2018-06-10

أيها الكويتيين لا تفرطوا بالثقة وإلا ... ؟


صدقا لا أعرف كم عدد توقعاتي التي صدقت في مدونتي هذه لكني أستطيع أن أضع لها تقييم أن صدق تحليلي وتوقعاتي لا تقل عن 80% وهذه نسبة لشخص بعيد كل البعد عن المطبخ السياسي لا شك أنه إنجاز أفتخر به ... وقد سردت الكثير من التحليلات السياسية في الشأن الإقليمي والدولي منها ما حدث فعليا ومنها من ننتظر وقوعه ... لكن حديثي في موضوعي هذا سيكون "استثنائيا" للكويتيين فقط وحصريا لأهميته وربما لخطورته وذلك ناتج عن قراءات تدور في رأسي استحضرت الماضي وأيا كانت النتائج فلا بد أن نتعلم ونتعظ ونتوجس ونحذر ... كلها علامات طبيعية من خلالها يمكن توفير أطول مدة بقاء أو أكبر قدر من الأمن والحماية ... وإن كان البعض غارقا في الثقة والأوهام فلنجعل التاريخ القديم والحديث هو الحكم بيننا ؟

في 25-3-1989م وصل خادم الحرمين الشريفين "الغالي" فهد بن عبدالعزيز إلى العاصمة العراقية بغداد بدعوة رسمية من "عفن اللحود" صدام حسين استغرقت 3 أيام بعدها توجه العاهل السعودي من بغداد إلى القاهرة ... تم بموجبها توقيع معاهدة عدم اعتداء وعدم استخدام القوة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين ... تم توقيع هذه المعاهدة في قصر "صقر القادسية" ببغداد وبعدها تم تبادل كلا الرئيسين الأوسمة والهدايا ... وقبل مغادرة عاهل السعودية العراق تم منحه سلاح "رشاش كلاشنكوف مذهب" وكان وقتها سعر برميل النفط في الأسواق العالمية ما بين 15 إلى 19 دولار فقط ... ركزوا هذه الزيارة قبل الغزو العراقي للكويت بسنة و 7 أشهر وكان يعتقد صدام أنه قد حيّد وأبعد السعودية عن مخططه ... ثم بتاريخ 23-10-1989م زار أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح العراق بدعوة رسمية من صدام حسين استغرقت 3 أيام منح خلالها الشيخ جابر وسام الرافدين من الدرجة الأولى و "رشاش كلاشينكوف مذهب" ثم تم منح صدام وسام قلادة مبارك الكبير ... ركزوا هذه الزيارة قبل الغزو العراقي بـ 10 أشهر فقط ... ثم افتعل العراق كذبة سرقة الكويت للنفط العراقي والذي أثبت كل خبراء الأمم المتحدة لترسيم الحدود الكويتية العراقية وفق القرار رقم 833 الصادر بتاريخ 27-5-1993م أن الكويت قد استردت أكثر من 11 بئرا نفطيا كان العراق قد سرقها وكان يستخدمها لصالحه ... ضع في كل ما سبق الرأي العام الشعبي الكويتي الذي كان مغفـــــــلا وساذجا بفرط ثقته في العراق + ضع الحسابات الخاطئة للقيادة السياسية الكويتية آنذاك وعدم التصرف الصحيح وعدم اتخاذ القرار السليم ورفضها لكل ضغوط وانفعال ونصائح الشيخ صباح الأحمد الصباح سمو الأمير الحالي والذي كان آنذاك وزيرا