القيم والمبادئ المجتمعية ... ولو أردنا تبسيط المسألة أكثر حتى تصل فكرة الموضوع أن الحكومات تعمل في النور والمافيا تعمل بالظلام ... الحكومات فوق الأرض والمافيا تحت الأرض كل وله عالمه وقوانينه وكلاهما متفقان تماما على تقاسم الثروات والصلاحيات ومواقع النفوذ ؟

أكثر من 95% "أي عدم تعميم" من الأنظمة وحكومات العالم تقوم بأعمال قذرة "تجسس - قتل - اختطاف - تعذيب - فساد - سرقة مال عام - غسيل أموال - إلخ" ... لكنها لا تظهر بالصورة أمام شعوبها ومجتمعاتها لأن لديها أجهزة متخصصة بذلك بل ومحترفة كأجهزة المخابرات والمباحث ... والمافيا ما كانت تستطيع الإستمرار إلا باتفاق سري مع تلك الحكومات وأنظمة الحكم فالمافيا متخصصة في عمليات "تجارة بيع الأعضاء البشرية - المخدرات - غسيل الأموال - تجارة الجنس - تزوير العملات - الأسلحة - إلخ" ... مثل الحكومات التي كانت تعلم علم اليقين وبأدق التفاصيل عن عمليات نقل الإرهابيين في "داعش" من "تونس والسعودية والكويت" وغيرها إلى "تركيا والأردن" التي كانتا "البوابة الرئيسية" ولما انتهى دورهم في "العراق وسوريا" نقلوهم جوا إلى ليبيا حتى يكملوا مهماتهم كل شيء تم بتنسيق "سري للغاية" ... لكن المافيا لا تدخل حروب ومعارك في الخارج لأنها تؤثر على كيانها وتضر بتجارتها وتفضل العمل بهدوء وبصمت بعيدا عن ظهور إعلامي وأي شهرة لأن الشهرة تضرهم ... ولو أردت أن يذهب عقلك بعيدا فلا مانع من الربط بينهم وبين الماسونية التي تدير العالم لكن كل شيء يسير وفق نظام دقيق للغاية لا يسمح بالخطأ فيه ولا 1% ... والحديث من أن الحكومات لا تتعامل ولا تتفاوض مع الإرهابيين والفاسدين فهذا حديث هراء لا أساس له من الصحة بدليل فضائح "وثائق ويكيليكس" + "وثائق بنما" ... دلّت وأثبتت وكشفت عن حجم الفساد الخُرافي الذي مارسه ويمارسه رجال الأعمال والسياسيين ورؤساء الحكومات وحتى حكام الدول ... والتي رمتنا تحت حقائق بأن الفساد في الحكومات وأجهزتها وارتباطها بالمافيا المحلية أو الدولية أمر غير قابل للنقاش ... ولو علمتم أن تقديرات الأمة المتحدة لعمليات الفساد وغسيل الأموال تتجاوز سنويا أكثر من 2 تريليون دولار = 2.000 مليار دولار أي تسديد ديون دول قارة أسيا وأفريقيا والشرق الأوسط مجتمعين ؟
من الغريب فعلا أن يحدث هذا الإرتباط بين الحكومات والمافيا بشكل غير مباشر ويستمر لعقود طويلة يموت الفرد منهم ولا تموت التجارة ومن يسقط من الطاولة بديلة ينتظر دوره ... وتشترك "بعض" أنظمة الحكم والمافيا في أمر واحد يجمعهم جميعا وهو أنهم شخصيات مريضة تعاني من اختلال عقلي وشخصيات "سيكوباتية" تربع فوق رأسها كل شياطين الأرض ... فهم لا يشبعون مالا على الرغم من أن ما يملكونه يكفيهم لعاشر حفيد من سلالتهم القذرة أي ثروات تكفي سلالتهم لأكثر من 200 سنة قادمة ومع ذلك لا يتوقفون عن أعمالهم ... مثل بعض رجال الأعمال في أوطانكم تجد الرجل منهم بلغ من العمر 70 عاما ولا يزال يذهب إلى عمله ويجري اجتماعات وصفقات ويجوب العالم في تعب وشقاء فيموت دون أن يستمتع بحياته وهو يظن أنه قد استمتع وهو كاذب ... وأيضا كلاهما متفقين في الأطباع فهم يكرهون كل من يكتب ضدهم ويكرهون ثرثرة الفقراء ويعتقد غالبيتهم بأن الله خلقهم حتى يكون الفقراء عبيدا لهم ولا قيمة لهم ولا لشرفهم ولا لأطفالهم ونسائهم ... مثل نظرية الكثير منهم بزعم قولهم "لماذا تنفق الدولة على كبار السن فهو على موعد مع الموت فلم كل هذا الإنفاق على رجلا ميتا لا محالة" !!! ... وأيضا مثل منطق اليهود في الكيان الصهيوني الذين يعلمون أولادهم وفق عقيدتهم بأنهم أمة الله المختارة وأن العالم بأسره عبيدا لهم وقد تناسوا تاريخهم الذي يؤكد بأن قوم بني إسرائيل هي أقدم أمة عبيد عرفها التاريخ البشري ... ويبقى العالم في اعتقاد واهــــم من أن "أغلب" حكوماتهم وأنظمة حكمهم شريفة عفيفة عادلة وأن هناك أمن وطني وقضاء نزيه وعدالة اجتماعية ومجتمع حر وديموقراطية رائعة ... والحقيقة هي أن هناك مافيا تحت الأرض ومافيا فوق الأرض كل منهما له زيه الخاص ولسانه ومنطوقه الخاص ... وطول ما الإنسان عبــــدا للدولار يعني أن حكومات المافيا والمافيا على وفاق وأعمالهم بازدهار بعيدا عن أعين الجميع ... وحتى الصحافة لا تجرؤ على الحديث في هذا الشأن ولا الجري خلف التحقيقات الصحفية المثيرة لأنها على يقين مطلق بأن مصيرهم التصفية الجسدية أو قتل أعز أحبائهم ... فقط أطلق لعقلك العنان ودعه يحلق في الأفاق ودعه يفكر ويحلل بحرية مجرد تفكير لا أكثر ليتسائل : هل كل ما يحدث في داخل وخارج الأوطان من سياسة واقتصاد مجرد صدفة وصدف ؟؟؟ !!! ؟؟؟





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم





2020-09-06

الجـــار الصالح والجـــار الملعون ؟


كثير من الناس لا يعرفون حقوق وأهمية الجار وكثير يسخرون من الجار وكثير من يصنعون الشر والأذى للجار وفي المقابل هناك من يعرف قيمة الجار وأهمية الجار وحقوقه ... وقد ضعفت أهمية الجار في زمانكم هذا ضعفا واضحا حتى لا يكاد أحد منكم يعرف من هو جاره الجديد ولا يعيره أي اهتمام لا في الفرح ولا في الحزن ... لقد كان في الجار قديما أثرا عظيما لدرجة أنه وصل إلى درجة ومنزلة الأخ وأهل الجار وصلوا لمنزلة الأهل وذلك من شدة وقوة الترابط الاجتماعي ثم من عظمة وأهمية الجار ... وقد لا يعلم الكثير منكم أن الجار هو ستركم وغطائكم أي عرضكم عرضه وعرضه عرضكم وكرامتكم من كرامته وهذا أول ما ألفه الإنسان منذ القدم ... وقد عظّم ربكم منزلة الجار بأن ذكره لكم في سورة النساء { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجَــــارِ ذي القربى والجَــــارِ الجنب } أي جارك إن كان قريبك أو ليس قريبك ؟
 
إننا نأسف على ما وصلت إليه العلاقات في أيامنا هذه من علاقات بين الجيران لا تسر حبيب ولا صديق ... فيسكن الرجل وأهله دارهم الجديدة ولا يعلمون من هم جيرانهم ولا جيرانهم يريدون أن يعرفوا أو يعلموا من جارهم الجديد ... وتلك ذريعة أننا لا نعرفهم ولا نضمن أخلاقهم ولا نعرف ماذا يخبؤون لنا لربما كان جار سوء أو إمرأته امرأة سوء وهناك من يتعلل بأن لديه خصوصيات لا يرغب لا جاره ولا غير جاره بأن يطلع عليها ... كلها وجهات نظر صحيحة لدى البعض وغير صحيحة لدى البعض الأخر لكن الأكيد أنها وجهات نظر ظهرت وانتشرت في ثمانينات القرن الماضي في دول الخليج ... ثم توسعت وانتشرت في دول المغرب العربي بعد سنة 2000 وبعد 20 عاما أصبحت ظاهرة واضحة وضوح الشمس في 80% من شعوب الوطن العربي ... وتلك عادات تم استيرادها من أوروبا تفاعلت وانتشرت بفعل وبسبب عوامل الترف "المالي أو الفكري" التي يعيشها اليوم 60% من شعوب الأرض ... لكن قوة علاقة الجار تجدونها في القرى والبادية في أوروبا والدول العربية التي لا تزال تعتمد بقوتها وتكاتفها على غريزة التجمعات والتحالفات والثقة بقوة الجماعة لا بقوة الفرد ؟

اليوم في زمانكم جار يرفض أحدا من جيرانه أن يوقف سيارته أمام بيته ... وجار يزعج جيرانه بالصراخ والحديث المرتفع في "الديوانيات" الصغيرة ... وجار كثير المشاكل مع الأخرين الذين يقفون أمام بابه طلبا لاسترداد أموالهم منه ... وجار كثير الإتصال بالشرطة في كل صغيرة وكبيرة ولو كان أمرا تافها وقع دون قصد مع جاره ... وجار لا يعرف جاره لا سلاما ولا كلاما لا حتى في شهر رمضان المبارك ولا غيره ... وجار يرمي زوجة جاره بنظرات الغريزة الجنسية وابن الجار يخطط كيف يهتك عرض ابنة جاره ... وجار ينام وهو يعلم بالوضع الإقتصادي الصعب لجاره ... وجار لا يتنازل بالسلام على جاره لأنه أكثر وأرفع أصلا وفصلا ونسبا منه أو أكبر منصبا منه ... وجار يتحاشى جاره بسبب الطائفية أو العنصرية أو القبلية ... كلها لا تمت لأخلاق الإسلام وكلها ممارسات لا تمت بأي صلة بالإيمان والمؤمنين والأغبياء لا يعلمون أن وقت الكوارث والحروب والمحن والمصائب أقرب نقطة أمان هي الجـــــار ثم يأتي بعده الشرطة والأهل والمجتمع والدولة بأسرها ؟

 
احترموا جيرانكم ووقروهم لا تسخروا منهم ولا تؤذوهم بل من الأخلاق ومن أصل الأصول أن تستر على جارك وأهله في كل عيوبهم وفي كل ما لا يرضيك ... الجار ربما هو من يرميك في جهنم وهو ممكن أن يدخلك الجنة ليس منه بل بسبب الصبر والأخلاق التي أنت وأنتي أخذتموها من دينكم ومن شريعتكم ومن أخلاق قدوتكم سيد الأخلاق رسولنا عليه الصلاة والسلام ... فمركبات أو سيارات جاركم هي أمانات داركم وعرضه هو عرضك والصبر على أذى الجار له أجرا عظيما والستر على جارك من أصول العرب حتى من قبل الإسلام ... والوقوف مع مصاب جاركم من الأخلاق الرفيعة والمواجيب الثابتة التي لا يساورها الشك ولا الريبة ... وإن كان جارك مؤذي فاصبر حتى يزول ضرره أو أنت ترحل لكن لا تفضح سره ولا ستر بيته ولذلك عظّم رسولكم منزلة الجار ... قال رسول الله لأصحابه "ما تقولون في الزنا قالوا حرام حرمه الله ورسوله وهو حرام إلى يوم القيامة فقال رسول الله لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بحليلة جاره ثم قال ما تقولون في السرقة قالوا حرمها الله ورسوله فهي حرام إلى يوم القيامة قال لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق جاره" ... فلا تهينوا جاركم ولا تستهينوا به فيوم القيامة كلكم على موعد مع الحساب والقصاص من جيرانكم أنتم وهم على حد سواء من أحسن ومن أساء ومن طعن وفضح ومن سكت وستر ... مارسوا حياتكم كما تشاؤون لكن لا تؤذوا جيرانكم ولا تفضحوا ما تسمعونه وما تشاهدونه فإكرامهم إكراما لأنفسكم ونصرا لكم يوم تلقون وجه ربكم الكريم فيجزيكم خير الجزاء ... ومن آذى جاره فليستعد لدفع ثمن أعماله الملعونه التي أهلكه فيها شيطانه ؟








دمتم بود ...



وسعوا صدوركم





2020-09-03

أينما وجد الماء وجدت الحياة ؟


لو وضعت خريطة العالم أمامك وتفحصتها بشكل جيد فسوف تكتشف أمرا ليس غريبا لكنه مرتبط بالفطرة البشرية ارتباطا منذ أن خلق أبونا آدم عليه السلام ... وهي الطبيعة والفطرة البشرية للإنسان الذي لا يقبل العيش إلا بالقرب من المياه بالدرجة الأولى ثم الخضرة بالدرجة الثانية والخضرة أي الأشجار المثمرة التي توفر له الطعام ... وطالما توفرت الأشجار أي الغابات والمساحات الخضراء يعني توفرت أمطار والأمطار مياه والمياه تتحول إلى سيول وأنهار ... وقد أثبت العلماء أن الإنسان يستطيع العيش لمدة ما بين أسبوعين إلى 3 أسابيع دون طعام لكن لا يستطيع الصمود 3 أيام بلا ماء ... وعلى الرغم من أن الماء لا يوفر الطاقة للجسم لكنه يؤخر انهيار جسم الإنسان لفترة زمنية محددة التي من خلالها يبدأ الجسم بتآكل نفسه بنفسه بمعنى يحرق الدهون ثم يبدأ باستهلاك العضلات حتى الوصول إلى الأنسجة وتلك مرحلة الموت المؤكد ... الخريطة الدولية للبشرية لو تفحصتها بشكل دقيق وواسع سوف تكتشف أن 90% من سكان الأرض تقيم حول البحار والأنهار والبحيرات الطبيعية وهذا قديما ... أما في العصر الحديث وبسبب توفر طرق المواصلات مثل "السيارات - القطارات" في داخل الدول وليس خارجها ستكتشف أن 80% يقيم بالقرب من البحار والأنهار بما لا يبعد بمقدار أقل من ساعة أو نصف ساعة عن المياه ؟ 

الإنسان لا يحتاج إلى مياه البحار بسبب ملوحته لكنه يستفيد من الأسماك التي توفر مصدر غذاء رئيسي بالإضافة إلى أن البحار تعتبر من خطوط النقل والسفر التي عرفها البشر منذ سيدنا نوح عليه السلام وهو أول من صنع سفينة وركب فيها وخاضها في البحار بتعليم وتدبير من ربنا سبحانه وتعالى ... ولذلك اليوم لو أي دولة صحراوية شقت مياه البحر وأوصلته إلى عمقها الداخلي مثل شبه الجزيرة العربية وأفريقيا لدبت حياة أخرى هناك ... لكن الأمر مكلف جدا بحكم أن مثل هذه المشاريع العملاقة ستحتاج إلى بنية تحتية للأمم التي ستعيش بالقرب من هذه القنوات المائية الضخمة كالكهرباء والمياه العذبة والصرف الصحي والإتصالات والخدمات الطبية والتعليمية ... ونستنتج من بعد ما سبق لماذا كل البشرية لم تستخدم كامل مساحة اليابسة مثل مصر ذات التعداد السكاني 100 مليون نسمة لم تستخدم كامل مساحتها إلا بما لا يتجاوز 20% والسعودية أقل من 20% والكويت 18% ... وعبر الخرائط الجوية نشاهد الكثافة السكانية دائما بالقرب من البحار والمياه وبالرغم من ذلك تعمد الإنسان تدمير الطبيعة التي وفرها له ربكم سبحانه وتعالى له فدمر الإنسان الغابات وقطع الأشجار وأفسد البحار ولوث الهواء ... ولو حللت أسباب ذلك لظننت أن من فعل ويفعل ذلك ظن أن عمره 300 سنة وأكثر وليس بضعة سنين ثم يموت ... كوكب جميل فيه من النعم والخيرات ما لا يعد ولا يحصى لكن الإنسان بجشعة وطمعه وشروره دائما لا يشبع ولا يقنع ولا يقتنع ويصنع لنفسه تبريرات من نسج خياله المريض حتى يقنع نفسه بضرورات ما هي بضرورات ويصنع له محرمات وما هي بمحرمات ... وها هي هذه أيامكم أمام أعينكم انظروا ماذا فعل ويفعل المال بالإنسان وفي البشرية وكيف بدأت وحدثت ووقعت حروب البشرية بسبب الثروات الطبيعية وحتى يومكم هذا بالرغم من أن كل شيء في العالم يكفي البشرية لو اخذ كل فرد حاجته ... ولا عزاء للإنسان الذي قتله طمعه وجشعه ولم ولن يفهم أن ما وفره له خالقه يكفيه ويزيد لكن تبا لنفس لا تشبع وعقل لا يفهم ... وصدق ربكم الحق سبحانه عندما قال في سورة الأنبياء { وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون } ؟






دمتم بود ...



وسعوا صدوركم








2020-09-02

الخيانـــــة والقــــرآن ؟


طبيعة بعض البشر غريبة لا يمكن أن تصفها إلا أن هناك صنفا من البشر وكأنهم خلقوا حتى يعيشوا أنجــــاس لا يعرفون أن يعيشوا في نظافة ولا وضوح ولا مكاشفة ولا صراحة ... نوعية مهما أعطيتها ومهما عملت لها تبقى خسيسة في أفعالها والخيانة والغدر منهم مؤكد ولا تفكر كثيرا فهم متعودين على التبرير الكاذب حتى يقنعوا أنفسهم الوضيعة والقذرة بأنهم لم يخطؤا ولا يخطؤا ... وهذه الحالة المرضية النفسية قد كرروها كثيرا قبلكم إنهم يكذبون بصدق ويحلفون بصدق وتلك صفة الشياطين التي تجسدت على هيئة البشر في نجاسة أفعالهم وتبريراتهم الوقحة دون أدنى حياء ... وبالرغم من أن ربكم قد تحدث كثيرا في كتابه الكريم محذرا ومنذرا ومتوعدا الخائنين إلا أن الإنسان يظل مستمتعا بالخيانة تحت تبريرات لا تقنع إلا نفسه الخبيثة فقط "إلا من رحم ربي" ... يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة التوبة عن بعض هؤلاء المنافقين والكذابين والخائنين { ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون } وفي سورة الأنفال يقول الحق سبحانه { إن الله لا يحب الخائنين } ... ومثل هذه النوعية من البشر الوضيعة لا توجد لديهم أية مشكلة في أن يحلفوا بل ويقسموا على كتاب الله أمامك بأنهم معك أو لن يخونونك ولن يغدروا بك ... فتطمئن إليهم وتأمن لهم بشفاعة كتاب الله وتسايرهم وتتماشى معهم بكل نية وسريرة طيبة فتجتهد بإسعادهم بتغيير حياتهم بكل ما يمكن أن يدخل السرور إلى قلوبهم لكن الغدر قادم قادم لا محالة ... إنهم لم يخونك أنت ولا أنتي بل هم أولا خانوا ربهم وخانوا قسمهم على كتاب الله وهم ينطبق عليهم تماما قول الحق سبحانه في سورة التوبة { وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم } ... أي الخيانة كانت لله أولا فلا تجزع ولا تحزنوا فإن الله حسبهم وسوف يمكّنكم منهم ويريكم عجائب قدرته سبحانه فيمن خانوكم وجزاء ذلك سيسلط ربكم عليهم من يخونهم ومن يذيقهم الذل والهوان وسود الأيام ؟ 

إن من عجائب البشر أنهم يرون الخير والشر بأم أعينهم ولا يتفكرون ولا يتقون ولا يحذرون ولا يتعظون ولا يتراجعون ... يأتيهم الخير من حيث لا يحتسبون ويفتح الله عليهم بأرزاق ما كنوا يحلمون فيها ويسبب ربكم الأسباب فيرسل من يغير حياتهم أو ينقذهم ومن يخرجهم من الظلمات إلى النور لكن أنفسهم الخبيثة تأبى وترفض ذلك فتنجرف النفس اللعينة خلف أهواء شيطانها فتغدر ويغدر ويخون وتخون وكأن الله ما خلق لهم عقولا ... وهؤلاء كمن قال ربكم عنهم في سورة الفرقان { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } أي كالبهائم التي تسرح بلا عقل وبلا فهم وبلا إدراك ... وإن الخيانة في كثير من البشر والغدر من صفاتهم "إلا من رحم ربي" ولذلك لا تتألم أنت وأنتي إلا من قريب وليس من بعيد أي من وثقت أنت وأنتي بهم ثقة عمياء فخانوا تلك الثقة خيانة عظيمة ولا تصلح العلاقات بعد الخيانة ... فبعد الخيانة الفراق أمرا لا يقبل الشك والأيام مدرسة الإنتقام وحتى لو ملكت قوة الإنتقام اتركه لمن خلقك واطمئن وكن على يقين أن ربك سيريك عجائب قدرته أضعاف ما تتخيله وما لا تتخيله ... وتلك العقوبة السماوية ليست صفة حصرية لك أنت فقط بل هي من عدالة السماء وانتقام السماء لمن يقسم على كتاب الله كذبا وزورا وبهتانا أيا كان من أقسم ومهما كان إسمه ومهما علت مكانته أو قلّت فإن ربك آتيه سبحانه بالعقاب ولو بعد حين ؟
 
لا تقسِموا على كتاب الله وأنتم خائنون احذروا ثم احذروا من ذلك فقد سمعت ورأيت أناس ضربتهم أمراضا عجز الطب أمامها وظل أصحابها في آلام وأوجاع إلى أن ماتوا ... وقد رأيت وسمعت عن نساء خانوا وكذبوا فسلط ربكم عليهم الذل والفقر والهوان ... وقد رأيت وسمعت رجالا خانوا وبطشوا بزوجاتهم فأسطتهم حوادث وأمراضا فتحولت الزوجة الضعيفة إلى متجبرة منتقمة ساقت زوجها كأس الذل والإنتقام وقد سمعت ورأيت عشاق انتقم ربكم منهم شر انتقام ... فلا أنت يا ابن آدم مخلدا في الدنيا ولا أنتي أذكى ممن خلقكي ولا أنت تملك مكرا ودهاء أكثر من ربك الذي يمكُر فوق مكرَك فيخيب مسعاك القذر فيرد مكرَك إليك ويرد شرك إليك ويقلب غدرك إليك { ويمكُرون ويَمكُر الله والله خيرُ المَاكرين } الأنفال ... وإني لفي عجب مما أرى وأسمع كيف الناس أصبحت لا تتحمل بعضها البعض وكيف البشر لا يعرفون كيف يستمتعون في الحياة وكيف الخبيث يخون الطيب وكيف الناس أصبحت تكذِب بلا ضمير وكيف الغدر أصبح عادة طبيعية دون أن يشعر الأوغاد بأنها صفة مذمومة وهي من صفات الشياطين وكيف النفاق أصبح شطارة !!! ... ما لكم أصبحت لا تعرفون كيف تعيشون وتتخبطون وقليلا منكم من هم مقتنعون وراضون بل كيف فقدتم صفة الصبر على الحبيب والحبيبة والزوج والزوجة !!! ... يدخل رجلا في ضائقة مالية فتنقلب زوجته عليه ويدخل الحبيب في حالة نفسية فلا تصبر الأخرى عليه ولا تتحمل ما لكم أصبحت شاطرين في البيع فاشلين في الشراء !!! ... اللهم إني أعوذ بك من شر عبادك وشياطينهم ومن نفاقهم ومن غدرهم { اللهم اكفنيهم بما شئت } ... والحمدلله رب العالمين حمدا يملأ السماوات والأرض أني غير متزوج وغير مرتبط ولا أريد الزواج ولا أريد الإرتباط من هول ما شاهدت وقرأت وسمعت ... وأعوذ بالله من نفس لا تشبع ومن عقل لا ينفع ومن جهل مهلك ابن آدم وأعوذ بالله من مال يجعل ابن آدم كالكلب يلهث ورائه ويضيع دينه ودنياه وآخرته بسببه ... ورحم الله قلوبا طيبة وجبر نفوسا كريمة وأعان الودود اللطيف الحنان المنان عباده الصالحين واعلموا ثم ثقوا ثقة مطلقة إن عباد الله المخلصين الطيبين ليس لك عليهم طريقا فالله حسبهم ويكشف لهم كل خبيث ولعين ومنافق وكذاب مهما طال اتقان التمثيل فربكم بالمرصاد لكل من يريد الضر والشر والغدر والخيانة لعباده المؤمنين { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } غافر ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم