لو جئت بجثة ميت منذ ساعات وغرست سكينا في فخذه فلن يشعر بأي ألم
بنسبة 100% ولو فتحت قلب رجل في غرفة العمليات فلن يشعر بأي ألم بنسبة 100% ...
لكن لو كان السكين مغروسة في فخذ رجل حي سيصرخ بأقصى ما يستطيع من شدة الألم ولو
فتحت قلب مريض دون تخدير فإن نسبة الوفاة ستكون مؤكدة 100% ... مصدر كل ما سبق ليس
الفخذ وليس القلب لكن المصدر هو العقل مركز التحكم في جسم الإنسان العقل نعم هو
العقل الذي هو من ينبه ويحذر ويفكر ويحلل وأي ألم في الجسد يرسل إشارة بجزء من
الثانية إلى العقل ليحلل العقل ويقيّم تلقائيا الخلل ومدى الضرر والحاجة للعلاج في
المنزل أو الذهاب إلى الطبيب ... سقت ما سقته من مثال لأبين لكم أن الدولة كجسد
الإنسان والإدارة هي العقل والحكومات هي الإدارة هم بضعة أفراد يديرون شؤون
الدولة ويسيرون أمورها ... والفوضى الحاصلة في أيامنا هذه هي نفس الفوضى التي
سبقتها نفس الأزمات التي لا تعد ولا تحصى قد حدثت وتكررت لا جديد ولن يكون هناك
جديد ... وتبادل الإتهامات بين بعض المواطنين وبين الحكومة ومجلس الأمة هي ثرثرة
قديمة تتجاوز أكثر من 50 سنة أدت إلى ترف فكري وجهل سياسي فاضح في المجتمع الكويتي
... هذا الجهل السياسي أدى إلى فجور في الخصومة وأصبح الغالبية يشخصن الأمور
والمسائل بمنظوره هو وفق خبرته هو ووفق مستوى ثقافته هو ثم يأخذ كل هذا ويسقطه على
الدولة ونظام الحكم ويصب جام غضبه على الجميع ... وبلا أدنى شك إنها الجهالة
والحماقة وغياب البصيرة لأن التحليل والتقييم وقع دون فهم لحقيقة الأمور ومجريات
الأحداث والأهم عدم الوعي وعدم الفهم لأسباب ما نحن فيه ؟
خرجت إحصائية منذ يوم أو يومين تتحدث أن الكويت خلال 8 سنوات فقط تم
تنصيب وتغيير 8 حكومات فيها بـ 110 وزير لـ 2 رئيس حكومة "جابر المبارك -
ناصر المحمد" ... مقابل ذاك كان هناك 8 برلمانات أي 8 مجالس أمة أي 8
انتخابات جرت خلال 8 سنوات ابتداء من حل مجلس 2008 وحتى حل مجلس 2016 ولعلها
المفارقة العجيبة أن تتغير 8 حكومات و 8 مجالس أمة ... ووفق التحليل والمعطيات
السياسية ووفق النظر البعيدة "Zoom Out" ووفق نظرة السياسي
الذي يقرأ الكويت في الخارج تلقائيا وأول نتيجة سريعة سيطلقها هي أن : الكويت دولة
لا يوجد فيها استقرار سياسي ... نعم وهذا قول صحيح يتطابق تماما مع واقع الحال وفق
سجل تاريخ الحكومة ومجلس الأمة يعطيك نتيجة تلقائية أن الكويت تفتقر إلى الإستقرار
السياسي ... ولو غيرت النظرة من الأعلى ودخل إلى العمق "Zoom In" ستكتشف أن الثرثرة والهرطقات بين فريق
مناصرين الحكومة وفريق مناصرين مجلس الأمة أدى إلى صناعة فريق ثالث فريق المعارضة
الذي لا يثق لا بالمجلس ولا بالحكومة ... ولا يختلف 2 من المطلعين حقا على مجريات
الأمور السياسية أن ما لا يقل عن 90% من الشعب الكويتي هو جاهل سياسة لدرجة تصل
إلى الحماقة ... ومن بين هذه النسبة المرعبة أبناء الأسرة الحاكمة ووزراء ومسؤلين
وقياديين وعامة الشعب والـ 10% أيضا من هذه الشريحة العريضة ... لذلك لا عجب أن
نرى الفجور في الخصومة والإنتقام السياسي وشراء المرتزقة من حثالة الشعب أصبح
عنوانا للمعارك السياسية التي هي في الأساس لا ترقى إلى توصيف "المعركة
السياسية" بل في حقيقة الأمر هي مراهقة سياسة وألاعيب الصبية المترفين
المنعمين ... كل هذا حدث ويحدث دون أن يعي أحدا أنه يضر وطنه الكويت ويسيء لها
ويشوه صورتها واضعين أنفسهم مثار سخرية وتشفي من يكرهون الكويت وفي الجهة الأخرى
هناك الملايين من الشعوب العربية التي تأسف على ما وصل إليه العقل الكويتي من
تفاهات ومراهقة قد تؤدي بالكويتيين إلى ضياع دولتهم وزوال نعمهم سبب جهلهم ... ومن
المؤسف حقا أن لا أحد يبحث عن الأسباب ولا أحد يريد معرفة مكامن الخطأ ولا أحد
يريد أن يملك الجرأة ويصرخ بأعلى الصوت أن هنا خطئكم وذاك خطئكم ... لكن الكل يرمي
الإتهامات والكل يشكك والكل يثرثر حتى أصبح لدى البعض كل مؤسسات الدولة غير نزيهة
ولا يمكن الوثوق فيها من شدة الجهل والشخصانية ؟
لو سألت أي كويتي وأي كويتية : ماذا تعرفون عن الفاسدين في عهد رئيس
الحكومة الشيخ الراحل / جابر الأحمد في 1965 حتى وفاته شكل 5 حكومات ... ورئيس
الحكومة الراحل / سعد العبدالله في 1978 حتى وفاته شكل 11 حكومة ... ورئيس الحكومة
الشيخ / ناصر المحمد من 2006 إلى 2011 شكل 7 حكومات ... ورئيس الحكومة الشيخ /
جابر المبارك من 2012 إلى 2019 شكل 7 حكومات ؟ من هم الفاسدين وأين أصبحوا وكيف
فلتوا وكيف نسيتموهم ؟ ... الإجابة الكويتية المعتاده : ما ندري - الله كريم - صج والله وينهم
!!! ... ولو أردت أن تجري اختبارا أخرا فاختار عشوائيا 10 دواوين كويتية في مناطق
مختلفة ومتباعدة وادخلها وخض معهم في الشأن السياسي فلن تجد أحد متفق على رأي واحد
الكل له وجهة نظر والكل يريد الإصلاح والكل يريد أن يرى الكويت بأبهى صورة وأحلى
شكل وخالية من الفساد ... لكن في حقيقة الأمر جميعهم كذابين جهلة سطحيين الفكر
يقولون ما لا يفعلون وهم من أوصل النواب الفاسدين إلى كراسي مجلس الأمة ... بالرغم
من أن سمو الأمير وجه خطابه مرتين داعيا مواطنيه للإختيار الصحيح لمن يمثلهم
ولم يمتثل مواطنيه الذين أخذتهم القبلية والطائفية وقدموها على مصلحة الكويت ...
فإن كان بيد سمو الأمير أن يغير رئيس الحكومة ويرضي بعض مواطنيه فلم مواطنيه لا
يمتثلون لرغبة سموه ويغيرون ممثليهم الفاسدين الفاشلين ؟ ... فسلطات سمو أمير
البلاد لا تمكنه ولا تخوله بأن يختار ممثلين الناخبين في مجلس الأمة فلا تأتون
بالفاسدين ثم تصرخون على وطنكم بأسره بأنه أصبح بيد الفاسدين الذين أنتم من جئتم
بهم ... وما بين إلقاء اللوم على هذا أو ذاك أو تلك أو هذه سيبقى الجميع يدور في
نفس الحلقة المفرغة وسيبقى الجميع متمسكا بذاكرة الأسماك التي تمحي المعلومة بعد
ثواني وفي فهم الإنسان ستمحى بعد أسابيع قليلة فما بالكم بسنوات طويلة ؟
يتبع الجزء الثاني
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم