2021-12-03

أفضال الكويت على حُكّام ودُول وحُكومات 3

 

عُمان - إمارات ساحل عُمان – الإمارات التسعة 

حتى تفهم كيف نشأت الإمارات قبل 50 سنة لا أكثر وتحديدا في 1971 ... لا بد أن نعود للوراء لمعرفة كيف انهارت الإمبراطورية العمانية التي كانت مشيخة الإمارات التسعة أحد رعايا السلطنة العمانية نعم صحيح ما قرأت التسعة وليس السبعة ... ففي عام 1507 احتل البرتغاليين مدينتي "مسقط وصحار" وبعض المدن الأخرى واستولوا على مضيق هرمز وأقاموا قلعتهم لتكون مكان دفاع ورصد للبرتغاليين ... وقد ذاق أهل عمان الذل ولهوان على يد البرتغاليين فظهر "ناصر بن مرشد اليعربي" من نسل "ملك سبأ" ذوو المرجعية القحطانية ... فالتف الناس من حوله وبايعوه إماماً على عمان في سنة 1624 فولدت دولة اليعاربة ثم قام الإمام "ناصر بن مرشد اليعربي" بتوحيد البلاد بمحاربة البرتغاليين إلى عام 1649 ... ومن انتصاراته تحرير "جلفار - رأس الخيمة" في 1633 ثم وقعت صراعات في الحكم كثيرة ما بين عزل وقتل حتى وصل الحكم إلى "البوسعيدية" في سنة 1744 بعدما حرروا عمان من الاحتلال الفارسي الذي دام 12 سنة وتحديدا من سنة 1737 إلى 1749 ... وفي عهد الحاكم السادس السلطان "سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي" في سنة 1807 بدأ تأسيس عهد "الإمبراطورية العمانية" وأخضع الجميع بحكمه واكتسح مساحات جغرافية واسعة جدا ... وقتها لم يكن هناك لا قطر ولا إمارات ولا بحرين الكل واقع تحت سلطة الإمبراطورية العمانية وأطلق على تلك الشعوب على أنهم من رعايا الإمبراطورية بـ "شعوب ساحل عمان" ولم يكن لأي مشيخة فيها أي لقب رسمي "شيخ - أمير" وكان هذا الأمر جدا محظور في عرف وحكم البلاط الإمبراطوري العماني لأن منحهم أي لقب يعني اعتراف رسمي بمشيختهم وهذا لم يكن ولم يحدث نهائيا ... وبعد وفاة مؤسس الإمبراطورية "سعيد بن سلطان" دب الصراع بين أبنائه وقسّموا الإمبراطورية عندما احتكموا بالرأي والقرار لبريطانيا التي كانت تهيمن على المنطقة فانقسمت الإمبراطورية إلى قسمين "أسيوي من الجزيرة العربية - أفريقي زنجبار وجزر القمر وما حولهم" ... مما أدى إلى إضعافها وحدوث تمرد واسع في مناطق نفوذ الإمبراطورية وفقدانها لمساحات واسعة جدا من إمبراطوريتها حتى خسرت أكثر من 70% من مساحة الإمبراطورية ... حدث هذا بسبب صراع الحكم بين أسرة الحكم ما بين قتل وانقلاب وإخضاع وتنازل على مدى عقود حتى وقعت ثورة ظفار سنة 1965 بعهد السلطان "سعيد بن تيمور البوسعيدي" وهو والد السلطان "قابوس بن سعيد" الذي توفى في 2020 ... وقابوس الذي انقلب على والده "سعيد بن تيمور" وأسقطه من الحكم في سنة 1970 وأبعده عن البلاد وعاش في "بريطانيا - لندن" وفي لندن وبعد وصوله إليها بسنتين توفي "سعيد بن تيمور" ودفن هناك وتحديدا في "مقبرة بروكود" التي تعتبر أكبر مقبرة في المملكة المتحدة ... بعد تولى ابنه "قابوس بن سعيد" الحكم بعد الإنقلاب على أبيه لجأ إلى إيران طالبا دعمها ضد الثورة في بلاده فأرسل له "شاه إيران" العتاد والأسلحة وأكثر من 3.000 مقاتل ... الأمر الذي أدى إلى عداء عربي وخليجي واسع النطاق ضده بسبب إقحام إيران في المنطقة العربية والثورة كانت تطالب بطرد بريطانيا من عمان ووقتها كان الفكر والعقيدة الشيوعية منتشرة انتشارا واسعا في المنطقة العربية ... كانت هذه الفقرة مختصرة جدا عن كيف نشأت عمان وكيف نهضت وأصبحت امبراطورية وكيف ضعفت بسبب كثرة الإنقلابات في بيت الحكم "من بيت اليعربي إلى بيت البوسعيدي" حتى أصبحت "سلطنة" ذات مساحة صغيرة مقارنة مع عظمتها القديمة مما أدى إلى حالات تمرد كثيرة وواسعة في مناطق نفوذها ... وسنأتي لاحقا كيف منعت الكويت سقوط حكم "البوسعيدي" ؟

ولادة الإمارات التسعة

ما بعد سنة 1850 بدأت تتشكل قبائل ذات أصول عمانية في منطقة جنوب غرب الإمبراطورية العمانية القديمة ثم أصبحت مشيخة ثم تعددت المشيخة ثم أصبحت المشيخة إلى إمارة ثم دب الخلاف فيما بينها وجميعهم كانوا تابعين رسميا لسلطنة عمان وبريطانيا كانت تحكم الجميع والجميع تحت الحماية البريطانية وبعض تلك المشيخة كانت مشيخة ذات أصول عربية وبعضها كانت مشيخة من أصول إيرانية ... وتحديدا من "بلوشستان" في إيران الملاصقة مع أفغانستان وباكستان ... وبعد صراعات هذا وذاك احتكموا لبريطانيا التي وقعوا معها معاهدة صلح ملزمة لمدة 30 سنة بدأت في سنة 1853 حتى سنة 1892 فتم تجديد اتفاق المصالحة وسمي آنذاك بـ "الإمارات المتصالحة" بـ 9 إمارات عقد اتفاقها في سنة 1952 ... وهذه الإمارات كانت تضم كل من "أبوظبي - دبي - قطر - البحرين - الشارقة - عجمان - الفجيرة - راس الخيمة - أم القوين" وكل إمارة كان يميزها علم يمثلها كرمز لمشيختها ثم علم واحد يجمعهم ويمثلهم جميعا "انظر للأعلى" ... وفي 1968 أعلنت بريطانيا عن رغبتها في الإنسحاب من جميع محمياتها ومستعمراتها شرق المتوسط في موعد حددته نهاية سنة 1971 ... وفي 18-2-1968 بعد إعلان بريطانيا نيتها الإنسحاب وبطلب من حاكم مشيخة أبوظبي "زايد بن سلطان آل نهيان" عقدت مشيخة "أبوظبي - دبي - قطر - البحرين - الشارقة - عجمان - الفجيرة - راس الخيمة - أم القوين" اجتماعها التاريخي في مدينة دبي ... على أن يعلنون استقلالهم الرسمي والنهائي بطلب من بريطانيا بولادة "الإمارات العربية المتحدة - 9 مشيخات" ... فرفضت "البحرين وقطر" هذا الإتحاد بسبب من سيحكم هذا الإتحاد وعلى أي أساس ومن هو ولي العهد وكيف ستكون الإدارة المالية وخلافات عديدة أدت إلى انسحاب عضوين من الإتحاد فأصبحت 7 إمارات بدلا من 9 ... وبشكل محدد كانت قطر تركز بقوة على الإدارة المالية بيد من ستكون أما البحرين فكانت مصرة على أن تكون المنامة هي عاصمة الإمارات وليس أبوظبي ... وفشلت كل المساعي للوحدة وكانت الكويت وممثلها وزير الخارجية الشيخ "صباح الأحمد الجابر الصباح" مشاركا بفعالية في كل الإجتماعات والمباحثات وكان يدعم توجه البحرين على أن تكون هي عاصمة الإمارات الـ 9 وثبت الوثائق البريطانية التاريخية القديمة بسهولة حجم ووزن وثقل ودور الكويت في استقلال تلك الدول حتى لا تضيع عليهم جميعا الفرصة التاريخية بل كانت الكويت هي المحرك الرئيسي لهذا الإتحاد ... وفي نفس الوقت كان الأمر بمثابة إنقاذا لعُمان من الغضب العربي عليها وفي نفس الوقت موقف الكويت كان حماية ودعم لحكم "البوسعيدي" وهم في أضعف حالاته التي لم يسبق لها مثيلا وخوفا من غدر شاه إيران من استغلال المواقف المضطربة في الإتحادات الـ 9 والضعف العماني ... فقرر المشيخة السبعة المتبقين "أبوظبي - دبي - الشارقة - عجمان - رأس الخيمة - أم القوين - الفجيرة" إعلان اتحادهم الرسمي والدولي بعد انتزاع الكويت التعهدات الدولية بالإعتراف الدولي لاستقلال تلك الدول وتحديدا من قبل "بريطانيا - فرنسا - أمريكا" ونجاح الكويت بتحييد وإبعاد "العراق وإيران" عن الأمر برمته ... وبالفعل أعلن عن هذا الإتحاد بتاريخ 18-7-1971 وبعدها بثلاثة أشهر انظمت إليهم "رأس الخيمة" وأعد وكتب دستورهم الفلسطيني "أحمد عدي البيطار" الذي توفى في دبي بعد إعلان الإمارات بسنتين ... وأعلنت البحرين استقلالها في 15-8-1971 ثم بعدها بشهر أعلنت قطر استقلالها في 3-9-1971 أي الإمارات ثم البحرين ثم قطر في شهر 7 ثم 8 ثم 9 من نفس السنة 1971 ؟

أين دور وفضل الكويت في الأمر ؟

جئنا الأن إلى دور الكويت الذي لم يكن أساسي فحسب بل محوري ومؤثر جدا في هذا الإتحاد ... وأول ملاحظة أرميها بين أياديكم هي أن كل المراسلات التاريخية في "الأرشيف البريطاني" تمتلأ لدرجة صادمة بمرسلات وبرقيات سرية بين سفارات وممثلين بريطانيا في منطقة الخليج العربي عن الكويت ودور الكويت والإسم الأبرز والمُستيّد في كل المراسلات كان إسم وزير خارجية الكويت الشيخ الراحل "صباح الأحمد الجابر الصباح" ... وبدأ دور الكويت في محاولات إقناع سلطان عمان "قابوس بن سعيد" بأن الإمارات المتصالحة التي تحدثنا عنها أعلاه يمكن أن تشكل خطرا ماحقا وتهديدا حقيقيا مباشرا على حكم البوسعيدي كله إن قررت الدخول في حرب ضد السلطنة + صراع الحدود بين السعودية وعُمان كان لا يزال مشتعلا ويمكن أن تشكل السعودية خطرا أكبر إذا ما اشتعلت الحرب وتحل الفوضى في كل مساحات عمان بدليل أن أخر اتفاقية حدود تم توقيعها بين السعودية وسلطنة عمان كانت في 24-3-1990... ناهيك أن سلطنة عمان في تلك الحقبة وتحديدا في "ثورة ظفار" التي دامت 14 عام وتحديدا من سنة 1962 إلى 1975 كانت عُمان في أضعف حالاتها وأضعف اقتصاد وأضعف قرار ناهيك أن الثوار العمانيين بعضهم كان يتدرب في سوريا وفي اليمن الجنوبي ومصر ... وحتى تعرف وتتأكد عن حجم الضعف العماني آنذاك فانظر لمساحة الإمارات اليوم مساحة طاغية يستحيل أن تأخذها "مشيخة أبوظبي" وبهذه المساحات الشاسعة إلا بوجود ضعف عماني لا مثيل له في كل تاريخها السياسي ... زاد من الضعف أكثر هو إعلان بريطانيا الانسحاب من مناطق نفوذها في دول الخليج مما قد تُفتح جبهة حرب أخرى أكثر دموية من ثورة ظفار ناهيك عن أطماع "سعودية ويمنية" بمزيد من أراضي الإمبراطورية العمانية السابقة في وقت أصبح الجميع يمزق الأرض العمانية ويستولي عليها فخسرت 70% من مساحتها العملاقة ... فاستسلمت سلطنة عمان للأمر الواقع ولظروف المنطقة آنذاك وإنقاذا لحكم "البوسعيدي" والتاريخ والعقل والحكمة وأخذت بنصيحة الكويت وبريطانيا التي كانتا تتشاطران نفس الرأي "إنقاذ ما يمكن إنقاذه" ... وليس هذا فحسب فقد كان هناك المعارض السياسي العماني "غالب بن علي الهنائي" الذي رفض مبايعة "السلطان قابوس بن سعيد" ورفض الإعتراف به كحاكم ولجأ إلى السعودية للعمل من داخلها لإسقاط حكم "البوسعيدي" وقام بجولات عربية واسعة لدعم قضيته واستقبله رؤساء الدول العربية في "مصر وسوريا وليبيا والجزائر" وغيرها لدعم قضيته وإسقاط حكم "البوسعيدي" وطرد بريطانيا من عُمان ... الصورة أعلاه تجمع الرئيس المصري "جمال عبدالناصر" والمعارض العماني "غالب بن علي" في 1964؟

قادت الكويت آنذاك وتحديدا وزير خارجيتها سمو الشيخ الراحل "صباح الأحمد الجابر الصباح" في عهد الحاكمين الشيخين "عبدالله السالم وصباح السالم" حراكا سياسيا استثنائيا بكل المقاييس ويكاد يكون أسطورة من هول ما سطرته الوثائق البريطانية في أرشيفها ... فقام الشيخ صباح الأحمد بجولات مكوكية واسعة النطاق من الكويت إلى أبوظبي إلى دبي إلى قطر إلى البحرين إلى الشارقة إلى عجمان إلى بريطانيا إلى العراق إلى إيران إلى السعودية إلى عُمان وكل تلك الرحلات الكويتية وثقها "أرشيف الوثائق البريطانية" والتي تثبت دور الكويت الرئيسي والفعال بنيل الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين استقلالهم جميعهم حدث بفضل الجهود والمساعي الكويتية ... والتي أدت إلى نجاح الكويت بنيل الإمارات استقلالها وثبيت حكمهم وحكم قطر والبحرين وبعدها بدأت مرحلة أخرى من العمل الكويتي أكثر كثافة من ذي قبل ... وتتحدث الوثائق البريطانية على أن خلاف البحرين وأبوظبي على أن عاصمة الإمارات الـ 9 يجب أن تكون في البحرين بينما رأت أبو ظبي أن التهديدات الإيرانية للبحرين قد تشكل خطرا على الإتحاد بشكل عام لكن عقدت اجتماعات بين الأعضاء الـ 9 في قطر وفي دبي وفي أبوظبي في 1969 ... وكان دور وزير خارجية الكويت الأمير الراحل "صباح الأحمد الجابر الصباح" فعالا بشكل كبير وكبير جدا وهذا ما كشفته الوثائق البريطانية التاريخية والتي سأضع بعضها من باب التوثيق التاريخي للموضوع ... ومنذ أربعينات القرن الماضي والكويت تقف مع الإمارات الـ 9 سياسيا وماديا لكن بعد اعتراف الأمم المتحدة بدولة الكويت كدولة مستقلة ذات سيادة بتاريخ 14-5-1963 في القرار الأممي رقم : 1872 وأصبحت وقتها العضو رقم 111 في الأسرة الدولية ... وقتها انطلقت الكويت بقفزات سياسية نوعية استثنائية في حقبة تاريخية جديدة فبدأت بإنشاء المدارس وتزويدها بالملابس والكتب وكل المستلزمات والمستشفيات والمستوصفات وتزويدها بكل النواقص في الإمارات التي طلبت مساعدة الكويت ... ثم إنشاء تلفزيون الكويت الذي كان يعتبر ثالث تلفزيون في التاريخ العربي الحديث "الكويت - مصر - العراق" وأطلق عليه "تلفزيون الكويت في دبي" في أول بث له تم في سنة 1969 بالإضافة إلى إنشاء محطة إذاعة دبي ناهيك أن الكويت كانت تزود البحرين وقطر وباقي الإمارات بكل ما يحتاجونه ... ولا يستغرب الكثير منكم في معلومة ربما يعرفونها لأول مرة وهي أن رواتب موظفي وزارة الخارجية في بدايات استقلال الإتحاد 7 + 2 كانت تدفعها الكويت من خزينتها ثم شاركتها السعودية بالدفع ثم توقفت الإمارات السبعة وقامت هي بسداد مصاريفها وتمت "عُمان والبحرين" يعتمدان لسنوات طويلة على الكويت بتسديد رواتب هيئاتها الدبلوماسية الخارجية ... بالإضافة إلى أن مشيخة الإمارات قبل استقلالها في كانت تتقاضى مبالغ مالية كمساعدات من الكويت بشكل مباشر وكانت المبالغ تقدم لهم نقدا بحكم أن في ذاك لوقت لم تكن لديهم "بنوك وشيكات وحوالات" ... ولا يمكن إغفال دور الكويت بمساعدة عُمان بالمشاريع التنموية ومساندة حكم "السلطان قابوس بن سعيد" في بدايات سنين حكمه ؟

في توثيق أخر أكثر دقة للأحداث والتواريخ في دور الكويت الرئيسي بولادة الإمارات وفي كتاب للدبلوماسي الكويتي العريق "عبدالله يعقوب بشارة" في كتابه "مشاهدات عبدالله بشارة بين الخارجية والأمم المتحدة 1964 - 1981" الذي صدر هذا العام 2021 فيقول : في أغسطس 1967 قام معالي الشيخ صباح الأحمد بزيارة إلى طهران وقابل الشاه كما قابل وزير خارجيتها أردشير ‏زاهدي وكانت أبرز القضايا التي أثارها الشيخ صباح هي الخليج والبحرين وشعر بأن هناك مجالا للتفاهم‏ ... وصار معالي الشيخ صباح بعد زيارته إلى طهران يعمل على خطين يحاول أن يؤمن لهما مسارا واحدا يؤدي إلى حل ‏المعلقات تشكيل اتحاد الخليج وحل موضوع البحرين مع إيران ... "تشكيل الإتحاد" اتسعت الأفكار نحو تشكيل اتحاد من تسعة إمارات يتشكل من الإمارات السبع بالإضافة إلى قطر والبحرين برزت ‏هذه الأفكار في فبراير 1968 واستكمالاً لتنفيذ هذا المشروع التساعي التقى حكام الإمارات التسع في دبي بين 25-‏‏27 من فبراير 1968 ... وحضر الإجتماع جميع حكام الإمارات وجرت المداولات حول صلاحية المجلس الأعلى المكون من حكام الإمارات ‏التسع والذي سيشرف على شؤون الاتحاد ... ‏وحول هذا الموضوع يسجل المرحوم بدر خالد البدر ممثل سمو الأمير لشؤون الخليج آنذاك في كتابه "رحلة في قافلة ‏الحياة" بأن الكويت رأت إيفاده إلى دبي بعد اللقاء التساعي وأنه قابل الشيخ راشد بن سعيد حاكم دبي ثم قابل الشيخ ‏أحمد بن علي آل ثاني حاكم قطر الذي انتقد اتفاق الحدود بين أبوظبي ودبي وأن المملكة العربية السعودية وقطر ‏تتخوفان من امتداد نفوذ الشيخ زايد بسبب قدرته المالية ... كما ذكر السفير بدر الخالد بأنه قابل الشيخ زايد يوم الخامس ‏من مارس 1968 وكان الشيخ زايد متفائلاً بانضمام الإمارات الباقية للاتفاق الثنائي بين دبي وأبوظبي ... في ذلك الوقت بدأت المواقف تتضح في الميل نحو اتحاد سباعي بين الإمارات المتصالحة وفق التعبير البريطاني دون ‏قطر والبحرين ...‏ وهنا تحرك معالي الشيخ صباح بمبادرة لزيارة المنطقة في 23 من يونيو 1968 قبل اللقاء المقترح للمجلس الأعلى ورافقه في الزيارة السفير بدر خالد البدر ود. وحيد رأفت وكاتب هذه "بشارة" ومن البحرين ذهب الوفد إلى قطر ‏ومنها إلى أبوظبي ومنها إلى دبي حيث تم عقد اجتماع لجميع الإمارات لمناقشة الإجراءات التي يجب اتخاذها مثل ‏اختيار رئيس للاتحاد ومجلس تنفيذي وعاصمة للإتحاد وإقامة الهيئات الضرورية للعمل ... كان التباعد واضحا في غياب الحماس بين الإمارات السبع لتشكيل اتحاد تُساعي يضم البحرين وقطر لمسببات كثيرة ‏أبرزها الإنفصال الجغرافي والتباين في المواقف في مستوى الحياة ... عاد الشيخ صباح والوفد إلى الكويت في 27 من يونيو مرورا بالدوحة والبحرين لإبلاغهما بالحصيلة في دبي ‏وأبوظبي ... ‏عقد المجلس الأعلى للإمارات التسع اجتماعاً في مدينة أبوظبي يومي 6-7 من يوليو 1968 وناقش تشكيل اتحاد مؤقت ‏‏"حكومة الإتحاد" واتفق على الأسماء المقترحة حيث أصبح الشيخ خليفة بن حمد ولي عهد قطر رئيساً لمجلس الإتحاد ‏يعني "رئيساً للوزراء" ... ‏ومن هذا التطور أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية البيان التالي "اتخذ حكام الخليج قراراً بإقامة اتحاد فيما بينهم ‏ومن ضمنه جزر البحرين وأن هذا يعتبر أمراً لا يمكن قبوله من جانب الحكومة الإيرانية إذ تعتقد حكومة الشاه أن ‏تشكيل ما يسمى بالإتحاد وفي الظرف الراهن وبوحي وتخطيط من الإستعمار يشكل امتداداً لسياسته المفضوحة ‏البالية وقد أبرز الإستعجال والتسرع في إقامته طبيعته الإستعمارية وطابعه كأداة مفروضة" ... جاءت هذه الخطوة من إيران لتزيد من قناعة الراغبين في اتحاد يتكون من سبع إمارات لتحاشي المشاكل الإقليمية في ‏بداية عمر الاتحاد ... ‏وفي ضوء هذا الموقف الإيراني المعترض توجه معالي الشيخ صباح إلى بيروت في الأول من أغسطس 1968 ومنها إلى طهران والتقى مع الشاه وحمل انطباعاً إيجابياً حول البحرين رغم بيان وزارة الخارجية الإيرانية المعارض ‏للإتحاد التساعي "تسع دول" ... ‏ورغم هذه التعقيدات عقد مجلس الإتحاد التساعي "رئاسة الوزراء" أول اجتماعاته في الدوحة برئاسة الشيخ خليفة بن ‏حمد آل ثاني بين يومي 8-9 من سبتمبر 1968 واختار الشيخ مكتوم بن راشد ولي عهد دبي نائباً لرئيس المجلس والسيد ‏يوسف الشبراوي ممثل البحرين مقرراً ...  ‏وفي 20-22 من أكتوبر 1968 واستكمالا للإتصالات عقد المجلس الأعلى "للإمارات التسع" اجتماعه في دورته الثانية ‏في الدوحة عاصمة قطر كان يضم جميع الحكام وتم الإتفاق على تشكيل جيش موحد مع حق كل إمارة في الحفاظ ‏على قواتها للمحافظة على الأمن الداخلي ... ‏ويستمر التواصل بين الكويت والمسؤولين في الإمارات التسع لتأمين استكمال الترتيبات الخاصة بالإتحاد‏ ... ثم عقد الإجتماع الثالث للحكام التسعة في مدينة أبوظبي في 10-14 من مايو 1969 وبحث إنشاء مجلس شورى ‏للإتحاد وهنا برز الخلاف على توزيع النسب لكل إمارة فطلب وفد البحرين بأعلى نسبة باعتبار أن البحرين لديها أكبر ‏عدد من المواطنين ولم ينجح اللقاء وتم تأجيل الموضوع ‏... في 21 أكتوبر 1969 سافر الشيخ صباح إلى أبوظبي - للمرة الثالثة - للإجتماع بأعضاء المجلس الأعلى ‏التُساعي خلال اجتماعهم الرابع في مدينة أبوظبي وضم الوفد السفير بدر خالد الخالد ود. وحيد رأفت وكاتب هذه ‏السطور "بشارة" وقد حمل معالي الشيخ دعم الكويت للإتحاد والتأييد المطلق لكل ما يرونه مع استعداد د. وحيد رأفت للإسهام ‏بما يريدونه في الجوانب القانونية "انتهى الإقتباس" ؟‏

ومن أفضال الكويت على الإمارات الأزمة بين "الإمارات وسلطنة عمان" التي كادت أن تحدث صراعا واسعا في 2011 وتكررت في 2019 التي وأدت الكويت الفتنة بين الأشقاء قاد التحرك الكويتي سمو أمير البلاد الراحل "صباح الأحمد الجابر الصباح" طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته ... ومؤسف حقا أن إعلام دبي يحجب الحقائق ولا يذكر أن توسعة "خور دبي" كان سببه الكويت التي قدمت 700 ألف جنيه إسترليني كقرض لتوسعته وتطويره في سنة 1952 ولفقوا الأمر على أن نصف القرض من بريطانيا ونصفه من تجار دبي وكأن دبي في ذاك التاريخ كان فيها تجار ذوو ثقل اقتصادي !!! ... ولا يوجد دور أكثر من أدوار تجار الكويت الذين وجدوا أرضية مناسبة لنمو تجارتهم وكانوا السبب الأول بنهضة دبي عندما تربعوا فيها وأقاموا المشاريع والشراكات الإقتصادية من سنة 1980 ثم قفزت ونهضت دبي عندما كشف الكويتيين استثماراتهم منهم كبار تجار الكويت "الصقر - المساعيد - الغانم - بوخمسين" وغيرهم ... وهل يستطيع أحدا أن ينكر أن الكثير من العمانيين والكثير منهم أصبح إماراتيا هل ينكرون أنهم كانوا يعملون خدما في بيوت الكويتيين وعمال في الأسواق والمحلات التجارية ؟ ... وهنا انتبهوا جيدا ذكرت تاريخ وذكرت عمال وخدم وليسوا عبيدا أي كانوا يعملون بعمل شريف وهذا الأمر بالمناسبة ليس عيبا لكني أسوقه لضرب النفوس النرجسية ... وهل يستطيع المسؤلين الإماراتيين إنكار كم مرة تدخلت الكويت وسعت فعليا للمصالحة في أزمات عاصفة بينها وبين "عُمان وتركيا والمغرب وقطر وإيران" ؟ ... وهل يستطيع مسؤلين الإمارات أن ينكروا الكم المهول من النصائح الكويتية لها بعدم الدخول في أزمات وملفات لا لزوم لها وستؤثر على الإمارات كسياسة وسمعة شعبية وإقليمية ودولية ؟ ... وفي الختام يتضح جليا أن الكويت كانت سيدة أفضال وليس فضلا على الإمارات وحكامها وتاريخا بل كانت الذراع الرئيسي باستقلال الإمارات ونشأتها ونهضتها سواء كدولة وسياسة وحكومة أو من خلال رجال الأعمال الكويتيين ... وليس أكثر من دليل على ما أسوقه إليكم أكثر من اعتراف رسمي علني من وزير خارجية الإمارات الشيخ "عبدالله بن زايد آل نهيان" شاهد تغريدته بتاريخ 21-8-2012 ... ولأن الإمارات علمتنا أنها كل يوم في حال ورأي فهل لا تزال تحفظ وتتذكر حسن صنيع وأفضال الكويت عليها أم اليوم تغير كل شيء ... والحقيقة التاريخية التي يجب أن يتوقف عندها الجميع ووثقتها الصحف والوثائق البريطانية التاريخية القديمة هي أن : الكويت هي صاحبة الفضل الأول بقيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة واستقلالها واستقلال البحرين وقطر ودعم الكويت السياسي والإقتصادي لجميع دول الإتحاد الـ 9 ثم أصبحوا 7 + 2 ... وهذا هو تاريخكم وتاريخنا فإن نفيت أو كذبتنا فإن وثائق الأرشيف البريطاني والكتب التاريخية والشهود والأحداث لن تستطيع أن تكذبها وتكذب توثيقها لدور الكويت بولادة دولكم ... أما شعوبكم الكريمة تصدق أو لا تصدق فهذا شأنهم وشأن من لا يريد أن يبحث ويقرأ ويفضل أكاذيب الكتب المدرسية التي تغسل العقول وتمحي تاريخ عليه من البراهين والأدلة ما يخرس لسان كل كذاب ونرجسي ومزور للتاريخ  ... كان هذا الجزء من سلسلة الموضوع سيرة عمان من الولادة حتى السقوط وولادة الإمارات التسعة ثم أصبحت سبعة واستقلالهم واستقلال البحرين وقطر والدور المحوري للكويت في هذا الحراك المتشعب النادر الحدوث ... وقد يتسائل الكثير منكم أين دور السعودية في تلك الفترة ؟ سؤال صحيح ومستحق ... في تلك الفترة دور السعودية كان ضعيفا جدا بسبب الشعبية الكاسحة للرئيس المصري "جمال عبدالناصر" والذي كان العدو اللدود للسعودية وسعية فعليا لإسقاط حكم "آل سعود" هناك وتحويل السعودية من مملكة إلى جمهورية ... وزج بثلث الجيش المصري في اليمن وأسقط الملكية هناك فتحجم حجم السعودية ونفوذها في المنطقة آنذاك مع الإنتباه أن في تلك الفترة شعبية "عبدالناصر" كانت كاسحة طاغية في الوطن العربي ومن السهل أن يحرك شعب ضد حاكمه أو بالمؤكد جزء كبير من الشعب وهذه النقطة أي نقطة الشعوب تعتبر من التاريخ المؤسف للجهل العربي وسهولة استغلاله واستغفاله وتوجيه وتطويعه ... مما دعى الكويت إلى أن تأخذ بزمام المبادرة فصنعت ما صنعت ونجحت نجاحا باهرا يكاد يكون مستحيلا لكن الجميع اليوم يرونه واقعا ؟


رسائل تاريخية من الأرشيف البريطاني

الكويت. 24 فبراير 1968

زيارة وزير الخارجية الى العراق

أبلغنا في برقية رقم 77 بتاريخ 19 فبراير أن الشيخ صباح الأحمد سيزور العراق في 20 فبراير ... عاد إلى الكويت في 21 فبراير بعد يوم واحد هناك ... من الجدير بالملاحظة من الزيارة انتهز الشيخ صباح الفرصة بحزم لنفي الشائعات التي توحي بتشكيل اتفاقية بين الدول المطلة على الخليج وشدد على أن التعاون ضروري لاستقرار المنطقة وأعلن أن الأمير سيزور العراق في أقرب وقت مناسب ... ومع ذلك أخبرنا بدر الخالد مدير المكتب العام للجنوب والخليج العربي أن الزيارة كانت تهدف إلى إبقاء العراقيين على اطلاع كامل بالمحادثات التي أجراها الشيخ صباح بشأن الخليج في محاولة منع أي معارضة قد يطورونها تجاه الأحداث هناك وكان الشيخ صباح قد أخبرهم أن الكويت لا تريد اقتراح حلول بل ترك الأمر لدول الخليج لاتخاذ قرارها بشأن مستقبلها كان العراقيون قد وافقوا على وجهة النظر هذه .

وزارة الخارجية والتعاون الدولي 8/146




اتصالات سرية عن طريق الحقيبة

الدوحة إلى مكتب خارجي تسلم في

المحفوظات رقم 5 Telno. 17 الادخار

28 يونيو 1968

25 يونيو 1968

موجهة إلى برقية ريزيديني بحرين رقم 16 بافينج المتكررة لتوفير المعلومات للكويت (25 8) ، مكتب فوريرا (278). وكالة البحرين (50 ج) ، دبي (24 8) ، أبو ظبي (268). (3). برقية الكويت رقم 266 تاريخ 22 يونيو إليكم : زيارة وزير الخارجية الكويتي .

وصل الشيخ صباح إلى هنا في 24 جين وغادر صباح اليوم متوجهاً إلى أبوظبي يبدو أنه قد يزور دبي غدا ويعود إلى الكويت في اليوم التالي مع توقف الترانزيت في الدوحة والبحرين ... أخبرني حاكم ديباتي اليوم أن زيارة الشيخ صباح كانت مفيدة للغاية كان الموضوع بالطبع V.A.E. وبدا أنه واثق من أن اجتماع 1 يوليو سيعقد وقال إن البحرين وقطر بفضل الزيارة اتفقتا على المقترحات التالية

للأشهر الستة القادمة من اجتماعات المجلس الأعلى سيعقد المجلس في كل ولاية على التوالي ... رئيس مؤقت للمجلس الأعلى يتم تعيينه خلال هذه الفترة ... سيتم إنشاء مجلس اتحادي للتنفيذ قرارات المجلس الأعلى ... سيتم تعيين مستشار خبير يساعده اثنان آخران لوضع ميثاق في غضون ستة أشهر ... وأعرب نائب الحاكم عن أمله في أن توافق أبوظبي على هذه المقترحات أيضا وأعرب عن أمله في أن يتم الاتفاق الكامل ... إذا افترضنا أن أبوظبي وافقت أيضًا على مقترحات الشيخ صباح فيبدو أن اجتماع الحكام سيعقد حسب الترتيب ولا أطلب الآن من نائب الحاكم القيام بزيارة خاصة لرؤية الشيخ زايد قبل انعقاد الإجتماع ... السيد بويل .





يتبع الجزء الرابع ... قطر - مصر 



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم