من غرائب وعجائب الأمم والشعوب في التاريخ البشري أن هناك منها من تعلم واتعظ من سلبياته وأخطائه وهناك من لم يتعلم ولم يتعظ ... والتاريخ البشري حافل وملئ بالأسماء التي غيرت مجرى التاريخ وشخصيات أثرت بشكل كارثي على البشرية وشخصيات نفعت الأمم والبشرية ... ولو جمعت كل تلك الصفات الإيجابية والسلبية منها بالتأكيد ستجد ثرثرة وأقوال وتهديد ووعيد وطعن في الشرف والذمم وصولا إلى الطعن بالعقائد والأديان لتلك الشخصيات ... انعكس على ذلك من أحداث جسام وكوارث عظام أن اختفت كليا أمما وشعوبا وحضارات مثل "حضارة كاتالهويوك" و "حضارة بابل" و "حضارة الفراعنة" و "حضارة ماتشو بيتشو - الإنكا" و "حضارة المايا" وغيرها من الحضارات ... مما يوصلنا إلى تأكيد دمار وتلاشي أمما وشعوبا قد أكد ذكرها الحق سبحانه في كتابه الكريم مثل "قوم نوح" و "قوم عاد - هم قوم سيدنا هود في الجزيرة العربية قرب حضرموت" و قوم ثمود - هم قوم سيدنا صالح" ... كلها دلالات أن البشرية بطبيعتها كانت ولا تزال وسوف تبقى تعيش في خلافات فكرية واجتماعية وسياسية واقتصادية حتى قيام الساعة ... والفيصل بين كل ما سبق هو عقل الإنسان نعم عقل الإنسان فعندما خلق الحق سبحانه الإنسان بداية من أبونا آدم عليه السلام وصولا إلى بني آدم من البشرية ... قد ميزهم عن سائر خلقه على الأرض بنعمة العقل وهي النعمة التي لا أحد يملكها على الأرض من خلق الله حسب ما نعرفهم مثل الجن والملائكة والحيوانات بكافة أشكالها وأنواعها ودرجاتها { علّم الإنسان ما لم يعلم } العلق ؟
في موازين الحياة بكافة أشكالها وأنواعها هناك من لا يريد أن يتقبل أو يعلم أو حتى أن يفهم أن ليس كل ما اكتسبته عن آبائك وأجدادك هي حقائق ... بل الطبيعة البشرية بتاريخها بكل عبرها ومواعظها بكل أديانها لا تخبرك إلا بحقيقة واحدة وهي : التغيير سنة الله في خلقه وفطرة البشرية وسنة الحياة لا أحدا مخلدا وطالما لا خلود في الدنيا إذن التغيير أمرا واقع ودام أنه أمر واقع إذن يجب أنت أن تتغير وتواكب ... كلها حكمة الله في خلقه حتى تأخذ الحسن وتترك السيء تستخدم الجيد وتترك الرديء وتستخلص من الأمور ما ينفعك وتبتعد مما يضرك ولو كانوا أهلك وذريتك ووطنك وشعبك وقومك ... لأن الثابت من السيرة البشرية كلها أن الهجرة مهما كانت أسبابها ومهما تعددت مبرراتها إلا أنها تبقى هي الطبيعة البشرية أمما تزول وأمما تولد شعوبا تتفكك وشعوبا تتوحد هذا يثبت في أرضه وذاك يهاجر لأرض أخرى ... بدليل كل سلالات الحكام في أيامكم هذه ولدوا من لا شيء وتسببت الأسباب فحكموا شعوبا وسوف ينتهي حكمهم ويتلاشون جميعهم مثلهم مثل من سبقوهم من آلاف الحكام التي حكموا وسادوا ثم بادوا وتلاشوا وانتهوا على الأرض منهم من تعرف أين قبورهم والغالبية يستحيل أن تعرف لهم قبور ؟
في كل زمان وحتى زمانكم هذا يعتقد الجهلة أن الأكبرهو الأحق سواء في العائلة أو القبيلة أو الوظيفة أو المنصب أو غيرها لكن الحقيقة لا تقول إلا أن الأفضل هو الأحق وليس الأكبر ... بدليل أن الزعيم النازي "أدولف هتلر" كان جنديا ثم مدنيا ثم زعيما لحزب ثم قائدا لأقوى جيشا عرفه التاريخ الحديث فاكتسح كل أوروبا واغتصبها وفجر في العالم اختراعات واكتشافات البشرية مدينا لها حتى قيام الساعة ... ووكيل عريف الروسي "ميخائيل كلاشينكوف" صنع أخطر بندقية والأكثر استخداما في العالم منذ 70 سنة وحتى يومنا هذا ... والأمريكي "ويليس كارير" مخترع ومكتشف وصانع تكييف الهواء الذي اليوم 80% من البشرية تنعم باختراعه ولا تستطيعون أن تعيشوا دون تكييف هواء بارد في ظل الأجواء الحارة القاسية ... وعلماء المسلمين السابقين مثل "الفرابي وابن سينا وابن الهيثم وابن حيان والخوارزمي والكندي وابن رشد والإدريسي" وغيرهم ... 99% منهم لم يملكوا شهادات ولا مكاتب ولا حكومات كانت تقف ورائهم بل كانوا هم الأفضل وصنعوا القوة من ذكائهم الإستثنائي ونفعوا البشرية نفعا عظيما ... ليس هذا فحسب بل كان غالبيتهم يعيشون بين جدران الحزن والهم والدموع من هول ما تعرضوا له من شتائم وسخرية والبعض قد تم تكفيره والبعض طردوا من قراهم ومدنهم وعاداهم حتى أهلهم ... كلها عِبر ترمينا إلى أن الحماقة في الشعوب بلا حدود وأن الأمم لا تتعظ إلا بعد أن ينزل بهم البلاء والهلاك وأن الأفضل موهبة وعقلا وأدبا وفكرا وعلما ونفعا هو الفئة المنبوذة دائما ودائم التنمر منها ... وأصبح القوي في السلطة والمال هو أفضل من الذكي الذي دائما يفكر ويبدع ولذلك حالك ليس أفضل حال مما سبقوكم فالجهل في الامة حتى قيام الساعة ... لكنكم في زمانكم هذا تفوقتم على كل أمم الأرض ممن سبقوكم بأن خلقتم من توافه الأمور أهمية وكأنها من عظائمها ... فانظر في محيطك أنت وأنتي عن ماذا يتحدثون حولكم ؟ وكيف يفكرون ؟ ربما ستدركون أنكم تعيشون بين شرذمة جهلة وحمقى لا قيمة لهم ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم