في كل مصيبة في كل كارثة في كل ظلم في كل جريمة يرمي الإنسان الحجة
والعذر على الشيطان هذا الأمر دائما يتكرر فقط عند المسلمين ... وهي حجة حتى
يوجدوا تبريرا لجريمتهم أو ظلمهم تلقائيا يرمون اللوم على الشيطان هربا من إثمهم
وتعلقا بوهم الأعذار ... والشيطان هو من عبث بعقلي وسرقت وإبليس هو من حرضني على
القتل والشيطان هو من قال لي كذا وكذا ... المهم عند ضبطه متلبسا بالأدلة
والبراهين لجريمته لا يستطيع أن يبرر سوء فعلته إلا برمي الأمر برمته على الشيطان
؟
الشيطان أو إبليس هو خلق من سائر خلق الله المتنوع سبحانه في الإبداع
فيما خلق وصور فخلق الشيطان والجن من النار والإنسان من طين والملائكة من نور ...
تكوين خلقي يستحيل أن تدركه عقول البشر مهما وصلوا من علم وحتى الإنسان إلى يومنا
هذا لم يصلوا بعد لأدق أدق تفاصيل خلق الإنسان والجسم البشري ... بل وصلوا إلى
حقيقة أعضاء الإنسان وطريقة عمل الجسم البشري ... ولو كانوا وصلوا إلى تكوين وخلق
الإنسان بكامل حقيقته لما وجد مرض على وجه الأرض يستطيع أن يصيب الإنسان ولذلك أمة
البشر على وجه الأرض قاطبة تنتظر العلماء أن يفكوا شفرة وعلم الخريطة الجينية
الوراثية ... التي ستعرف أدق أدق تفاصيل الإنسان وسيكون وقتها مرض السرطان ينتهي
بـ 5 حبات علاجية والسكري بـ 3 أبر ويعود البنكرياس للعمل من جديد وكورس مضاد خلال
أسبوع وتعود الكلية للعمل من جديد وهكذا ... وإلى ذلك اليوم المنتظر الإنسان عاجز
أمام الكثير من الأمراض المعقدة في سباق الإنسان مع العلم منذ آلاف السنين ؟
يظن الإنسان بجهله الأزلي أنه مخلدا في الأرض فيرتكب الحماقات والجرائم
ويسطو ويسرق بإبــــداع ويجور ويظلم ظلم عظيم شديد القهر بذكـــاء ... ويحقق
المكاسب الدنيوية ويصل للمراكز القيادية وهناك من يصل إلى الثراء الفاحش فتصل
أنوفهم إلى عنان السماء ويمشون على الأرض وكأنهم ملائكة لا تسعهم الأرض ... وعندما
يمرضون أو يضعفون أو يفلسون أو يصلون إلى أرذل العمل يقولون : ألا لعنة الله على
الشيطان ماذا فعل بنا وإلى أين أوصلنا ويا ليتنا حسبنا حساب يوم ضعفنا هذا !!! هم
نفس العينة الخبيثة اللعينة التي ستقول يوم القيامة { فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك } إبراهيم ...
وبحديث واقعي سبق دنياكم أي أنه حديث سيقال يوم القيامة لكنه بلاغ مقدما بقول ربكم
{ وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب
والعنهم لعنا كثيرا } الأحزاب ... وآيات كثيرة سردها رب العالمين إلينا وأخبرنا
بعلم الآخرة وكم الندم والحسرة على الكافرين والظالمين والمجرمين ... كلها
حسرات لعذاب من جار وظلم من سرق وافترى ومن أكل أموال الناس بالباطل ومن اغتر
بماله وبمنصبه ونفوذه وسلطانه من الحكام والطغاة وبطانتهم وصولا إلى عامة الرعية وتجار
الدين والجميع خاضع ثم خاضع رغما عن أنفه ؟
الشيطان بريء منكم ومن أفعالكم وجرائمكم بعلم وتحذير وتنبيه مسبق يا
متذاكين بدليل قوله سبحانه { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما
كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين
فيها وذلك جزاء الظالمين } الحشر ... والحق حق أن أقول أن الإنسان تفوق على
إبليس وكل الشياطين تفوقا ونجاحا باهرا أعجز من بعده كل شياطين الأرض وجنها
وأبالستها ... فلا يوجد مخلوق خلقه رب العالمين سبحانه أكثر تمردا على الله وأكثر
وحشية وفن في جرائمه وافتراء على بني جنسه أكثر من الإنسان نفسه بظلم الإنسان نفسه
ومن نفس سكان مدينته أو قريته أو دولته العالمية ... فكفاكم كذبا ووقاحة بتبرير كل
جريمة وكل كارثة لتجدوا للمجرمين عذرا وحجة وكفى بالمجرمين يوم القيامة ذلا ومهانة
وعذابا أليما سيأتيهم بعدل ملك الملوك وجبار الجبابرة ... فاستهزؤا وتكبروا
وتعالوا بغروركم فربكم وصفكم وصفا دقيقا حقيقيا عندما قال عنكم { فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون } التوبة
ما أيامكم إلا سراب وما أعماركم إلا
رحلة قصيرة وغروركم وجرائمكم وظلمكم وحسابكم كلها سجلت ووثقت بسجل لا يقبل الشك
على الإطلاق ... فهل أنتم مستعدون للحساب أيها الأذكياء الأغبياء ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم