2024-02-20

الصحف الورقية عائدة من جديد ؟

 

لا داعي لأستعرف عليكم تاريخ الصحافة فهذه المعلومة متناولة تحت أيديكم في أي محرك بحث ... لكن الأكيد أن الصحافة الورقية لها تاريخ ليس عاصف فحسب بل وأساسي ورئيسي في حياة الشعوب ... يكفي أن تعلموا أن الصحافة قديما أطاحت بكبار الرؤساء في العالم وأطاحت بحكومات هي الصحافة الورقية ذاتها التي سحقت بأقدامها مئات الآلاف من أفراد ومسؤلين وفنانين ... الصحافة هي التي تؤثر تأثير مباشر بسلطة نظام الحكم في دول العالم والحكومات والمجتمعات ... كل هذا لأن الصحافة هي الوسيلة الأولى في التاريخ في نقل الأخبار "السياسية - الإقتصادية - الاجتماعية - الفنية - الرياضية" إلخ ... ولذلك العملاق النائم الذي طوته ثورة التكنولوجيا فأصبح أكثر من 90% من شعوب العالم تقرأ الصحافة والأخبار عبر الإنترنت ... إذن ما هو الحال في حال انقطع الإنترنت لأشهر لسنوت والأكيد للأبد ؟ ... بكل يقين ودون أدنى تفكير ستعود الصحافة الورقية كمصدر رئيسي أساسي للأخبار للدول والحكومات والشعوب ؟

وفق تقديري ووفق قراءاتي فإن موعد فنــــاء عالم الإنترنت سيراوح ما بين سنة 2030 - 2035 ومن سابع المستحيلات أن يتجاوز تلك التقديرات ... وسبب الإستحالة واضح وضوح الشمس الأوضاع في منطقتنا الإقليمية والشرق الأوسط والكيان الصهيوني والصين وأمريكا وأوروبا وتايوان وغيرها ... ذاهبة بكل تأكيد ويقين إلى الحرب العالمية الثالثة وإلى الحرب النووية العالمية ... وكل هذه الحروب توقيتها لا أحد يعرف موعدها ربما تندلع في أي لحظة في أي وقت لكن من المستحيل أن تتجاوز سنة 2030 أو كأبعد تقدير سنة 2035 ... وبديهيا عالم الإنترنت دخل حيز التهديد سواء في أوكرانيا أو في مضيق "باب المندب – اليمني الصومالي" والذي في هذه البقعة الصغيرة جدا تمر عبره الكابلات الرئيسية للإنترنت التي تغطي أكثر من 100 دولة حول العالم بالإضافة إلى "قناة السويس" ... أي هناك أخطر نقطتين لشبكة الإنترنت تهدد ثلثين البشرية بالإنقطاع وتحديدا في "البحر الأحمر" عبر "قناة السويس - باب المندب" ... مع التأكيد أن في حال نشوب حرب عالمية بين "الصين أمريكا روسيا" فإن قلب الإنترنت الواقع في الولايات المتحدة الأمريكية سيتوقف وبشكل نهائي معلنا نهاية عالم وحضارة الإنترنت ... الأمر الذي سيدفع بشكل تلقائي سواء من باب التجارة من باب الإستغلال من باب شغف وحب الصحافة فإن الصحافة الورقية عائدة وبنسبة مليار% ؟

لو طلب أحد مني نصيحة تجارية فبكل تأكيد سأجيبه بالتالي : اشتر بمبالغ كبيرة جدا جدا أكبر كمية أوراق والتي تأتي على شكل "رولات عملاقة" عملاقة ثم قم بتغليفها بأفضل وأدق مستوى حتى لا يفقد الورق قيمته وجودته ثم خزنه في مكان يناسب جودة الورق ثم انساهم ... ويوم ينقطع الإنترنت سيتقاتل عليك كبار التجار من أجل شراء كل ما تملكه وما خزنته وبأي ثمن ... ثم اضرب شعر الشراء والشحن والتغليف والتخزين بـ 5 أضعاف وسوف يشترون منك وهم صاغرون ... ويا حبذا لو كنت داهية عقل وخزنت مع "رولات الأوراق العملاقة" و 10 مكائن طباعة عملاقة وكميات مهولة من الألوان ... أظن وقت الحاجة والكارثة ستصبح رجلا بارزا في دولتك بسبب تخزين سنوات ورؤية بعيدة المدى وقراءة مستقبل يقين القدوم ... الخلاصة : الصحافة الورقية عائدة من جديد وبقوة وكل البشرية ستعود مضطرة إلى شرائها ... صدقت أم لم تصدق فقط تذكر أن هناك "مدونة الكويت ثم الكويت" قالت لك ما سوف يحدث في قريب السنوات القادمة 😎




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم 




 


2024-02-05

تناقضات عقل الإنســـان وصراع غرائزه 4

 

في علم المقارنات أو بما يسمى "علم الإجتماع المقارن" الذي أسسه "جادل إميل دوركايم" في 1895 ... والذي شخصيا اكتشفت بعد سنوات أن "علم المقارنات" في السياسة والإقتصاد وأحداث التاريخ وصفحاته وفي المجتمعات وتقلباتها ورصد سلوكياتها عبر العقود والقرون ... تكشف لك سلوك الفرد والمجتمع بسرعة التغير والثبات والهزيمة وكل التناقضات التي دائما ما تكون هي ردود أفعال لأحداث واقعية جرت على الأرض ووثقها التاريخ أو الإعلام ... وعلى سبيل المثال اليوم المجتمع ينظر للإنسان الذي يملك شهادة عليا أو شهادات خبرة متعددة على أنه شخص متعلم مهم نابغة سموها ما شئتم ... وفي الحقيقة أن تلك الشهادات لا تعني إلا شيئا واحدا وهو أن السلوك المجتمعي اليوم هو أكثر سلوك نفاق كاذب جاهل على مر العصور رغم التطور الخرافي الذي نعيش فيه بفضل الغرب لا العرب ... لدرجة لو جلبت أحد عباقرة ونوابغ العصر القديم لصعقت من علمه ورؤيته الثاقبة التي مصدرها أصلا الطبيعة والحياة والمجتمعات ... وكمثل لا أجد أفضل من سيدنا "إبراهيم الخليل" عليه السلام فهل كان نابغة عصره ؟ كلا ... وهل كان يملك علما وشهادات عليا ؟ كلا ... كل ما في الأمر أنه ملك البصيرة واستخدم عقله وتبصر في الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار فأردك ما لم يدركه غيره في زمانه ... وهنا نطلق الفرس لعنانه ونقول بكل يقين أن التبصر والبحث العميق والعميق جدا في رحلة البحث عن الحقيقة في النهاية ستجد ضالتها وتكتمل مكعبات تركيب الصورة لتفرح بإنجاز هدفك ... هذا إذا ما عرفت أن كل كل كل دول العالم لا تعرف شيئا عن حدودها البرية أي لم تستكشف حدوها البرية "غابات - صحاري - جبال - وديان" إلخ... لتبقى المهن الإنسانية صامدة أمام كل المتغيرات التي أحدثها الزمان والتكنولوجيا والمجتمعات مثل "الطب والتمريض - الهندسة - الزراعة - الكيمياء" وغيرها من العلوم شديدة الأهمية للإنسان ؟

لو راجعت تنظيم "حركة أمة الإسلام" التي تأسست في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1930 والتي أستطيع أن أصفها أنها كانت أول حركة إسلامية تقتحم أمريكا ... والغريب في الأمر أن الذي أسس تلك المنظمة الإسلامية "أمريكي أبيض" وهو "والاس فرد محمد" والذي اختفى بعد تأسيس الحركة الإسلامية ولم يعرف عنه شيئا منذ 1934 ... تلك المنظمة استمدت عقيدتها من التاريخ الإسلامي حصريا ولو تعمقنا في حقيقتها فسوف نكتشف بكل أريحية أنها حركة إسلامية نشأت وظهرت بسبب العنصرية ألا محدودة في الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك ... وحكايات مساواة العبيد بالأسياد وتحرير العبيد مقتدين بأشهر العبيد الذين تم تحريرهم في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أمثال "زيد بن الحارثة - بلال بن رباح - عمار بن ياسر" وغيرهم ... أي العنصرية الأمريكية كان السبب الأول ليتفجر الإسلام من بين "الأمريكيين السود" ... قد المنظمة الإسلامية "إلايجا محمد" ثم عين في المنظمة الأمريكي الأسود الشهير "مالكوم إكس" الذي فيما بعد خرج عن قواعد وأسس وأهداف "إلايجا محمد" ثم طرد "مالكوم إكس" من "حركة أمة الإسلام" ... الأمر الذي أدى إلى تحالف "مالكوم إكس" مع "مارتن لوثر كينغ" من أجل توحيد صفوف السود وإن اختلفت الأديان بين الإثنين "مسيحي ومسلم" ... المهم في ما سبق هو نوع الخطاب ومستوى الكلمات التي استخدمت من أجل صناعة أكبر قدر من التأثير على الجماهير البائسة المنهارة من السود حصريا لتضرب الكلمات الرنانة في صميمها في حالة من استغلال الإرادة والفكر بشكل إيجابي ... وللعلم المؤسس "إلايجا محمد & مالكوم إكس" كلاهما استغلوا الدين الإسلامي بشكل أو بأخر بالشكل الصحيح أو الخاطئ لأن مهمتهم كانت صناعة شعبيتهم وصناعة الأنصار ... وبالمناسبة "مالكوم إكس" زار السعودية في 1964 لأداء مناسك الحج فتم اعتقاله وحبسه لبضعة أيام حتى عرفوا حقيقة من هو وقدمت له كافة الخدمات حتى أن الملك الراحل "فيصل بن عبدالعزيز" استقبله وتبادل معه أطراف الحديث ... واغتيال "مالكوم إكس" في 1965 لم يكن بسبب إسلامه أو الدين الإسلامي أو كثرة أنصاره الذين تجاوزوا عشرات الآلاف ... بل بسبب خوف أمريكا من تمدد الشيوعية إلى قلبها ومقابلة "مالكوم إكس" مع الزعيم الشيوعي "فيدل كاسترو" في 1960 هي من خطت توقيع أمر اغتياله ؟  

لو ذهبت لهدف واحد لشراء "USB" وكان معك 10 دنانير فقط ودخلت مركز كبير لبيع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والمستلزمات المنزلية ... فإن نفسك ستنازعك برغبة شديدة بأمنيات شراء أمورا وأشياء أخرى من نفس المعرض لأن كثرة المنتجات أثارت غريزة الشراء أي غريزة التملك ... ولو كان معك 100 دينار لن تتوقف غريزة الشراء لأن هناك ما هو أكبر ولو كان معك ألف دينار أيضا لن تتوقف غريزة الشراء وحب التملك ... لكن لو كان معك 100 ألف دينار فلن تشتري إلا حاجتك وتخرج دون أي تأثير مطلق والدافع في الغالب تحكمه الغريزة لا الحاجة ... ولذلك يتقاتل وكلاء المنتجات على نقاط البيع المختلفة لعرض بضائعهم أولا أمام الزائر وبشكل لافت وبالتأكيد مع دفع الرشاوي في تلك المنافسة حتى تجذب انتباه المتسوق ... وعلى الجانب الأخر في الطعام فإن الغريزة البشرية أولا يتحكم بها العقل ثم النظر وكثيرا ما يكون النظر مقدما أو مسيطرا على العقل ... بمعنى لديك على العشاء بعدد 5 ضيوف فتصنع أو تقدم لهم مأدبة تكفي لـ 10 وهنا المسألة مرتبطة كليا مع "الهوس الاجتماعي أو النفاق الاجتماعي" حتى يطلقوا المديح لك وينشروا للأخرين درجة سخائك ... أما الإنسان الفقير فإن "داء الفقر أو متلازمة الجوع" دائما ما تجدها تسطير على كيانه ككل فإن أكل أكل بشراهة وإن قل أكله اضطر للإقتصاد في لقيماته ... مع أن الغني والفقير كلاهما لن يأكلا أكثر من حاجتهما الجسدية والتي تتراوح ما بين 7 إلى 15 لقمة أو ملعقة كأقصى حد ... لأن بديهيا معدة الإنسان لا تملك مساحة أكبر وكمثل دخلت حفل زفاف أو بوفيه فندق راقي وفيه 70 طبق من كل الأصناف فهل معدتك تملك أن يدخل فيها 70 ملعقة طعام ؟ بكل يقين ليس كلا بل مستحيل ؟

في فنون التسويق وفنون البيع وضعت دراسات واستراتيجيات تحاكي أولا النزعة البشرية وفطرتها المتقلبة ... وكما أسلفت في صراع شركات البيع أعلاه فإنك في 90% من المحلات والشركات لم تلاحظ أن لو كان المشتري رجلا أرسلوا له بائعة امرأة ولو كان الشاري امرأة أرسلوا إليها رجلا بائعا ... والسبب ببساطة حتى يتم التلاعب بمشاعر الزبائن رجلا كان أو امرأة حتى يدغدغوا مشاعرهم في حالة أستطيع وصفها بـ "تعويض النقص" لدى الطرفين ... ولذلك لو رصدت وراقبت فترة الوقت المستغرق لعملية البيع فستجد بديهيا أنها تتجاوز 10 دقائق ولو كان الشاري منفردا فلن يأخذ أكثر من 3 دقائق للتفكير وأخذ قرار الشراء ... وهنا تتجلى الـ 7 دقائق ما بين عملية استغلال المشتري بالحديث الجانبي أو بشم أنفاسه وعطره أو بتفحص أناقته وشكله أو وسامته كبائعين رجلا أو امرأة ... وانتبهوا أيها السيدات والسادة قرائي الكرام حتى الأن لم نخرج من عميق بحثنا في كيفية اختراق عقولكم ومن ثم التحكم بقراركم ... فعمليات البيع والشراء حكاية طويلة جدا لا تنتهي من علوم التسويق التي لم تخرج إلا بعد أن فتحوا مراجع "علم النفس" على مصراعيها لأنها أصلا ويقينا التسويق مرتبط تماما مع النفس البشرية وأنواعها وطريقة تفكيرها ... تماما في "العلوم السياسية" التي تستهدف العقول حصريا بكلمات بخطابات بسياسات أعدت مسبقا لجذب أكبر قدر ممكن من الجماهير بعكس سطحية السياسة في زماننا التي تخاطب عواطف السذج ... وهنا التاريخ يخبركم أن الكلمة والكلمات كانت ولا تزال وسوف تبقى هي الرصاصة التي لا تخطئ والسهم الذي لا ينحرف بإصابة وتحقيق أهدافه ... بمعنى أن الكلمة يمكن أن تغير قناعتك أهدافك دينك وإيمانك حياتك كلها هي أصلا عبارة عن بضع كلمات ... والأيام تثبت بتجاربها للفرد مدى صحته من عدمه ولذلك خبرة الحياة تتجلى من خلال أرشيف كبير جدا لتجارب ومحن وأفراح وأحزان تصل في كثير من الأحيان إلى المآسي ؟

إن الكتب السماوية ثم كتب التاريخ وعلم النفس وكل ما وصل إليه الإنسان لا يخبرونا إلا بحقيقة واحدة وهي "الحذر ثم الحذر من الإنسان فإنه لا يؤتمن جانبه وما آلام الإنسان إلا بسبب الإنسان وما أفقر الإنسان إلا الإنسان وما مزق الأمم والشعوب إلا الإنسان وقل ما شئت وحلل ما شئت ستلف وتلف ولن تجد إلا الإنسان هو العلة والداء وهو لب المصائب والكوارث حتى أنه صنع أسلحة قادرة على فناء نصف بني جنسه وصنع فايروسات كافية لنشر الوباء فيقتل ثلثين البشرية" ... لنعود إلى البداية فتتجلى الحقيقة أمامنا أن الإنسان هو كتلة من التناقضات وكم مهول من الأكاذيب وقطار طويل جدا من التبريرات ... والحقيقة التاريخ التي يخبرنا بها علم "التاريخ البشري" أن الإنسان لا يستقيم إلا بالعصا ولا يهاب إلا من القوة ولا ينضبط إلا بقوة القانون ... وعلى النقيض أيضا "التاريخ البشري" يخبرنا أن علية القوم من الحكام وأسرهم وكبر التجار والأثرياء هم الإستثناء فلا تطالهم العصا ولا يصل إليهم القانون ... ولذلك في زمانكم هذا ليس من الغريب أن نعلم بأن 50 شركة عملاقة تسيطر على طعام 8 مليار إنسان و 100 فرد يملكون 1.4 تريليون دولار والتي تكفي بكل أريحية أن تسدد ديون ما لا يقل عن 50 دولة وشعب حول العالم و 4 تريليون دولار هي أقل قيمة لسرقات 300 فرد من رؤساء دول ورؤساء حكومات وسياسيين واقتصاديين خلال الـ 20 سنة الماضية فقط ... والقاعدة الأبدية في السلوك البشري منذ آلاف السنين أن من يملك المال يملك البشر ويسيطر على الأفراد والجماعات ... وبسبب المال حدثت هجرات بشرية لا تعد ولا تحصى وبسبب المال استغلت أعراض النساء وازدهرت تجارة الجنس حتى قيام الساعة وبسبب المال ارتفع أراذل القوم وأكثر من هم وضاعة وخسة ووصلوا للسلطة ... وهذه هي حكاية الإنسان تدور ما بين الطمع والجشع وما بين الخوف والفزع وما بين النرجسية والكذب وما بين الكره والحقد وما بين النفاق والرياء السياسي والإجتماعي والوظيفي ... ولا تزال الحرب ضد الحب والإنسانية والحق والعدالة والرحمة قائمة بضراوتها وشراستها منذ أكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد وحتى يومنا هذا وإلى قيام الساعة ... وسبحان الله الصابر الحليم على عباده وسبحان من يوم القيامة كل أتيه وكل له ذنوبا ومعاصي والله المستعان ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم 




2024-02-04

تناقضات عقل الإنســـان وصراع غرائزه 3

 

في السلوك البشري لحياة الأغنياء والأثرياء وصولا إلى الأسر الحاكمة ... يخبرنا التاريخ القديم والحديث أن "سيكولوجية أفرادها" من النادر أن تشعر بالذنب بتأنيب الضمير لا تهتم لا تتأثر بأوضاع الأخرين ولا يبالون مطلقا بأحوال الرعية أو عوام الناس ولا حتى لأفرع أسرهم مثل ابن العم وبنت الخال إلخ ... وتلك الحقيقة لا تنحصر مطلقا بأسرة حاكمة واحدة بعدد أفرادها بالمئات أو الآلاف بل بقائمة طويلة جدا من الأسر الحاكمة على مر التاريخ ... لأنه تأصلت في عميق وجدانهم وأسرارهم الحصرية أن تربية أسر الحكم تختلف تماما عن تربية أسر الأخرين أيا ومهما كانوا ولذلك لن تجد في التاريخ أيا من الحكام أو سلالتهم وقف طواعية ليعتذر للرعية عن سوء إدارته أو فشل سياسته بل كانوا يبررون ... ولذلك تأصلت وتعززت سياسة إفقار الشعوب وإذلال الرعية حتى إذا رميت لـ "الرعية" القليل دانوا لك بالشكر والولاء وبالتالي بالوفاء ... تلك السياسة أنتجت استراتيجية "صناعة الجهل" لأقصى درجة ولذلك الدولة التي يكون فيها العقل مغيبا تلقائيا يُصنع فيها جيوش مجنونة لا عقل لها مطلقا ... والجنون هنا أن الجيش 97% هم من الفشلة والجهلة ولدوا وترعرعوا في بيئة متخلفة سطحية صديقة الجوع والحاجة التي بديهيا تصنع النفس الذليلة وتصقل الشخصية المنقادة ... فيصقل سلوك الفرد منذ الصغر على الخوف من الدولة والرعب من المسؤل مع ضخ أكبر قدر مما تستطيع من الدين في الضحية ورعب القصص والحكايات ... حتى ينشأ ويكبر معتقدا أن الحاكم هو وكيل الله على الأرض وطاعته من طاعة الله فيطيع كالعبد للإلــــه كما أطاع الوالدين كالإلــــه المقدس ولو كانوا فجرة سحرة نمامين فاسقين لم يركعوا لله ولا مرة ... ومن هذا الجيش من الجهلة يصنعون أقذر شخصية من الأوغاد بزعم الدفاع عن الوطن وفي الحقيقة هم يدافعون عن كرسي الحاكم حصريا ... وفي هذا الجيش من المهم جدا أن يقود كل مجموعة جهلة من يملك القليل من العقل كشرط أن العاقل يقود المجانين لكنه في الحقيقة العاقل هو مجنون أصلا منحوه الرتبة فقالوا له أنت الدولة أنت السلطة والشعب يخافك والكثير من الرعاع سيتمنون خدمتك ... وصاحب الرتبة هو مطية وعبد للرتبة الأكبر وهكذا في تسلسل هرمي عبارة عن "فن السيطرة على الفرد والجماعة" وسلب إرادته وتوجيهه حيثما شاؤوا ؟

 الإقنــــاع والإقتنـــاع

مسألة الإيمان بالله سبحانه وتعالى أو الكفر به أو الإلحاد هي مسألة قناعة واقتناع بنسبة 100% ... بدليل أن الأمم الدينية "يهود - مسيحيين - مسلمين" كل دين منقسم لعدة أقسام وكل قسم يبغض ويكره الأخر رغم أنهم يؤمنون بنفس الدين السماوي ... وكل منهم يعتقد بما هو مؤمن به كل حسب مذهبه "شيعة - سنة - أباظية - صوفية - أرثدوكس - كاثوليك - بروتستانت - اليهودية السامرية والأرثوذكسية والإصلاحية والشرقية" وغيرها ... كل هذا الإنقسام سببه الرئيسي والأساسي "الإقنــــاع والإقتنـــاع" ... ولذلك عندما خرج مصطلح "العقيدة" والعقيدة اعتقاد والإعتقاد ظـــــن لكن الإيمان يقيــــــن ... ولذلك الكتب السماوية كثيرا ما سلطت الأضواء على سلوكيات بشرية شاذة منحرفة خاطئة في أزمان الأنبياء والرسل والأمم والشعوب البائدة قديما ... لتتجلى الحقيقة التاريخية أن الإنسان "متغير وغير ثابت" والمتغير لا يمكنك الوثوق به مطلقا بسبب واقع التغيير بفعل الظروف أو البيئة أو المغريات ... بمعنى اقنعني وإن فشلت فأنت لم تدرك الحقيقة بعد أن الإنسان ما هو إلا مجموعة إغراءات تأثير وتأثر وإقناع وصفقات شخصية ... وهنا تأخذنا المسألة في صراع "الخير والشر" فللخير أسباب وللشر مبررات والأسباب والمبررات كل منها على حدى يحدث صراع ونقاش ... بمعنى حتى في الخير يحدث انتقاد وخلاف وتشكيك وفي الشر يحدث خلاف ولوم وعتب ... كل ما سبق لم نخرج من موضوعنا بل نحن في عميق شخصية الفرد والتحكم بإرادة الفرد وتوجيه الفرد وقناعة الفرد ... لكن كيف يقتنع الفرد ومن يقنعه وأسباب اقتناعه ممن عدمه ؟ ... هذه المسألة مرتبطة تماما بمن أمامه أي من هو أمامك حتى يقنعك أو ما هو الكتاب الذي بيديك تقرأه فيؤثر بداخلك ؟

في صفحات العلم لا يمكن أن تجد مجانين متوحشين أكثر من "علماء الأحياء & علماء الفيزياء & علماء الكيمياء" ... وجنون هؤلاء لا يوجد له حد حتى أن غالبيتهم هم كفار ملاحدة وأيضا كثير منهم أمنوا وأسلموا ... تلك الحالة يمكن أن نصنفها أنها "صراع العقل والقلب" في حرب النفس والذات لإيجاد اليقين وليس الإعتقاد ... ولذلك لو بحثت جيدا في تطور علم الأحياء ليس القديم جدا كلا بل ما بعد سنة 1700 ميلادية سوف تلاحظ يقينا جشع النفس البشرية في هذا العلم برغبة متوحشة للتضحية بالأخرين طمعا بالمال والشهرة ... وكيف علم الفيزياء أقحموه في علم الأحياء ففتح باب جديد تحت إسم "الفيزياء الحيوية" ... وما خلص له "مؤتمر أزمولار لمركب الحمض النووي" في 1975 بورقة بحثية اتفق عليها معظم الحضور عندما اتفقوا على مبدأ مرعب وهو "البحوث يجب أن تستمر لكن يجب عزل الكائنات الجديدة المعدلة وراثيا عن العالم" ... بمعنى كما نجحوا في زراعة "المحاصيل الزراعية المعدلة وراثيا" هناك أيضا إنسان معدل وراثيا لكنه محجوب عن البشرية لأنها قواعد البحث شديدة السرية ... لصناعة إنسان طويل العمر أو إنسان لا يشيخ أو إنسان لا يتأثر بالجراح أو إنسان لديه قدرات جنسية وقدرات جسمانية استثنائية خارقة حتى فتح باب "الذكاء الصناعي" على مصراعيه في تجارب بدأت من "الروبوت" وأصبح اليوم واقعا مرعبا ... كل هذا ظاهره خدمة البشرية وإنقاذها وتطور العلم لكن في الحقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير وهو فناء البشرية واستعبادها وإنكار حق الأرض والطبيعة بأن تأخذ دورتها وفطرتها ... لنعود لنفس النقطة وهي النفس البشرية بجشعها بوحشيتها بعبودياتها للمال والشهرة وتميز الذات حتى ولو على حساب الأخرين ولو حتى مات ألف أو مليون فلا توجد أي مشكلة ... بل وحتى لو خانت الأب والأم والأخ والأخت والسلالة بأكملها يكفي أن تراجع قائمة الخونة من السلالات الحاكمة لتكتشف عجب العجاب ؟

نستخلص مما سبق أن النفس البشرية لا يمكن وبالمطلق لا يمكنك الوثوق بها بخيرها أو شرها ... لأن الخير والشر لا شأن له نهائيا بالثراء أو الفقر إنما هي أنفس بشرية يزرع فيها الخير أو الشر منذ الصغر وتحديدا في المرحلة العمرية التي تقع ما بين سنتين إلى 7 سنوات فقط وبعدها الأمر خرج عن سيطرتك ... وهناك شخصيات تعود لرشدها بعد سن الأربعين بسبب مآسي تجاربها وما تعرضت له ... مدفوعة برغبة التقرب إلى الله بحالة من الروحانية وهروبا من واقعها الأمر الذي يؤدي إلى استقامتها ... وعلى النقيض هناك حالات بشرية لا تعود ولا تستقيم بل وربما تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير جدا فيتأصل في ذاتها الكره والحقد على البشرية أو المجتمع بأسره ... وعلى الوجه الأخر تجد ازدهار تجار الأديان "حاخامات - قساوسة - مطاوعة" في رحلة من الإزدهار لم تتوقف منذ أكثر من 5.000 سنة قبل الميلاد وحتى يومنا هذا ... وإيطاليا التي هي عاصمة المسيحيين تجد فيها كل درجات الفحش والجرائم وهي منبع وأصل "المافيا العالمية" ... والسعودية التي يوجد على أرضها "مكة والمدينة" حدث ولا حرج ... وإسرائيل التي تعتبر قبلة اليهود لا حاجة لتعرف تاريخ إرهابها وجرائمها ... ولذلك هناك 3 شخصيات بشرية إياك أن تثق بأي أحد منهم وهم "السياسي - الإقتصادي - رجل الدين" ... حتى ولو تصفحت الكتب السماوية الثلاثة "التوراة والإنجيل والقرآن" بكل يقين ستجد أن المحرمات الـ 10 الرئيسية ثابتة في الكتب الثلاثة ... وستجد القاعدة السماوية والتاريخية متأصلة مذكورة راسخة وهي قاعدة "العين بالعين والسن بالسن" لكل الأمم والشعوب على مر الزمان وطول التاريخ ؟



يتبع الجزء الرابع والأخير 




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم 



 


2024-02-02

تناقضات عقل الإنســـان وصراع غرائزه 2

 

الإنجليزي "ويلفريد تروتر" مؤلف كتاب "غرائز الحشود في الحرب والسلم" وهي مشابهة لسيكولوجية "الهلع الإجتماعي" التي كتبت عنها "مدونة الكويت ثم الكويت" في موضع مفصل سابقا ... والذي يعتبر "الإنجليزي" أول من كتب وحلل وشرح مصطلح "غريزة القطيع" في 1908 وهو "سلوك الفرد الذي يتحرك مع مجموعة دون قائد دون توجيه مركزي متطابقة مع سلوك الحيوانات في أسراب الطيور وموجات الأسماك" ... تلك النظرية والحالة تتطابق ليس مع حالة المظاهرات والثورات الشعبية فحسب بل حتى مع انعدام قرار الفرد أثناء عملية التصويت في أي انتخابات فيدلي بصوته وفق الحالة العامة للبلاد أو وفق التوجيه من قبل الأخرين وهذه الحالة تعتبر حالة "مسلوب الإرادة" ... أي غير مقتنع لم يفكر وفشل بالتفكير فسلم قراره للأخرين يوجهونه كيفما يشاؤون ... رفض التفكير رفض أخذ القرار ورفض حتى عدم التصويت وهؤلاء هم أخطر ما يهدد أي عملية ديمقراطية على الإطلاق حتى أنه قد يذهب إلى منح صوته وفق القبيلة أو الدين أو المذهب أو الحقد والكره أو الحب الأعمى ... وسلوك الأفراد في الحروب يختلف عن سلوكهم في السلم يختلف عن سلوكهم في الأزمات ... وهذا السلوك مرتبط 100% بالغريزة البشرية التي من النادر أن تجد من يتحكم بها بشكل دقيق جدا في الدهاء السياسي الذي تفتقده الأمم والشعوب لقيادتها الحقيقية ... بمعنى أن هناك قوة بشرية وطاقة جبارة يتم بعثرتها وتشتيتها دون أن يتم الإستفادة منها بالمطلق والتي يمكن أن تحول الهزيمة إلى نصر والهروب إلى مواجهة والتفرق إلى الوحدة والكسل إلى عمل والثرثرة إلى صمت وإنجاز ... ومثال على السلوك البشري في تناقضاته ففي الحروب تتمثل وتتسيّد "غريزة البقاء" للنجاة بالنفس والعرض فيشتت الطرف الأقوى تلك الحشود بمئات الآلاف والملايين بتدمير منازلهم وذكرياتهم وتهجيرهم وإرهابهم وإرعابهم دون أن يستغلها ويوظفها لصالحه في عملية استغلال "غريزة البقاء وغريزة الأمان" ... وفي الأمراض والوباء يخرس العنصريين وهم يشاهدون من كانوا بالأمس يسخرون منهم لدونيتهم وطبقتهم الإجتماعية دون أن يوظفوها لخدمتهم مستقبلا بمنحهم مساحة من بعض المكاسب التي توفر لهم مستقبل أمان البقاء لعقود طويلة ... بمعنى تسخر منه في وقت السلم أما وقت الأزمات فأنت بحاجة ماسة له لدرجة الإستجداء بسبب الوظائف أو المهن أو القدرات التي أنت لا تملكها ؟

"السواد الأعظم" من حكام الدول اليوم هم مجموعة فشلة فاسدين وشراذم لصوص ومتآمرين وسوادهم الأعظم وصولوا للحكم إما بالصدفة والحظ أو الحيلة ومسلسل طويل من المؤامرات أو أقدار السماء تدخلت بمقتل هذا ووفاة ذاك هذا يصل هذا للحكم والخيانة قاعدة رئيسية ثابتة في مسلكهم لم ولن تتغير ... وهذه الحقيقة بالمناسبة التي لم تتغير عبر آلاف السنين بين كل الأمم والشعوب في كل الحضارات وحتى يومنا هذا ... وقول الله سبحانه وتعالى في فرعون في سورة يونس { فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية } أي عبرة لمن يأتي من بعدك من الحكام والسلاطين حصريا وبصيرة للشعوب ... ولذلك هناك استراتيجية "الإستبداد الإيجابي أو الطغيان الخيري" فشل في تلك الإستراتيجية كل حكام الوطن العربي على مر التاريخ سواء في جاهلية العرب وحتى ما بعد الإسلام وصولا إلى يومنا هذا ... الأمر الذي يسقط بشكل تلقائي المقارنة بين الشعوب العربية وبين الشعب الكويتي "بشكل عام" ... فالشعوب العربية تتمنى أن تكون مكان الشعب الكويتي من فرط الخيرات والنعم أو مساحة الحريات الفكرية والسياسية وعلى النقيض الشعب الكويتي كمن يدفع بيده وبكل ما أوتي من قوة حتى يأتيه المستبد الطاغي ليجلده ويذيقه مر عذاب الدنيا ... بدليل في الكويت حقك البديهي أن تنتقد أي مسؤل في الدولة ولو كان رئيس الحكومة جهارا نهارا وأنت أمن مطمئن بعكس الأخرين الذين يعيشون تحت القبضة الأمنية المتوحشة وفي ظل قضاء فاسد مُسيّس ... وهنا تتجلى "سيكولوجية الفرد والجماعات" بمعنى ماذا تريد ؟ وإلى أين تريد أن تصل ؟ ولماذا لا تكتفي ؟ ولماذا لا تنظر لحال وأوضاع الأخرين من هم أسوأ وأفضل منك ؟ فإن كانوا أسوأ فاتعظ وإن كانوا أفضل فاعمل حتى تصل لمستواهم ولا تصنع تخلف وسفاهة تعيدك للوراء ... الأمر الذي يأخذنا أن الفرد قد يفهم أسباب تذمره ونقمته على بيئته دولته حاكمه إن كان في بيئة ودولة متوحشة أو فقيرة أو فاسدة أو غيرها لكن ما لا يُفهم أنه لا يكتفي بالموجود ولا المتوفر إن كان في بيئة مترفة منعمة إلا كون هذا الفرد أحمق وضيع ينتمي لسلالة العبيد وتتملكه جيناتهم ... وما بين هذا وذاك كلاهما يكونان عرضة لسلب الإرادة وخطف القرار الذاتي منهما بشكل متناهي السهولة ... فالناقم تدفعه الرغبة الجارفة لتحسين وضعه والمُنعّم يدفعه الطمع بالمزيد من الترف وهنا يأتي دور الصيادين من دهاة السياسة والفكر في إدارة الفرد والجماعات والمجتمعات بالسيطرة عليهم وقيادتهم حيث تشاء أنت مع شعورهم بأنهم يسيرون وفق إرادتهم هم ؟

الأمريكي "إدورد بيرنيز" مؤسس مصطلح "العلاقات العامة" في 1920 يعتبر من دهاة العقول التي كانت تتلاعب بالعقل البشري بأطراف الأصابع ... فهو صاحب استراتيجية "أعطيك ما تريد لكن في الحقيقة أنت نفذت ما أنا أريد" ... ومن هذا الأمريكي الذي أبدع وطور الثقافة الإستهلاكية وهو أول من اخترق وغيّر في "العقيدة النسائية" من خلال استعانة شركات التبغ بهذا الرجل ... وآنذاك كان تدخين المرأة يعتبر عيب أو عادة منبوذة أو تدل على سوء خلق وسمعة للمرأة ... وكان التدخين محصورا على الرجال فقط وكان التدخين من علامات الرجولة المكتملة للعنصر الذكري من الجنس البشري ... وحتى يزيد من مبيعات منتجات التبغ أقحم المرأة في مسألة التدخين ودخل عليها من باب "قرارك الحر - استقلال شخصيتك - لا تسمحي لأحد أن يستغلك - أوقفي عنصرية الرجال - حقك بأن تفعلي ما تشائين" ... وبالفعل في زمان "إدورد بيرنيز" أشعلت المرأة السيجارة علنا أمام العامة في الشوارع والطرقات والنوادي والمسارح والطائرات حالها كحال الرجال ... الأمر الذي أدى إلى استغلال المرأة فيما بعد في إعلانات السجائر والتبغ وصولا إلى الأماكن السياحية باستعراض الفتيات بالمايوه للتسويق للأماكن السياحية مع شرط تدخين المرأة على اعتبار وجود الحرية وهو أيضا أول من أقحم أنوثة المرأة بالتسويق لشركات السيارات في المعارض الدولية ... ليتجسد تدخين المرأة وتترسخ القناعة أن التدخين المفرط تعبيرا عن حالة الغضب والتدخين الهادئ علامة على الإستمتاع ... كلها وقائع تؤكد أن إرادة الفرد يمكن أن يتم اقتحامها ومن ثم توجيهها إلى الأهداف المطلوبة ... تمام الأمر يتمثل في فن عرض المنتجات في الأسواق والجمعيات والمولات والتي لو أجريت فحصا نفسيا حقيقيا فلا تندهش أن 99% من رواد الأسواق يخرجون من المُجمّعات والمولات وفي عميق أنفسهم الرغبة الشديدة للشراء لكنهم لا يملكون المال الكافي لذلك ... وهنا نتعمق في المسألة لنركز عميق انتباهنا على المال وعلاقة الإنسان التاريخية بالمال الذي صنع مجتمعات وأسقط شعوبا واخترق حكاما وسياسيات وأنشأ اقتصاديات وهدم اقتصاديات ... ولذك في سبعينات القرن الماضي خرجت استراجية "القاتل الإقتصادي" والتي كانت تعني أرسال رجال أعمال أثرياء إلى دولتك فيشترون مؤسسات ويؤسسون شركات ويوظفون أبناء بلدك ومن باب الإستثمار يتم اختراق أمنك القومي وصولا إلى اختراق قصور الحكم ... حتى يصلوا إلى لحظة انهيارك الإقتصادي وتحطيم البورصة أو العملة الرسمية للدولة وإفلاس البنوك وغيرها من أدوات التدمير الاقتصادي ... كل ما سبق وأكثر ليؤكد أن الفرد قابل للإستغلال بدافع الطمع أو الجشع وصولا إلى دافع تحسين وتغيير مستواه ... لأن الطبيعي أن الجميع يكره الفقر ويهرب من الفقر ولذلك كل الدراسات الإستراتيجية التي تحدثت عن الإرهاب وأسبابه عللت أسباب كثيرة وعديدة لكن كان الفقر أهم نقطة رئيسية في كل الدراسات مهما كان مصدرها ... بمعنى أنك يمكنك أن تحصل على القتلة والمهربين والمرتزقة واللصوص من الدول والأحياء الفقيرة ... ولذك اليوم وتحديدا في عامنا هذا 2024 هناك شعوبا فعلا وحقيقة كل أمنياتهم الفعلية أن يجد من يستأجره ويرميه في أي جبهة قتال في أي مكان ولا يهمهم أن يعرفوا الأسباب لكن ما يهمهم هو كم راتبهم الشهري ... وهؤلاء سهل أن تجدهم في "أفغانستان - باكستان - أمريكا الجنوبية" شرط أن توفر لهم الراتب ما لا يقل عن ألف دولار + النقل الأمن + المأكل والمشرب ثم ارميهم حيث شئت ... وهذا النوع من البشر أتطيع أن أطلق عليه مصطلح "الإنسان صفر" أي وجوده من عدمه واحد لا قيمة له ؟



يتبع الجزء الثالث 



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم 





2024-02-01

تناقضات عقل الإنســـان وصراع غرائزه 1

 

طبيعة الإنسان وأي إنسان على وجه الأرض مرتبط أولا بالغريزة وبنسبة 100% ... ثم تأتي صفة الطمع والجشع لتحل المرتبة الثانية بعد الغريزة ... والغريزة هي النزعة السلوكية في باطن الإنسان كأساسيات لا تنفصل عن بعضها مثل "الطعام والشراب والأمان والخوف والفرح" ... ثم تأتي نزعة الطمع والجشع وهي أن يحصل الإنسان على أكثر من حقه وأكبر من احتياجه ليصنع تميزا ذاتيا في عميق نفسه ليصنع اختلافا عن الأخرين ... ثم في المرتبة الثالثة تأتي صفة "القناعة والإقناع" ومن هنا تتضارب كل عقول البشرية في المعتقدات الروحانية في الأديان السماوية في السياسة في الإقتصاد في البيع والشراء في القتال في الأوطان وصولا حتى في الزواج وفي كافة أنواع وأشكال العلاقات الإجتماعية ... ومن المستحيل تجد اتفاق بشري على أمر واحد ولو كان دينا سماويا ولو كان مبدأ منطقيا فالبشرية لا تتفق ولن تتفق على رأيا واحدا حتى لو فنيت نصف البشرية بسبب الحروب والمجاعات والأمراض ... وعلى سبيل المثال ضع مسلمين "واحد سني + واحد شيعي + واحد صوفي" واتركهم في منزل وأغلق عليهم الباب ليتفقوا وامنحهم مدة 3 أيام ... بعدها تفتح باب المنزل فستجده محطما بسبب ما دار بينهم من اختلاف بالرأي أدت إلى الاحتدام ثم وصلت للتشابك بالأيدي ومن ثم كل ما طالته أيديهم فحطموا المنزل بسبب خلافهم رغم أنهم من دين واحد ... وضع في نفس المنزل ونفس التجربة واجمع "سني سلفي + سني إخواني + سني ليبرالي" بكل تأكيد ستكون كسابقتها خلاف ثم تشابك بالأيدي ثم تحطيم المنزل رغم أنهم من نفس الدين ومن نفس المذهب ... وبكل تأكيد المذهب الشيعي في عميقه ما صنع الحداد لدرجة سفك الدماء فيما بينهم أي ليس أفضل ممن سبق ؟

تلك الحالات والأمثلة التي سقتها أعلاه هي متطابقة تماما بل ومتشابهة يكاد يكون صادم ومثير للدهشة لواقع العبودية في تجارة العبيد في أفريقيا ما قبل 1850 ... في البحث العميق عن كيفية ازدهار تجارة العبيد في أفريقيا وشحنهم لمختلف مناطق العالم لعرضهم في الأسواق وبيعهم وامتلاكهم ... والسبب كان خلافات وصراعات بين القبائل الأفريقية فكانت قبيلة تبيع الأخرى حتى وصلت الأمور إلى أن قبائل أفريقية كانت تتنافس من يقدم أفضل الخدمات للأجانب ومن يقدم لهم أفضل وأجود أنواع العبيد ... والجودة هنا يقصد بها عبيد الشباب ذوي البنية الصحية القوية والبنات ذوي الأجساد الجميلة ... فازدهرت تجارة العبيد بمقابل المال والسلاح كما أيضا ازدهرت الدماء حتى وصلت قيمة الإنسان = 0 ... وكما أسلفت في موضوع "ماضي وحاضر العنصرية" في مواضيع 1-2024 على هذه المدونة ... فإن الأديان السماوية "اليهودية والمسيحية والإسلامية" لم تحرم بيع وامتلاك العبيد نهائيا بل نظمتها وعززت تشريعها في غريزة وطبيعة بشرية تمتد لأكثر من 10 آلاف سنة ماضية وأكثر ... في تطور الغرائز بأشكال مختلفة متعددة مثل "غريزة المال - غريزة الحكم - غريزة القتال - غريزة النساء - غريزة الأطفال - غريزة التعذيب - غريزة العبيد - غريزة التحريض" وغيرها الكثير ... وسبب هذه الغرائز التي ظهرت بشكل متتالي هو تطور الزمان والتغيير المهول في المجتمعات البشرية وطبقاتها الإجتماعية ... مما أثار وأدى ظهور عقليات قد تختلف أو تتفق معها لكن لا يمكن أن تتركها دون التعرض لها في الكشف والتحليل كدهــــاة العقول ... ودهاة العقول بالمناسبة من بين كل مليون إنسان لا تجد سوى 100 كأفضل تقدير وألف من كل مليار 1.000 ... أي ونحن بتعداد 8 مليار نسمة فإن دهاة العقول لا يتجاوزون 8.000 فرد ... ودهاة العقول لا دخل لهم بالمهارات الفردية الخطيرة والنادرة فالعقل شيء والمهارة شيء أخر مختلف تماما ... والسامري من قوم "بني إسرائيل" كان من دهاة العقول بالمناسبة ... وداهية العقل هو من يفكر ويحلل بشكل مختلف خارج عن المألوف وخارق للعادة لا يقيده علم ولا قانون ولا مجتمع ولا دين ولا عقيدة ... عقل استثنائي من نوعين الأول : يوظفه للكسب المادي والشهرة ليتمكن من الوصول إلى بلاط الحكم بهدف المنفعة الشخصية الصرفة ودائما يبحث عمن يدفع أكثر ويقدر قيمته جيدا ... والثاني : يوظفه لذاته أولا ثم للبشرية في محاولة لإصلاح المجتمع مدركا نهايته البديهية فيتساوى أمامه الليل والنهار واليوم وغدا بمعنى أنه أدرك النهاية فاستبق التنبيه للجميع ؟

تعمق في أسرتك ثم في عائلتك في مجتمعك ثم في دولتك ... لن تجد اتفاق على أمر واحد ومن يتفق معك فقد اتفق على مضض أي ليس باقتناع إلا ما ندر ... ومن هنا ظهرت المجتمعات الحرة ومجتمعات العبيد أي مجتمع يتحدث وينشر ويناقش مشاكله بحرية بسبب حاكمه وحكومته باتفاق مسبق ... ومجتمع متخلف لا يناقش لا ينتقد خوفا من انتقام الحاكم وسياط حكومته ... وهذا تأكيد أخر لواقع أن البشرية لا تتفق ولن تتفق بدليل ما أمن للرسل والأنبياء إلا القليل من بعض قومهم ... ورسولنا عليه الصلاة والسلام تحول من الصادق الأمين إلى الساحر الكذاب المجنون ... وهنا مفارقة الإدراك تتجلى بقوة دافعها ليس الرسول بذاته بل الوجاهة الإجتماعية وغريزة الجشع والطمع التي تقاوم أي تغيير قد يتسبب بفقدان التميز بين أفراد المجتمع ... مثل شخص يمتلك 300 عقار يوفرون له دخلا شهريا 10 ملايين دولار تأتي الحكومة تعدل قوانين العقار والإيجارات والتملك بديهيا يتحول المالك إلى معارض للحكم بذاته وليس حتى للحكومة ... والسبب منطقيا أنك ضربت أرباحه الشهرية التي تضمن له تميزا بين أفراد المجتمع في حالة من غريزة الطمع والجشع ... تلك الحالات التي سردتها أعلاه كلها أدت إلى ظهور من يحلل تلك الحالات من خلال وقائع على الأرض وحالات واقعية تمارس كل أشكال الغرائز من الحاكم إلى المحكوم ومن التاجر إلى الفقير ... ومن هنا ظهرت النظريات والتحليلات وصولا إلى توسع خُرافي في أبواب علم النفس البشري ... فشرحت وفصلت تلك التحليلات في سلوك الأفراد والجماعات وصولا إلى المظاهرات والثورات الشعبية وأسبابها وتداعياتها ... حتى أنها لم تترك سلوك الحاكم وكيف يصل للحكم وأدواته ومن هم أعوانه وأنواعهم من شخصيات ... وهذا ما سوف أتوسع فيه كشفا وشرحا في الأجزاء القادمة ؟



يتبع الجزء الثاني 



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم