2020-08-09

من حزب الله إلى اتفاق الطائف والثمن الدموي ؟


تنظيم حزب الله اللبناني أنشأ وتأسس في 1982 أي قبل 38 سنة وهو تنظيم "سياسي عسكري اجتماعي" ذوو ولاء "عقائدي" مطلق لإيران ... وإن كنت من خارج لبنان فلك الحق أن تتفق أو تختلف مع فكر هذا الحزب أو توجهه أو سياساته مثلما يتفقون ويختلفون معه اللبنانيين أنفسهم ... لكن في منطقة الخليج أو أغلب الشعوب العربية لا تفهم حقيقة هذا الحزب أين نقاط قوته وأين مكامن ضعفه وهذا ما صوره "الذباب الإلكتروني" الخليجي والجهل الواسع في الوطن العربي ... عندما تم تصوير الحزب بأنه سهل القضاء عليه وسهل إنهائه من جذوره وأن هذا الحزب حزب كرتوني لا قوة له وأن الحزب يعيش على الدعاية الإعلامية ... وهذا بالتأكيد محض افتراء وتدليس وخداع للرأي العام بالتجهيل المتعمد للإنسان العربي والخليجي لتزوير وتشويه حقيقة لا تقبل الشك ... ونعم أنا شخصيا أختلف مع حزب الله اللبناني وانتقدته كثيرا وانتقدت ولاؤه لإيران على حساب لبنان وحزب الله ليس أعمى ولا جاهلا ولا نائما حتى لا يقرأ ولا يبحث ولا يعلم ما يكتب وما ينشر عنه في الإعلام وفي الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي ؟
 
في لبنان لا توجد قوة واحدة = قوة حزب الله لا سياسيا ولا عسكريا ولا أمنيا وحتى اجتماعيا ... نعم هذه حقيقة لا تقبل الشك ولا 1% بل بإمكان حزب الله منفردا أن يستولي على العاصمة اللبنانية بيروت بالكامل في غضون أقل من 3 ساعات فقط ... والسبب بأنه حزب منظم جدا ودقيق جدا لدرجة تفوق دقة وتنظيم الجيوش العربية ودراساتها وهذا الحديث ليس مدحا بالمناسبة بل واقعا وحقيقة يجب أن تعرف وتفهم حتى عندما تتحدث تعرف عن ماذا ومن تتحدث ... بل أن الكيان الصهيوني اللقيط لا يرتعب من أي دولة عربية ولا من أي جيش عربي بل يرتعب رعبا حقيقيا من حزب الله اللبناني وهذه الحقيقة مواطني وإعلام الكيان الصهيوني هم من اعترفوا فيها ... ناهيك أن الجيش الصهيوني كثيرا ما يجعل وسطاء بينه وبين حزب الله لطلب التهدئة أو أن لا يرد حزب الله على إسرائيل ناهيكم أن الكيان الصهيوني الذي يمتلك أحدث تكنولوجيا العالم لا يزال عاجزا عن صد عمليات الحزب ... فإن كان الكيان الصهيوني الذي أخضع كل الدول العربية "الكبيرة" يقف مرتعبا من حزب الله فعليك تلقائيا أن تبحث عن أسرار هذا الحزب والذي يملك أجهزة متطورة وقدرات واسعة ... بدليل أنه منذ سنوات طويلة جدا فشلت كافة أجهزة المخابرات الدولية وعلى رأسها إسرائيل باغتيال الأمين العام لحزب الله "حسن نصرالله" ... والحزب يمتلك عقيدة ومدارس في حرب المخابرات وحرب المعلومات الأمنية ويخوض في معارك حرب الجواسيس وهذا عالم أخر لا يعلم عنه العامة شيئا ... ولذلك كل لبنان لم يستطع أن يؤسس منهجية حزب الله التي قامت على صناعة "جيل الولاء" أي كمن يبني أجيالا ذات ولاء مطلق له من خلال توفير الرعاية السكنية والطبية وحل المشكلات الاجتماعية في المناطق الخاضعة له ... ناهيك عن التعليم الجامعي المتقدم الذي ساهم الحزب بصناعة أجيال من المتعلمين والمثقفين فخرج جيل جديد كامل لا ولاء له إلا لحزب الله ويربون أبناؤهم من الجيل الجديد على نفس الخط والطريق والمسيرة ... وبالمناسبة هذه العقيدة ليست من اختراع الحزب بل هي عقيدة قديمة مستمدة من كبار عائلات المافيا في إيطاليا وتحديدا في "صقلية" التي أسست المافيا العالمية بعدما أسست بيئة مجتمعية تحمي المافيا 100% ... بمعنى الدولة والحكومة وجهاز الشرطة والجيش إن أرادوا مواجهة المافيا فعليهم بمواجهة الشعب ثم انتقلت هذه الثقافة وهذه العقيدة إلى كولومبيا والمكسيك والبرازيل ... والـ "ياكوزا" اليابانية قد سبقت الجميع منذ أكثر من 200 سنة في صناعة المجتمع ذوو الولاء المطلق للعصابة أو المافيا مع فرق التشبيه بالتأكيد مع حزب الله كـ "فكر وتوجه وسياسة وعقيدة" ... ولذلك مسألة أن تأتي أي قوة عظمى مثل "أمريكا روسيا فرنسا بريطانيا الصين" لاقتلاع حزب الله فهذا ضربا من الخيال لأن تلك القوى العظمى عليها أن تقتل أكثر من 100 ألف مقاتل مدرب ميداني تابع لحزب الله ... وهذا الرقم تقدير بسيط لمدى قوة وحجم حزب الله فتضربه بعدد الأسر اللبنانية التابعة للتنظيم فأنت تتحدث عن مليـــون نسمة كأقل تقدير يشكلون قوة منع ودرع اجتماعي وسياسي وأمني لحزب الله وقواته ... وأعيد وأكرر ليس مطلوبا منك أن تحب أو تكره ولا تتفق أو لا تتفق لكن يجب أن تعي وتفهم وتستوعب عن من تتحدث ... وحزب الله من الجنون أن تجد من يواجهه في لبنان لأن لا أحد يملك أسباب قوته وما نشاهده وما نسمعه من سب وشتم للحزب لا تعدوا كونها ثرثرة حمقى ؟
 
مشكلة لبنان
تسمع اللبنانيين يتحدثون عن رحيل السلطة ويجمعون على رحيل السلطة لكن لا يجمعون على رحيل الأحزاب وإسقاطها نهائيا بشكل قاطع ... ولذلك ما نسمعه عن مطالبات برحيل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب لهي دلالة على مدى الجهل والحماقة التي يعيشها الشارع اللبناني ... فلو استقال رؤساء السلطات الثلاثة من سيدير البلاد ومن يضمن أصلا بالبديل القادم وعلى أي أساس وكم من الوقت سيستغرق ذلك ؟ كلها هرطقات حمقى بنهج الغوغائيين ... إن مشكلة لبنان تشرّق أو تغرّب تذهب يمينا وشمالا تتفق مع هذا الحزب أو تختلف مع ذاك تخرج ماضي جرائم الأحزاب اللبنانية وفظائع فسادها كل الطرق تودي بك إلى "اتفاق الطائف" ... اتفاق الطائف ابرم في السعودية بمدينة الطائف سنة 1989 برعاية خادم الحرمين الشرفين الراحل "فهد بن عبدالعزيز" بعد سلسلة صفقات سياسية وجولات دبلوماسية "كويتية سعودية" وبدعم "فرنسي أمريكي" ... تكللت تلك الجهود بجمع كل أعداء الوطن الواحد في قاعة اجتماع واحدة في السعودية بعد حرب أهلية "لبنانية لبنانية" و "لبنانية فلسطينية" و "لبنانية سورية" استمرت أكثر من 14 سنة راح ضحيتها أكثر من 250 ألف قتيل وأكثر من مليون جريح ... وتسبب هذه الحرب بغزو "إسرائيلي صهيوني" للبنان لمدة 3 سنوات من 1982 على 1985 ولم يكن بدا إلا بأن تتدخل أطرافا دولية خارجية وإقليمية لوضع حد لإنهاء النزيف اللبناني ... فكان وحدث اتفاق الطائف الذي ينص على أن "رئيس الجمهورية - مسيحي" و "رئيس الحكومة - سني" و "رئيس مجلس النواب - شيعي" و "نسبية المرشحين" وفق الطائفة والحزب والمذهب ... وأن كل الطوائف والأحزاب خاضعة لسلطة مركزية واحدة وتسليم سلاح الأحزاب للدولة اللبنانية وأن يكون السلاح بيد الجيش اللبناني الموحد فقط وحصريا ... وحدث ما اتفق عليه بشق الأنفس وقامت السعودية والكويت بضخ استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات ثم نصبت السعودية رجلها رجل الأعمال الراحل "رفيق الحريري" الذي نهض بلبنان وغير شكلها من حالة الدمار إلى شكلها الجديد حتى تم اغتياله في 2005 ... ويُعاب على الشعب اللبناني وقياداته المذهبية أنهم لم يتخلصوا من الطائفية والحزبية بل عززوها في ظل إعلام لبناني أقل ما يقال عنه بأنه "إعلام مرتزقة – إعلام وضيع" ساهم بنفخ نيران التفرقة والعنصرية والحزبية بشكل خرافي على مدى سنوات طويلة ولا يزال حتى ... واللبنانيين كقادة وكأحزاب وكشعب مسؤلين عن عدم استقلالية القرار اللبناني منذ اتفاق الطائف لمدة 30 سنة فلم يطوروا الدستور اللبناني ولم يطوروا اتفاق الطائف ولم يشعروا بعد بأن الولاء للحزب قتل الولاء للوطن وأن الولاء للحزب مقدما على الولاء للأرض والوطن وسيادة الدولة ... أي أن كرامة الحزب أغلى بكثير جدا من كرامة الدولة وسيادتها وأن التدخل "السعودي الإيراني الأمريكي الفرنسي" لن يجلب لهم وطنا مستقلا ذوو سيادة ... ولذلك من سابع المستحيلات أن يعرف لبنان الاستقرار السياسي والإجتماعي والإقتصادي طالما هناك أحزاب لبنانية وقد أثبت التاريخ السياسي اللبناني أن الدولة والشعب اللبناني قد فشلوا في ديموقراطية الأحزاب فشلا كارثيا ... وإن لم يستطيع الشعب اللبناني أن ينتصر للبنان كأرض وكوطن فقط وحصريا فإنه سيدفع ثمن دمويا واقتصاديا مبكيا بسبب وجود "حزب الله وحركة أمل وتيار المردة وحزب الكتائب والتيار العوني وتيار المستقبل" ... جميعهم سبب بلاء لبنان وكلهم فاسدين وكلهم تاجروا بدماء الأبرياء وجميعهم خانوا لبنان بسبب شعب ولائه للحزب وليس للوطن ومن ليس حزبيا فهو مجرد رقم في دفتر الأموات لا أكثر ولا أقل ... وهذه حقيقة وقوة حزب الله وسبب بلاء لبنان فالحل إما تعديل اتفاق الطائف وحل كافة الأحزاب السياسية أو لبنان سيظل في المجهول المتوحش ... وإني أحذر أن عبث الغوغائيين وغياب الحكمة وتعزيز روح التفرقة كلها أدوات كافية لتفتح أبواب "الحرب الأهلية" التي إن اشتعلت لن تبحث عن لقمة عيشك بل كيف ستحافظ على حياتك وكيف تحمي أسرتك من الموت ... إن شاءالله يعي العقلاء والحكماء في لبنان خطورة ما حدث وما يحدث لمنع كوارث ما سيحدث ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم