2017-11-01

هل قرآننا صحيحا أم محرفا أم مطورا أم معدلا ؟

هذا بحث علمي شرعي بسرد تاريخي حشا لله أن يكون الغرض أو الهدف منه التشكيك أو الطعن بكتاب الله "السماوي" الذي لا يقبل الشك أو الريبة بل هو سرد لتطور اللغة في القرآن واللغط وأسباب التشكيك وتنوع المفردات وكيف بدأ الخط وكيف فهم ولماذا نزل القرآن بلغة قريش والأحرف السبعة وكيف كان يقرأ بلغات وطرق وألفاظ مختلفة وكيف توحد وهل توحد بالفعل ؟
الموضــــــــوع
أسأل ونسأل : هل قرآننا الذي بين أيدينا صحيح ؟ وهل يعتبر كتاب سماوي ؟
نعم القرآن الكريم كتاب سماوي مصدره رب العالمين كتاب وقرآن لا يقبل الشك ولا اللبس ولا حتى التشكيك وكتاب صحيح "النقل" ... لكن يجب الفهم أن القرآن الذي بين أيدينا في أيامنا هذه هو القرآن العثمــــاني ليس نسبة لعثمان ابن عفان رضي الله عنه ... كلا وأبدا بل نسبة إلى الخطاط التركي / عثمان بن علي أفندي المعرف باسم “الحافظ عثمان" 1052 - 1111هـ - 1642 - 1699م ... وقد كان أمهر خطاط عثماني على الإطلاق كتب وخط أكثر من 25 مصحفا وزعت على الدول العربية أبان العهد العثماني وخليفة المسلمين السلطان مصطفى الثاني والسلطان أحمد الثالث اللذان أمرا أن يتم اعتماد المصحف "التركي" العثماني ... أي أن ما بين أيدينا في أيامنا هذه هي نسخة وتطوير “الحافظ عثمان" التي يمتد عمرها لأكثر من 350 سنة ميلادية ؟
 
وكيف كان يقرأ القرآن قبل الخلافة العثمانية ؟
سؤال صغير لكن إجابته واسعة ومتشعبة وتاريخية سأختصرها قدر الإمكان ... فالقرآن الكريم نزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بصيغة "النقل والتلقين" أي سيدنا جبريل عليه السلام كان "ينقل ويلقن" رسولنا بالآيات ورسولنا كان يتلوها ونقلها إلى قومه وصحابته ... الذين كانوا يكتبون تلك الآيات على الألواح الخشبية والْعُسُبِ : "جمع عسيب وهو جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض وقيل العسيب طرف الجريدة العريض الذي لم ينبت عليه الخوص والذي ينبت عليه الخوص هو السعف ... واللخاف : جمع لَخْفة وهي صفائح الحجارة البيض الرقاق فيها عرض ودقة وقيل هي الخزف يصنع من الطين الْمشوي وقد فسرها بعض الرواة بالحجارة ... والرقاع : جمع رُقْعة وهي التي يكتب فيها وتكون من جلد ... وروى عن عثمان بن عفان أن رسول الله كان إذا نزل عليه الشيء يدعوا بعض من كان يكتبه فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ... ومن أهم ما كان يميز جمع القرآن في عهد النبي أنه كان يكتب على الأحرف السبعة وأنه كان مرتب الآيات أما السور فكان في ترتيبها اختلاف ... ولم يكن مجموعا في مصحف واحد بل كان متفرقا في الرقاع والأكتاف وفيها ... ويقول الصحابي زيد بن ثابت : قُبض النبي ولم يكن القرآن جُمع في شيء ؟
وما هي الأحرف السبعة ؟
نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف أي سبع لهجات أو لغات من لغات العرب القديمة وهم : قريش وهذيل وهوازن واليمن وطئ وتميم وثقيف ... وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه أو سبعة لغات لكن الإختلاف في اللفظ والمعنى مثلما هو حاصل اليوم على سبيل المثال في بعض الدول العربية تجد في الدولة الواحدة لغات متعددة مختلفة كما في السعودية والمغرب وسوريا واليمن والعراق وغيرها ... وكمثال آخر على اختلاف المعاني ولهجات العرب قديما في هذه المفردات : الحیش = الفزع .. الرجم = الظن .. العنت = الإثم .. الحال = المرأة .. الثواب = الشكر .. الیم = البحر .. الخشیب = السیف المشحوذ .. الكھكاھة = المتھیب ... ولذلك يجب الفهم والجزم بأن لغة العرب "الأقحاح" أو لغات قريش وهذيل وهوازن واليمن وطئ وتميم وثقيف القديمة تختلف عن لغتنا المحلية بنسبة 100% والعربية المتداولة حاليا بنسبة 70% وولا أستبعد أن هذا الإختلاف "اللغوي" قد يمتد لأكثر من 500 سنة ماضية ... بل مستحيل أن تقرأ الشعر الجاهلي القديم جدا جدا وتفهمه جيدا دون أن تكون بليغا وخبيرا في اللغة العربية وقواعدها ... وأن عثمان رضي الله عنه ومن كان معه من الصحابة جمعوا القرآن على حرف واحد من تلك الأحرف السبعة وهو حرف ولغة "قريـــش" وصار المصحف العثماني شاملاً لحرف قريش فقط وحصريا ... ولِمَا يحتمله رسمه من الأحرف الستة المتبقية وأن القراءات المتواترة ما هي إلا قراءات ضمن حرف قريش احتملها الرسم العثماني الذي لم يكن منقوطًا ولا مشكولاً أو مشكلا حينذاك ؟
هل كان القرآن منقط الأحرف ومشكّل الكلمات ؟
كلا لم يكن القرآن الكريم بالشكل التي عرفناه وألفناه وفهمناه بل كان مجموع كلمات دون أي معرفة بالتشكيل الضمة والكسرة وغير ذلك ودون أي نقاط فلا نعرف النون من الباء من الثاء من التاء من الهمزة إلى المد بالألف والياء ... وقد اختلف العلماء العرب في من هو أول من اكتشف الإعجام أي ما عرف بوضع النقاط على الحروف لتمييز بين بعضها البعض ... فهناك من قال أنه سيدنا علي بن أبي طالب أولهم والبعض قال بأنّه أبو الأسود الدؤلي وقيل أنه نصر بن عاصم الليثي وفريق منهم يعتبرُه عبد الرَّحمن بن هرمز المدني ... وأياً يكن واضع هذا العلم فقد كان هدف كلا منهم هو لحماية وتحصين كتاب الله سبحانه وتعالى بصيانة لغته من الأخطاء خصوصا مع اتساع رقعة الخلافة الإسلامية وتداخل ثقافات ومجتمعات غريبة على الإسلام والمسلمين ...  لذلك يمكن القول بأن أبو الأسود الدؤلي هو من اخترع الحركات التي ترسم على الحروف من ضمةٍ وكسرةٍ وفتحةٍ ... أما وضع النقاط على الحروف وذلك للتمييز بين الأحرف المتشابهة كالباء والتاء والياء فقد كان لنصرة بن عاصم الليثي الدور الأكبر والأبرز كما أجمع علماء اللغة العربية ؟

إذن أين المشكلة بعد كل هذا السرد التاريخي الشرعي العلمي ؟
يجب الفهم أن كل منطقة كان لها "مصحفا" وكان يختلف من مصحف إلى آخر في "بعض" المفردات كما هو مبين بالجداول أعلاه في مصحف مكة ومصحف المدينة ومصحف الكوفة ومصحف الشام + نوع الخط الذي كان سببا آخر لتغير المفردات وتغير المعنى وبالتالي تغير الفهم مثل اختلاف الخط الكوفي عن السيرياني عن الخط الفارسي عن خط النسخ والديواني وغيرها من الخطوط مثل : الكتب - الكتاب .. الرحمن = الرحمان + ترتيب السور في ماضي الأيام كان يختلف كليا عن أيامنا هذه وكما هو مبين أعلاه ... وضمنيا وشكليا لا توجد مشكلة حقيقية تنسف ثوابت الأمة أنا لا أعتقد ذلك لكن من باب الأمانة والتاريخ وأمانة النقل يجب أن يعلم الجميع ما هو وجه تلك الإختلافات وفي أي شيء ومكان كان الإختلاف وما هي كانت ثقافات تلك القبائل ... وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ في سورة الحديد : للذين آمنوا انظرونا = للذين آمنوا أمهلونا = للذين آمنوا أخرونا = للذين آمنوا ارقبونا ... وبهذا الإسناد عن أبي أنه كان يقرأ سورة البقرة : كلما أضاء لهم مشوا فيه = مروا فيه = سعوا فيه ... إذن تكمن المشكلة في تغيير المغردة والكلمة وفق المعنى المشابه والذي "ربمـــــا" يغير سياق الآية بأكملها وفق لغات العرب القديمة والذي من الثابت أننا نقرأ لغة واحدة وهي لغة قريش تحديدا ... ولو أردنا أن نعرف من هي قريش : هي موضع توقير وتبجيل بين القبائل العربية‏قاطبة‏ وذلك أصلا ناتج عن مكانتها الروحية‏‏ فقصدت قريش للتحكيم في القضايا والدماء بين القبائل‏ العربية‏ والسفارة بينها للسلام‏‏ وحقن الدماء‏ +‏ كان سوق عكاظ يقام قرب مكة كل عام‏‏ وهو من أشهر الأسواق في القارة وسوق كان تجاري أدبي‏‏ فيه البيع والشراء‏‏ ومضاربات ومباريات في الشعر والخطابة بلغة قريش مما ساعد علي إنمائها‏‏ وانتشارها‏ + العامل اللغوي الفني‏‏ فقد كانت هي أفصح اللغات لخلوها من العيوب النطقية واللغوية ؟
الفقهاء والمفسرين الكلمة أو المفردة معناها وإعرابها وسياق موقعها ومكانها في الجملة هي أهم ما في مهمتهم واجتهادهم وعليه يتم التفسير والتوضيح والمعنى والإعراب ... ولذلك "ربمـــــا" كان هناك فهما خاطئا أو لبسا لغويا في "بعض" الآيات القرآنية وهو فعليا واقع وحدث في الفهم الخاطئ "لبعض" آيات القرآن الكريم وأعود وأذكر أن القرآن الكريم هو كتاب سماوي لا يقبل الشك أو اللبس ... لكن يحتاج إلى مزيدا من التحليل والتفسير ومزيدا من الفهم اللغوي الذي ربما يغير الكثير من المعنى ... ولذلك عبر الرجوع إلى لغات العرب القديمة كيف كانت تقرأ القرآن "نطقا وكتابة" ؟ وكيف كانت تفهمه ؟ وكيف كانت تطبقه عمليا ؟ ... هذا بالإضافة إلى يجب الأخذ بعين الإعتبار أن كثيرة المذاهب وتشعب الخلافات بين الأمة الواحد أصبح مدعاة للشك والريبة بأن تمزقت هذه الأمة التي لو تركت كل جدالها واجتمعت والتفت حول كتاب ربها وقرآنها لأصبحنا أعظم أمة عرفتها البشرية ... كما يجب أن نذكر وننوه أن كل مفسر أيا كان إسمه وفقه وذكائه ومكانته في التاريخ الإسلامي فإنه في النهاية يعتبر اجتهاد أجره وجزائه عند خالقه جل علاه وليس حسما أو أمرا مقدسا يجب الأخذ والجزم به ... بمعنى جاز لأي باحث أو مجتهد أن يبحث ويطور ويفسر وفق ما تقع عليه عينه وعقله من أدلة "مادية" تدحض تفسير ما قبله ويأتي الآخر ليكتشف ما عجز عنه الآخرون ... وهذه معجزة القرآن الكريم بأن كلما بحثت وتعمقت اكتشفت عجب العجاب بعظمة القرآن الذي نزل على قوم كانوا "جهابذة قريش" في اللغة العربية فأعجزهم من أولهم لآخرهم ... كما أنه أيضا إبداع اللغة العربية التي تتكون من أحرف هجائية 28 حرفا وأكثر من مليــــــون مفردة وكلمة ومعنى وليس كما يشاع أكثر من 12 مليون غير صحيح أبدا ؟   


مراجع الموضوع
كتاب : مراجع التمهيد
أرشيف مدونة الكويت ثم الكويت
كتاب : كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون




دمتم بود ...