2024-04-26

قفـــوا على قبري أيها الكاذبـــون المنافقـــون ؟

 

قيل أن : الموت لا يرعب بل الطريقة ... وفي حديث من ضمن مواضيعي قد تناولته فتحضرني ذاكرتي عندما قلت وكتبت "لا أحد يعرف سبب الخوف من الموت مع أن لا أحد مات وعاد ليخبرنا عن تلك التجربة أو تلك الحقيقة وما عاشه فيها" ... والطبيعة البشرية لا تخبرنا إلا بحقيقة ثابتة وهي أن الإنسان من النادر جدا أن يخوض تجربة لم يسبقه أحدا إليها في العالم ... وهؤلاء النادرون هم من كانوا السبب الأول في فتح أبواب كل شيء بمعنى أول من قاد سيارة ثم اندفع العالم بركوب السيارات ... وأول رجل ركب وقاد طائرة ففتح أبواب تعلم قيادة الطائرات وتعلم الأخرون ركوب الطائرات وخذ وقس على تلك الأمثلة ... مثل الإنسان قديما في كل تجاربه الأولى كيف عرف النار ومتى طبخ الأكل على النار وما كان أصلا أكله قبل النار ومن ركب أول مرة الحصان والدواب الأخرى وكيف تعرف عليها وروضها ... كلها أسئلة كثيرة ومثيرة لا تخبرنا إلا أن هناك النادرون الذين كانوا السبب الأول في كل شيء سار من خلفهم الآلاف والملايين والمليارات ... والموت حكاية لا تنتهي لأنها تعيش بيننا في كل يوم ؟

إن من عجائب الموت هو اليقين الذي نشاهده ونعرفه منطقيا وعلميا وواقعيا بأدلة مطلقة اليقين ... ولا أحد بالمطلق وأبدا ونهائيا يعرف شعور وإحساس الموت إلا أنه من الثابت ومن الأدلة أن الموت أنواع نعم صحيح أنواع كثيرة ومختلفة لكن الموت واحد ... فمن يموت غرقا ومن يموت مقتولا ومن يموت مريضا ومن يموت واقفا ومن يموت نائما لا أحد أبدا سينجو من الموت ولو ملكت كنوز الأرض ولو بيدك كل سلطات البلاد والعباد ... ومن عجائب الموت الأخرى وخصوصا في زماننا هذا أن 99% ممن يقفون حول قبرك ما هم سوى شرذمة من الكذّابين والمُنافقين والأفّاقين وأيضا بعضا من أعدائك وأكثر من كانوا يبغضونك وقليلا ممن يحبونك ويحترمونك ... ولم يأتوا لك أيها الميت حبا وكرامة بل جاؤوا بسبب النفاق الإجتماعي الذي تشتهر به كل الشعوب العربية بلا استثناء ... ويا لا وقاحتهم من وقف على قبرك ومن ذهب لتعزية ذويك هو وذويك جميعهم كذابين مدلسين منافقين "إلا من رحم ربي منهم" ... لا بل وحتى ربما إخوانك وأخواتك كانوا أيضا كذابين ومنافقين وربما زاد عليهم بعض أبنائك الجاحدين والعاقين ... لكن الميت لا يعلم عنهم شيئا وبالتأكيد لن يشكر تفضلهم في نفاقهم لأنه دخل في "عالم البرزخ" أي ما يفصل بين الشيئين ومن يدخل في البرزخ لا يعود ... أما في مجالس العزاء والتي أصبحت في زماننا هذا "مجالس المنافقين والنمامين" فلا يعدو كونها وجاهة اجتماعية سخيفة لا أكثر ولا أقل ولا أصل لها في الإسلام ولا حتى من عادات العرب ... فالأصل هو الغسل والدفن وتقبل العزاء في المقبرة وانتهى الأمر تماما ولا تثريب على من لم يحضر ولا تثريب على من لم يستطع تقديم واجب العزاء ويمكن ذلك من خلال المصادفة أي مصادفة ذوي الميت ؟

إننا اليوم نعيش بحالة مؤسفة وأستطيع أن أصفها بـ "الحالة المرضية الخسيسة" وهي فعلا خسة في الطباع التي أدت إلى تخشّب المشاعر وتبلّدها ... فجزى الله خيرا أهل الميت إن بكوا وحزنوا على ميتهم 3 أيام لا أكثر ويا لهم أصحاب وفاء إن حزنوا عليه أسبوعا ليس أكثر !!! ... والخسة تتمثل بأفراد لم يرو الميت منذ سنوات ويا سبحان الله وقت الموت يأتي الغريب والقريب فالغريب معه عذره والقريب كان ناكرا جاحدا خسيسا ... فلا كان يصل قريبه ولا كان يقف معه ولم يكن إلا ندا له ولا عجبا إن كان عدوا له حتى وهنا يخرج إبداع "المعهد العالي للفنون المسرحية" ... وتبدأ فنون إبداع النفاق والتأثر وكأن أجنحة ملائكة السماء تكاد تُمزق ملابسهم من شدة إتقان الكذب والتدليس ... فتبكي الأخت وهي فاجرة ويبكي الأخ وهو ظالم وتبكي الأم وهي مجرمة والعم والخال يتلقون خبر الوفاة فيكملوا غدائهم كأنه خبر عاجل على إحدى القنوات الإخبارية لا جديد ويحزن الإبن وهو عاق وتذرف البنت الدموع وهي ملعونة ويحزن الصديق وما كان نِعم الصديق ... كل هذه المسرحية تتم خلال بضعة ساعات وعلى الأكثر بضعة أيام وانتهى العرض المسرحي لكن لم يجدوا بعد من يصفق لهم على أدائهم الباهر بالكذب والنفاق ... فيذهب الميت بأسراره وهو مظلوم ويذهب الميت ذاك بأسراره وهو ظالم والجميع سيقف للحساب بدقة ولو كانت قدما من نملة ... أقول ما سبق وأنا أرصد وأرى وأشاهد تحول في السلوك الإجتماعي الجميع يعلم بأنه سلوك شاذ وغير صحيح وغير طبيعي لكن الجميع يتماشون معه وكأنه أمرا مفروضاََ عليهم مع أنه ليس فرضاََ بالمطلق ... يا ربــــاه حتى الموت لم يسلم من وحشيتكم ومن أقنعة نفاقكم التي أسميتموها "مجامـــلات" يا لها من أنفس كيف تحملت عفن أصاحبها ... طوبى للصالحين والبارين بوالديهم وطوبى لأصحاب الضمائر والحق الذي لا يعرف سوى طريق الحق ولو كان منفردا ... ولعنة الله على المنافقين والجاحدين والعاقين والناكرين لأفضال الجميل ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم