2024-03-03

حظائـر الحكـــام الحميـــر 3

 

لو راجعت كتب التاريخ القديمة وتحديدا في الإمبراطوريات القديمة في "الصين - كوريا - اليابان - اليونان - روما - الفرس - المغول - إلخ" ... ومن ثم أسقطت التحليلات والنتائج السابقة على الدول ما بعد 1920 ستكتشف التالي

أولا : 90% من تغيير خرائط الحدود السياسية في العالم جرت في المنطقة العربية حصريا و 10% جرت في باقي دول العالم .

ثانيا : طبيعة العالم تغيرت تماما بعد سنة 1920 فما قبل سنة 1900 كانت الغزوات تسمى فتوحات وهي السيرة الممتدة لآلاف السنين لعرف الطبيعة البشرية والسياسية والإجتماعية فتُحتل أراضي وتُضم الأراضي للدولة الأخرى الغازية وينظم الشعب طائعا أو صاغرا .

ثالثا : الحرب العالمية الثانية التي انتهت في 1945 نتج عنها أوروبا محطمة مدمرة تجر خلفها الديون ضعيفة عسكريا فتغيرت سياسة الغزوات والإحتلال إلى سياسة "السيد من بعيد" أي التحكم السياسي بعصا الإقتصاد بقرارات الدول الأخرى بشكل غير مباشر عبر تنصيب حكام موالين لسياساتهم .

رابعا : كل حاكم سقط وكل نظام حكم سقط منذ الدولة البابلية والفرعونية وصولا إلى يومنا هذا جميعهم كان لديهم جيش وشرطة وجواسيس وأجهزة أمنية وحرس ملكي ومستشارين ومنافقين قوّالين أي من ينشرون الشائعات ليتحكموا ويسيطرون على المجتمعات ... جميعهم سقطوا رغم ما كانوا يملكون من أجهزة أمنية مرعبة متوحشة كالثور بلا عقل ولم يفهم أحد بعد الأسباب رغم أنها ظاهرة ظهور الشمس .

خامسا : بنسبة لا أبالغ فيها لكن بعد بحث طويل ثبت بالدليل الذي لا يقبل الشك أو اللبس أن ما لا يقل عن 90% ممن حكموا الأمم والشعوب منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا لا أحد يعرف مكان قبورهم وبالمطلق لا أحد ولم يتعظ أحد ولم يفهم أحد الأسباب .

سادسا : التعداد السكاني لم يعرف التسارع والتكاثر إلا بعد سنة 1900 حيث قدر العلماء تعداد البشرية آنذاك بـ 1.9 مليار نسمة أي مليار و 900 مليون نسمة لا أكثر ... وكلما عدت للوراء أكثر كلما قل تعداد البشرية أي أن في سالف الأزمان ممن حكموا كانوا يحكون القلة من الشعوب والمجاميع والأمم وليس كما في أيامنا هذه .

"حظائـر الحكـــام الحميـــر" تتجلى أن الأخطاء البشرية لا تزال تتكرر وتكرر دون تغيير في عميق الأمور لكن باختلاف الوجوه وتطور الظروف وتغير الزمان والغباء واد والنرجسية واحدة والحماقة واحدة والحكمة والبصيرة هي النادر والإستثناء ... لكن الفعل واحد والتكرار واحد والشخصية المريضة واحدة ... وكمثال واقعي في "النقطة الرابعة" أعلاه لا يزال الغباء يتكرر قمع قتل تعذيب سجن قضاء فاسد بطانة فاسدة أمن من الجهلة ومرضى السلطة ... كل هذا وأكثر يتكرر والسؤال لا يزال قائما : ألم تتعلموا ممن سبقكم ؟ ألم تتعظوا ؟ لماذا لا يوجد تطوير حتى في الوحشية وإرهاب الدولة ؟ ... والسخرية في الأمر حقا أن السواد الأعظم من حكام والأمس واليوم يعلمون يقينا أن شعوبهم لا تحبهم ولا تحترمهم إنما القوة القهرية هي التي تجهل الرعية تخرس ... ويقينا كم من حاكم يوم مات فرحت رعيته ولعنوه لعنا عظيما وهو في جنازته حتى لم ينزل بعد إلى قبره ... وكم من حاكم حزنت عليه الرعية حزنا عظيما تقديرا لما قدمه لوطنه ولشعبه ... إذن "العدالة النسبية" وقواعدها موجودة وليست غائبة بين البشر لكن هناك من يحوّلون الحاكم أو رئيس الدولة أو الملك إلى دمية يحركونه بأطراف أصابعهم ... والحمــــــار الحاكم يظن في نفسه أنه مسيطر ويملك زمام الحكم لكن في الحقيقة ما هو سوى دمية بالية بيد مستشاريه أو بيد قوى خارجية ... ونعود لنفس النقطة التي تتكرر مرارا وتكرارا في مشهد ممل : هل القوة المفرطة والدكتاتورية وقمع الرعية وفساد القضاء الخسيس وتلفيق التهم واستنطاق المتهم أجعل حاكما مخلدا ؟ أجعل نظام حكم مخلدا ؟ ... الجميع انتهوا والغريب بل والمدهش في الأمر كيف اختفت سلالتهم وأسرهم ولم يبقى لهم ذكرا وذابوا بين البشرية كأنهم لم يولدوا أصلا ... { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا } مريم ؟

من أسباب الغبــــاء : الثقة المفرطة بالنفس - تعظيم الذات وصناعة الفوقية - انعدام السيطرة على الإنفعالات سواء فرح أو حزن أو غضب أو سخرية - صناعة غياب الوعي المتعمد هربا من الواقع والحقيقة ... والغباء منتشر بين عوام الناس بطبيعة الحال ومنتشر أيضا بين رجال الدولة وصولا حتى إلى معظم الحكام قديما وحديثا ... والحقيقة العلمية أنه لا يوجد إنسان غبي لكن يوجد إنسان يرفض استخدام عقله ويجهل عظمة إرادته في احدى نعم الخالق عز وجل للإنسان وهي نعمة العقل الذي لا تساويه كنوز الأرض ... ولذلك ربكم سبحانه وتعالى إذا أراد بسلالة حاكمة الهلاك أو بنظامه الزوال أجلس على كرسي الحكم من هو أكثر حماقة أو سفاهة أو غبــــاء ... ليبدأ السفيه الغبي بقرع جرس إعلانا عن بداية النهاية لسلالة الحكم فيُوغِل بالقتل ويفرط بالقمع ومنع الحديث والتفكير بين الرعية وينشر الفواحش في المجتمع كالخمر والمراقص والدعارة ويفقر الناس ويشارك التجار في تجارتهم فترتفع الأسعار ويتضخم الاقتصاد وترتفع ديون الدولة ويأتي بأكثر الناس وضاعة وخسة فيعينهم قضاء ليحكموا بين الرعية بالظلم لا بالعدل ... فيفقد الجيش ثقته بالحاكم وتنهار معنوياته فيصبح الألف رجل كرجل واحد وجيش 100 ألف يمكن أن يهزموهم 5.000 مقاتل ... ويكمل السفيه حكمه بفرط الإنفاق على ملذاته وشذوذه والبذخ الشيطاني على المنافقين والأفّاقين وكبار قادة الشرطة الموالين فتفرغ خزائن الدولة فيذهب للإستدانة من الخارج وفرض الضرائب على الرعية وتُعربّد أسرته في الناس كل يمشي بين الرعية بموكب ولسان حاله يقول "أنا ربكم الأعلى - الدولة ومن عليها ملكا لنا" ... وهذا قد حدث بالفعل في سابق الأزمنة ولا يزال يحدث حتى يومنا هذا ولم يتعظ أحدا ولا أحد يريد أن يتعظ اليوم إلا ما ندر من "بعض" الدول دون ذكر أسمائها ؟

ولو رويت لكم من هو مؤسس "الإتحاد السوفيتي" الطاغية الراحل "فلادمير لينين" ومن بعده الطاغية "جوزيف ستالين" ماذا فعل هؤلاء المجانين لأدركتم أن في العالم مجانين فعلا مرضى نفسيين مختلين عقليا حقا جلسوا على كرسي الحكم ... والمتطوع المجند الجندي "أدولف هتلر" كيف كانت بدايته وإلى أين وصل وماذا فعل وهو أصلا لم يكن ألماني الأصل والنسب والمولد أيضا لأدركتم يقينا أن هناك مجانين ومختلين نفسيا وعقليا حقا وصلوا لسلطة الحكم في ظل شعوب منهارة معنويا جاهلة ثقافيا دمى سياسية ... والفقير المُعدم الذي كان يعيش على الصدقات ودرس على المعونات كـ "صدام حسين" وطغيانه لأي درجة كان فوصل لحكم السلطة والشعب وكان مختلا نفسيا وعقليا ولصا وأحد أكبر الكذابين في العراق بلد النفاق والرياء وعشق الدماء ... و "معمر القذافي" الذي كثيرا وكثيرا جدا ما طعن وتطاول على الذات الإلهية جهارا نهارا وعلنا حتى جن جنونه فوصف نفسه بأنه "ملك ملوك أفريقيا" في 2008 ... وحكام أمريكا بعد سنة 1975 وحتى اليوم كم كانوا قتلة إرهابيين لصوص وكم استغلوا الديمقراطية لتنفيذ مخططات شيطانية ... كل هؤلاء القتلة الإرهابيين المختلين نفسيا وعقليا جميعهم استخدموا الدين كشعار وبوابة لرايات الكذب لتبربر أفعالهم الخسيسة ... وانتبه هناك كذبة قديمة وطويلة ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا وهي : أن الحاكم هو الدولة والولاء يجب أن يكون للحاكم أولا وليس للدولة وأن من يبدي رأيا معارضا منطقيا مشروعا يعتبر خائنا للوطن واحذر وانتبه إن سقط الحاكم سقطت الدولة وأنتم أيها الرعية ستفقدون الأمن والأمان والإطمئنان ... لكن لم يخبركم أحد عن التاريخ سقط آلاف الحكام منذ آلاف السنين لم يتغير شيء في العالم والبشرية مستمرة !!! ... هذا التناقض المستمر منذ آلاف السنين هو نفس المرض النفسي المستمر حتى يومنا هذا مع الأسف دون وعي دون تحديد حتى من الحاكم الصالح من الحاكم السفيه المختل عقليا في حالة من عمى البصيرة ؟

كل ما سبق وأكثر بكثير جدا ليثت بالأدلة والواقع أنه ليس بالضرورة أن كل حاكم عافل حكيم وسوي ولا يعني أن كل من حكم أنه مخلص وأمين على الدولة وأسرارها وحريص على رعيته ... بل قد اختصرت الكثير من حالات الخيانات والعمالة للخارج مثال  ... وهذا أصلا لم أفتح سجل ما قبل التاريخ ماذا كان يحدث في "جزيرة العرب" وحالهم وسياساتهم وكيف كان جزءا يدفع الجزية لبلاد الفرس من أهل الخليج حاليا وجزء كان يدفع الجزية للإمبراطورية الرومانية وهم أهل بلاد الشام وجزء كان يدفع الجزية للحبشة وهم أهل اليمن وعمان حاليا ... خذ كل ما سبق وارميه انعكاسا على حكام اليوم سواء عرب أو أجانب بكل تأكيد لن تجد اختلافا بالجنون وغياب الحكمة وانعدام الدهاء السياسي لمعظمهم والقليل ممن يملكون الرحمة وحب شعوبهم وأمانة مسؤلياتهم ... الأمر الذي بجعل قراءاتنا السياسية "في هذه المدونة بمعظمها منذ سنوات" تصيب بقراءاتها بنتائجها والسبب أن من يتواجدون في السلطة "معظمهم" لا يتعظون من التاريخ ولم يأخذوا سيرة من سبقهم على محمل الجد ولا العظة والعبرة وغالبيتهم حمقى وجهلة سياسة ومن تعلم فقد تعلم بعد خسائر مهينة مذلة بعدما دمر سمعة دولته الخارجية وأفقر شعبه داخليا ... وليس بالضرورة مطلقا أن من يتواجد بالقرب من الحاكم أو من بطانته يعني أنه يشاهد الحقيقة بدليل وجود أخطاء وهزائم سياسية لا تعرف لها نهاية في كل دولة وفي كل نظام حكم قديما وحديثا ... ولذلك تلك الأخطاء كالفيلم الذي تعيد مشاهدته ألف مرة دون تغيير في النص والسيناريو والإخراج ... الخطأ والذنب والإثم هم أصل البشرية كافة ولا يوجد أي استثناء ولذلك يوجد "سحر السلطة" أو "سحر الكرسي" لم ينجو منهما إلا ما ندر ... وفي الختام يجب أن يفهم الجميع أن في الدنيا لا توجد عدالة حقيقية وإن وجدت في أي نظام سياسي أو اجتماعي فهي "عدالة نسبية" وليست مطلقة فالعدالة المطلقة بيد الخالق عز وجل سبحانه ... لتستمر مغامرات وحماقة "أغلب" الحكام بجهلهم الفاضح دون تغيير دون تبرير دون تصحيح وكل منهم في عميق ذاته نرجسية "أنا ربكم الأعلى" بتوظيف خسيس من مطايا تجار الدين ... والموت يقف على أبواب كل منهم وزبانية جهنم بيدهم الأغلال تنظر في وجوه "سوادهم الأعظم" ... ويا ابن آدم كما جئت فردا تموت فردا وتحاسب فردا فلا سلطان ولا ملك ولا حكم ولا مال ولا أولاد ولا مركزا ولا نسبا سينفعك يوم تأتي ربك فردا ... واللهم اكفني شر عبادك وأخرجني من هذه الدنيا وأنت سبحانك راض عني يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين يا رب العالمين ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم