إن أول سلالة أنجبهم "آدم وحواء" كانوا 3 أولاد وهم "قابيل وهابيل وشيث" وفي السلالة أو الجيل الأول من نسل "آدم وحواء" وكان سيدنا نوح عليه السلام ويصنف أنه من الجيل التاسع أي قبله 8 أجداد ينتهون بآدم ... وقوم نوح عليه السلام الذين ذكروا في القرآن كلهم كانوا أهله ومن سلالته المباشرة بمعنى أدق كلهم عائلته أو أسرته أو قبيلته الصغيرة ... والقوم تعني "الجماعة" والجماعة تعني بضعة أفراد أو العشرات أو المئات لكنها لا تنطبق على الآلاف لأنه لفظ ينسحب وينطبق على "شعب - أمة - شيعاَ - إلخ" ... ومن هنا تبدأ رحلتنا في عميق سلسلتنا هذه ... فكيف أسرة أدم وسلالته الصغيرة عصو الله ؟ ومن البديهي أن "آدم وحواء" قد قصّوا وذكروا ما حدث معهم في السموات العلا ماذا حدث معهم بحكاية "الشجرة وإبليس ومعصية الله" ويقينا شاهدوا الملائكة عليهم الصلاة والسلام وعظمتهم ... وبالتالي أبنائهم "هابيل وقابيل وشيث" علموا أن الله حق وعبادته لا شك فيها ... وشيث بديهيا يجب أن يكون قد أخبر أبنه "أنوش" وأنوش قص ما سمعه لأبنه "قينان" ... وأبن قابيل "خنوخ" علم الأمر وأخبره لابنه "إراد" وهكذا ... فكيف هؤلاء القوم أو الجماعة الصغيرة جدا تمردوا على الله !!! ... وكيف نوح ابنهم وابن جماعتهم ومن صلب قومهم كان يناديهم ويذكّرهم ويدعوهم إلى الله وهم كانوا يسخرون منه مع أنهم قريبين وليسوا ببعيدين عن جدهم وجدتهم الأوائل "آدم وحواء" { ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون } هود ... إذن هذه مسألة لا يوجد لها تفسير منطقي مقنع لأنه لا توجد أدلة يمكن أن نستند إليها في تحليل السلوك البشري الأول ... مع الإنتباه أن من أبناء أدم "شيث وإدريس" كانا ممن دعا قومهم إلى الله و "إدريس" "أنس الله أو أخنوخ" وهو جد جد نبي الله نوح أي الأب الثالث لنوح عليه السلام ... وادريس هو الإبن السادس من ذرية آدم من ابنه "شيث" أيضا فشل بإقناع جماعته وقومه بالرجوع إلى الله مما يثير الأمر مزيداََ من الإستغراب وأن هناك أمراََ خاطأََ في التحليل أو الفهم في الأمر برمته !!!
تلك الفرضيات السابقة أضعها جانباََ مضطراََ لأن هناك دليل أكبر وأكثر وضوحاََ ويقيناََ يثبت أن نسل أدم الأول لم يكونوا بضع أفراد أو جماعات بل كانوا كثر ربما بمئات الآلاف وربما بالملايين ... لأن ربنا سبحانه وتعالى نقل إلينا في سورة هود قاعدة رئيسية تنسف كل قواعد البحث التاريخي في الإنسان الأول وهي الأية { ويا قوم لا أسألكم عليه مــــالاََ إن أجري إلا على الله } ... مـــــالاََ !!! هذا يعني أنه كان في النسل الأول من أبونا أدم وصولاََ إلى سلالة نوح أموالاََ والأموال تعني قوانين والقوانين تعني مقايضة أو تجارة وهذا يعني وجود مجتمعات وليس مجتمع واحد والمفهوم ينطبق على كم كبير من الناس وليس بالقليل أي نذهب بالتحليل إلى وجود قبائل في النسل الأول ... ومن هنا ندرك أسباب تمرد الغالبية من تلك القبائل التي تعود بالقرابة والنسل لحالة التمرد على الله ... الأمر الذي يأخذنا تلقائيا إلى أن البشرية كلها قد انطلقت من نقطتين لا ثالث لهما ... الأولى : أبونا أدم أبو البشرية ... الثانية : "نوح بن لامك" هو ثاني مصدر للبشرية ... فالطوفان قد أبــــاد وقضى على كل سلالة "آدم وحواء" والبشرية عادت من جديد بالتناسل والتكاثر من خلال المصدر الثاني وهو سيدنا نوح من خلال أبناءه "حام - سام - يافث" { ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا } الإسراء ... وثبت أن امرأة سيدنا نوح كانت كافرة وخانت زوجها وهي من أشاعت أنه مجنون أو ذهب عقله { ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين } التحريم ... إذن الإنسان الأول من ذرية أدم لم يكونوا مؤمنين ولم يعبدوا الله في حالة من الإنتهاك الصارخ من المخلوق العظيم لمن خلقه سبحانه وتعالى ... ثم جاء المصدر الثاني للبشرية كافة وهو سيدنا نوح عليه السلام الذي من خلاله ومن خلال أبناءه انتشر الجنس البشري ؟
في حقبة نوح لم يكن هناك تاريخ قد بدأ أو سجل أو تم توثيقه مطلقا ولم يكن هناك تاريخ قد تعارفت عليه البشرية قط وكل الأرقام التي انتشرت في الكتب القديمة كلها مجرد استنتاجات واجتهادات لا أساس لها من الصحة نهائيا ... ناهيك أن تنظيم سلالة خلق آدم ارتكز على النسل الأول وترك أفرعه بمعنى وعلى سبيل المثال المقارن "شيث" ابن أدم وأخو "هابيل وقابل" فمن ابن شيث ؟ ابنه "أنوش" وهل شيث لم ينجب سوى أنوش فقط طيلة 900 سنة من عمره ؟ الإجابة مجهولة ... ومن هنا يجب الفهم أن سرد الأنساب قديما من الواضح أنه كان يستند ويعتمد على الإبن الأول فقط وحصرياََ ويتجاهل باقي الأبناء من صلب الأب ... الأمر الذي يقفز بنا مباشرة إلى الحضارات لنفهم ماذا حدث وماذا فعل خلق الإنسان العظيم الذي سجد له كل الملائكة وماذا صنع الله به في الأرض ... والخطأ الذي وقع فيه الكثيرين من الباحثين عندما قالوا : أن أول حضارة نشأت بعد طوفان نوح وأول حضارة عرفها الإنسان كانت "حضارة بابل في العراق أو حضارة الفراعنة في مصر" ... ويقينا وقولا واحدا لا شك ولا ريب فيه أن هذا الحديث غير صحيح جملة وتفصيلا وبالمطلق لأن أول حضارة نشأت مباشرة بعد طوفان نوح عليه السلام كانت حضارة "قوم عاد" الذين سكنوا جنوب الجزيرة العربية ما بين "حضرموت في اليمن" وما بين "سلطنة عُمان" ... بدليل قوله سبحانه في سورة الأعراف { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون } ... ثم جاء من بعد عاد "قوم ثمود" كما ورد ذلك في سورة الأعراف أيضا { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين } ... وتلك حضارتين كانتا أعظم من كل الحضارات وصحيح أننا لم نراها لكن يكفينا وصف ربنا سبحانه لها في سورة الفجر { ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد } ... وهنا نكتشف أن هناك 3 أقوام في بداية الإنسان الأول تمردوا على من خلقهم سبحانه وهم "ذرية آدم الأولى" ثم قوم "عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح" ثم قوم "ثمود بن غاثر بن إرم بن سام بن نوح" ... وما بينهم جميعهم كان سيدنا نوح وأبناءه الثلاثة "حام وسام ويافث" وجميعهم شهدوا الطوفان والصراع ما قبل الطوفان وما كان جزاء من عصى الله آنذاك ... ومع ذلك تستمر حالة الكفر والتمرد على الله وانتهاكهم لنبي الله هود عليه السلام من قوم عاد وانتهاك قوم ثمود لنبيهم صالح عليه السلام ... كلها تداعيات تثير الدهشة لأقوام تطوروا بديهياََ مع تطور الزمان وبعضهم شهد بأم عينيه عقاب من عصى الله ومع ذلك أنكروا الأنبياء ونداءاتهم في نرجسية لا يمكن أن نصفها لأننا نحلل المجهول وليس بين أيدينا سوى "القرآن الكريم" المصدر الأول للخلق الأول من الجنس البشري وبالتالي نحن في حالة تفكير واجتهاد دائم ومستمر لفهم الشخصية البشرية في تكوينها لفهم أسباب تمردها لدرجة الكفر وتحدي السماء ؟
ومن ذرية آدم إلى طوفان نوح إلى عاد إلى ثمود إلى بابل إلى الفراعنة جميعهم كفروا بالله وتمردوا على السماء ... وما بين تلك الحضارات والأقوام وما بعدهم انتشرت أكثر من 25 آلهة عبدها وقدستها أقوام وأمم من دون الله ... مثل "الإله لوكي .. الأصل الدول الاسكندنافية - الآلهة شيناماستا .. الأصل نيبال شمال الهند - الإله بان .. الأصل يوناني قديم وهو إله الرعاة - الآلهة إنانا ”عشتار“ .. الأصل العراق - الإله كرونوس .. الأصل يوناني قديم - الآلهة شيلانا غيغز .. الأصل ايرلندا وبريطانيا - الآلهة إيزيس .. الأصل فرعوني وهو إله الخصب - الإله البارون ساميدي .. الأصل هايتي - الإله ديونيسوس .. الأصل يوناني قديم - الإله أبولو .. إله الشعر والموسيقى والجمال الرجولي عند الإغريق - الآلهة بيكاسوس .. فرس مجنح عرف عند العرب في جاهليتهم باسم البراق - الآلهة أبيس .. العجل المقدس لدى الفراعنة - الآلهة أنوبيس .. دليل أرواح الموتى عند قدماء المصريين - الآلهة باخوس .. إله الخمر - آلهة التنين .. الأصل أمة الصين القديمة وثعبان الأساطير الهائلة - إلخ" ... كلها أدلة لتؤكد أن الخلق العظيم الذي سجد له كل ملائكة السماء لم يكن كفؤا لعظيم خلقه وليس كفؤا لتشريف الملائكة له بالسجود ... ناهيك عن بحور من سفك الدماء التي حدثت بين الجنس البشري منذ آلاف السنين بمعارك من المستحيل عدها وحصرها ولا أبالغ إن قلت أنها بالآلاف ... الأمر الذي يأخذنا إلى الظن وفق تقديرات السنين أكرر تقديرات إلى أكثر من 10 آلاف سنة لآلاف الأقوام ومئات الأمم يعني أن هناك مئات الرسل وآلاف الأنبياء ... ويقينا لا نعرفهم ولا نعرف أسمائهم إلا حسبما ورد في كتاب الله "القرآن الكريم" والذي دلَنا ربنا سبحانه على أن هناك رسلا لم يقصهم لنا ولم يذكرهم بالإسم ولم يذكر لأي الأمم أرسلوا ومن هذه الأمم { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لــــــم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما } النساء ... ومن هنا يتجلى الحق سبحانه وتعال أنه ما يهلك قوم ولا أمة إلا من بعد أن يأتيهم نذير "نبيا أو رسولا" حتى يوم القيامة لا يكون له عذرا أو حجة على لله { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } الإسراء ؟
بعدما سبق من سرد مختر للتاريخ يتضح لدينا أن "لعنة الإنسان" فطرة وليس سلوك ولا حتى مسألة ظرفية قهرية بل الغالب على تطور السلوك البشري أنه ضحية تربية وضحية مجتمعات ساد فيها جهل العادات والتقاليد كما نظن ونعتقد ... بدليل أن من أمن بالله قلة ومن تمردوا على الله هم الأكثرية بل الغالبية والسواد الأعظم من البشرية خلال 10 آلاف سنة "تقديريا" كانوا كفارا ومشركين وعبدة أوثان ... في تاريخ طويل جدا ارتبط ارتباطا وثيقا حقيقيا بمثلث "النساء - المال - السحر" بدليل لا يوجد تاريخ لأمة في كل التاريخ البشري إلا وارتبط به هذا المثلث ارتباطا وثيقا كليا أو جزء منه بشكل لصيق ... ومن المهم أن نفهم لماذا قررنا أن تكون المسألة فطرة وليست مرتبطة بعوامل خارجية لأن مقياس الأكثرية يضع لنا مؤشر هذا السلوك الشاذ والذي بطبيعة الحال لا يمكن أن تتجاوز فيه الأكثرية أو السواد العام ثم تقيس الأمر برمته على الأقلية ... بل الأقلية هم الإستثناء وهم الشواذ عن القاعدة وهم أصلا من يجب أن تخضعهم للتحليل لأنهم شذوا عن الأكثرية ... ولو أردت دليل أكثر وجعا وقسوة فانظر في زمانك هذا وفي سنتك هذه 2024 ألا ترى أن قوم "نبي الله شعيب" هم ذاتهم قومك وشعبك اليوم ؟ ... فكم من بائع فاسد وكم من تاجر لص وكم من يغشون في الطعام وكم من يتلاعبون بأوزانه وكم من يستبدلون أنواع اللحوم ويخلطون الرديء بالجيد والصالح بالفاسد وكم من يضعون الفاكهة الجيدة في الأعلى والفاسدة في الأسفل لغش الناس أليس هذا ما كان يفعله قوم شعيب في "مَدْيَنَ - الجزيرة العربية" ... الأعراف { وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين } ... ومن هنا نتوقف ونذهب إلى ما بعد "عاد وثمود" ونذهب للتاريخ المسجل لنرى ماذا فعل خلق الإنسان العظيم الذي جحد من خلقه وأنكر فضائل الخالق التي لا تعد ولا تحصى في حقبة رسل الله "موسى وهارون وعيسى ومحمد" عليهم صلوات ربي وأفضل التسليم ... لفهم المزيد من سيكولوجية الإنسان التي لا تزال ممتدة حتى يومنا هذا ونعاني منها جميعنا في حالة مهولة من التناقضات ... هذا ما سوف نعرفه في قادم الأجزاء ؟
دمتم بود ...