2017-11-10

تقديس الأموات وعبادة قبورهم قديما وحديثا ؟

حقيقة لم أعرف من أين أبدأ بموضوعي هذا لأنه سرد تاريخي طويل وعريض فعرفت أنه سيمتد لأجزاء لا حصر لها ... لكني سأختصره في موضوع واحد راكلا "شنشنة" أي عادة الأقول والردود عن فعل الشرك واستحسانه وتغليف الباطل بالحق والخطأ بالصواب ... وحتى يخرج الجهلة من "الشركيات" غلفوا صناعة الجهل بأنها ليست عبادة بل هي مبادئ وأنها قيم بل هي من أعظم درجات التوسل إلى الله عبر وسيط يحبه الله ... إلا أن الحقيقة التي "كالعادة" لا يريدون الرجوع إليها ألا وهو كتاب الله العظيم الذي قال عنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون } الحشر ؟
 
إن العلم أخبرنا بحقيقة دامغة أن الإنسان إن مات توقف كامل أعضائه عن الحركة والعمل بنسبة 100% ويتم التوصيف العلمي للحالة بأنها : وفاة ... أي موت دون الرجوع إلى الحياة باستحالة مطلقة وعليه يوقع ما لا يقل عن 3 أطباء على التقرير الطبي للحالة ... ونأتي للتوصيف القرآني للميت والأموات فقد وردت في مواضع كثيرة ولأسباب عديدة لكن النقطة الرئيسية ذكرها ربنا عندما قال في سورة الزمر إنك ميت وإنهم ميتون } ... أي هناك نقطة مفصلية في حياة الإنسان أن الإنسان في الدنيا لزاما ويجب أن يموت لأن كوكب الأرض نظريا وعلميا وواقعيا لا تستوعب كثرة الأعداد لكنها تستوعب قلة الأعداد ... بمعنى فقط تخيل لو كان عمر الإنسان الطبيعي 1.000 عام فهذا يعني أن اليوم تعداد سكان الأرض ما لا يقل عن 50 مليار نسمة بينما فعليا اليوم العدد 7 مليار نسمة ... فلو كان العدد 50 مليار لكنت من المستحيل أن تأكل 3 وجبات أو 5 وجبات يوميا بل هو من سابع المستحيلات + فقدانك للأمن والإستقرار وعجز كامل وصولا إلى شـــح مطلق في موارد الأرض وانعدام طبيعتها بنسبة 100% ... وبالعودة إلى موضوعنا فإن عبادة وتقديس قبور الموتى هي لغة العرب منذ القدم مهما علا شأنهم ومهما تطور زمانهم فإن "جهل" تقديس قبور "بعض" الموتى من إرثهم التاريخي ... حيث كانت تلك سيرة من سبقونا في أمم ماضية في العراق وإيران والمغرب واليمن ومصر وتركيا والسعودية ... ففي العراق كانت ثم اندثرت ثم عادت وفي إيران كانت ولا تزال وفي اليمن كانت واندثرت وفي مصر كانت ولا تزال وفي تركيا كانت ولا تزال وفي أرض الجزيرة العربية "السعودية" كانت ثم اندثرت ؟
ركزوا وتمعنوا في هذه الآيات أكثر من جيد
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة فاطر { والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير } قطمير = قشرة من نواة التمر ... وقال سبحانه في سورة النحل { لا تتخذوا الهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون } ... وقوله سبحانه في سورة النحل { وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون } تجأرون = ترفعون أصواتكم طالبين الشفاء ... وقوله جل علاه في سورة الأعراف { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } ... وقول الحق سبحانه في سورة الصافات { أَئِفْكًا آلِهَةً دون الله تريدون } الإفك = أقصى درجات الكذب أي الكذب بجرأة وبوقاحة ... وقوله العظيم سبحانه في مواضع كثيرة من القرآن { ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم } { ويعبدون من دون الله مالا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون } { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون } { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } .. فمن المجنون الذي يجادل أو يحرّف أو يزيد أو ينقص أو يعدّل على آيات رب العالمين وقد علمنا ونبهنا وحذرنا ربنا في قرآنه من أن ننزلق إلى منزلق الهالكين ؟
وهل ينطبق ما سبق من الآيات على الأنبياء والرسل وآل البيت ؟
نعم ينطبق على الجميع ودون أي استثناء والأنبياء والرسل عليهم أفضل صلوات ربي وتسليما وآل البيت عليهم السلام من كل نبي ورسول ينطبق عليهم كل ما ورد في الآيات + وينطبق على كل وأي رجل صالح في دنياه وقدسوه من بعد موته ... فلا تقديس إلا لرب العالمين ولا عبادة إلا لله وحده لا شريك له ولا دعاء إلا له سبحانه ولا طلب إلا منه عظيم الشأن ولا إجلالا وخضوعا وتذللا إلا للفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ... هو خالقنا وإليه وحده سبحانه مرجعنا ولا رحمة من عذابه سواه وما غير ذلك ما هي إلا خزعبلات وشرك ما أنزل الله به من سلطان ... { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير } سبأ ... { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } الإسراء ... { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون } الأنعام ؟
الحقيقة أنه حتى الآن لم يعرف من هو أول من حفظ عنه نشر طقوس دعاء الأموات والتوسل والتقرب إليهم إلا الصوفية الذين ابتدعوا هذا الإثم العظيم على يد أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل 431 هـ - 513 هـ ... وثبتت أن أول ضريح في الإسلام أقيمت عليه قبة عرفت بقبة الصليبية وأنها بنيت عام 284 هـ على قبر الخليفة المنتصر العباسي ... ونقلت عن الطبري أن أم الخليفة العباسي المنتصر استأذنت في بناء ضريح منفصل لولدها فأذن لها "إذ كانت العادة قبل ذلك أن يدفن الخليفة في قصره" وتلك الأم هي أم ولد نصرانية رومية ... فهي بحكم عقيدتها وما تربت عليه من تعظيم القبور طلبت ذلك وأجيبت إليه عندما تمكن نساء القصر من تسيير الحياة ... وغلبن على الخلفاء في حال ضعفهم وانصرافهم إلى شهواتهم وملذاتهم إذن فالتأثير النصراني ظاهر في إنشاء هذا المشهد وبعد ضريح المنتصر العباسي توالى بناء الأضرحة وتقديسها وتعظيم شأن أصحابها مثل : ضريح إسماعيل الساماني المبني سنة 296هـ في مدينة بخارى خامس مدن أوزبكستان حاليا ... وضريح الإمام علي في النجف الذي بناه الحمدانيون سنة 317هـ ... وضريح محمد بن موسى في مدينة قم بإيران سنة 366هـ ... وضريح السبع بنات في مدينة الفسطاط في مصر سنة 400هـ ... وهذا الترتيب قد ذكره غير واحد من المستشرقين والباحثين في الآثار والعمارة الإسلامية ؟

تعظيم شأن القبور ليس من دين الله في شيء وتقديس الأموات لم يأمر به رب العالمين ولغة التحايل التي خرج بها "المتذاكون" لن تنفعهم يوم القيامة في شيء ولا يصدقهم سوى المغفلون والممارسات التي تحدث إثمها عظيم ... وكل مظاهر العبادة بكافة أشكالها وأنواعها للأموات والخزعبلات التي تجري فوق قبورهم أيا كان أسماؤهم ما هي إلا بـــدع ترفضها العقول المدركة للحقيقة التي أعمت بصائر عشرات الملايين ... فالأموات لهم حرمة بأن توقر قبورهم وتحترم سيرتهم ودون أي استثناء لأنهم أصبحوا في ذمة الله لا أن تتذلل للأموات وتطلب ممن لا يملك لك لا ضرا ولا نفعا فما الفرق بين الحديث مع الأموات والحديث مع أصنام الجاهلية ؟!!!؟ ... لا عبادة إلا لله ولا تقديس إلا لله ولا تعظيم إلا لله وليس لله وكلاء وليس له وسطاء وكل خاصته من الأنبياء والمرسلين راقدون تحت التراب انتهوا وانتهى زمانهم قالوا وأبلغوا رسالات ونصائح وأديان رب العالمين ... لا أحد يصل لعظمتهم ولن يصل أحد من العالمين لقدرهم أدوا الأمانة بكل اقتدار وذهبوا في ذمة ربهم مثلما ذهب غيرهم من مليارات البشر ... حياتك ورزقك ومماتك عند رب العالمين وليس أحد سواه ... تريد أن تقنع نفسك بعكس ما جئتك من كلام رب العالمين هذا شأنك ولك قبر وآخرة تنتظرك لكن لا تقل لم أقرأ ولم أعلم ولم أسمع يوم تجد نفسك وحيدا يوم القيامة ولا حجة لأحد من الناس يوم القيامة على رب العالمين لا حجة ولا عذرا ؟

المجانين هم فقط من يتحدثون ويسألون ويطلبون من الأموات






دمتم بود ...