2016-12-15

فكــر وتاريـخ المدرسة الخمينيـة ؟

أحب أن أنوه للسادة القراء أن هذا الموضوع هو سرد تاريخي بحت بغض النظر عن الأحياء والأموات وتناولهم من الناحية السياسية بتجرد من أي عاطفة بهدف التوثيق التاريخي ... مع التوقير بأن الأموات هم في ذمة الله سبحانه لكن يتناولهم الموضوع بتاريخهم السياسي الذي أثروا به تأثيرا أساسيا رئيسيا ... وإن الآراء المؤيدة أو المعارضة في هذا الموضوع لا تعني شيئا فالسرد التاريخي هو توثيقا بالدرجة الأولى دون النظر لرأي من يؤيد ومن يعارض والأمانة لا تلتفت للأهواء ... لذا اقتضى التنويه وأبدأ الموضــــوع . 
لا أحد يختلف على جنون وغرور ونرجسية شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي الذي حكم سنة 1941 إلى 1979 ... بالرغم من القوة الإقتصادية التي حققها والنهضة العمرانية المهولة التي صنعها وانفتاحه على العالم الغربي ... فقد كان حليفا للغرب وأمريكا وكان أول من يعترف بالكيان الصهيوني سنة النكبة والإحتلال الإسرائيلي لفلسطين في 1948م ... وقد كان شاه إيران مرتبطا عقائديا وفكريا وأيدلوجيا بالتاريخ الفارسي القديم ومتأثرا ومؤمنا به لدرجة تفوق الوصف ... لدرجة أنه شطب التاريخ الهجري كليا واستبدله بالتاريخ الفارسي فاستيقظ الإيرانيون في الصباح فوجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها من سنة 1.395 للهجرة إلى سنة 2.535 الملكية الفارسية ... وكان لديه عشرات الآلاف من الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين والأوربيين المقيمين في إيران بحكم عملهم كمهندسين وفنيين وخبراء ومستشارين ... كما عرف عن الشاه أنه رجل مبذر مسرف كحال حكام فارس في قديم الزمان وهو مقلدا لهم بالفرط في كل شيء حتى أنه في أحد احتفالاته بالسنة الفارسية ذكرى مرور 2.500 عام على إنشاء الإمبراطورية الفارسية استهلك أكثر من طن من الكافيار باهض الثمن واستقدم 200 طاهي من بريطانيا و 300 طاهي من فرنسا وجلب أشهر مطربين العالم لإحياء تلك الذكرى لثلاثة أيام متواصلة ... احتفال دعى إليه كل السفراء والمسؤلين بمظاهر احتفالية أسطورية تفوق الوصف والخيال كلف آنذاك أكثر من 150 مليون دولار ... مما أثار النقمة الشعبية الإيرانية عليه حيث الحاكم يتربع على عروش المال والثراء والبذخ والشعب يإن من وطأة الفقر والجوع والعوز في المحافظات البعيدة عن طهران ... تلك كانت أسباب الثورة الشعبية الإيرانية التي حركها وقادها الخميني المولود في 1902 وأسقط نظام الشاه بدعم واتفاق غربي ؟    
الثــورة الخمينيـــة
الثورة الخمينية التي نجحت في 1979م نتفق نختلف هي عملية مخابراتية غربية ومخطط وضع سلفا وهذا ما يميز الغرب بذكائهم ودهائهم أنهم يفكرون ويخططون وينفذون للـ 50 سنة القادمة دون النظر لحكامهم سواء ماتوا أو تغيروا هذا لا شأن له عل الإطلاق بمخططاتهم ولا يسمح لأي رئيس حكومة أو رئيس دولة أن يعدل أو يغير أو يلغي تلك الخطط طويلة الأمد ... نجحت ثورة الخميني ثورة الفقراء على الأغنياء عبر تسريب كم مهول من الخطب الحماسية التي كان يسجلها الخميني في منفاه في فرنسا وقبلها في منفاه بالعراق وقبله في منفاه في تركيا محرضا الشعب على حاكمه وحكومته ... حتى حدثت الثورة الكبرى في فبراير 1979م فهرب الشاه بطائرته الخاصة ورفض كل حلفاؤه الغرب والأمريكان بالسماح له بالهبوط بطائرته لأي دولة منهم فتدخل الرئيس المصري الراحل أنور السادات وسمح له بالإقامة في مصر إلى أن مات ودفن في القاهرة سنة 1980 أي بعد أقل من سنة من الثورة عن عمر يناهز 60 عام ... فاستلم الخميني زمام إيران وبدأت أكبر حملة اعتقالات وتطهير في تاريخ إيران الحديث والإعدام كان يتم في الشوارع والضرب والتنكيل والإعتقال كان يتم علنا وبعيدة كل البعد أن أي قيم إنسانية أو شرعية فالهدف كان هو التطهير ولا شيء غير التطهير ... وأول من بدأ فيهم الخميني هم المقربين جدا من الشاه وجنرالاته وتم إعدامهم جميعا أكثر من 200 شخصية ... وأقيمت محاكم شكلية صورية لا يوجد فيها أدنى حقوق للمتهمين بل يمنع وجود أي محامي مع أي متهم وتمت الإعدامات لأكثر من 40 ألف شخص وتمت الإغتيالات وتم خطف أعداد لا يستهان بها لا يعرف مصيرهم إلى يومنا هذا وتمت مصادرة الأموال والممتلكات لأكبر شخصيات إيران والسجن لفترات تراوحت ما بين 5 إلى 15 سنة ... وخرجت مظاهرات مناوئة ومعارضة لثورة الخميني كلها قمعت وسحقت بالقوة المفرطة ... هذا بالإضافة إلى فصل أكثر من 20 ألف معلم مدرسة ودكتور جامعة من وظائفهم بحجة أنهم معارضين للثورة وفصل أكثر من 10 آلاف رجل أمن بحجة أنهم موالون للشاه ... لقد سحق كل تاريخ الشاه من جذوره وأخضع الأمة بالإعدامات والقتل والسجون ولا دخل ولا شأن للدين والشرع والعقيدة والمذهب فيما حدث تم استبعاد هذا كله ؟

مبادئ الثورة الخمينية
أقيمت الثورة الخمينية على فلسفة وفكر سياسي ديني أي إخضاع وتطويع الدين والعقيدة والفقه إلى المنهج السياسي المركز والصرف ... فأصبح الدين يتلون ويتقلب حسب الظرف السياسي واحتياجه للدين والشرع لتمرير أمرا سياسيا ما كما هو حاصل في أيامنا هذه في أغلب الحكومات العربية ... فبدلا من أن تصبح إيران تابعة للعراق من ناحية المرجعية الفقهية الدينية أصبح العراق هو التابع بل محافظة إيرانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ... لذلك من المهم أن نبحث عن فكر الخميني وفلسفته الثورية التي سنت سننا غريبة تتصادم مع الواقع والزمن هذا دون النظر لتطور الحياة وخروج أجيال متعاقبة وكأن منهج الخميني هو منهج أو كتاب سماوي نزل بيد الملائكة على رسول أو نبي لا يجوز المساس به أو التعديل أو التعقيب على الإطلاق ... وهذا مخالفا طبعا للواقع ولما يجري وهي أفكار عفا عنها الزمن زمن لكن يجب الإنتباه أن ربما تكون الأقوال أهداف ولو بعد حين إن لم ننتبه لمعنى الحديث وأين كانوا وأين أصبحوا كمثل هذا التحريض وربما كشف الأهداف 
1- في الذكرى الأولى لانتصار الثورة في 11-2-1980 قال : إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم .
2- في حديث مع الإذاعة الإيرانية بتاريخ 20-7-1988 قال : سوف نزيل آلام قلوب شعبنا بالانتقام من أمريكا وآل سعود إن شاء الله في الوقت المناسب وسنضع وسم حسرة هذا الجرم الكبير على قلوبهم ونضع حلاوة في حلق أسر الشهداء بإقامة حفل انتصار الحق وبتحرير الكعبة من يد الآثمين سوف نحتل المسجد الحرام .
3- خطاب ذي الحجة 1408هـ 1987م قال : سندخل المسجدَ الحرامَ مع الاحتفال بانتصار الحق على جنود الكفر والنفاق وتحرير الكعبة من أيدي من ليسوا أهلاً ومن ليسوا من محارمها وخاصتها .
الثورة الخمينية داخليا
يبلغ تعداد سكان إيران اليوم ما يقارب 79 مليون نسمة ديانتهم الإسلام ... 90% منهم يعتنق المذهب الشيعي الإثنى عشرا بنسبة 63% والتركمان والأذربيجان الشرقية بنسبة 20% والعرب 8% والأكراد 6% والبلوش 2% وجماعات أخرى 2% ... لغتهم الرسمية هي الفارسية ثم تأتي التركية ثم الكردية ... عدد المطلقات في إيران بلغ أكثر من 15 مليون إمرأة و أكثر من 6 ملايين عانس ... بينما بلغ عدد مدمنين المخدرات في إيران لأكثر من مليونين مدمن ... وبلغت أعداد العاطلين عن العمل بأكثر من 12 مليون عاطل عن العمل ... وبلغت نسبة الفقر في إيران إلى 30% أي أكثر من 24 مليون نسمة حسب ما صرح به علي أكبر سياري مساعد وزير الصحة في إيران في 2016 و 12 مليون إيراني يواجهون المجاعة حسب ما نشرته مجلة فوربس في 2015 ... وتعتبر إيران الدولة الأولى على منطقة الشرق الأوسط في معدلات الجريمة وفنزويلا الأولى عالميا ... بعدما سبق من أرقام مرعبه فإننا نتحدث عن دولة مجتمعها هـــش ومفكك ومحطم تحكمه القبضة الحديدية الأمنية والسلطة الدينية المتفردة المستبدة ؟

أصل الشيعة وجذورهم
مبدأ الثورة الخمينية تأسس على منهج خطير لغاية كما ذكرت سالفا وهو الدين السياسي فجعلت من نفسها وصية على شيعة العالم وحامي الحمى لهم ... وهذا مخالف كليا وجملة وتفصيلا فمرجع الشيعة يعود إلى العراق ومرجع آل البيت - عليهم السلام - يعود إلى قلب المدينة المنورة ... لكن بفعل الفتن والأحداث السياسية ومرور الزمن تحول مرجع الشيعة من المدينة إلى العراق ثم سطت واستولت إيران من بداية الثورة الخمينية على فكر ومبادئ المذهب الشيعي ونصبت نفسها سيف الشيعة الذي لا ينحني ولا ينكسر ... هو هذا الدين السياسي الذي يتمرد ويخرج عن المذهب الحقيقي ومن المغالطات الذي وقع فيها الكثيرين أنهم يعتقدون أن كل الشيعة هم تابعون لإيران ... كلا وأبدا بل من سابع المستحيلات فالشيعة هم شيعة آل البيت وليسوا شيعة إيران ولا الفكر والفلسفة الخمينية ومدرستها الفقهية ... لذلك هناك الكثير من أهل الحق والعدل وجهابذة التاريخ من الشيعة لا يعترفون بالهمينة الإيرانية ولا يرجعون لها على الإطلاق ... لأن أصل الشيعة الأصل الأصل هم عرب ثم عرب ثم عرب أقحـــاح أصلا وفصلا وسلالة وجذور وأنساب رأسهم برأس أعرق وأكبر أسرة أو قبيلة عربية ... لأن آل البيت هم عرب ومن صلب وبطن العرب وشيعتهم أي أتباعهم ومن ناصرهم هم من مختلف القبائل العربية الأصيلة تاريخيا ... لذلك انتبهوا بأن لا يقع أحد منكم في الفهم الخاطئ أن كل شيعي هو من أصل ومن جذور إيرانية كلا وأبدا وهذا دليل آخر على أن إيران هي من يجب أن تكون تابعة للعراق لا العكس ... وبالمناسبة فإن الشيعة الحقيقين يرفضون كل أنواع الممارسات والبدع التي أستحدثت مثل اللطم وشق الجيوب والتطبير وما إلى ذلك من ممارسات مهينة للعقل البشري ومهينة لآل البيت - عليهم السلام - ويرون أن شيعة آل البيت لم يكونوا في يوم من الأيام يومارسون مثل تلك الممارسات الدخيلة عليهم ... لكن الدين السياسي الإيراني الخميني فعل فعله وقلب الموازين ودمر وزور التاريخ وقلب الحقائق فصدقها كل جاهل وتافه وطائفي والشيعة الحقيقيون بريؤون مما ألصق بهم من زور وبهتان ومن بدع ومن تطاول وتجاوز على زوجات الرسول - عليه الصلاة والسلام - وعلى زوجاته وأصحابه والخلفاء كلها أمور يرفضونها جملة وتفصيلا ... أكرر الشيعة الحقيقيون الفعليون شيعة آل البيت أهل العقل والوفاء والحكمة . 
 

الثورة الخمينية خارجيا
أقولها بكل أسف وألم وحسرة أن إيران نجحت نجاحا باهرا عظيما عسكريا وسياسيا خارجيا بشكل يصدم كل مراقب ومتابع وراصد ... فهي نعم جوعت شعبها وأذاقتهم المر والذل والهوان وصنعت مجتمعا هشا مهلهل غير متجانس وغير متماسك واستخدمت التعتيم الإعلامي كقبضة أمنية لقمع أي صوت يجرؤ على فضح الداخل أو حتى قبل أن يفكر بالتمرد ... لكنها خارجيا اليوم تحكم العراق وسوريا واليمن ولبنان أو لها نفوذا لا يستهان به على الإطلاق كمن من يأتي ويدمر منزلك غرفة غرفة فتخسر شيئا فشيئا من منزلك العربي الذي هو أصلا أوهن من بيت العنكبوت ... وعسكريا صنعت ميليشيات بفكر ومنهج العصابات بتسليح عالي المستوى فوزعت فكرها الثوري على كل المنطقة وفي كل الدول أنشأت كيانات مسلحة شديدة القوة والتأثير ... فحولت أبناء الوطن الغير إيرانيين إلى عملاء ومرتزقة تابعين لها لا يعصون لها أمرا على الإطلاق فصنعت كل من
1- لواء فاطميون ولواء طهران 8 في أفغانستان
2- الحركة الإسلامية في نيجيريا
3- فيلق بدر في العراق
4- كتائب حزب الله العراقية
5- كتائب أهل الحق العراقية 
6- حركة النجباء العراقية
7- حزب الله الحجاز السعودي
8- الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين
9- حركة أمل اللبنانية
10- حزب الله اللبناني
11- حركة أنصار الحق ( الحوثيين ) في اليمن
12- لواء أبو الفضل العباس في سوريا
13- لواء ولي الأمر في سوريا
لو جمعتهم فأنت تتحدث عن ما لا يقل بأكثر من 600 ألف مقاتل مجهز أصبحت لديهم الخبرة القتالية تنافس بجدية وبشراسة الجيوش النظامية في المؤسسات العسكرية الإقليمية ... مرجعهم إيران ومرشدها وبكلمة واحدة يستطيعون فعل ما تشيب له الولدان ... هذا بالإضافة إلى التدخل الإيراني المباشر عبر عملائها ومرتزقتها بأعمال إرهابية مسلحة في كل من : الكويت والسعودية والبحرين والضلوع بأعمال إرهابية وتجسسية ... ومحاولات التدخل في كل من : الأردن ومصر وتونس والمغرب والسودان ... والتعاون الوثيق والمثمر مع كل من : العراق وسوريا ولبنان واليمن وأثيوبيا والنيجر وسلطنة عمان وتركيا وروسيا ... إذن إيران من المنظور السياسي ناجحة وذات نفوذ شديد الشراسة والقوة والوثوق والنفوذ ... ومن الناحية العسكرية إيران أصبحت أخطبوطية الأذرع المسلحة عبر أتباعها وعملائها + إيران تملك قوة صاروخية كارثية قادرة على إلحاق الأذى في كل دول الخليج ودون أي استثناء + تملك سلاح بحرية خطير للغاية وهي اليوم بالفعل تهيمن وتسيطر كليا على بحر الخليج العربي بامتلاكها أكثر من 20 غواصة وأكثر من 60 سفينة حربية مختلفة المهام ؟ 
هذه هي إيران سردت لكم جزأ من حقيقتها دولة تقوم على الدين السياسي فكرا ومنهجا وهدفا وإستراتيجية ... وتقوم على إخضاع العقيدة والمذهب والدين لتحقيق الأهداف السياسية بعيدة المدى ... دولة تكره العرب كما كرهها الشاه وربما هو كرها تاريخا وحقدا أزليا ... دولة تستخدم مرتزقتها وعملائها وخونة الأوطان وتضحي بهم بكل سهولة لأن عقيدتهم الأزلية تقوم على مبدأ : من يخون وطنه سهل أن يخونني ... فلا تهتم فعليا بعملائها وتكتفي بالتنديد والتصريح والتأبين من باب التكتيك السياسي ... دولة لا تحارب بنفسها أبدا بل تستخدم من صنعتهم ومولتهم ودعمتهم ليكونوا هم الضحايا لأنهم في النهاية ليسوا من الدم الإيراني العريق تاريخيا حسب معتقدهم ... دولة تعرف تستخدم الإعلام وتعرف متى تستخدم لغة التهديد والوعيد ومتى تصمت إن رأت النار اقتربت منها ... هذي هي إيران الذي يستهزأ بها الكثيرون مع الأسف الشديد إيران تبني وتصنع ولا تنام الليل ونحن في سابع نومه ؟ 

هذه عقيدة وفكر وفلسفة المدرسة الخمينية كالتي تقول
هل من منازل ؟ هل من مبارز ؟
ولا أحد يجب منذ أكثر من 25 سنة



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم