2020-08-25

الجهــل والحماقـة في فهم الحسابات الوهمية ؟


قد تعذر السواد الأعظم من العامة بعدم درايتهم في خبايا وأسرار عالم الإنترنت والشبكة العنكبوتية العالمية بحكم أن الأمر لا يعنيهم ومجرد معلومات أساسية والكل يستخدم الإنترنت ... لكن الصادم في الأمر أن حتى المتخصصين دخلوا في الجهل وليس عدم الدراية فحسب لا بل الجهل بعينه فشطحوا شطحا مؤسفا فرموا بالمعلومات الكاذبة وأنهم يستطيعون ويستطيعون ثم يستطيعون ويستطيعون ... والحقيقة هي أنهم لا يستطيعون شيئا بل خيّـل إليهم أنهم يستطيعون ومن أجل إقناع مسؤليهم وحتى لا يفقدوا وظائفهم وربما عقودهم دلّسوا على الأخرين قدراتهم الخرافية التي بالتأكيد غير حقيقية ... ليس هذا فحسب بل محكمة التمييز التي أصدرت حكما بتجريــــم "الرتوت" في موقع التواصل الاجتماعي هي أصلا تعرضت للتدليس وللخداع وأن هناك من ظلل السادة القضاة فرمى لهم أمرا لا أساس له من الصحة ... ومن الحكومة إلى مجلس الأمة إلى القضاء إلى الكبار من جيل "الروبية" كلهم يظنون أنهم يفهمون حقيقة ما يحدث وهم لا يعرفون بل هم لا يريدون أن يفهموا لأن لو فهموا يستحيل أن يطلقوا تصريحات "غير مسؤلة" عن أمر هو أصلا ليس بأيديهم ... يا سادة إني لكم ناصح أمين وأقولها لكم وعلنا : لا تطلقوا حديثا وتصريحات في أمر أنتم تجهلونه وأن هناك من لا يريد أن يخبركم بحقيقته تجعل المتخصصين الحقيقيين والمحترفين يضحكون عليكم ... أستخدم إسمي الحقيقي أستخدم إسم مستعار إنت شكـــــــــو ؟ إنت منــــــــو ؟ إنت شنو علمك وخبرتك في عالم ومجتمع الإنترنت ؟ وتلك الأسئلة ليست تحقيرا لكم بل هي أسئلة موضوعية نطلقها لمن يجهل عالم الإنترنت ويتحدث دون معرفة علمية واقعية حقيقية للعالم الإفتراضي ؟

إن عالم الإنترنت أكبر مني ومنكم ومن كل أجهزتنا الأمنية بل نحن مجرد نملــــة في وسط غابة إنه عالم يفوق العقل البشري فظاعة وجنون وتعقيدا ... عالم ليس مستحيل بل من سابع المستحيلات أن تسيطر عليه ولا حتى بـ 10% بل كل القوانين والإجراءات المنظمة للعالم الإفتراضي "الإنترنت" لم تستطع مطلقا أن تسيطر على هذا العالم ... وسلوك مستخدمي الإنترنت في التسعينات كان أكثر انضباطا وممارسة في الماضي لكن بعد عام 2003 – 2005 حدث انفلات في سيكولوجية المستخدم "مع عدم التعميم" ولما ضيقت القوانين في الإتحاد الأوروبي غاص مجانين الإنترنت فصنعوا لهم عالم أخر وهو عالم الـ "Deep web" ... وهذا "العالم الإفتراضي" خـــــارج عن سيطرة كل حكومات العالم بنسبة مليـــار% لكنه أيضا يوجد فيها جواسيس ورجال المخابرات الدولية ... وهذه المقدمة لإثبات أن عالم الإنترنت أكبر منا جميعا + أن هناك أسس تأسس عليها عالم لإنترنت وأهمها "الإسم المستعار-Nick Name" أي أن الأصل والأساس في عالم الإنترنت هو الإسم المستعار وليس الإسم الحقيقي ... فمسألة كشف الإسم الحقيقي هي عدم دراية بحقيقة عالم الإنترنت ولذلك شبكة الإنترنت في العالم موصلة عبر "الكابلات البحرية" التي تبدأ من مصدر الإنترنت الأول في أمريكا وتمتد وتنتشر في كل العالم ... وتلك الميزة معروفة وليست سرا حتى تراقب الأجهزة الأمنية كل مستخدمي الإنترنت حفظا للأمم والشعوب من الهجمات الإرهابية والتجارة الغير مشروعة وما غير ذلك ... إذن الحسابات الوهمية هي الأصل والأساس الذي أنت وغيرك تريدون تغيير أصل وأساس عالم الإنترنت وهذا ضربا من الخيال ومن سابع المستحيلات أن يحدث حتى تقوم القيامة أو تسقط وتنهار "الشبكة العنكبوتية" بأسرها ... ولو سألت لماذا 90% من مستخدمي الإنترنت يستخدمون "الأسماء المستعارة" فالإجابة جدا بسيطة وهي لمنح المستخدم حق التعبير وأمان التعبير وبمعنى أدق لو ابنة حاكم أو زوجة مسؤل سيدخلون عالم الإنترنت باسم مستعار حفاظا على الخصوصية ومنعا للإنتقاد ... وفي الكويت في مجتمع لا يزال يحافظ على خصوصيته والـ "العيب والحشيمة" فزوجتك أو أختك أو أمك تدخل باسم مستعار حفاظا على إسم العائلة وفي جهة أخرى تمارس حريتها بالتعبير بعدما ضمنت أمان خصوصيتها ... والأسماء المستعارة هي أصل وأساس عالم الإنترنت أما من يدخل بإسمه الحقيقي فهذا هو شذوذ الممارسة في العالم الإفتراضي ومع ذلك لم يعترض أحدا على ذلك لكنكم تريدون فرض وتغيير الأصل والأساس فقط لأن الأمر لا يعجبكم ... فإن لم يعجبكم لستم مضطرين للمناكفة ولسنا مضطرين لأن نتحمل جهلكم في عالم أنتم أصلا تجهلونه بدليل كل منكم وبنسبة 99% يفتح موبايله يغلق كمبيوتر ولا يعلم أصلا كيف اشتغل الجهاز أو الموبايل وكيف أغلق وماذا حدث في قلب الجهاز "شغل وادخل انترنت وخلصنا" ؟
 
كما أنتم انفجرتم غضبا وانزعاجا نحن مثلكم تماما أسائنا ما يكتب وما ينشر من تهم لا دليل عليها واتهامات الكذب فيها لا يقبل الشك مطلقا وقد كتبت ونشرت عن هذا الأمر كثيرا ... لكن أنا أسألكم : كم حساب شهير بالكذب والتدليس وملعون لعنة الشياطين على ما ينشره ؟ ... 5 أو 10 ؟ ودعوني أبالغ وأقول 20 ؟ لنبالغ ونقول 100 حساب ... فماذا يكونون من بين 4 ملايين مستخدم إنترنت في الكويت وفق تصريح رئيسة النادي العالمي للإعلام الإلكتروني في الكويت السيدة "هند الناهض" في 13-6-2020 ؟ وما تأثيرهم على مليونين مستخدم توتير في الكويت ؟ وما تأثيرهم أو قيمتهم أو أهميتهم على أكثر من 500 ألف حساب فعّـال في تويتر ؟ ... الإجابة المنطقية هي لا شيء ولن يكون هناك شيء بل من المخجل أني شخصيا ألتفت لمثل هؤلاء ممن يملكون أخلاق وضيعة وضمير مجرم مثل الذباب الإلكتروني شرذمة اشترت جهنم وباعت الجنة ... فهل تستنفر لمزيد من قمع الحريات بسبب شرذمة ساقطة وتُسبب ضررا بالغا في سمعة الكويت التي تراجعت عالميا بسبب قوانينكم المقيدة للحريات ؟ ... أليست قوانين قمع الحريات وتراجعها راح ضحيتها مواطنين دفعوا ثمن مواقفهم الوطنية للدفاع عن وطنهم الكويت ؟ ... إن الدولة التي تسقط بسبب تغريدات مجرمين وعديمي الضمير 5 أو 10 هذه ليست دولة بل هذه دولة ورقية لا تستحق أصلا أن يطلق عليها مصطلح "دولــــة" ونحن في الكويت دولة تمتلك كافة أصول وأسس ومؤسسات الدولة الحقيقية مكتملة الأركان والأوجه والممارسات ... سبني سبيته بلوك أو تقديم شكوى في تويتر وانتهى الموضوع شنو يعني أحرك واستهلك أمن وقضاء على ممارسات أتفه بكثير جدا من أن تنظر الدولة والقضاء في أمرهم لتتحول "سبني وسبيته" إلى تجارة خسيسة بالإضافة إلى حماية للفاسدين من كشفهم وفضحهم ... ومن يدخل أو يسجل حساب بإسمه لا يعني أنه ملاك الله على الأرض ولا يعني أنه محصن من النقد ولا يعني أنه واضح وشفاف بل هذا قراره الشخصي هو من قرره ولعلمك في "عالم الإنترنت الإفتراضي" هذا يعتبر قرارا شـــاذا ... هويتي الحقيقية مكانها في التطبيقات والمواقع الحكومية الرسمية والبنوك لإنجاز المعاملات والإستعلام عنها فقط والأسماء المستعارة ليست ظاهرة بل هي أصل عالم الإنترنت والأسماء الحقيقية هي الظاهرة الحقيقية ... أما الضرر الاجتماعي فهو بسبب سلبيات المجتمع نفسه لأنه أصلا لا يوجد مجتمع ملائكي ولا توجد حكومة صالحة 100%  ... والحسابات الوهمية هي من كشفت عن الأخطاء الحكومية والفساد بنسبة لا تقل عن 90% بل هناك حالات وقضايا لم تعلم عنها الأجهزة الأمنية والرقابية إلا بعد أن كشفتها حسابات الأسماء المستعارة ... التي دائما تتخذ الإسم المستعار لعدم رغبتها بالشهرة أو منعا للإنتقام ولا يعكس السيء القليل منه من حسن الكثير منهم وبنسبة الحسن لا تقل عن 95% ... وأنا محدثكم بفضل من الله قد نجحت بإغلاق أكثر من 15 حساب مسيء للكويت عبر التواصل مع إدارة تويتر بدافع أخلاقي ووطني صرف ... هل تعلم عن ذلك ؟ كلا ... هل تعتقد أننا نريد منك شكرا أو مالا ؟ كلا ... لكنه الدافع الوطني والأخلاقي وأترك لخيالك العنان كم كويتي وكويتية مارسوا سياسة التبليغ ونجحوا بإغلاق حسابات مسيئة ؟
 
هاتوا متخصصيكم محترفيكم لا بل هاتوا من خارج الكويت دهاة عقول الإنترنت واسألوهم : لو أغلقت حساب فلان هل ينتهي أم يستطيع أن يفتح 100 حساب غيره ويمارس العناد ويعود بقوة وبقسوة أكثر ؟ ... إسألوهم : لو استخدمت برامج الـ VPN هل شركة الإتصال الإنترنت تعلم عنك شيئا ؟ واسألوهم : خط إنترنت من غير بيانات أو "هندي أو بنغالي" تم تسفيره واستخرجت على بطاقته خط إنترنت ثم طبقت أنظمة أكثر قوة من برامج الحجب هل تستطيع معرفة هويتي الحقيقية ؟ ... واسألوهم : لدي "إنترنت ساتلايت" هل تستطيع أصلا أن تعرف الـ IP address بدون حتى أن أستخدم برامج الحجب ؟ ... واسألوهم سافرت أوروبا أو شرق أسيا واشتريت شريحة انترنت واستخدمت برنامج حجب ونشرت في قلب دولتك أسرار تمس الأمن القومي فهل تستطيع منع ذلك ؟ ... دخلت على الـ "Deep web" وأنشأت صفحة ونشرت فيها مصائب دولتي بمسؤليها ثم أرسلتها على الواتساب من أرقام وهمية حتى يتبادلها العامة وتنتشر هل تستطيع منع ذلك ؟ ... إسألوا كل متخصص ومحترف : هل تستطيع اختراق "واي فاي" وأنت جالس في كافيه أو حتى ديوانية أصحابك ومن ثم تشبك عليه وتكتب تغريدة خطيرة ثم تفصل الإختراق وتخرج آمنا ثم تقع المصيبة على المسكين الغافل ؟... كلها كلا كلا كلا كلا وكذاب ثم كذاب من يقول لكم أنه يستطيع أن يسيطر على ما سبق ... إذن يجب أن تعلم أن السيطرة الواقعة في الكويت لست أنت سببها بل وعي الناس بالدرجة الأولى ثم مخافتهم من الله وأخيرا الردع القانوني أما أنت إن كنت تظن أنك تسيطر على الإنترنت فأنت جاهل لدرجة تستحق الشفقة ... يا رجل أنت وشركات الإنترنت والأجهزة الأمنية كلكم عاجزين 100% عن مراقبة ورصد محرك البحث "Tor Browser" ولست أنت فحسب بل حتى 90% دول العالم فعن أي هراء أنتم تتحدثون وكيف تم تظليلكم إلى هذه الدرجة وكيف سلمتم عقولكم وصدقتم من يدعي أنه متخصص ومحترف وكيف تتحدثون بشكل لا يحترم عقولنا !!! ... أنت وأنتم كحكومة وكقضاء كمجلس أمة كأمن من يجب أن تكونوا ممتنين للوعي الشعبي الذي يحمل مسؤلية صحة وسلامة استخدام الإنترنت لا أن تمارسوا التضييق على الحريات دون أن تعرفوا النتائج العكسية التي ربما تنجم عن ذلك ... واعلموا أن الدول التي ضيقت الحريات على الإنترنت كانت هي الدول الأكثر فساد منعا لضرب الفاسدين وحماية لهم تحت ذرائع لا أساس لها من الصحة ... مثل فضيحة تجريم "الرتوت" هي خاصية من قلب وصلب وأساسيات موقع تويتر لها أسبابها التي تدل إما على اقتناع المغرد بالمحتوى أو ربما لنشرها حتى تصل إلى المعنيين بالأمر او عل وعسى من يخرج ويؤكد صحة ما هو مكتوب أو يكذب ما هو مكتوب لينشأ نقاش موضوعي في هذا الشأن ... ولأنك فاشل وعاجز لم تحاسب موقع تويتر العالمي بل تجاوزته خوفا ورعبا من الإنتقاد العالمي فتحايلت وذهبت لضرب الحلقة الأضعف وهم المغردين والأصل أن تحاسب الموقع الذي هو صاحب الصفة والإختصاص والمالك والمراقب والمسؤل لا المستخدم ودليل جهلك أنك جرّمت الـ "Retweet" وتركت الـ "like" مع أن الصفتين والميزتين هما من نفس الموقع ومن نفس التغريدة لكن الموقع سمح لك بمعرفة من استخدم الـ "Retweet" وحجب عنك معرفة من استخدم الـ "like" ليصبح الموقع هو من تلاعب بك لا المغردين ... وإني محدثكم أستطيع أن أفعل ما تشيب له الولدان منعا لمراقبتي على الإنترنت لكني لا أفعل ذلك لثقتي المطلقة أني أمارس ما لا يخالف القانون ولا أي شيء أخر مستخدم إنترنت عادي يدخل على مئات المواقع شهريا راقبني حتى تذهب للمقبرة للصلاة علي لا مشكلة لدي نهائيا ... بل لو طلبت مني جهة سيادية نسخ أرشيفي كاملا لنسخته لهم كاملا بدون أي حذف ولا 1% منه دون أي تردد لسبب بسيط "لا تبوق ولا تخاف" ... تلك النقطة التي أعمت أصحاب الكراسي والمناصب عن فهمها ويظنون أن قمعهم هو الحل بل هو الجهل دون أن يشعروا وإني أحذركم تحذير المختص بأن لا تضغطوا كثيرا على الحريات وعلى المواطنين ... وافهم أن كثر الضغط سيولد حالة عداء مباشرة مع المواطنين التي قد تؤدي إلى موجة استخدام الـ VPN وقتها ستغرق كل الأجهزة الأمنية في فوضى لا مثيل لها حتى تجد أن 50% من مستخدمي الإنترنت في الكويت يستخدمون الـ VPN لتكن سمعة الكويت بحرياتها هي الضحية ... احترموا وعي الناس واحترموا حريات المجتمع واحترموا فكـــر الإنسان وليس بسبب 10 ساقطين تدمر حريات مجتمع بأسره تحت ذرائع كاذبة والحريات لا تزعج إلا الحكومات والبرلمات الفاسدة التي توفر غطاء وحماية للفاسدين فإن كنت منهم فالمواجهة بيننا مشروعة ... وإن كنت عكس ذلك فدع الشرفاء والوطنيين هم من يدافعون عن وطنهم لا أنت بجهلك ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم





2020-08-22

احذروا ثم احذروا من القادم ؟


خلال الـ 10 سنوات الماضية وتحديدا من 2010 إلى 2020 تكبدت دول الخليج والدول العربية خسائر تتجاوز أكثر من 2 ترليون دولار = 2.000 مليار دولار ... وهذا مبلغ خرافي حُرِق على الربيع العربي ودمار سوريا والعراق وليبيا واليمن ومصر والمغامرات الصبيانية في لعبة النفط ... أكثر من 2 تريليون دولار كانت أكثر من كافية من تسدد ديون كل الدول العربية وصنع مشاريع ونهضة لم يسبق لها مثيلا في كل التاريخ العربي ... ثم كنا نحن والعالم على موعد هو الأول من نوعه في كل التاريخ البشري أن يضرب البشرية وباء كورونا الذي ضرب أكثر من 100 دولة حول العالم وأصاب أكثر من 23 مليون نسمة سبب وفاة أكثر من 800 ألف نسمة وقدر صندوق النقد الدولي خسائر الإقتصاد العالمي بسبب كورونا بـ 9 تريليون دولار ... ثم من غير موعد وفجأة دون سابق إنذار ضرب العاصمة اللبنانية بيروت انفجار تساوت قوته بربع القنبلة الذرية التي ضربت "هيروشيما وناكازاكي" اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية ... وفي كل حدث كارثي مما سبق صال وجال العامة والمحللين والإقتصاديين والسياسيين بالتحليلات وسرد النظريات عل وعسى يجد أحد منهم ضالته لفهم أسباب ما حدث كل حسب اجتهاده ... وإني لأرى أنها علامات من ربكم فيها رسالات تحذير للجميع باستدلال سورة السجدة في قوله سبحانه { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهـُـــم يرجعون } والعذاب الأدنى هي المصائب والكوارث قبل العذاب الأكبر أي يوم القيامة ... ولو تفحصتم الكوارث التي وقعت بعد حدوثها فبالتأكيد قد وصلتكم رسالاتها ومضمونها التي دلّت وأثبتت حالة من العجز ضربكم جميعا بمعنى تشهدون كوارث العراق وسوريا واليمن وليبيا ولا تستطيعون فعل شيء ... ثم ضرب العالم فيروس كورونا فضربكم شلل مطلق في كل حياتكم حتى أن أكثركم لم تتهيأ نفسيته لتقبل عودة الحياة لدرجة أن أصحاب المال والثراء في لحظة اكتشفوا أن أموالهم لا قيمة لها ووقفت عاجزة من أن تفعل أي شيء فتساوى الغني والفقير في وضع غريب استثنائي لم يحدث مثله من قبل ... ثم جاء انفجار العاصمة اللبنانية فكانت رسالة وصلت لكل البشرية في كل دول العالم لدرجة أن هناك الملايين لا يعرفون أين لبنان على الخريطة فعرفوها من الإنفجار فكان انتشار الخبر هي الرسالة ؟
 
عاد الكثيرين في العالم بعد كورونا إلى مفاسدهم وعاد الأشرار إلى مزاولة أعمالهم في كيفية تعويض الخسائر وإن كان مالا حرام وإن كان على حساب الأبرياء ... وعاد السياسيين لأكاذيبهم وجرائمهم مثلما عادت عاهرات المراقص وبيوت الدعارة لمزاولة نشاطهم مثلما عاد تجار المخدرات لتجارتهم وكالعادة مثلما يتجاهل العالم الفقراء والمحتاجين ... فهل اتعظ أحدا من الحروب ؟ كلا ... وهل من اتعظ من كورونا ؟ كلا ... وهل من فهم العبرة من انفجار بيروت ؟ كلا ... وهل هناك من شعر بألم من فقدوا وظائفهم ومن انتكست أحوالهم المالية بسبب كورونا ؟ كلا ... وهل توقف المنافقين عن نفاقهم وأكاذيبهم ؟ كلا ... كلا وكلا ثم كلا وكلا ... انظروا إلى فرحة عشاق كرة القدم بسبب عودة النشاط الرياضي وكأن لم يحدث شيئا !!! وانظروا إلى لهفة عشاق السفر والسياحة وكأن لم يحدث شيئا !!! ... لقد كان عذرهم الحياة تستمر ولا تتوقف وهذه مقولة صحيحة لكن ليس في حالة وباء كورونا الذي لم يسبق له مثيلا في كل التاريخ البشري ... فعليك أن تتوقف وتفهم وتراجع نفسك فإن ربكم في تدبيره لتسيير الكواكب والأرض ومن عليها من كائنات نعرفها وما لا نعرفها لا يحدث أمرا إلا لسبب ولهدف وبشرط الحدث لا يحدث إلا بعلمه وبأمره سبحانه وتعالى ... فحالة الحرب بين الدول أو بين أبناء الوطن الواحد قد نتفهمها وقد حدثت والثورات الشعبية وسقوط أنظمة الحكم أيضا نتفهمها وقد حدثت لكن دول وشعوب وقارات يضربها الشلل الكامل فهذا ما لم يحدث نهائيا في التاريخ ... ثم انفجار بيروت الذي بعده بأيام وأسابيع انتشرت مئات الفيديوهات التي صورتها كاميرات المراقبة في الطرق والشوارع والمحلات والأماكن العامة والمستشفيات لم تكن أفلام سينمائية من وحي المؤلف والمخرج ... بل كانت رسالة ذات مغزى عظيم لتنظر بأم عينيك بأنك آمن بسبب الله وحده لا شريك له وبفضله وبحفظه وفق أقداره وأنك يا ابن آدم لا يصور لك غرورك وشيطانك بأنك تملك الأسباب ... واعلم يا ابن آدم أنك إن خرجت من دارك وعدت إليه سالما فهو بفضل من خالقك لا بسببك ولا بذكائك ولا بدهائك فأنت أتفه من تفهم حتى موازين الخالق عز وجل مهما كان منصبك ومهما ملكت من المال ومهما بلغت من العلم ... وإن ما يحدث في عالمكم ومجتمعاتكم من "المجــــاهرة بالمعاصي" لهو أمر عظيم وبلاء كبير حل علينا من خلال التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي "تفسخ وعري وإغراء واعتداءات وقتل وسرقات" ... إنها حالة من الإنفلات الأخلاقي الذي ضرب البشرية دون النظر للدين أيا كان وبلا أي استثناء في كل دول العالم أي في كل مجتمع وفي كل دولة أصبح المجاهرة وكأنها قوة وفخر ... أنا وأنت وأنتي ونحن وهم كلنا نصيب ونخطئ وتصل درجة الخطأ إلى درجة الإنحراف لكن لا تصل إلى المجاهرة بالأفعال حتى وصلنا إلى وقت وزمن أصبح اللص يكذب دون حياء والفاسد يستشهد بكلام الله والمنافق يهدم مجتمع ثم يستغفر وينام وكأن الله غفر له ... وطالما البشرية بكل أديانها لم تفهم تلك الرسائل ولم تتقي الله فارتقبوا ما هو قادم ولا يلومن الناس إلا أنفسهم فقد عـُـــذِر ربّـكم فيكم منذ وقت طويل فما لتماديكم وغروركم وغيّـكم إلا عقاب ونوازل ومصائب الدنيا وخزي الأخرة "إلا من رحم ربي" ... والقادم لا يسر ولن يسر المجرمين والظالمين والمستهزئين والجاهلين { يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضل الله الظالمين ويَفعل الله ما يشاء } إبراهيم ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم





2020-08-20

عبودية الفرد واستعباد المجتمع 4


بعدما سبق من الأجزاء الثلاثة السابقة لن يتضح لنا أسباب عبودية الفرد واستعباد المجتمع إلا أنها حالة ذات توارث مشترك ما بين "الحاكم والمحكوم" ... بفعل إرث تاريخي يمتد عند الغرب منذ آلاف السنين وتم تصحيح وتعديل المسار ما بعد الحرب العالمية الثانية لسبب رئيسي وهو "بداية عصر الإقتصاد العالمي الجديد" ... أما عند أمة العرب فالأمر له صفة التوارث في الحالة النفسية بصناعة حالة من الخوف والرعب التي تصل بالإنسان إلى حالة من الخنوع والتذلل للسلطة التي توارثت السلطة جينات البطش والإستبداد والتفرد بالقرار من تاريخ يعود لأكثر من 1300 سنة ماضية من عصور الخلفاء والأمراء ... إثر ذلك تولدت حالة من التوجس والحذر من السلطة لدى الدول العربية الديمقراطية والرعب المطلق في الدول التي تنعدم فيها الحريات بتسلط حكم الفرد على كامل أساسيات الحكم في الدولة ... وهذا الأمر ظاهريا نتلمسه ونرصده بحالة الأسرة نفسها التي ما أن يخرج فردا منها ليعبر عن رأيه الشخصي وفق قناعاته إلا ويجد أمامه حائطا من الصد والمنع لإجهاض رأيه دون النظر إن كان صحيحا أو خاطئا ... والأمر الأكثر أهمية والذي يجب أن لا نغفل عنه بل وأحذر منه هي حالة "غوغائية الشارع" التي بسبب رأيا سياسيا يمكن أن يخرج الجهلة والسفهاء إلى الشارع ليضربوا مصلحة الشعب كله في عرض الحائط فقط حتى يحققوا ما يعتقدونه بأنه "مكافحة فساد" أو "وطنية" وهذه الغوغائية في الغالب توجد في الدول العربية والغربية الديمقراطية ... التي يفشل الشعب نفسه بإيصال الصالحين فيستبعدهم ويقدم عليهم الفاسدين أو الفاشلين فيشتاط غضبا الصالحين فيتحدثون فيندفع الجهلة فيحدثوا ضررا معنويا بالغا وضررا في الشارع والممتلكات مع أن الحل يكمن في البرلمانات لا في الشوارع وفي صناديق الإقتراع لا بالتخريب والسماح للخارج بالتدخل في شأن البلاد والعباد ... مع التنبيه أن "غوغائية الشارع" لا تحدث في الدول القمعية المستبدة لأنها أصلا لا تؤمن بحق الفرد بالتعبير عن رأيه ولا تسمح بالمطلق بأي شكل من أشكال التعبير عن الرأي فتقوم بضربات أمنية استباقية فتجهض أي فكر وأي حراك ... ومن الثابت من التاريخ الحديث أن هناك أمرا في غاية الأهمية وهو أنك كفرد يجب أن تقف في وجه "غوغائية الشوارع" لأن اليقين المطلق أن الشعوب "الديموقراطية" العربية والغربية أو حتى من لديها نافذة ديموقراطية لم تنضج بعد بدليل أننا كلما رأينا مظاهرات لم نجد سوى الفوضى والخراب والسفاهة والجهل ... بمعنى أدق لو مظاهرة فيها 5.000 فرد كن على ثقة أن الـ 5.000 لا يوجد بينهم فاهم وعاقل ومدرك للحقيقة إلا بما لا يتجاوز 200 فرد والباقي لا يعرف متى يعود لبيته ولا من يقود المظاهرة وما هي المطالب وعلى أي أساس مع عدم وجود أي ضمانات لسلامة المرفقات الخدمية للمجتمع ولا ضمان بحماية ممتلكات الغير من التخريب أو السرقة أو الإتلاف وهذه هي الغوغائية بعينها ... والشخصية الغوغائية تندفع بسبب ترسبات في مكنون الكره والأحقاد التي تراكمت منذ وقت طويل من خلال السمع دون فهم ومن خلال النظر دون تمعُن لدى الشخصية "المسيّرة" المنقادة بطبعها ولذلك يصعب على هذه الشخصية الفهم وإدراك المحيط لأن البيئة الحاضنة أي الأسرة تمنع وتحظر أي محاولة للفهم ... ناهيك أن في الكثير من الدول العربية هناك تقديس مطلق لكبير العائلة أو القبيلة وبالتالي الشخصية المقدسة إن تحدثت فإنه محرم البحث من خلفه أو مراجعته أو معارضته وتلك أيضا من أشكال "صناعة العبودية" التي ترسخت في المجتمعات العربية منذ قرون وليس عقود فحسب ... وبالتالي مسألة "استعباد الشخصية" أو إخضاعها هي مسألة لا تتوقف حصريا على الحاكم كلا وأبدا بل مسألة التسلط أيضا موجودة بل ومنتشرة على نطاق واسع في المجتمعات الخليجية والعربية ولا أقرب مثال أكثر من "الزواج بالإكراه" الذي أصبح أمرا مألوفا ومنتشرا على الرغم من أنه حرام شرعا ... والعنصرية المفرطة في الأنساب والتمييز بين البشر حسب اللون والدين والمذهب والمعتقد كلها أمثلة إجتماعية تؤكد وجود "عبــــودية" لا تقبل الشك 1% تمارسها المجتمعات العربية على نطاق واسع إذن هناك عبودية للفرد وهناك عبودية للمجتمع يمارسها الكثير من أفراد المجتمع وليس الحاكم فقط حصريا من يملك هذه الصفة ... وبالتالي عبودية الفرد كل يطبقها حسب الصلاحيات المتوفرة له وكل على حجمه ومستواه "إلا من رحم ربي" ؟ 

أما مسألة معرفة كيف تصنع الشعوب من حكامها طغاة ومستبدين لا تحتاج إلى عبقرية حتى تسردها بتفاصيلها فإن حكم الفرد فإنه يختار 5 من أفسد من يعتقد أنهم يدينون له بالطاعة العمياء وليس بالولاء فحسب ... فيُمنح الـ 10 سلطات واسعة تغذي شعورهم بالنزعة المستبدة والإندفاع بارتكاب الحماقات ثم يمنحون جزأ من سلطاتهم القمعية إلى 200 من قيادات مختلفة من الدولة ويمنحونهم صلاحيات واستثناءات تعزز حالة من تمرد النفس المكبوت لديهم كمن يطلق وحشا بريا في المدينة ... ثم الـ 200 يمنحون 80% من سلطاتهم إلى ممن يختارونهم من نفس الشعب ومن نفس المجتمع فيحولون الإنسان إلى آلة إجرام مدعوم من السلطة ولا يعرف الرحمة مطلقا ... فيتحول الـ 200 مسؤل مجرم إلى 200 ألف "طاغية صغير" فيصبح الحاكم "الطاغية الأول الأكبر" بمثابة إله مقدس لا تُرد له كلمة ولا يُعصى له أمرا ومن يخرج عليه فهو خائن للوطن وعميل للخارج ولا يموت إلا وهو كافرا ... وهذا ما حدث فعليا في التاريخ العربي والإسلامي قديما ولا يزال يحدث فتكتشف أن إبنك أحد الطغاة في عمله وأبوك أحد اللصوص المستبدين في الدولة أما حال الأسرة فهي حالة من التفاخر والعزة لأن ابنهم وصل إلى منزلة لا يصل إليها كائنا من يكون من مجتمع الرعاع أو يعمل في مركز من مراكز "السلطة السيادية" ... فنكتشف بالدليل قاطع الثبوت ويقين الواقع أن المجتمع يتحمل نتيجة ما يحدث له وهو غير معفي من الإتهام وصولا إلى أن ما يحدث له هو أمر مستحق نتيجة حالة من "التواطؤ الشعبي ألا مباشر" أي أن المجرمين بينكم وأنتم تعلمونهم علم اليقين مثلما تعلمون من هم الصالحون بينكم ... بدليل أن في أيامكم هذه ليس كل شعب يثق بحكامه ولا كل دولة لديها مؤسسات حقيقية بل هناك دولا معترف بها دوليا لكن في حقيقتها هي مجموعة عصابات تدير كيان "شبه دولة" بأسلوب المافيا والعصابات لا دخل ولا شأن لها بالدين الإسلامي ولا 1% وبالتأكيد مع استثناء الشعب الذي يرتعب من أبناء الحاكم وفي نفس الوقت لا يحترم والديه ... أي تجد مواطن يرتعب من مسؤل من الحاكم من أسرة الحاكم لكنه لا يخاف ولا يحترم ولا حتى يوقر والديه أو أحد والديه وهذه النوعية تلقائيا يجب أن تعرفها بأنها تنتمي إلى فصيلة العبيد التي لا تخضع إلا بالعصا ؟

إن المــــال هو أهم عامل في كل ما سبق من أجزاء الموضوع الثلاثة والذي دائما يكون المال سببا في الغزو والإحتلال وشكل إدارة الحكم والإستبداد بالرعية ومشاركة تجار الدين ... بدليل اليوم ونحن في 2020 ما أن تملك نقدا أكثر من 3 مليار دولار بل وحتى مليار واحد حتى تعرف بكل سهولة بأن أصدقائك يمكن أن يكونوا من حكام الدول ورؤساء الحكومات والسياسيين ... لكن المثير للدهشة أن رؤساء دول وحكومات يتوددون إليك على الرغم من أنهم حكاما وخزائن دولهم بأيديهم لكنهم يرغبون بالمزيد من المال ... وأظن وأعتقد أن هذه الحالة بسبب الشعور بالنقص بين الحكام أنفسهم فمثلا حاكم الدولة الفقيرة ينظر أنه صغير وضعيف أمام حاكم الدولة الغنية وحاكم الدولة الصغيرة يشعر بالحرج أمام حاكم الدولة الكبيرة على الرغم من أنهم يحملون نفس الصفة الرسمية وهناك أيضا حكاما يملكون ثقة بالنفس مبنية على قناعات سليمة وقناعات راسخة وأداء مهني رفيع ... بل حاكم الدولة الصغيرة يعرف تماما أنه شيئا كبيرا ومهما لدى رعيته لكن ذلك لا يكفي لأن طموح الإنسان لا حدود له والطموح ألا محدود هو ابتلاء من ربكم وجنون لا يقبل الشك ... فالمنطقي والطبيعي أن كل إنسان يجب أن يكون له طموحا لكن طموحا معقولا وواقعيا ومنطقيا فمثلا تخيل ضابطا قد تخرج من الكلية العسكرية ولديه طموح أن يكون رئيس الدولة فنسبة حدوث ذلك = 0.001% أي شبه مستحيل أو دبلوماسي في دولة غنية أو فقيرة لديه طموح بأن يصبح في يوم من الأيام الأمين العام للأمم المتحدة فنسبة حدوث ذلك = 0% ... وتاجر يحلم بأن يكون أغنى رجلا في العالم فنسبة حدوث ذلك = 0% لأن لا أحد يملك حقيقة صفة أنه أغنى رجل في العالم بل ولا أحد يعرف من هو أغنى رجلا في العالم إلا القلة القليلة جدا وتلك من أسرار الإقتصاد ... بل كل ما ينشر عن أغنى رجلا في العالم ما هي سوى أكاذيب إعلامية مدفوعة الأجر بهدف التسلية ومن ألاعيب التجارة الحديثة ... لكن يبقى المال هو أساس خير بعض الشعوب وبلاء الكثير من الأمم وعلى سبيل المثال نحن في الكويت شعب لا نعمل بحقيقة العمل ومعناه بدليل ليس لدينا صناعات متقدمة ولا تكنولوجيا متطورة ونستورد كافة احتياجاتنا من الخارج بنسبة 90% لكن سبحان الله أموال النفط كانت سببا في فتح أبواب الرزق للملايين من الخارج ومساعدة الملايين في الخارج . 

المال يعتبر عامل أساسي بل وهدف رئيسي في مسألة حكم أي إنسان في أي دولة وفي أي أمة عبر كل التاريخ البشري ففي الماضي من يملك يحكم ومن لا يملك لا يحكم أو يتم إسقاطه أو قتله ... وذلك لأن العامل الاقتصادي يعتبر من أهم عوامل حكم البلاد قديما فكانت مصادر الدخل إن لم تتوفر طبيعيا كانت الغزوات والحروب جزأ من التجارة الإقليمية ... فإن كانت دولة تمتلك صناعة الجلود فهناك دولة تملك صناعة أجود أنواع الأسلحة وعلى النقيض كانت دولة تصدر العبيد وكانت تعتبر تجارة العبيد من اقتصاد الدولة وهناك دول كانت تتميز بصناعة القمح والشعير كلها اقتصاديات متنوعة ومختلفة سادت في قديم الأمم وبعض تلك التجارات لا تزال قائمة لأنها من أساسيات الإنسان التي لا يستغني عنها ... لكن ظلت سياسة الحكم واحدة وثابتة على أسس لم تتغير منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا وهي من الحاكم ؟ وكيف يكون حاكما ؟ وكم يصمد حاكما ؟ كلها معايير الحاكم تتمحور بكيفية إدارته سواء طغيانه أو عدله ذكائه وغبائه حكمته وسفاهته ... لكن بعد ولادة "العالم الإقتصادي الجديد - الرأس مالية" تغيرت كل قواعد اللعبة السياسية في أكثر من 99% من دول العالم وحتى أنظمة البنوك المحلية والعالمية تغيرت كليا ... فلو نظرت إلى سياسيات البنوك العالمية قبل 1940 ستكتشف أنها تغيرت تماما بعد عام 1950 وممارسات والأهداف السياسية الأساسية في 1940 تغيرت ما بعد 1970 ... هذه التغيرات كانت بسبب ما خلفته الحرب العالمية الثانية ثم ظهور النظام الاقتصاد العالمي الجديد فتحول المال من "مركزية رأس المال" إلى "مشاركة رأس المال - الصناديق الإستثمارية"  ... ففي قديم التاريخ كان الصراع على الممرات المائية والأراضي الخصبة الطبيعية والأراضي التي تتفجر منها المياه العذبة ثم تطورت الأطماع "غزوات ونهب أراضي" ... ثم بعد تطور العلم إلى استخراج ما في باطن الأرض من ذهب وألماس ومعادن كثيرة مختلفة "احتلال عسكري لدول وشعوب" ... حتى وصل العالم في وقتنا إلى الحروب والصراعات للسيطرة على منابع النفط والغاز ... والنفط والغاز يعني أموال والأموال تعني نفوذ والنفوذ يعني قوة سياسية وسيطرة إقليمية التي تمكّن من يمتلكها بأن يقارع وينافس الدول العظمى ذات التفرد العسكري المرعب بالإضافة إلى الدول التي تمتلك تقدم صناعي وتكنولوجي ... ومن التاريخ القديم إلى التاريخ الحديث لم أجد إلا أن الإنسان هو سبب بلاء الإنسان والإنسان لم يتعظ من أخيه الإنسان ولم ولن يتعظ من التاريخ وممن سبقوه من حكاما وسلاطين وملوكا وأيضا الشعوب نفس الأمر ينطبق عليها فهي لم تتعلم من تاريخ أرضها وماضي شعبها ولم تأخذ بالعبر والعظة ولم تستفد من النتائج ولم تتعلم ولا تريد أن تتعلم ... وطالما لا حاكما يريد أن يتّعظ ولا محكوما يريد أن يَعتبر فلم اللوم والبكاء على أمما هي من اختارت ما هي فيه وهي من صنعت الطغاة وهي من خضعت لهم وهي من أهانت نفسها بنفسها فلا تلوم السيد بل لوم العبد ... وفي ختام موضوعي هذا أنصح الجميع بأن لا تنظر للحاكم بل انظر أولا إلى شعبه ولا تنظر إلى حكومة ما بل انظر إلى شعبها حتما ستجد كافة الإجابات للأسئلة التي تدور برأسك وليس هناك أصدق مما قاله ربكم سبحانه وتعالى في سورة الرعد { إن الله لا يُغّير ما بِقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم } ... أما أمر الله سبحانه وتعالى في الحكام فهو أمر واقع الإثبات فالشعب الخبيث يأتيه حاكم خبيث والشعب المنافق يسلط عليهم ربكم حاكم منافق والشعب المجرم يسلط عليه ربكم حاكما مجرما والشعب الخيّر الطيب يكرمه ربكم بحاكم طيب القلب محبا للخير قل اللهم مَالك المُلك تؤتي المُلك من تشاء وتنزع المُلك ممن تشاء وتعِـزُ من تشاء وتُـذِل من تشاء بيَدِك الخير إنك على كل شيء قدير } آل عمران ... وابن آدم يعلم أنه ليس مخلدا ويعلم بأنه جاء عاريا ويموت عاريا ويحاسب عاريا فما أوقح العاري وما أهلكه إلا غروره وشيطانه "إلا من رحم ربي" ... ولا توجد مشكلة على وجه الأرض أكثر من الإنسان نفسه فلا كتب ولا تحليلات تستطيع أن تلخص ماذا يحدث إلا كون الكائن البشري هو سبب كل شر وضر مثلما هو سبب إنقاذ الأخرين في صراع دنيوي أبدي ما بين الخير والشر في جهل لا يقبل الشك مطلقا ... وإن ربكم عندما أنزل أبوكم إلى الأرض وأنجبكم فأصبحتم من سلالته يعلم سبحانه أن خير الأرض يكفيكم بل ويزيد لكن قاتل الله طمع الإنسان وجشعه ولعن الله إبليس اللعين الذي ملك عبيدا من بني آدم والسلام ختام على من اتبع هدى الرحمن وليختر ابن آدم هل يموت بحفظ الرحمن أم على لعنة الشيطان ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم



2020-08-19

عبودية الفرد واستعباد المجتمع 3


من المفارقات العجيبة والغريبة أن القانون الذي يُنظم حياة الإنسان ويتطور بتطور الزمان والمجتمع هو نفس القانون الذي أصبح يُخضع الناس لرغبات الحاكم والسلطة بتفصيل على المقاس المطلوب ... وإن من أول علامات العبودية هو مصطلح "القانـــون" والقانون هو مجموعة أفراد تناقشوا على أمر ما ثم اتفقوا عليه ثم أصدروا قرارا بشأنه وهذا القرار يسمى "قانون" ... أي الأصل في الأمر هو الإنسان أو مجموعة أفراد وطالما الأمر من صنع الإنسان فالأمر لا يخلوا من الخطأ ولا تستبعد عنه فرضية الشبهة سواء منفعة أو مصلحة أو صناعة مركزية القرار أو تعزيز لمركزية القرار مع عدم استبعاد صحة ومنطقية القانون أي أن الأمر يتأرجح ما بين المسلحة العامة وما بين المصلحة الشخصية ... بدليل أن هناك ملايين القوانين التي ألغيت وملايين القوانين التي عدّلت في كل دول العالم مما يؤكد أن القانون ليس بالضرورة أن يكون أمرا مقدسا ولا يعني أن كل قانون وجب احترامه بل ليس من المفروض أن تثق بأي قانون لأنك لا تعلم متى سيتغير هذا القانون و "المقدس ثابت لا يتغير" وطالما أنه تغير هذا يعني أنه ليس مقدسا ... بدليل أن في الكويت ما قبل الدستور الكويتي كانت سلطة الحاكم مطلقة ولا يستطيع كائنا من يكون أو يوقفه أو يعارضه وبعد العمل بدستور الكويت في 1962 تغير كل شيء بنسبة 100% فأصبحت سلطات الحاكم محدودة وقراراته مقيدة ويمارس عمله وفق صلاحيات محددة نظمها دستور البلاد ... والمواطن بعدما كان عبدا مأمورا مسلوب الإرادة تحول إلى شريك في القرارات السياسية والإقتصادية والإجتماعية فاختلف الأمر كله وهذا أيضا ما حدث في فرنسا وبريطانيا وأوروبا كلها وأمريكا ولبنان وتونس وغيرها عبر التحول "من مركزية القرار إلى مشاركة القرار ومن حكم الفرد إلى حكم الجماعة" ... وكلها نقلات وتحولات إيجابية وحسنة بالتأكيد وهذا ما لم يكن إلا بسبب مطالبات حثيثة وأشكال مختلفة ومتنوعة من التمرد والرفض الشعبي الذي دائما لم يكن برفض شعبي 100% بل رفض يحدد كأقل تقدير من بين 10% إلى 20% لكنه أتى أوكله بعدما أصبح واقعا وشعر به الجميع ... ولذلك من يحكم في ظل الديمقراطيات يستحيل ثم يستحيل أن يعود إلى ماضي حكم الفرد ومركزية القرار لأن العودة إلى ذلك يعني سقوط ونهاية نظام الحكم بنسبة 100% بسبب الرفض الشعبي الذي حتى لا يريد أن يسمع مثل هذا الحديث وليس أن يفهم أو يقتنع ... في مقابل ذلك لا يزال هناك حكم الفرد والقرار المركزي في الكثير من الدول المتخلفة وهناك الأخطر منهم جميعا وهو من حول الديمقراطية والحريات وأعادها شيئا فشيئا إلى مركزية القرار وحكم الفرد الواحد عبر إقصاء الأحزاب والتارات السياسية من خلال القبضة الأمنية المتوحشة ... فتم إفراغ الدستور من محتواه وقيّـد الجميع ووظف مجلس النواب لصالحه بعدما أوصل إليه من هو عبدا مطيعا ومن يتمرد تلفيق التهم جاهزة والقضاء الفاسد بانتظاره والسجن بمدد طويلة مثواه الدنيوي ... في كتاب "العبودية الطوعية" صفحة 158 يقول المفكر الفرنسي "إتين دي لابويسيه" المتوفي في 1563م : هناك ثلاثة أنواع من الطغاة فالبعض الأول يسود عبر انتخاب من الشعب والبعض الأخر بقوة السلاح أما البعض الأخير فبالتوالي الوراثي ... أما الذين اغتصبوا السلطة بقوة السلاح فيتصرفون بها كأنهم في بلاد قاموا بغزوها أما الذين ولدوا ملوكا فليسوا على العموم أفضل مطلقا فالذين ولدوا وترعرعوا في حضن الطغيان يرضِعون الطغيان طبيعيا مع الحليب وينظرون إلى الشعوب الخاضعة لهم نظرتهم إلى عبيد بالوراثة ويتصرفون بالمملكة وفقا لطبعهم الغالب بخلاء كانوا أم مبذرين مثلما يتصرفون بإرثهم ... أما الذي تأتيه السلطة عن طريق الشعب فإنه ما أن يرى نفسه مرفوعا أعلى من الجميع حتى يساوره الغرور بفعل ذلك الذي يطلقون عليه إسم العظمة فيصمم على أن لا يتزحزح من مقامه ويعتبر على نحو شبه دائم أن القوة التي منحه إياها الشعب ينبغي أن ينقلها إلى أبنائه ... كل الطغاة الأخرين لا يجدون وسيلة لضمان طغيانهم الجديد ما هو أفضل من نشر العبودية وتعميمها وبذل كل قوة لاستبعاد لأفكار الحرية من رعاياهم مهما كان العهد بها قريب ذلك أنهم ارتقوا إلى العرش بأساليب شتى فإن طريقتهم في الحكم تكاد تكون تقريبا هي هي على الدوام ... فاللذين اختارهم الشعب يعاملونه معاملة ثور يقومون بتطويعه ويرى الغزاة فيه طريدة من طرائدهم أما الوارثون فهو في نظرهم قطيع من البعيد يملكونه بالفطرة "انتهى الإقتباس" ؟
 
في البحث والتحليل عن أنظمة الحكم الفاسدة والطاغية والمجرمة سهل على الباحثين معرفة كيف حكم هؤلاء الأوغاد دولهم وأقاليمهم وكيف طوعّوا الآلاف والملايين وكيف استبدوا بالأمم ... وعِلم النظريات وعِلم الفلسفة مليئ جدا بالتحليل والتفسير في فهم كيف يحكم الطغاة والمستبدين وعِلم الفلسفة هو علم تفجر في القرن السادس قبل الميلاد وحدث صراع ما بين الفلسفة اليونانية والرومانية ثم بعد ذلك انبثق وتفرع منها عِلم السياسة ... وفي حقيقة الأمر رغم ما قرأت وبالرغم ما عَصرتُ تفكيري كثيرا لم أجد ما ألوم به الطغاة والمجرمين لأنه فعليا لا لوم عليهم فلو كنت مريضا ومرضا شديدا ولم تساعد الأطباء وتساعد نفسك فستموت مثلما إن لم تتعلم السباحة ستغرق وتموت ... إذن هناك مجرما طاغيا هذا أمر مفروغ منه ولا حاجة للنقاش والجدال فيه مثل من يلوم الكافر على كفره لكنه لم يفهم أنه كفر وما بعد الكفر ذنب فإن كانت كل كتب التحليل السياسي وكل علم التفسير النفسي وكل كتب سيرة التاريخ السياسي تتحدث عن بضعة طغاة ومجرمين فعرفنا وفهمنا فماذا نفعل بشعب وأمة كلها أمة جبانة قبلت الظلم والإستبداد والقهر والذل ؟ ... وبكل صراحة وأمانة أجد أن التاريخ بكتابة ومؤرخيه قد انتقموا من الطغاة والمجرمين والمستبدين بنشر خزي سيرتهم وكوارث أفعالهم القذرة لكنهم أغفلوا عمدا تواطؤ الرعية ولم يلومهم أحدا على سكوتهم وخنوعهم وعشقهم للذل والتلذذ بسنوات من الإستبداد والطغاة بضعة أفراد والشعب أمة فإن صمتت الأكثرية عن الأقلية فلا أحد يلوم الأقلية بل يقع كل اللوم على الأكثرية التي كان شاهد عيان ومنهم خرجت الأقلية المستبدة ... قد تساعد ضعيفا في الطريق وقد تنقذ امرأة من التعدي عليها وقد تنقذ طفلا من الغرق لكنك لن تستطيع أن تنقذ أمة بأسرها هي أصلا لا تريد أن تنقذ نفسها ولم ترى قوة إلا في شكواها وسرا أيضا بمعنى أن حتى شكوى الحديث يرتعبون منه فمثل هذه الأمم وهذه المجتمعات لا تستحق أي احترام بل لا تستحق أن تضحي بنفسك من أجل أمة جبانة ... وعرف في التاريخ القديم وحتى الحديث أن الأمة أو الشعب الجبان هو أسهل مكان للإحتلال وغزوه ونهب ثرواته لأن أهل هذه المدينة أو هذا البلد قوم جبناء اقتل ألف يرتعب 100 ألف واقتل مليون يرتعب منك مليار ... وما "تنظيم داعش" المجرم ببعيد عنكم فقد قدرته "المخابرات الأمريكية" بعدد لا يزيد عن 31 ألف إرهابي وقد نجحوا بالفعل برعب ما لا يقل عن 30 مليون نسمة ما بين العراق وسوريا ... فالشعوب الجبانة هي من اختارت العبودية لأنها ضعيفة أصلا ومثل هذه النوعية من الشخصية لا تستحق أن تنعم بالحرية لأنها إن عاشت الحرية سرعان ما تدب الفوضى في أوساطها وسرعان ما تنقسم البلاد وتتشكل الفرق والشِيَع والأحزاب وهم أسهل قوم يمكن شرائهم بالمال بسبب ما فعله فيهم الفقر من أفعال ناهيك عن تغلغل الفساد في الأنفس بسبب سنوات طويلة عاشوها تحت حكم فاسد ... وكل شعب يعيش في فقر وتحت ظل الإستبداد وأهله جبناء فانظر إلى تاريخه القديم تلقائيا ستكتشف أنه قد تعرض للغزو والإحتلال مرات عديدة وليس مرة واحدة فحسب لأنهم قوم أقوال لا أفعال ... ولا تحتاج إلى التفكير العميق لأن الطغاة تلقائيا يعرفون ذلك بل هم على يقين بأن الشعب الذي يقبل بالذل والمهانة لن يقبل بالحرية بل يُرضع جيل الخنوع والخضوع للجيل الذي يليه تحت حجة السلامة واتقاء شر الطغاة ... والتاريخ يخبركم أن الملك الفارسي "قورش" عندما حكم "الليديين" قبل أكثر من 500 سنة قبل الميلاد لم ينزل على أهل المدينة بالسيف والدمار لجمال مدينتهم بل فتح لهم حانات الخمر وساحات اللعب والمعازف وملأ المدينة عاهرات فأمر الرعية بممارسة المتعة بكافة أشكالها مجانا كهبة منه فغرق الرعية بالملذات فنسوا بلاء ما حل بهم فمجدوا المحتل الجديد وأدانوا له بالولاء والطاعة !!! ... وانظروا في أيامكم هذه كل من أراد التخلص من حاكمه أو نظام حكمه لن تجد الشعب أو الرعية إلا شرذمة خونة لأنهم سمحوا للخارج والغريب أن يتدخل في وطنهم وعلى أرضهم بحجة مدهم بالسلاح والمال فزادت صفة الجبن على صفة الخيانة لأمم جبانة لا مانع لديها من تدمير أوطانها والتدخل الخارجي في شؤونها ومن ثم الإستيلاء على مقدراتها كلها من صفات الجبان العبد الذليل الذي لا يستحق أن تناصره أو حتى تقف معه ؟
 
في الدين الإسلامي قام علماء السلطان وتجار الدين بخضوع وخنوع الأمة بقوة السيف والبطش منذ سنة 41 للهجرة 662 ميلادية أي قبل 1358 سنة ميلادية ... لم يطوّع الأمة الإسلامية طغاة الحكام بل أكثر من طوعها وأخضعها للذل هم تجار الدين الذين زينوا للحاكم كل مفاسد الدنيا على أنها من حقه وأرهبوا الرعية بأن الخروج على ولي الأمر هو خروج على الله بل ويموت كافرا ... تماما مثلما فعل أسياد الكنيسة في أوروبا وتقاسموا البلاد مع الحكام في أوروبا بل مشايخ ليبيا دانت بالولاء للمحتل الإيطالي وأفتت بأن الطاغية "موسيليني" بمثابة ولي الأمر ... وخضع الأزهر في مصر إلى الاحتلال البريطاني وتعامل معه ورضخ لقراراته وخضع علماء بغداد خضوعا مطلقا لـ "هولاكو" وخضع المفتي العام في فلسطين "أمين الحسيني" في فلسطين لـ "هتلر" بل وتعاون معه وارتعب كل علماء سوريا من قول كلمة الحق منذ حكم "الأسد الأب" في 1971 وحتى يومنا هذا في 2020 ... وخرس كل مشايخ وعلماء السعودية إزاء ما يحدث في وطنهم ولا وجود للعلماء من أهل القيمة العلمية الشرعية أو المرجعية الشعبية والسياسية والدينية في كل وطن عربي في أيامكم هذه لأنهم جميعا مجتهدين وطلاب علم لا أكثر ولا أقل ... كلها حقائق تاريخية ذات إرث تاريخ قديم وأقدم وما "الحجاج ابن يوسف الثقفي" في العصر الأموي إلا امتدادا لليوم ... الكل رضخ للحكام والكل لم يعد يجرؤ يقول كلمة حق وبالتأكيد لا توجد دولة ملائكية حتى لا يكون فيها خللا أو فسادا لكن تلك أمثلة كيف يتم توظيف رجال الدين لخدمة الحكم السياسي ... لكن من الملفت للنظر أن نظام الحكم الذي لا يوجد له ذراع شرعي ديني يسانده دائما تكون نهايته قاسة مثلما كانت نهاية الرئيس الليبي "معمر القذافي" فقد استبد بالحكم منفردا ومات منفردا دون أن يناصره أحدا من الذراع الديني لأنه كان يعتقد بأن هؤلاء أوغاد لا عهد ولا أمان لهم ... ولذلك في أنظمة الحكم العربية تجد كل حاكم وله فريقه الخاص وما أن يموت الحاكم حتى ينتهي ويختفي كل فردا من فريقه إما فورا أو على تدرج حتى لا يحدث تصدعا في ميزان سياسة الدولة ... بعكس الإدارة السياسية لأنظمة الحكم في أوروبا فإن من يحكم يجد فريقا موجودا كان يعمل مع من سبقه وإن أراد الرئيس أو رئيس الحكومة أن يأتي بفريقه فلا مانع ببضعة أفراد دون تمكنه بحق تغيير كامل الفريق وتلك من أسرار أو مزايا "الدولة العميقة" التي يجب أن تكون دائما على اطلاع بكل تصرفات وممارسات الرئيس حتى تعرف متى تتدخل في قراراته وتعيد ضبط أدائه ... لكن هل كل ما سبق حدث ويحدث وسيحدث صدفة أم هناك أمرا أساسيا رئيسا هو سبب كل ذاك ؟ هذا ما سوف نعرفه في الجزء الرابع والأخير من هذا الموضوع ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم




2020-08-18

عبودية الفرد واستعباد المجتمع 2


ارتباط رجال الدين بالسلطة هو ليس أمرا جديدا ولا حديثا بل هو أمر يمتد منذ ألاف السنين وليس مئات عبر كل الأديان السماوية ارتباطا وثيقا لصيقا يكاد يكون من المستحيل أن تجد نظاما سياسيا إلا والدين السياسي يمشي خلفه كظله أو تأسس على يده ... يقول الكاتب والمفكر والقاضي الفرنسي "إتين دي لابويسيه" : هناك عاملين مهمين يخدمان قضية العبودية الطوعية وهما  "الدين والخرافات" ... وقد ارتبط رجال الدين بالسلطة منذ عهد الفراعنة الذين صنعوا من بينهم إنسان ومنحوه قدسية الإله لتعظمه الأمة وإذا عظمته الأمة كان لرجال الدين الفضل عليه والسطوة عليهم ... وإذا كان الفضل لهم خضع لهم الحاكم فيتحكمون بالحاكم والرعية في نفس الوقت فتصبح خيرات الأرض كلها تحت طوعهم وإرادة الحاكم تحت أمرهم وهذا ما كان في زمن الفراعنة وصولا حتى القرون الوسطى في أوروبا ... التي انفجرت كتب التاريخ الأوروبية قديما موروثا وتوثيقا عن جرائم الكنائس في ذاك الزمان وكم جمعوا ثروات وأموالا وكيف نالوا حصانة سياسية ومجتمعية ترقى إلى حصانة الحكام ... بل كان لا يجرؤ الحاكم على خوض أي حرب إلا بعد مباركة الكنيسة التي كانت تتحكم حتى في قرارات الحروب ولذلك كان دائما الصراع السياسي بين الحكام ورجال الدين عنيفا اتفقت كل نهاياتهم على القتل والتخلص من الأخر ... فرجال الدين إن لم يتوافق معهم حاكم ولم يخضع لإرادتهم وسوسوا لابنه أو أخيه حتى يقتل الحاكم الأب أو الأخ فيباركون له فعله وإن كان مجرما فصكوك الغفران جاهزة لتوهب لمن يشاؤون باسم الله والسماء ... وهم بذلك أخذوا وكالة الشعب والرعية من الحاكم أي أنت احكم واستمتع ودع لنا الرعية والغوغائية نحن نكفلك إياهم وبالفعل كانت الكنيسة قوم جبارين على الرعية وكل أمر يُرمى على الرعية بمثابة أمر الله ... فإن خالفتنا كأنك خالفت الله ومن يخالف الله مصيرة القتل دون رحمة أو شفقة وهكذا فهمت واستوعب حكام الأمس واليوم قيمة رجال الدين وأهميتهم في بسط سلطتهم ... لكن تفتق ذهن رجال المال من التجار والأثرياء فوجدوا أنهم يجب أن يكون لديهم ذراعا وأساسا في هذه العملية الحصرية بين الطرفين "الحاكم ورجال الدين" لأن الأمر ليس سماويا لا من قريب ولا من بعيد بل هو عامل اقتصادي سياسي صرف ... فبدأ الأمر في البداية بتقديم العروض والمفاوضات فرفض رجال الدين كل تلك العروض ولما اشتد الخلاف بينهما شعر رجال الدين بخطر رجال المال فبدأ الصراع بينهما بعلم الحكام الذين كانوا مستمتعين بهذا الصراع عل وعسى أن يتخلصوا من سطوة رجال الدين الذين يملكون إرادة الشعب ... فوقع الخلاف وانحاز الحكام لرجال المال لأن عرض الثراء من التجار كان الأكثر إغراء لرجال الحكم خصوصا وأن الحروب تحتاج مالا والمال يوفر شراء المقاتلين وتجهيز الجيوش والمجتمع يحتاج إلى حركة اقتصادية نشطة ... فبدأت عمليات قتل رجال الدين على شكل جرائم غامضة وفي الجانب الأخر شكل رجال الدين قوات مسلحة أطلق عليها "رجال الرب" أو "قوات الله" ولا يحتاج رجال الدين آنذاك أي تمويل لأنهم أصلا سلاطين المال والثراء منذ القدم ... فتحولت الجرائم الغامضة إلى تأجيج الشارع ضد الحاكم والتجار ضد رجال الدين واستمر هذا الصراع 40 سنة حتى اتفق الثلاثة "الحاكم ورجال الدين والتجار" على أن كل منهم وله حصة مما تنتجه الأرض من خيرات وأملاك من الأراضي وكل من يعمل في الأرض هو ملك لهم كعبيد ... وعليه خرج مصطلح "النبـــلاء" وهم فئة رجال المال والثراء والتجار وله لقب رسمي عرف بالـ "كونت" فقسم المجتمع إلى 5 طبقات أساسية وهي
1- الحاكم وأسرته الحاكمة
2- رجال الدين والكنيسة
3- النبلاء من الأثرياء
4- عامة الشعب
5- العبيد
والفرق بين الأزمان القديمة وزمن التقسيم التي وصلت إليه أوروبا قبل 400 سنة لم يكن إلا إعادة تنظيم تقسيم ثروة البلاد ومن يسيطر على إدارة عبودية الفرد واستعباد المجتمع ... فكانت الثلاث طبقات العليا أي بضعة أفراد هي التي كانت تتحكم بمئات الآلاف وبالملايين من الشعوب وتديرها كيفما شاءت وكيفما ووقتما أرادات ... وليس على العامة إلا السمع والطاعة العمياء والقتل مصير من يخرج على ما اتفق عليه "الحاكم ورجال الدين والنبلاء" فكانت عبودية بإرادة الشعب وخضوع بإرادة الفرد حتى ولو رأى أن حقوقه قد انتهكت وأمواله قد أخذت منه أمام ناظريه ... ولا أكثر من السرقات التي غيروا مصطلحها إلى مصطلح "الضريبة الاقتصادية" التي كان للطبقات الثلاثة سالفة الذكر حصة منها تقتطع مقدما والباقي كانت رواتب القضاة والجلادين والسجانين ورجال الأمن وكل أدوات السلطة المجرمة والجيش والحرس وما غير ذلك ... أي بأموالك وبإرادتك صنعنا قاضيك وسجنك ومحققك وسجانك ومن يعذبك فإما أن تقبل أو اختر أمرين لا ثالث لهما "السجن أو الموت" بل وليس هذا فحسب بل مجبرا أن تذهب للحرب إذا ما استدعت الحاجة لذلك دون أي اعتراض منك على ذلك ... ولا ضمانا للنصر ولا تعويضا إذا قتلت أثناء المعارك ولذلك اشتهر في التاريخ القديم حركات التحرر والتمرد التي لا تعد ولا تحصى لكن كلها أبيدت عن بكرة أبيها وقتل كل من كان فيها أو مات في السجن ؟ 
 
في التاريخ العربي كانت هناك أيضا عدة طبقات إجتماعية ذات تنظيم اتفق عليها المجتمع وهي 
1- الحاكم وأسرته الحاكمة
2- الأثرياء والسادة
3- العامة
4- العبيد
لم يكن هناك رجال دين لهم وزن أو ثقل سياسي أو اجتماعي ذوو اعتبار لأنها كانت حياة الجاهلية التي كانت تسير على التجارة والحرب والسلم في التاريخ العربي القديم لم يكن موجودا ... بل التاريخ الجاهلي العربي كان تاريخا مليئا بالحروب التي كانت تمتد لعقود أي ليست حرب واحدة وانتهى الأمر بدليل حرب "الأوس والخزرج" التي امتدت 120 عاما وحرب "البسوس" 40 عاما وحرب "داحس والغبراء" 40 سنة ... وتلك أمة لم يكن لها كبيرا حتى يخضعون له بل في كل قبيلة كبيرها وكان بمثابة الملك أو السلطان وفي نفس القبيلة الأثرياء والسادة ثم العامة ثم العبيد أي القبيلة في جاهلية العرب كانت تمثل مجتمع بحد ذاته ... ثم بعد أن جاء الإسلام تغيرت قواعد وأسس المجتمع فتحول من مجتمع عربي جاهلي إلى أمة عربية مسلمة موحدة لكن ظلت نزعات الجاهلية فيهم منذ أكثر 1.400 سنة وحتى يومنا هذا في 2020 ... لكن بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام دبت خلافات الجاهلية وعادت لتطل برأسها من جديد في الخلافة الإسلامية ولم تكن عبودية لكنها كانت نزعات الجاهلية في الأنفس فحدث الخلاف على حكم "أبوبكر الصديق وعمر ابن الخطاب" لكنه كان خلافا سرعان ما تداركه الحكماء درأ للفتنة ... وفي خلافة "عثمان ابن عفان وعلي ابن أبي طالب" وقع المحظور فوصل الخلاف إلى الصراع والصراع إلى سفك الدماء والقتل إلى أن حكم بني أمية من بعدهم فاستأثروا بالحكم فوظفوا الحكم السياسي توظيفا بحكم السيف بدعم رجال الدين ... من حُكم بني أمية بدأت رحلة رجال الدين وتوظيف الدين في خدمة خليفة المسلمين وأمير المؤمنين توظيفا مجرما فانتهى حكم بني أمية عبر الإنقلاب الدموي عظيم الإجرام والكوارث وواسع الفجور من بني العباس ثم ضعف حكم العباسيين فخرجت حركات الإنشقاق والتمرد والتفرد بالأراضي والأقاليم حتى جاء العثمانيين فأعادوا توحيد الأمة الإسلامية وحكموها كما حكم من سبقوهم بالسيف والبطش والرعب وبرجال الدين الكذابين الدجالين المنافقين لله ورسوله ... ومن بعد حكم العثمانيين قسّمت المنطقة العربية على شكلها الحالي كما ترونه فكان رجال الدين عضوا أساسيا في أي نظام حكم ... وخضوع الرعية لرجال الدين يأتي من باب الإيمان بالله سبحانه وتعالى لكن هذا الخضوع هو خضوعا خاطئا بنسبة مليار% والخطأ نتج عنه استبداد رجال الدين واستئثارهم بالتأثير على المجتمع مما سهل لهم قوة التحكم والسيطرة على الجهلة ومراهقي العقل والسلوك ... ومن هذا تم إخضاع الأمة إلى رغبات الحاكم التي في معظمها سلوكيات وقرارات لا تمت لدين الله وشرعه وعدله بأي صلة إلا أن هناك من أفتى بغير ما أمر الله به وهناك من أجاز ما حرمه الله سبحانه فجعلوا الحاكم بمزلة الإله المقدس الذي لا يعصى له أمرا ولا تنزل له كلمة ولا يرد له طلبا وهذا بالتأكيد ما ليس من الإسلام في شيء ؟
 
إن عبودية الفرد ناتجة عن منهج دراسي سياسي أعد مسبقا من قبل ولادتنا وعليه من أول ما يتفتق ذهن الطفل على والديه أن يبدؤا بعملية غسل عقل هذا الطفل ثم يخضع لعملية تأسيس في المدارس الحكومية التي أيضا لها مناهج دراسية تمهد عقل الطفل على أن يكبر فيصبح عبـــدا ولا شيء إلا عبــــدا ... وعندما يكبر هذا العبد يكون متهيئا ومستعدا لتحمل مسؤلياته التي ستلقى على عاتقيه فإن أصبح قاضيا فهو سيعمل وفق خطين لا ثالث لهما الأول : ما تريده السلطة وأنت ستفعل ما نأمرك فيه ... الثاني : مارس سلطتك القضائية حسب ما تراه وما درسته وما تعلمته ... أي قاضيا مبرمجا مخلصا أمينا في جهة وعبدا طائعا صاغرا في جهة أخرى وهذا ليس خيالا بل أمرا واقعيا عليه الكثير من الأدلة في عهد النازية والفاشية والشيوعية وحكم القذافي وصدام ومبارك والأسد وزين العابدين بن علي وفي بريطانيا وفرنسا وأمريكا ولا تزال مسرحيات القضاء مستمرة وحتى قيام الساعة ... ونفس العبد القاضي هناك العبد من رجال الأمن وهم من أهم أدوات السلطة في أي وطن وبلاد في التاريخ القديم والحديث فأكثرهم وحشية وجرائم وخسة وقذارة وطاعة عمياء للسلطة تجدهم هم الأكثر قربا من السلطة والوزير أيضا أكثرهم فسادا وكذبا هو الأكثر بقاء في السلطة ... وهكذا تستمر صناعة العبيد التي تمت صناعته وصقله منذ سنوات طويلة حتى يكون له شأنا قذرا في المستقبل دون النظر إلى دينه أو معتقده لأن في غالب من هم في السلطة هم بلا دين لأنهم أصلا بلا شرف وبلا ضمير ومن لا يكذب لا يبقى طويلا في مكانه "إلا من رحم ربي" ... ولذلك يجب الفهم أن البشرية تقسم كتقاسيم لعبة الشطرنج فهناك من يموت دون أي قيمة وهناك من يعيش بلا أي قيمة وهناك من موته أمرا ضروريا وهناك من يجب أن يعيش لتحقيق هدف معين فمن الجندي والحصان إلى الوزير والملك تلعب الأيام لعبتها مع الجميع فيسقط من يسقط وينجو من ينجو ... أما الرعية وعبوديتهم المطلقة فهذا ما سوف يكون حديثنا في الجزء الثالث من الموضوع ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم




2020-08-17

عبودية الفرد واستعباد المجتمع 1


هذا الموضوع هو بحث "سياسي اجتماعي اقتصادي" موسع لتحليل عقلية الفرد وتحليل سلوك المجتمع لفهم إدارة الدول وإرادة الشعوب لفهم أسباب عدم التطور وعدم الإنتاجية والفشل المستمر منذ مئات وآلاف السنين وأسباب عشق العرب للجهل وأساب تمسك الجهل بخزعبلات ما أطلق عليه بـ "العادات والتقاليد" وما نتيجة ذلك على حياتنا وأسباب استبداد الحاكم والسلطة بالرعية وتحليل تقديس الرعية للحاكم ورفعة إلى درجة الألوهية في كثير من الأوطان في كثير من صفحات الزمن ... لذا اقتضى التنويه . 

الموضـــــــــــوع 
عندما يولد كل إنسان ذكر أو أنثى من لحظة مولده وحتى سنة وأكثر بقليل فهو لا يفهم ولا يعي أي شيء وليس له ذاكرة ولا تخزين ذاكرة أي صفر العقل ... وأما تفسير ابتسامة الطفل أو ضحكاته أو ميوله للأب أو للأم فما هي إلا حالة من التعوّد أي الطفل تعود على مشاهدة نفس الوجوه فيألفها ويتعاطى معها دون فهم لأنه بلا عقل الذي أصلا لم يأخذ فرصته بعد بالنمو ... وبعد السنتين يبدأ عقل الطفل بصناعة قاعدة بيانات وقاعدة تخزين فيعرف من هو بابا ومن هي ماما تحديدا ولا يطلق صفة الأبوين على من حوله حتى ولو كان عما أو خالة أو أخا أو أختا وهذه من علامات سلامة عقل الطفل أي تمييز الأشياء ... ولأنه عقل طفل يطلق على الأب والأم أشياء وليست قيمة معنوية ثم يبدأ شيئا فشيئا يعرف خطورة الحرارة لكنه لا يعرف خطورة السكين لأنها آلة بعيدة عنه لم يحن الوقت بعد لفهمها ولا يعي مخاطر السقوط من أعلى الدرج ... كلها سلوكيات ترمينا لفهم كيف قطعة اللحم الصغيرة أصبحت إنسانا والإنسان أصبح عقلا والعقل أصبح كيانا والكيان سيصبح مستقبلا عضوا فاعلا في المجتمع ... وفي أثناء ذلك وبعد أن يكبر الطفل ويصبح في عمر الـ 5 سنوات يكون عضوا أساسيا مهما جدا في الأسرة وفي الحقيقة في هذا العمر أو أقل بقليل هو فعليا بلا خلق بلا دين بلا أي مبادئ وخالي من أي قيم بنسبة 100% ... وبعد أن يتجاوز الـ 5 سنوات يخضع هذا الكائن إلى عملية غسيل مخ أو استنساخ أو توظيف الشخصية لتتماشى مع الأسرة بالدرجة الأولى ولا يكون عضوا شاذا عن من فيها ... ثم يبدأ الأب والأم أو أحد منهما بتحويل الطفل البريء إلى ما يريده أبويه فيحولانه إلى أي ديانة يعتنقها الأبوين "مسلم مسيحي يهودي" أو "وثني ملحد هندوسي" أو يتركان طفلهما ليكبر ويقرر هو ما يشاء ... وأكثر من 95% من كل أمم الأرض هي من تقرر على أي دين أو مذهب أو ملة يجب وفرضا أن يكون عليها مولودهما الطفل البريء ثم عندما يكبر الطفل ويدخل المدرسة هو في حقيقة الأمر يخضع لعملية أخرة من غسيل المخ أو عملية الإستنساخ مثل المصانع التي تنتج مليون علبة بنفس الشكل ونفس الملصق ونفس الحجم ... فيجد مناهج تعليمية جاهزة دون أي تغيير فتبدأ عملية ضخ المعلومات في عقل الطفل فيصبح بين كماشتين من عملية الإستنساخ الأولى في المنزل والأخرى في المدرسة ... ويتفاجأ الطفل في بدايات تكوين صداقاته في محيط الأسرة والمنزل بأن حتى أصدقائه يتشابهون معه في الفهم والإدراك بنفس المعلومات فيتعرض إلى حالة من "تأكيد الإقناع والقناعة" فتترسخ بداخلة أولى القيم والمبادئ التي هو أصلا ليس له شأنا فيها ولم يعرف أصلا من مكتشفها ... وفي عمر العاشرة يتفتق ذهب طفل الأمس ويعي ويفهم ما يدور حوله من أمور فيسمع نقاشات الوالدين والأسرة ويفهم أسباب الغضب وماذا تعني ضغوط الحياة وقيمة المال وماذا يفعل وما هو القانون وما هي أهمية رجل الأمن في الشارع ... كلها أمورا طبيعية لكنه بعد لم يصل بعد إلى المصيبة الأكبر وهي المجتمع والدولة والسياسة وإدارة الحكومة وإرادة الحاكم واختلاف سياسيات الدول المحيطة به ؟
 
سيكولوجية الأب أو الأم أي سلوكهما هو أمر شديد الأهمية والإرتباط بالطفل عندما يكبر وقد أثبت العلماء أن الأمر مرتبط بالجينات الوراثية التي تتضارب ما بين إمكانية التأثير أو شذوذ الإنفصال ... بمعنى الأب شديد الذكاء والإبن كثير الغباء فهنا المرجعية تعود للأم التي هي شديدة الذكاء وليس الأب أو البنت شديدة التدين والأم ليبرالية والسبب أن الأم غير مقنعة لكن الأب هو شديد الإقناع ... ولذلك من المستحيل أن تجد الإبن يعشق والديه بنفس الدرجة وذلك يتضح من درجة التأثر بعد وفاة أحد منهما من ناحية قوة الإرتباط ما بعد الوفاة ... وصحيح كل منا يرى أنه يحب والديه بنفس الدرجة لكن هذا وهم الحب أي التصور الوهمي لقياس مستوى درجات الحب دون شعور الفرد نفسه بحقيقة الأمر لكنه يكتشف ذلك بعد فقدان أحد منهما ... تلك السيكولوجية أي سلوك الفرد التي في الأب والأم صنعت شخصية متطابقة أو متشابهة معهما في التوجه وفي الفكر وفي الديانة بعد أن أشبعوه ضخ في عقله عن مبادئ وقيم المجتمع وقوانين الدولة وإفهامه قوانين الدولة ... وعندما يكبر الطفل الصغير من سنه إلى 5 إلى 10 يصل إلى 16 - 18 ليكتشف الثانوية والجامعة بعد أن تشبع بالصحف والمجلات والتلفزيون وشطح وجنون كل جيل بما واكبه من تطور ثم يبدأ الصدام الحقيقي وهو صدام الشخصيات ... فقد سمع طفل الأمس كبير اليوم بما يعرف بالحريات وحقوق الفرد وقرأ لهذا وذاك وشاهد أفلاما ومسلسلات تحاكي عقله في نقطة الحريات والسياسات فيبدأ الصراع النفسي الداخلي ... ومن الصراع النفسي الداخلي وقلة الخبرة يبدأ بتحليل لفهم شخصية وسلوك والديه هل هما يتمتعان بالحريات الإفتراضية أم هناك ما يخافان منه وما هذا الأمر وليما وأسباب ذلك ... ثم ينتقل إلى مرحلة تحليل المجتمع السياسي والإجتماعي في مجاولة لفهم قلب ما يحدث فيكتشف أن من في السلطة هم الطبقة الإستثنائية في المجتمع فهم المنزهين من كل خطأ وزلل والقانون لا يطالهم لا هم ولا أبنائهم ... ثم يفهم ويستوعب من هو حاكم البلاد وكيف القانون يقف عاجزا أمامه وأمام أبنائه ويبدأ بالإستيعاب كيف دولة فقيرة وأبناء السلطة أثرياء وكيف دولة ثرية وأبناء السلطة فاحشي الثراء ... ثم ينتقل للبحث عن "مثل أعلى" حتى يتوافق ويتناسب مع فكرع إرادته ليتعلق فيه ويتخذه مثالا يأخذ بيده للمستقبل ويقتدي به ؟
 
ثم في سن 20 سنة أي في فترة عز الشباب يكتشف طفل الأمس أنه عبــــدا لقوانين ونظريات وافتراضيات وعادات وتقاليد لا يستطيع أن يخرج منها ولا يستطيع أن يتمرد عليها وإلا فالقانون له بالمرصاد والتعنيف الأسرة له أمرا حتميا ... فالدين فرض واحترام القوانين واجب والإعتدال السلوكي أمرا حتميا كل تلك الأوامر والمفترضات التي أسس عليها تتضارب وتتناقض مع أبناء رجال السلطة الذين هم في نفس المرحلة العمرية معه وأبناء رجال التجارة والثراء وأيضا في نفس العمر معه ... فيبدأ بالتساؤل لماذا أنا هكذا ولما هم هكذا من ناحية فرق المعيشة والمال وتناقض القانون الذي يقف أمامه بكل جسارة وقوة ونفس القانون يقف أمام أبناء رجال السلطة والمال كالكلب المطيع لأوامرهم ... فيتذكر أنه سأل هذا السؤال لأمه أو أبيه فأجابوه أن الأمر هو من رب السماء وأن الأقدار بيد الله وأن الأرزاق من عند الله وتلك إجابة خاطئة تودي بإبنهم إلى التهلكة وتدخله في طريق مختلف أخر كليا وهو طريق التشكيك بعدالة السماء ... فالرب أو إله السماء الذي يمنح هذا مالا ويمنع عن ذلك فهذا ليس إله عادلا وإن كان غير عادلا فلا يستحق الإيمان به ويجب البحث عن إله غيره أو لماذا أؤمن أصلا ... ومثل نمط هذا التفكير هو كارثي بكل المقاييس بالتأكيد وخطورة هذا التفكير لا يتحمل وزره الضحية طفل الأمس كبير اليوم بل والديه هما من يتحمل جهل فكرهما وجهل إجابتهما لأن الأمر ليس كذلك لا من قريب ولا من بعيد ... فكل دولة في تاريخها القديم والحديث تؤكد حقائق التاريخ أن كل من حكم هذه الدول كان 95% منهم لصوص وفاسدين كنزوا ثروات لا تعد ولا تحصى وسرقوا أموال شعوبهم سرقة صريحة علنية لا تقبل الشك ولا 1% ... بينما عدالة السماء وأديان الله سبحانه السماوية جاءت بحلول لا تعد ولا تحصى وأولها العــــدل بين الحاكم والمحكوم ولو طبق هذا العدل لما وجد فقيرا واحدا على وجه الأرض ... بدليل أن أقل من 1% من الأفراد حول العالم يملكون ثروة تقدر بـ 900 مليـــار دولار لو قسمتها على سكان الكرة الأرضية حاليا والمقدرة بـ 7.5 مليار نسمة لأصبح نصيب كل فرد = 120 دولار تخيل أقل من 1% فقط يستطيعون منح كل فرد من البشرية 120 دولار = 36 دينار كويتي ... إذن يوجد هناك خللا وشبهة وسرقة وإن كان هناك من يتعلل أن الأمر راجع للنظام الاقتصادي العالمي فهذا نظام فاسد أعده وصنعه شرذمة لصوص ولا يعني أن كل نظام نصدقه أو نقدس عبقرياته الإقتصادية ... نتج عن ذلك فقرا والفقر أنتج تشريعات وقوانين غلظّـت عقوبات السرقة التي تنامت تلك السرقات بسبب ارتفاع نسبة الفقر ونسبة الفقر نتيجة السلطة الفاسدة التي يستحيل أن تكون هناك سلطة فاسدة إلا بوجود تجار أديان فاسدين ... وما دور رجال الدين بالمال والسلطة هذا ما سوف نتحدث عنه في الجزء الثاني من الموضوع ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم