2022-08-02

التنبيه والتحذير الأخير لحكوماتنا .. 2

 

في جزئنا الثاني ووفق القراءات السياسية سأخبركم بما هو قادم لكن الأسئلة الصادمة بل والموجعة ولن أترك الأمر بلا حلول والتي ستكون في نهاية هذه السلسلة ... فاليوم "على سبيل المثال" لو ذهبت لشراء كيسا من الخبز يحتوي على 5 خبزات 5 أرغفة بقيمة 50 و 100 فلس وممكن للأنواع المترفة الأخرى أن يصل سعر الكيس إلى 150 و 200 فلس هذا في حال الوضع العادي والطبيعي في البلاد ... لكن في حال الأزمات الإقتصادية سترتفع القيمة من 100 فلس إلى 200 فلس ومن 200 فلس إلى 400 فلس للخبز المترف والمطور ... وفي حال التقشف القاسي بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية وشح استيراد القمح أو ارتفاع أسعاره فإن كيس الخبز سيصل من 200 فلس إلى 600 فلس ومن 400 فلس إلى 3 و 5 دولار ... لكن في وقت الحروب فإن سعر كيس الخبز سيقفز من دينار وما فوق وفي حال سقوط منطقة أو محافظة في الدولة فإن الأسعار سترتفع إلى 500% والسبب في كل هذا المثال هو عامل الأمن وعامل الاقتصاد الذي سيتحكم فيه "السوق السوداء" أي السوق الخارج عن إطار القانون والمراقبة والمحاسبة ... تماما كما يحدث اليوم في لبنان حيث وصلت ربطة الخبز إلى 30 ألف ليرة لبنانية = 19 دولار وتلامس 6 دنانير كويتية فقط في أزمة اقتصادية !!! ... ولأن الكثيرين لم يتعمقوا في أحداث "سيريلانكا" التي حدثت في 9-7-2022 فلم يسأل أحد منكم كيف اشتعلت ثورتهم فجأة وكيف خمدت الثورة فجأة وماذا كان دور الهند وأمريكا في الأمر !!! ... مثل رئيس حكومة باكستان السابق "عمران خان" كيف ظن أنه متحكم ومسيطر في الداخل فأخذ راحته بالتصريحات المعادية خارجيا فكان السقوط ثمنا ومن أقرب المقربين منه ومن الداخل ... تلك ألاعيب سياسية قد تعرف بدايتها لكنك يستحيل أن تصل إلى نهايتها من كثرة وشدة تشعباتها وتعقيداتها ... ولذلك من يظن في أي دولة عربية أو خليجية أنه في مأمن فهو فعليا لا يدرك من الحقائق سوى قشورها ؟

تأثير الحروب القريبة 

أول حرب يجب أن نركز عليها والتي أرجو المعذرة بأني سأتحدث هذه المرة بجرأة وصراحة مطلقة بعيدا عن الأهواء التي يمكن أن تودي بنا إلى التهلكة كما أودت بنا في 1990 ... فإيران نعم إيران الدول العظمى المسيطرة والمهيمنة على كل دول الخليج من سلطنة عمان إلى الكويت سياسيا وعسكريا ... وأبسط دليل يكفي أن تتفحص المقارنات العسكرية بين هذه وهؤلاء ومن يظن أن تسليح دول الخليج هو الأحدث عالميا والأكثر تطورا بعكس إيران ذات التسليح القديم وهذا صحيح بالفعل ولكن !!! ... أود أن ألفت عناية الجميع بأن السعودية تمتلك أحدث الأسلحة العالمية والمتطورة وها هي غارقة في هزائم اليمن من قبل ميليشيات وليس جيش نظامي فماذا نفعتها الأسلحة المتطورة ؟ ... وتلك يا سادة هي العقيدة أي عقيدة القتال التي تمتلكها إيران وحلفائها ولا تمتلكها كل دول الخليج ... فإيران تمتلك عدة عقائد ودول الخليج تمتلك عقيدة واحدة فقط وبمعنى أدق وأكثر شمولية ... إيران منذ عقود وهي تزرع وترعى وتحصد عقيدة نصرة المظلومين ونصرة الطائفة الشيعية في كل العالم وعقيدة "إيران الحضارات" وزرعت عقيدة أن الشخصية الإيرانية لا تنحني ولا تخضع وذات بأس هذا غير عقيدة الدفاع عن الأرض الإيرانية ... مع أن تاريخ إيران السياسي القديم والحديث لا يخبرنا إلا بحقيقة واحدة وهي : إياكم أن تأمنوا لإيران إياكم ثم إياكم !!! ... أما دول الخليج فلا تملك إلا عقيدة الدفاع عن أرضها فقط هذا إن جد الجد ولم تجد خذلان أصلا  ... نقطة وانتهت عقيدة الخليجيين !!! ... وبما أن الكويت واقعة بين المثلث المتصارع "إيران - العراق - السعودية" فيجب أن تكون الكويت حصريا على مسافة واحدة مع الجميع ... أي يجب أن لا نندفع تجاه أي دولة من دول الجوار ولا نحابي هذا على حساب ذاك لأسباب قد تجعل من الكويت هدفا عسكريا محتملا من قبل العراق وإيران لأنك فقط حليفا للسعودية ... مثلما كنت حليفا للعراق فضربتنا إيران بالعمليات الإرهابية وبخلايا الجواسيس ... والذي يأخذنا التاريخ القريب بأن قواعد السياسة الخليجية قد تغيرت بالفعل وليس مجرد تنظير كتابي ... تغيرت سياسة دول الخليج فهناك 4 دول خليجية "السعودية - الإمارات - البحرين" يعيشون في صراع شديد للغاية مع قطر حتى ولو رأيتهم يتبادلون الزيارات والإبتسامات ... لأن هناك خلافات عميقة جدا جدا على ملفات "مصر وليبيا واليمن وتونس ولبنان وسوريا" وصراعات على ملفات الطاقة "النفط والغاز" وصراعات ذات ثأر شخصي وتاريخي ... ولذلك منظومة "دول مجلس التعاون الخليجي" منذ 2017 أعلنت أنها "منظومة هشـــــة" بل الكارثة أن تقيم لها وزنا أصلا لأنها أصبحت منظومة ورقية شكلية لا أكثر والخطر الحقيقي أن تثق بتلك المنظومة أو تعول عليها ... ولن ننسى نحن في الكويت يوم أفشلوا عن قصد وعن عمد وساطات أمير الكويت الراحل "صباح الأحمد" ورفضوا حضور قمة دول المجلس التي انعقدت في الكويت في 2017 عندما تعمدت كل من "السعودية والإمارات والبحرين" تحقير القمة بأقل تمثيل دبلوماسي لها على الإطلاق ... وأضف فوق ذلك يوم أحبط أمير الكويت الراحل "صباح الأحمد" طيب الله ثراه أحبط غزو واحتلال قطر من قبل "السعودية والإمارات والبحرين ومصر" ثم صدر بيانا مشتركا من تلك الدول في 8-9-2017 "كذّبــــوا" تصريحات "صباح الأحمد" التي أدلى بها في واشنطن بتاريخ 7-9-2017 ... ولذلك نفهم لماذا في وفاة أميرنا الراحل "صباح الأحمد" لم يحضر للتعازي قادة تلك الدول باستثناء الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" ... وقد سرت ما سردت فقط لأبين للجميع أن العلاقات الخليجية في الإعلام شيء وفي الواقع شيء وخلف الأبواب المغلقة شيء مختلف تماما ... ناهيك عن أن تحول التحالف في منظومة "دول مجلس التعاون" من المصير المشترك لدول المجلس إلى الحق السيادي لكل دولة وذلك عبر الخروج عن كل الأسس والأهداف التي أنشأت بسببها وحتى العرف عندما طبّعت دول خليجية رسميا مع الكيان الصهيوني اللقيط ومن قبلها العلاقات القطرية الصهيونية ... كلها تداعيات تضع لنا ألف علامة تحذير عالي المستوى بأن دول الخليج لم تعد كما كانت ولم تعد الحليف الموثوق فيه ... كل هذا بالتأكيد يسعد إيران ويجعلها تبتسم على "التخلف والتضعضع والتصدّع" الخليجي والذي يمكنها بكل أريحية فصل هذا عن ذاك وصناعة حليف علني من هذا وحليف سري من ذاك ... وهذا ما حذرت منه كثيرا وكثيرا جدا في مدونتي هذه ؟

اسالوا أهل الإختصاص ابحثوا في التقارير والدراسات تفحصوا الصحف لن تجدوا إلا أن لو اشتعلت الحرب بين دول الخليج مع حليفتهم أمريكا ضد إيران ... كل عواصم دول الخليج سيتم تدميرها وهذا هو الفـــــخ الذي وقع فيه الخليجيين وكان فخــــا كبيرا وسقوط سياسي مدوي وفشل كارثي في القراءات السياسية  ... فإيران في 2003 لم تكن تمتلك القوة وفي 2010 أيضا لم تكن إيران قادرة على أي مواجهة عسكرية حتى سنة 2015 تقريبا ... كل ما فعلته طهران أنها كانت تكسب الوقت ووظفت الوقت لصالحها من خلال إطلاق عشرات التصريحات والتهديدات ضد أمريكا وضد دول الخليج لإحداث حالة من الرعب والتردد ومن ثم التراجع عن اتخاذ أي قرار حاسم قد يُتخذ ضد طهران ... وقد نجحت بالفعل إيران من إكمال مهمتها على أكمل وجه حتى أصبحت اليوم قوة فعلية حقيقية ليست قادرة على تدمير دول الخليج فحسب بل وحتى الإلتفاف على السعودية من البحر الأحمر ووضع قدمها بالقرب من مكة المكرمة ... أي أن إيران خدعت أمريكا ودول الخليج وشارك في خديعتها روسيا التي نصحت أمريكا بعدم تجربة إيران في أي حرب أما أوروبا فهي حتى من ذبابة ترتعب منها وترفع من شأنها فتحول الذبابة إلى نسر !!! ... أضف إلى هذا الفشل السياسي الخليجي الفاضح والذي هو امتدادا لفشل استخباراتي أكثر صدمة والذي يأخذنا الأمر برمته أن كل دول الخليج لا يمتلك أحد منها جهاز أمني استخباراتي ذوو ثقل محترم دوليا بل ولا يمكنك حتى أن تضعه في أي تصنيف دولي ولا حتى إقليمي بدليل فشل فاضح مخابراتي في اليمن وإيران القريبتين من الجميع ... وأيضا لو رجعت للخلف قليلا فسوف تكتشف فشلا خليجيا أكثر وأكثر كارثيا وهو يوم اتخذت دول الخليج دور الطفلة التي جلست تبكي واقفة أمام الحائط لأن هناك من أخذ طعامها !!! ... وهي الحالة التي حدثت في 2003 أثناء سقوط نظام طاغية ومجرم العراق فوقفت كل دول الخليج متفرجة وهي ترى كيف قفزت إيران فوق أرض العراق بسرعة البرق وبوحشية الإستيلاء ... ولم تتدخل دول الخليج وهي ترى التغيير "الديموغرافي" الذي حصل في العراق ما بين 2003 - 2007 فتحول العراق الموحد إلى عراق المليشيات فأصبحت تلك المليشيات مصدر تهديد للكويت والسعودية ... وبالتالي نحن أمام منظومة "مجلس التعاون" كثيرا ما تم التلاعب بها وكثيرا ما تم استغلالها وكثيرا ما تم توظيفها لخدمة أجندات ليست في صالحها ولذلك لا يمكنك أن تثق بمنظومة مهلهلة من الداخل ولا يمكنك أن تعتمد على أمنك القومي من خلال منظومة ما يفرقها أكثر مما يوحدها ... ولذلك نعود لنقول ونؤكد أن الكويت يجب أن تعيد حساباتها الإقليمية فإيران لا يحكمها اليوم "الخميني" والسعودية لا يحكمها اليوم "فهد بن عبدالعزيز" والعراق لا يحكمه عفن اللحود "صدام حسين" وأيضا الكويت لا يحكمها "جابر الأحمد" ... أي أن المتغيرات قد وقعت بالفعل وأنت يجب أن تكون من ضمن تلك المتغيرات التي إن لم تستعد لها بدأ من 4 سنوات ماضيــــــة وحتى اليوم أي أنك متأخر جدا جدا ... فإنك ربما بعد أشهر ستدفع الثمن ليس باهضا فحسب بل مبكيا مؤلما مهينا مذلا ... والقادم سيطال أنظمة حكم وحكام ودولا وشعوبا وتغيير واسع في الخريطة السيادية والسياسية والجغرافية ... والكارثة والطامة الكبرى إن كان الجميع أو الغالبية غافلين ؟


تفاصيل الحرب على إيران والحرب على إسرائيل تجدونه في موضوع : هل فعلا يستطيعون هزيمة إيـــران ؟

https://q8-2009.blogspot.com/2022/07/blog-post_16.html


إقــــرأ

قمة الكويت ... يا ليتنا أطعنا الكويت ؟

https://q8-2009.blogspot.com/2017/12/blog-post_7.html


 


في الجزء الثالث سيناريوهات الحروب القادمة قريبا




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم