2017-10-10

الألقـــــاب بين التوقير والجهل والنفاق والهلاك ؟

اللقب : هو إسم "صفة" يوضع قبل الإسم الحقيقي يرمز للتعريف أو للتشريف أو للتحقير ... وهي ممارسة شاعت وانتشرت قبل عشرات آلاف السنين منذ الحضارات القديمة وتكاد تكون هي العادة الوحيدة الأزلية التي اعتاد عليها البشر في حياتهم ومعاملاتهم ...  وقد تنوعت الألقاب ما بين الألقاب التي تدل على مهنة أو حرفة صاحبها وما بين الألقاب التي تمنح من باب التوقير البعض العامة وما بين الألقاب التي تمنح بقرار رسمي من الدولة وما بين ألقاب رؤساء وحكام الأقاليم والدول والكيانات وصولا إلى الألقاب التي تمنح من باب الرياء والنفاق والجهل والسفاهة ؟

في الكويت مثلا يطلق على كل رجل دين لقب "شيـــخ" وهذه مغالطة كبيرة الكل وقع فيها بما فيهم أنا شخصيا نسوقها لرجال الدين من باب الإحترام والتوقير ... بينما الحقيقة التي لا تقبل الشك ولا اللبس أن لقب "شيخ أو الشيخ" لا يطلق إلا على حاكم البلاد ونائبه فقط وحصريا وما دون ذلك بما فيهم أسرتهم الكريمة لا ينطبق عليهم "شيخ أو شيخه" لأن "المشيخة" هو لقب يطلق على الرأس فقط وحصريا أي الحاكم أو الزعيم دون سواه ... ولقب الأسرة الحاكمة "الصبـــاح" هو بحد ذاته يكفي تعظيما وشرفا لأبنائهم لانتمائهم لأسرة كريمة حكمت البلاد والعباد لأكثر من 250 سنة ماضية ولا تزال ونسأل الله سبحانه وتعالى لها الدوام ... ويسري نفس ما سقته على أي حاكم عربي وأسرته الكريمة فاللقب حصريا لرأس الدولة وحاكمها وليس لأسرته وعائلته ... وبالعودة إلى رجال الدين فإن أي رجل الدين مهما بلغ من العلم والمعرفة ومن السن ووقاره يجب أن لا ينادى بألقاب على الإطلاق لأنه من المفترض أنه رجل دين أي زاهــــد في الدنيا فما له ومال الألقاب وفخامتها وتعظيمها ؟ ... ويكفي أن ينادى باسمه أو باسم ابنه الأكبر مثل : بو فلان بو فلانه + التوقير يكون بحسن الأدب في الحديث معه وفي المقابل يتوجب أن نجد التواضع والحلم من أي رجل دين سخر نفسه لدين الله وهذا المفروض أن يكون ؟
وهناك نوعين من الألقاب عرفت عبر التاريخ الأول كان لقب سياسي مثل : سمو - الخليفة - السلطان - الصدر الأعظم - صاحب الجلالة - الملك - صاحب الفخامة - الأمير – الإمام – أمير المؤمنين – خليفة الله - صاحب العظمة ... وغيرها من الألقاب الرفيعة ... وهذه الألقاب لا تطلق إلا على رأس الدولة أي الحاكم فقط وحصريا ويتم تجريم كل من يستخدمها لغير ذلك وقد روي الكثير في التاريخ أنه تم إعدام من كان يلقب غير الحاكم بمثل هذه الألقاب لأنه كان يعتبر أن ذلك بمثابة تمهيد لانقلاب على الحاكم أو بداية ثورة أو صناعة بديل للحاكم ... وأما النوع الثاني من الألقاب فهو لقب اجتماعي فكان يمنح للطبقة الراقية القريبة من الحاكم من خاصته ومن الأثرياء والتجار وأهل الحظوة ورجال الدين المقربين من الحاكم ممكن يجدون له المخارج لأي ظرف سياسي ... ومن هذه الألقاب : الباشا - حضرة صاحب العزة - بيك "البكوية" - صاحب المعالي - أفندي - حضرتكم - خاتون - خانم - العامل على أموالنا أو مصالحنا - طويل العمر - وخذ وقس على مفردات لألقاب لا تعد ولا تحصى ؟ 
في الأديان لا يوجد لقب عالم ولا وجود أصلا للعلماء
لن أقول جهلا لكن سأقول "التبس" الأمر على غالبية الأمة بأن هناك علمــــاء في الدين ... وأصل الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلامية هي كتب سماوية نزلت على رسل من نفس وأصل قومهم ومن وطنهم وبلسانهم ... فاليهود جائهم موسى عليه السلام بلغتهم العبرية والمسيحيين جائهم سيدنا عيسى بلغتهم الآرامية والمسلمين جائهم رسولهم محمد عليه الصلاة والسلام بلغتهم العربية ... وقد قرأت الكتب السماوية الثلاثة وهي متشابهة نوعا ما في كثير من المواضع وتنوعت ما بين التشريع والتعليم والتحذير والوعيد والبشرى والأمل ... ولذلك في الأديان السماوية جميعها تحديدا وحصريا لا يوجد علمــــاء بل يوجد : مجتهدين - حماة - رعاة - محافظين - حراس الدين - الذاكرون - الفقهاء ... وفي القرآن الكريم وصفهم رب العالمين بأهل الذكر { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهــــل الذكـــر إن كنتم لا تعلمون } النحل ... والعالم هو من يكتشف أمرا فيه صلاح للعالمين وللبشرية كافة دون النظر لدينهم أو معتقدهم أو لونهم أو جنسهم ... فإن كان ربنا جل جلاله لم يترك لا شاردة ولا واردة إلا وأحصاها في كتابه العظيم وقصّ علينا أنباء ما كنا لا نعرفهم وأخبار أقوام كنا نجهلهم وخاطب عقولنا فأين موضع أو مكان علماء المسلمين المتخصصين في الدين في ذلك كله ؟ ماذا اكتشفوا غير ما كشفه لهم ولنا ربنا في كتابه الكريم وأين عظمتهم في ذلك ؟ والإدعاء بأن العلماء فسروا فهذا أصلا اجتهادهم قابل للأخذ به وقابل لرده أو تصحيحه أو تصديقه وليس تسليما بالمطلق ... فإما أنك تتاجر بدين الله وكتابه أو أنك وقعت في لبس عظيم أعمى بصيرتك أو أنك استمرأت الباطل وصورته أنه الحق وأنك أتيت بما لم يأته أحد من العالمين من صلب ولب كتاب رب العالمين وهو القائل أصلا في كتابه الكريم { وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصـّــــــلا } الأنعام ... وقوله سبحانه { قد فصّـلنـــــا الآيات لقوم يعلمون } الأنعام ... وقوله سبحانه { كتاب أحكمــــت آياته ثم فصّــــلت من لدّن حكيم خبير } هود ... وقوله سبحانه { إنا أنزلناه قرآنا عربيــــــا لعلكم تعقلون } يوسف ... وقوله سبحانه { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيـــــــا غير ذي عوج لعلهم يتقون } الزمر ... { ما فرّطنــــــــا في الكتاب من شيء } الأنعام ... { وكل شيء أحصينـــــاه في إمام مبين } يس ... فأي عالم إسلامي تدّعون وربكم قالها صراحة لكم وفي مواضع عدة أن قرآنكم كاملا ومفصلا غير ناقص فهل ضربكم الجنون حتى تدعون جهلا بما لا تفقهون أم تدعون أنكم اكتشفتم ما لم يأتي به ربكم في كتابه ؟!!!؟ ... وأما قوله سبحانه { إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور } فاطر ... فالمقصود هنا أي العلماء علماء الطبيعة والرياضيات والكواكب والنجوم والطب والفلسفة والكيمياء وغيرها من التخصصات لأن هؤلاء هم الأكثر قربا إلى الله ليقينهم ولاكتشافاتهم التي تؤكد عظمة ما خلق رب العالمين في السماء والأرض ... وهؤلاء هم أيضا من يخشون الله ويعرفون قدره لما اكتشفوه وما توصلوا إليه ويخشى الله عليهم بأن لا تشطح عقولهم بالسؤال المحظور مثل : من هو الله وكيف هو شكله وهل هو مثلنا أو أكثر عظمة وتطور وأسئلة لا يحق لمخلوق أن يسألها مثل قوم موسى عندما قالوا { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون } البقرة ... ولذلك أجر العلماء والباحثين والمتفكرين عظيم عندما قال رب العالمين عنهم { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتـــــــوا العلــــــــم درجات والله بما تعملون خبير } المجادلة .
إذن الألقاب هي صناعة بشرية استأنسها الإنسان من قبل نزول الكتب السماوية والأديان وهذه الألقاب صنعها الإنسان لتعزيز غروره ولصناعة الهيبة له ... وهناك ألقاب وجبت أن توضع لتعزيز قدر ومكانة الإنسان بين قومه وفي المجتمع مثل الحكام ومن يتبعهم وهناك ألقاب أطلقت نفاقا أو جهلا ... وعليه فإني منذ هذه اللحظة لن أنادي أي رجل دين بأي لقب مهما كان موقعه أو سنه أو ما تعلمه أو منصبه فإن كنت زاهدا فحتما لا تريد أي لقب وإن كنت طاووسا فحق لي ولغيري أن نضعك بحجمك الطبيعي ... لا تقديس لمخلوق أيا ومهما كان لأن التقديس صفة خالصة خاصة استثنائية لرب العالمين وحده لا شريك له ؟





دمتم بود ...