للخارجية ... حتى وصل إلى توسله القيادة السياسية بالموافقة على طلب الكويت من أمريكا بالتدخل السريع لعملية إنزال جوي أمريكي يفصل بين حدود الكويت والعراق وكان سفير الكويت في واشطن الشيخ الراحل سعود الناصر الصباح ... والذي أدلى بشهادته أنه كان متواجد في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" وكانت القوات الأمريكية على أهبة الإستعداد بانتظار طلب وموافقة حكومة الكويت وكان يجلس الشيخ سعود "حسب وصفه" بجانب الخط الساخن بانتظار رد الكويت لكن القيادة السياسية آنذاك رفضت أي تدخل عسكري فوقعت الكارثة ... هذا هو التاريخ القديم نقلته لكم بكل دقة وأمانة ؟
بتاريخ 25-12-2016م وصل خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز إلى العاصمة القطرية الدوحة التي استقبلته باستقبال مهيب كبير في زيارة استغرقت يوما واحدا ... وبعدها بـ 5 أشهر عقدت القمة العربية الإسلامية الأمريكية بتاريخ 20-5-2017م حضرها سمو أمير قطر كأحد قادة الحضور ... ثم بعدها بأقل من شهر واحد وبتاريخ 5-6-2017م افتعلت "السعودية والإمارات والبحرين" أزمة عبر قرصنة إلكترونية ونسبت تصريحات كاذبة لأمير قطر وبصناعة إعلامية أعدت مسبقا تم عل أثرها سحب سفراء الدول وإعلان المقاطعة الكاملة مع الدوحة ثم إعلان الحصار الكامل عليها بريا وبحريا وجويا ... ثم بدأ الإنحطاط الإعلامي بشكل لم يسبق له مثيلا في تاريخ العلاقات الخليجية الخليجية على الإطلاق فوصل الإعلام البحريني والإماراتي والسعودي إلى درجة من الوضاعة الإعلامية والتحريض الشعبي منقطع النظير والصادم لنا جميعا ... ثم خرجت قرارات أمنية تتوعد بالغرامات والسجن لمن حتى يتعاطــــف مع قطر برد أو بتصريح أو بتغريدة ... ثم صدرت تعاميم لجميع فنادق المملكة العربية السعودية في مكة والمدينة بغرامة مالية لأي فندق يبث قناة الجزيرة بغرامة مالية تصل إلى 10 آلاف ريال = 800 دينار كويتي ... مع الإنتبـــــاه أنه في 17-5-2016م  أنشأت السعودية والإمارات مجلسا أعلى للتنسيق بينهما بمخالفة صريحة لميثاق وبروتوكولات منظومة دول مجلس التعاون ... ثم بتاريخ 4-12-2017م تم تشكيل لجنة للتعاون المشترك بين الإمارات والسعودية بمخالفة أخرى لميثاق دول مجلس التعاون ... ثم بتاريخ 7-6-2018م تم الإعلان عن الهيكل التنظيمي المتكامل لمجلس التنسيق السعودي ـ الإماراتي في مجالات الأمن والثقافة والإعلام والتعاون العسكري بين البلدين وهذا اعتراف علني "بشكل غير مباشر" بانتهاء منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وأنه أصبح حديث من الماضي لا قيمة له ولا وجود له ... وهذا هو التاريخ الحديث نقلته لكم أيضا بكل أمنة وصدق ؟

ماذا يحدث بحقيقة وبدون أي مجاملات سخيفة ؟
أول فخ وقعت في الكويت أنها دخلت في التحالف العربي دون بعد النظر في اليمن بسبب تحالف العفن علي عبدالله الغير صالح مع الحوثيين ... بالرغم من أن الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي قد قدم استقالته من منصبه كتبها ووقع عليها وقدمها رسميا بتاريخ 22-1-2015م ... وأنا شخصيا كانت لدي ثقة في هذا التحالف أو بالأحرى بالسعودية وقد كتبت في هذا الشأن لكن اتضح أن الأمر كان مغامرة غير محسوبة العواقب وأن أجهزة المخابرات وتقاريرها لم تكن دقيقة بل كانت أيضا فاشلة وأن القرار السياسي الذي بني عليها كان خاطئا ... بدليل أن هذه الحرب لا تزال مستمرة منذ أكثر من 3 سنوات بخسائر بشرية فادحة وبخسائر اقتصادية كارثية والفشل سيد الموقف ولن تحسم هذه الحرب نهائيا ... وبالتالي دخول الكويت كان خطأ سياسيا استراتيجيا فاضحا وسياسة مسك العصا من المنتصف ليست دائما ناجحة ... والسؤال الذي لا توجد عليه أي إجابة نهائيا والذي بالفعل نحتاج إجابة رسمية عليه وهو : من دفع ولا يزال يدفع ويتحمل تكاليف القوات الكويتية المتواجدة على الأراضي السعودية على الحدود السعودية اليمنية طيلة 3 سنوات وإلى يومنا هذا ؟ وهل هناك طلعات جوية عسكرية كويتية ضد أهداف داخل اليمن ؟ ومن يتحمل تكلفة كل ما سبق هل الكويت أم السعودية ؟ ... سؤال طبيعي ومشروع نحتاج الإجابة عليه لنعرف هل قيمة ما أنفق عسكريا = ما أنفق على مساعدة فقراء ومصابين اليمن في الحرب الخاسرة ؟ ... الأمر الثاني والذي يجب أن نفهمه أن حياد الكويت الرسمي في الأزمة الخليجية لا شك أنه موقف عالي المستوى وبالتأكيد هو محل تقدير والأهم أن تصريحات سمو أميرنا "الحبيب" هي محل اعتزاز وفخر ... لكن عالم السياسة له رأي أخر والحقيقة على أرض الواقع وأدلتها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك خروجا حقيقيا وصراع وليس مجرد خلاف بين أعضاء دول مجلس التعاون ... وأن هناك تغير بنسبة 180 درجة في سياسات "بعض" دول الخليج فقطر بعدما كانت قائدة خراب الدول العربية بربيعها العربي عادت وانزوت بعدما باعتها إسرائيل وأمريكا ... وأن السعودية والإمارات بعد حالة الدفاع تحولتا إلى حالة الهجوم في كل مكان ... أما مصر والبحرين فهما دولتين تحصيل حاصل لا تأثير لهما على الخريطة على الإطلاق وهذا واقع له أدلة لا تعد ولا تحصى ... وبالتالي جاز وحق لنا أن نقرأ المستقبل ونحلله بعقلانية وببصيرة وليس بعواطف ربما ترمينا إلى التهلكة والخسائر الفادحة ونسأل أين الكويت وماذا سيكون دورها ومصيرها مستقبلا ؟

أيــن الكـــــويت ؟
بتاريخ 22-11-1992م أنشأت لجنة تقصي الحقائق عن أسباب الغزو العراقي لدولة الكويت استناداً إلى المادة 114 من الدستور والمادة 147 من اللائحة الداخلية للمجلس ... والتي انتهت بعد عمل تجاوز 3 سنوات وأصدرت تقريرها النهائي في الفصل التشريعي السابع دور الانعقاد العادي الثالث بتاريخ 16-8-1995م ... والذي حمّل الحكومة والقيادة السياسية مسؤلية كارثة الغزو العراقي لدولة الكويت بنسبة 100% ومن أحد أسباب التقرير هو "استفراد السلطة السياسية بقرار الدولة منفـــــردا وتعمــــد تغييـــب الرأي الشعبي ومجلس الأمة عن القرار السياسي" ... ولذلك وبعدما سبق من سرد لتواريخ وحوادث سياسية موثقة ومسجلة رسميا وصوت وصورة وتاريخ عاصف وأسرار بعضها ذكرتها تفصيليا في مدونتي هذه وأسرار صعب أن أكشفها ... وجب أن نطلق أصواتنا عاليا محذرين ومنذرين بيدنا اليمنى التاريخ القديم نتعظ ونعتبر منه وبيدنا الأخرى أدواتنا السياسية والدبلوماسية لصناعة كل ما يلزم من أجل أمن وسلامة الكويت وشعبها وتوفير أقصى درجات الإحتياط مما هو قد يحدث وحتى ما لن يحدث ... فالسعودية والإمارات أرسلوا إشارات كثيرة كافية أن تشعرنا بالخطر وبتغيير كبير جدا دخلوا فيه فعليا في سياستهم الخارجية ويكفيهم ما يكتب وينشر عنهم في الصحافة العالمية ... وبالمناسبة هذا حقهم الكامل دول وتبحث عن سياستها وتطويرها ومصالحها وتعزيزها بأي شكل وطرق تراها مناسبة ... لكن نحن في الكويت أليس لنا نفس هذا الحق أيضا ؟ ... وإذ أذكركم وأنبه الجميع أن الكويت قبل الغزو العراقي كانت من أقوى الدول العربية في مساعداتها الخارجية لكن هذه المساعدات لم تمنع الغزو العراقي بل أفادتنا كثيرا في عملية تحرير وطننا ... وبالتالي المساعدات تعتبر جبهة سياسية ودبلوماسية موثوق فيها لكنها لا تمنع الخطر في نفس الوقت ولذلك علينا التفريق بين الحدث وردة فعل الحدث وبين الكارثة والوقاية منها ... وأنا هنا لا أقول نعادي السعودية والإمارات حتى لا يفهم كلامي "كالعادة" بشكل غير صحيح بل أطالب الكويت باتخاذ تدابير وتغيير في سياستها الخارجية والكف من "استجداء" دول مجلس التعاون بإنهاء الأزمة الخليجية ... لأن من قاموا بالفعل وضعوا الكويت مسبقا في أخر حساباتهم بل لا قيمة لدور الكويت أصلا في الأزمة الخليجية بدليل أن الأزمة دخلت عامها الثاني دون أي تحسن ولا 1% ... دون أي تقدير لمساعي سمو أميرنا "الحبيب" وهذا ما لا نرضاه لمكانة ومقام رمز الكويت ... بل من الواضح أن الأمر ذاهب للأسوأ والأسوأ كثيرا وهذا شأنهم جميعا فمن يطرق أبواب الخير سيجدها ومن يطرق أبواب الشر سينالها ... نذهب ونعود ونسأل أين دور الكويت ؟ وهل لا نزال نعيش كالعادة على "ردة الفعل" ؟ ... بمعنى تخرج لنا أزمة كهرباء فتتوحد الجهود وتستنفر الدولة فتحل المشكلة تخرج لدينا أزمة الطرق فتستنفر الدولة ثم تبدأ بالتحرك بعدها ؟ ... ما أتحدث عنه هي سياسة بعيدة المدى لأمن وسلامة الكويت وأن رؤية الكويت 2035 هي غير صحيحة أبدا بل وأتحدى فيها كبار عقول ومستشارين الحكومة ... لأنه ببساطة من وضع استراتيجية كويت 2035 لم يقرأ السعودية وإيران والعراق المحيطين بنا أبدا لم يقرأهم بالشكل الصحيح لأنها دول أصلا لا تقرأ إلى من خلال مدة تتراوح بين 5 و 10 سنوات على أبعد تقدير ... وبات من الواضح أن القارئ عقل تجاري وليس سياسي فالعقل السياسي يرى أبعد مما ينظر إليه العقل التجاري ... فأعيدوا قرائتكم للسياسة الخارجية الكويتية ببصيرة وبتجرد من أي عواطف فماضينا يخبرنا أننا عندما وثقنا بعواطفنا دفعنا الثمن غاليا جدا بغزو بلادنا ... فلا تكرروا نفس الخطأ مرتين ولا تسمحوا للعواطف أن تتحكم بمصير دولة وشعب وكيان وأعراف أخي وصديقي هذه تنفع في المجالس وفي العزائم ولا مكان لها في العلاقات الدولية وبدائل المصالح الدائمة التغيير ... لا تستفزوهم حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه هي نفس الجملة التي قيلت قبل وقوع الغزو العراقي بأيام وساعات بل اصنع واعمل ومن يشعر بالإستفزاز فهذا يعني أنه كان يعد لأمر جدا خطير ضدنا وقد سبقناه وأفشلنا مخططه ... أيها السادة الكرام إن الأمر ليس مأكل ومشرب بل أمن وأمان وكرامة وطن ففي الماضي نأكل ونشرب وفي الغزو العراقي أيضا كنا نأكل ونشرب لكن لم تكن لدينا كرامة ووطنا كان قابعا تحت الإحتلال ... فاعقلوا وتبصروا فإن المستقبل لا يبشركم بخير إلا لو اتخذتم كل ما يلزم من تدابير واحتياطات عملية فعلية شديدة الضمان والأمان وليس بنظريات وتصريحات وهرطقات لا تسمن ولا تغني من جوع ؟

لا تفرطوا في الثقة حتى لا نضيع نحن بسببكم مرتين



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم