التطور الثقافي والإجتماعي هو حدث طبيعي كان ولا يزال وسوف يبقى في كل
الأمم والمجتمعات إلى قيام الساعة ... بمعنى أن الجيل الواحد لا يمكن أن يحدث تطور
نوعي أو شكلي في أي مجتمع لكنه يتأثر ويحاول فرض هذا التأثير على محيطة وغالبا ما
يكون الفشل حليفه ... لكن ما بين 3 إلى 5 أجيال "الجيل = 33 سنة" يمكن
أن يحدثوا تغيرا في الشكل والمضمون المجتمعي لأن الإصرار على التغيير أخذ وقتا
طويلا ما بين 100 إلى 150 سنة ... وهذه فترة زمنية كافية ليختفي كل معارض للجيل
الذي سبقه بمعنى والدك يصر على عدم التغيير فيموت والدك فتبدأ أنت في التغيير
وأبنائك في الغالب يريدون التغيير والتطوير ربما توافقهم وربما تخالفهم تموت أنت
فيبدرون هم بالتغيير وهكذا إلى أن يحدث تغييرا ... وهذا التغيير في الغالب يكون
تغييرا كبيرا في الفكر والفهم ينعكس على هذا التغيير تغير في مفردات اللغة أو
تطويرها أو اندثارها + تداخل في الأعراق والأنساب + تطور في اللبس والمظهر + تطورا
في الأمن والقضاء والطب والهندسة والتعليم وغيرها ... لكن مدة التغيير الطويلة
التي نتحدث عنها والتي كانت تأخذ ما بين 3 إلى 5 أجيال هذه تغيرت وبشكل مخيف ومرعب
بسبب فرض "القرية الصغيرة" التي صنعوها لنا وهو عالم الإنترنت وثورة
الإتصالات التي أتاحت لكائن من يكون أن يطلع ويشاهد ويسمع ويرى ما يحدث في أقصى
الأرض إلى أقصاها ... وهذه الثورة التكنولوجية أصبحت هي المحرك الرئيسي شديد
السرعة للتغيير في أي مكان على وجه الأرض فإن كان التغيير في الماضي يأخذ عقودا من
الزمن ففي زماننا ووقتنا هذا أصبح يأخذ بضع سنين ... وهذا الأمر أظن أن الكثيرين
شعروا به بل وظن البعض أنهم ينتمون إلى عصر الماضي بينما هم في نفس الحقبة وفي نفس
الجيل لكنهم لم يستطيعوا مجاراة سرعة التغيير والبعض رفض التغيير لكن الغالبية
أصرت على التغيير ... هذا التغيير سنأخذ منه تغيير التاريخ أو بالأصح تزوير
التاريخ فأصبحنا نرى أمة غارقة في الجهل ونحن متأكدين أنهم كذلك لكنهم يصرون على
أنهم أمما متطورة بل وهم امتداد لأمم الحضارات التي تدين لها البشرية بالفضل لما
قدمته للبشرية ... مع الإنتباه أني لا أعمم في كل أمم بل أخص فئة مغيبة مريضة
عقليا ومضطربة نفسيا وعلى ذلك سآخذكم في أمم كمصر والعراق وسورية لنرى حجم الحضارة
وما تعرضت له تلك الدول بشكل مختصر جدا ؟
في مصر اليوم السواد الأعظم منها رغم ذل الأيام ورغم الفقر والبؤس
ورغم مارد الفساد الذي ولد وترعرع بينهم يحرج الجهلة والسفهاء لينسبوا لأنفسهم
عظمة لا وجود لها على الإطلاق ... فالتاريخ المصري يخبرنا بالأدلة أن في كل تاريخ
مصر كانت أرضا محتلة وأهلها لم يعرفوا الحرية ولا الديمقراطية قط في كل تاريخهم
... فتاريخ مصر يخبرنا أنها تعرضت لأكثر من 25 إحتلال رسمي وأخضع أهل مصر رغما عن
أنوفهم لكل احتلال ... فمن حكم وحضارة الفراعنة قبل الميلاد إلى احتلال الهوكسوس
إلى إحتلال الليبيين إلى احتلال النوبة إلى إحتلال الآشوريين إلى إحتلال الفرس إلى
إحتلال اليونانيين إلى إحتلال البطالمة إلى الإحتلال الروماني إلى إحتلال البيزنطيين إلى الإحتلال الإسلامي إلى الدولة
الطولونية إلى الإنقلاب العباسي إلى الأخشيدي إلى الفاطمي إلى الأيوبي إلى
المملوكي إلى الإحتلال العثماني الدولة إلى إحتلال الفرنسيين إلى إحتلال
البريطانيين إلى الإحتلال الإسرائيلي ... ولم يحكم مصر أي مصري في كل تاريخها إلا
بعد إنقلاب الجيش على الملكية في 1952 أي قبل 67 سنة فقط وفي نفس هذا التاريخ مصر
عرفت الحرية والإستقلال وما قبل ذلك كان أهل مصر رعايا إحتلال ... أما من ناحية
الحضارة فلا ينتمي اليوم أي وكل مصري إلى تلك الحضارة على الإطلاق لا عملا ولا
نسبا بمعنى الدولة المصرية اليوم لا تنتمي إلى حضارة الفراعنة بأي شكل من الأشكال
... ولا يربط حضارة الفراعنة بالأمة المصرية الحالية سوى الأرض وإسم مصر فقط لا
غير ... فالتفاخر الجاهل بني على نسب باطل ونسبوا إلى أنفسهم فضلا غير فضلهم
والمجتمع المصري بطبيعته + كثيرة الإحتلال لا يملك السواد الأعظم منهم أي خريطة
أنساب أو شجرة نسب تفصيلية من الإبن إلى الجد رقم 40 أو 55 ... وتوضيحا موضوع
الأنساب لا يعني أنهم أبناء زنا والعياذ بالله كلا وأبدا لكنهم أمة لم تحرص على
توثيق الأنساب وعاشت في كوارث الإحتلال فتداخلت الأنساب ... ولذلك من الطبيعي تجد
اليوم مصريا له جذور إيطالية أو فرنسية أو بريطانية سواء من الأم أو الأب أو الجد
أو جد الجد ... وأما مصر اليوم كحضارة فلا حاجة للتوسع في مدى السوء الذي تعيش فيه
ولن تنفع أكاذيب إعلام المخابرات وطبالين الإعلام من التسويق الكاذب لتزوير
التاريخ كعادتهم وعهدهم بقلب الحقائق ؟
في العراق أيضا أهل العراق اليوم لا شأن لهم لا من قريب ولا من بعيد
بالحضارة العظيمة لآشوريين والبابليين على الإطلاق سوى الأرض والإسم فقط ... فمن حكم الإمبراطورية الآشورية إلى إنقلاب
الإمبراطورية البابلية إلى إحتلال الفرثيين والرومانية
إلى إحتلال الإمبراطورية الساسانية إلى إحتلال المناذرة إلى الإحتلال الإسلامي إلى
الإنقلاب الأموي إلى الإنقلاب العباسي إلى الإحتلال المغولي إلى الإحتلال الصفوي
إلى الإحتلال العثماني إلى الإحتلال البريطاني غلى حكم الأشراف أبناء الشريف حسين
الموالين لبريطانيا إلى إنقلاب 1958 عندما تم تنفيذ إنقلاب الجيش على الملكية وتم
قتل الملك وأسرته ... أي أن في كل تاريخ العراق كانت دولة تعيش من إحتلال إلى إحتلال
ولم تعرف الإستقلال حتى تاريخ 1958 والذي لم ينهض بالبلاد بل أرجعها أعواما عديدة
إلى الوراء ... ولذلك نجد من العيب التفاخر بحضارة ليس لك أي شأن فيها لا من قريب
ولا من بعيد ولا أنت تنتمي لها لا عرقا ولا نسبا وأيضا بسبب كم الويلات والحروب
ومواجع الإحتلال العراقيين سوادهم الأعظم لا يملكون تاريخ أنساب إلا ما ندر بالرغم
من أنهم أهل الأنساب لكنهم لم يحرصوا على توثيق الأنساب بشكل دقيق ... وهذا الأمر
يفهم بل ويبرر له بسبب ما عانت منه أرض العراق من كوارث ومصائب ؟
في سورية بالتأكيد لا شأن لأهل سورية اليوم بأي حضارة عريقة قديمة
نشأت على أرضهم سوى الإسم فقط ... فمن الحضارة في مملكة إبلا إلى مملكة ماري إلى
حضارة أوغاريت إلى مملكة الأرامية إلى الغزو الآشوري إلى الغزو المقدوني إلى الحروب الديادوخية إلى الإمبراطورية السلوقية إلى
الإحتلال الروماني إلى ثورة اليهود الكبرى وهدم بيت المقدس إلى حرب
اليهود الثانية والثالثة إلى الإحتلال البيزنطي إلى الإحتلال الإسلامي غلى الحكم
الأموي ثم الإنقلاب العباسي إلى الإحتلال العثماني إلى الإحتلال الفرنسي ... ولم
تعرف سورية الحرية إلا في سنة 1946 ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا عاشت سوريا في
سلسلة مؤامرات وانقلابات حتى وصل إلى الحكم الرئيس الراحل حافظ الأسد فحكمها
بالحديد والنار ثم حكم ابنه بشار ليتسبب بتدمير 80% من مساحة الأرض السورية ...
لتتضح صورة المشهد أن سوريين اليوم ليس لهم أي دخل وشأن في أي حضارة قديمة قامت
على أراضيهم لا من قريب ولا من بعيد ؟
أنتم ونحن وجميعنا نحن عالـــــة على كل وأي حضارة مما بنتها أمم
الأمس ... وفي نهاية الموضوع وغلقا لباب أي انتقاد فإن هذا الموضوع ليس الهدف منه
أن أعظم من شأن الكويت وأجعلها بلد حضارات قديمة كلا وأبدا فنحن دولة صغيرة ولدت
قبل 300 سنة وعرفت الحرية والإستقلال في 1962 وقبل هذا التاريخ كانت دولة مؤسسات
بدليل إقامة وإنشاء أول برلمان فيها تم في سنة 1938 ... وإن كان هذا الموضوع ليوجه
صدمة كهربائية تتجه إلى العقول التي تعيش على الأوهام الكاذبة وتنسب لنفسها فخر
الحضارة وعظيم التقدم البشري ليس لها ولا تملك منه أي فضل ولا جزء من الـ 1% ...
وليسأل كل منكم من أبناء هذه الدول الكريمة : منذ متى عرفتم معنى الحرية والسيادة
في تاريخكم ؟ ومنذ استقلالكم وحتى يومكم هذا ما قدمتم للبشرية وأي حضارة صنعتموها
وأي تطور تكنولوجي لكم يدا فيه حتى تستحقوا أن يكون لكم امتداد لأمم من سبقتكم على
أرضكم ؟ ... إن أول طريق النجاح يبدأ من الإعتراف بالفشل ومعالجة الأخطاء والتوقف
عن الأوهام وبدء صناعة أجيال مخلصة أمنية مع نفسها قبل تاريخها وليس الإستمرار
بوصلات الأكاذيب واستغلال جهل الأخرين ... وأنا كاتب هذه الكلمات لأشعر بالفخر
والإعتزاز والفرح والسرور لو رأيت نهضة في العراق وتقدم تكنولوجي في مصر وعلما
إستثنائيا في سورية بل ويشرفني أن أتعلم منكم ... واجهوا واقعكم وصارحوا حقيقتكم
وافهموا لماذا كل هذا البلاء ولماذا الإصرار على تزوير التاريخ وتجميل القبيح
وصناعة فن الأعذار وعدم الحياء في التبرير لتدركوا بعدها ثمن وقيمة الوقت الذي
أهدرتموه في المهاترات التي لم ولن تنفعكم لكنها أضرتكم كثيرا وأصبحتم عــــارا على
أمما قبلكم كان لها الفضل على البشرية كلها بعلمها وتقدمها وحضارتها ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم