2024-07-20

أكاذيب ولاية الأمر وظلال الأمة وعبودية الفرد 1

 

المقدمـــــة 

إن الدين الإسلامي جاء للأمة كافة ولشعوب الأرض قاطبة ولا يوجد احتكار فيه لفئة أو دولة أو سيادة أو شعب أو طائفة ... إنما كل مؤمن ثم كل مسلم حقا عليه أن يُفكر ويَتفكر ويستنتج ويستنبط دينه بما يصل إلى كامل عقيدته بسوي الفكر والممارسة والإعتدال وفق أعلى درجات تبيان الحقائق قطعية الثبوت لا الظن ولا الشك ولا الإحتمال من القناعة النسبية ... وإن ضلال الغالبية لا يعني أنهم على الحق دون النظر لأي فريق من المذاهب الإسلامية كافة ... وأن الحجة التي لا تقبل الشك أو اللبس هو القرآن الكريم كتاب الله سبحانه وتعالى ثم نور وهدي رسولكم عليه الصلاة والسلام ... ولقد مرت قرون من تاريخكم الإسلامي والأمة الإسلامية قد تعرضت لأنهار وبحور ومحيطات من الأكاذيب والتدليس حتى صنعوا لكم "الدين السياسي" على يد أفجر من أنجبتهم الأمة من تجار الدين ليُظلوا الناس عن طريق الحق ويُدلسوا عليهم ويفتروا على الله الكذب من أجل منافع دنيوية زائفة وزائلة ومن أجل إرضاء الطغاة والمستبدين ممن حكموا الأمة العربية والإسلامية بالحديد والنار بالظلم والقهر وبالفساد وسرقة ثروات الأمة جهارا نهارا لعقود وقرونا من الزمان ... حتى أصبح الكثير من علماء ومشايخ الأمة لا فرق بينهم وبين شياطين الأرض ظاهرهم السماحة والتواضع وباطنهم أسوأ من الصهيونية والماسونية ... فضاعت حقوق الرعية وضاعت حقوق المستضعفين وراحت دماء الأبرياء هدرا دون حساب ولا عقاب ولا قصاص ... كل هذا حدث ولا يزال يحدث بزعم ولاية الأمر التي دلسوا فيها على الأمة وجعلوها بمنزلة مقدسة المساس بها كمن مس الخالق رب العزة والجلالة ... والحقيقة لها أوجه أخرى وحقائق دامغة الأمر الذي خُيّل للكثير منكم أن ولاية الأمر فعلا مقدسة وما هي بذلك مطلقا لكن لها أسس وقواعد وشروط وواجبات وموفورة التوقير والإحترام "إن توافرت شروطها" والتي إن خرج عنها ولي الأمر أي الحاكم سقطت ولايته جملة وتفصيلا ولو أقسم كل علماء الأمة من الكذابين والأفاقين على أنه هو الحق فلا تقسم معهم ولا تصدقهم ... وفي هذا البحث سوف أستعرض كذب وزيف رجال الدين وكم ظللوا الأمة حتى صنعوا منكم أمة جبانة ذليلة تنجب أجيالا من الجبناء جيلا بعد جيل بترهيب الدين الزائف وظلال العقيدة المشوهة بتهديدات وبصكوك النــــار لا أساس لها من الصحة أبدا حتى أوصلوا الأمر إلى تكفير من يخرج على ولي الأمر ولو كان طاغية دكتاتوريا مجرما ولصــــا هو وأسرته ... بمقابل ذلك أيضا سأستعرض معكم أقذر ولاة الأمور وأفضلهم في تاريخكم الإسلامي وحتى يومكم وفي زمانكم هذا ... وإن كذب من يطلق عليهم بالعلماء ليس بالضرورة أنهم على حق ولو أعجبتك أسمائهم الرنانة في زمن جنون الشهرة وما تحققه من ثروات وفي الماضي ما حققوه من الرفعة المجتمعية ... وإذ أنوه مسبقا وأؤكد أن كل من سيرد ذكرهم صراحة أو تلميحا هو تخصيص وليس تعميم وأن هذا الموضوع هو رأي وتحليل عميق التفكير باستلال كتاب الله ثم تاريخكم السياسي والإسلامي وليس إفتــــاء ... بالإضافة إلى أن هذا الموضوع رسالة سياسية لمن أشاعوا كذبا أن الحريات الفكرية في الكويت قد انتهت وأننا نعيش تحت القبضة الأمنية المتوحشة فهـَــــاكُم بحثي هذا وأروني أي وطن عربي تخرج منه هذا السطور بما فيها من جرأة الطرح سوى في الكويت حصريا لا بل وسأفصل شرحا في ولاية الأمر لدينا بحقتها وبما غاب عن سوادكم الأعظم من واقع قلما أدركه أولي الألباب منكم ... وأن أي رد على هذا البحث لن يتم الإلتفات إليه إلا أن يكون ردا موضوعيا صحيحا لا بهرطقات صبية وتجار الدين ومراهقي السياسة وأطفال التاريخ ... لذا اقتضى التنويه والله المستعان ؟ 

الموضـــــوع 

إن ولاية الأمر منذ القدم أي ما قبل التاريخ الميلادي هو مصطلح اجتماعي صرف اختص به قائد المجموعة الذي يقود أفراد ويوفر لهم الأمن والحماية والرعاية ويفصل ويحكم في شؤونهم ... وكانت الأحكام تصدر عشوائيا دون ضوابط دون قوانين وكثير من القوانين صدرت وفق المزاج والهوى في أزمان الجهل والتخلف حتى خرج "حمورابي - بابل" بأول نصوص قوانين عرفتها المنطقة في سنة 1750 ق.م ... لكن أمة الصين واليابان في الحقيقة هم أقدم من "حمورابي" في كتابة نصوص القوانين وتشريعاتهم ... وبكل تأكيد مع عدم إغفال النصوص والتشريعات اليونانية القديمة كونها أول ديمقراطية عرفها الإنسان والتي حولت القوانين الشفهية إلى قوانين مكتوبة لتستدل عليها المحاكم بالنظر في القضايا في 621 ق.م ثم خط وكتب قوانين ديمقراطيتهم فيما بعد ... وكمعلومة عامة : فالإنسان بتاريخه البشري عرف الكتابة والتدوين حتى لا ينسى وحتى لا تضيع أفكاره ... ومن ثم تنوعت ولاية الأمر بمفاهيم اجتماعية وسياسية فأصبح الرجل هو ولي أمر زوجته والأم بعد وفاة زوجها هي ولية أمر أبنائها وقائد السجن هو ولي أمر المساجين وقائد الجيش هو ولي أمر الجنود ورئيس العائلة هو ولي أمر أفرادها ورئيس القبيلة هو ولي أمر قبيلته وحاكم البلاد هو ولي أمر الجميع ... هذا التسلسل الهرمي منذ آلاف السنين لم يأتي بمحض الصدفة إنما هي عملية أفرزتها الفطرة البشرية بظروفها المتغيرة منذ آلاف السنين ومع تغير وتتابع الأجيال فرضت الظروف هذا التسلسل الهرمي المشروط بطبيعة الظرف ومبرراته وليس بالمطلق على حد سواء ... الأمر الذي يؤكد أن العلاقة ما بين الأفراد والأفراد ومن ثم الأفراد والجماعة ومن ثم الجماعة مع القائد أو الحاكم أو الزعيم تحكمها شروط متفق عليها مسبقا وليست أمرا مطلقا ... وتلك الشروط يتفق عليها الجميع الضعيف والقوي والفقر والغني ومن له حيلة ومن ليست له حيلة والتاريخ مليئ جدا بأقوام انفضوا من حول زعيمهم وزعماء انقلب عليهم أبنائهم أي انقلاب من داخل أسرة الرئيس أو الزعيم منذ آلاف السنين بسبب أطماع سلطة الحكم وحتى أيامنا هذه ... إذن هنا نتيجة يثبتها التاريخ البشري أن العلاقة ما بين الأفراد ورئيسهم هي علاقة تحكمها اتفاق وشروط بالفطرة البشرية القديمة ؟ 

إن أول ثم أول ما تبدأ به في فهم وكيفية الدين الإسلامي هو السؤال الأول والحاسم : ما هو الدين الإسلامي ؟ ... ثم لماذا نزل علينا الدين الإسلامي أصلا ؟ ... ثم لماذا نزل في الجزيرة العربية حصرا وليس في أمريكا الشمالية أو الجنوبية أو في شرق أسيا ؟ ... ثم لماذا اختص به محمد ابن عبدالله دونا عن غيره ؟ ... ومن هنا تبدأ رحلة الإجابات التي لا يمكن لأي مجتهد في الدين ولا عالم ولا كل مشايخ الدنيا أن يُكذبوا تلك الحقائق وإلا فإن دينكم اليوم ليس بدينكم الذي نزل على أمتكم منذ القدم ... تلك الحقائق لتؤكد يقينا أن دينكم ثابت وباق لم ولن يتغير مطلقا لكن المسلمين هم من عبثوا فيه كذبا وافتروا فيه تدليسا حتى وصلتكم لمياعة ومطاطية قيمه السامية فأصبح هذا يفتي بيجوز وذاك يفتي في نفس الأمر بلا يجوز وهذا يحرّم وذاك يحلل ... وما بين يجوز وما لا يجوز شطحت عقول الكثيرين عن الحق والصواب بسبب كبار العلماء "إلا من رحم منهم" لكنهم في حقيقة الأمر ما كانوا سوى صِبية سفهاء بعضهم "أخذته العزة بالإثم" والبعض انتصر لنرجسية مكانته بين العوام والبعض انتصر لمكانته ومقامه في بلاط السلاطين والحكام ... بمعنى أنهم أهل دنيا وليسوا أهل أخرة ومن كان من أهل الدنيا فلا يصل للأخرة لأنه قد أظل سبيله وظلل الأمة أو بعضا منها لشيء ما في نفسه لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ... وبالتالي سَوق الشعوب والرعية كالقطعان خلف رجال الدين كان خطأ إسلاميا تاريخيا قديما لا يغتفر ولا يمكن إصلاحه حتى ولو تعرضت الأمة العربية والإسلامية للقهر والذل والمهانة فلن تقوم لهم قائمة لهم لأن مكينة التثبيط والإحباط والتخويف والإذلال لا تزال تعمل بكل قوتها منذ أكثر من 1.350 سنة بآليات المشايخ والعلماء في "تروس المكينة" كلما "كسر ترس" حل مكانه ترساَ أخر بشكل بديهي تلقائي ... وعملية الكذب والتظليل لا تزال قائمة رغم ما تعيشه الأمة من مصائب ومكائد وانتهاك صارخ واضح وصريح ليس لأفرع دينكم فحسب بل حتى ضربا بواحا فاجرا في أسسه التي لا تقبل حتى الشك مطلقا ... وحتى تفهم الحقائق على حقيقتها دون أي تلاعب بعقلك كما فعلوا لنذهب للأسئلة : 

أولا : ما هو الدين الإسلامي ؟ : هو كتاب الله نزل من السماء على رسوله "محمد ابن عبدالله القريشي" فيه تشريعات ربكم سبحانه لكم وفيه عبر وعظة وقصص الأولين وأن أصل خلقكم أن تكونوا جميعكم في الجنة التي أعدت للمتقين ولينذركم خالقكم جل علاه من يوم القيامة الذي كثير من الناس يسخرون من ذاك اليوم العظيم وبذلك وقعت الحجة على الظالمين وعلى الناس كافة بأن لا يقولوا يوم القيامة لا نعلم لا نعرف ما جاءنا نذير ولا رسول ولا نبيا وما علمنا وما سمعنا .

ثانيا : لماذا نزل علينا الدين الإسلامي ؟ : ليخرجكم ربكم سبحانه وتعالى من ظلمات الجهل والعبودية والإستعباد والكفر والشرك والفجور والذل والمهانة إلى نور حرية النفس وحق الإنسان بالحياة وحقه بكرامته واحترام أدميته وتحرير إرادته باتخاذ قراره بنفسه والتنعم بثروات أرضه والدفاع عن حرية الأخرين وبسط العدالة بين الجميع ونصر المستضعفين ورفع راية "لا إله إلا الله محمدا رسول الله" بحقيقتها لا بالقتل والتطرف وظلم النفس وانتهاك المحرمات وترويع الأمنين { الر كتاب أنـزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد } إبراهيم ... { يَمنّون عليك أن أسلموا قل لا تَمنّوا علي إسلامكم بل الله يَمُــــنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } الحجرات .

ثالثا : لماذا نزل الإسلام في الجزيرة العربية حصرا ؟ : هي ليست حصرا أصلا لأنها أساسا هي منطقة كل الأنبياء والمرسلين منذ قديم الأزل والتي اختصها رب العالمين جل جلاله حصرا دونا عن باقي بقاع الأرض وتحديدا المنطقة التي تبدأ من أرض العراق مرورا بأرض الشام والجزيرة العربية وانتهاء بأرض اليمن والتي احتضنت كل من الأنبياء والمرسلين "يونس وإدريس ونوح وإبراهيم ولوط وأيوب وذي الكفل واليسع وإلياس وإسحاق ويعقوب وداوود وسلميان وزكريا ويوسف وموسى وهارون وصالح وإسماعيل ويحيى وعيسى ومحمد ومن قبلهم أبونا أدم" عليهم صلوات ربي وأفضل التسليم .

رابعا : لماذا اختص به محمد ابن عبدالله دونا عن غيره ؟ : أراد ربكم سبحانه بمحمد عليه الصلاة والسلام أن يبين لكم أن الإصلاح والتغيير يمكن أن يأتي من الأعلى ومن بين كبار سادة قريش ومن أحد أبنائها الأشراف في بقعة لطالما عاشت متفاخرة بأنسابها في جاهليتها التي استعبدوا فيها الناس نتج عنها الكثير من الحروب وسفك الدماء بغير حق مثل "داحس والغبراء - الأوس والخزرج - البسوس - إلخ" ... وأيضا كانوا يقتلون الأطفال الرضع ويدفنونهم أحياء بجهل "عار الأنثى" وانتهاك حقوق المرأة في نهب ميراثها حتى كانت المرأة التي يموت زوجها تورث هي مع بينتها لرجل أخر بالإضافة إلى الإفراط في نكاح النساء دون تنظيم يوقف الإنتهاكات المروعة في جاهلية العرب وعبادتهم للأصنام من دون الله .

ومن هنا نرسم الخريطة القادمة في بحثنا هذا "متعدد الأجزاء" لفهم الحقائق على حقيقتها التاريخية بأدلتها وبراهينها ... حتى يعرف الجميع أنه قد تم تظليله وتم خداعه بزعم لا أساس له من الصحة لا في دينكم ولا في شريعتكم ولا حتى من رسولكم ... والأمر الذي ألبسوكم إياه أو دلسوا فيه عليكم أنهم جعلوا الإحترام كالتقديس والتوقير كالمُحرّم في عملية تلاعب في الألفاظ في حالة من العبث في العقل وضرب قواعدك النفسية لتقييدك بعبوديتهم المطلقة ... بترهيبك بنار الأخرة كذبا وبابتزازك بزوجتك بأبنائك بأهلك بمستقبلك بكل الفجور والوضاعة لإذلالك وإخضاعك ... في حقيقة تاريخية صارخة لطالما كانت تصرخ وتنادي الجميع انتبهوا أفيقوا انظروا إليّ فربّكم سبحانه أراد أن يخرجكم من الظلمات إلى النور فما لكم يا قوم تعودون إلى الظلمات وتركلون بأقدامكم كل الأنوار التي تفضل عليكم فيها ربكم سبحانه وتعالى !!! ... وهذا ما سوف نخوض فيه في لاحقا ؟



 

  يتبع الجزء الثاني 



دمتم بود ...