أظن
وأعتقد أن أكبر نعمة خلقها ربنا سبحانه في خلق آدم وذريته من البشر أن سبحانه لم
يطلع الإنسان على علم الغيب ولا ما تخفيه الصدور ... ولو كان البشر يقرؤون ما
تخفيه الصدور لفسدت الأرض ولفنيت البشرية عن بكرة أبيها ووفق تقديري لو الإنسان
خلق وهو يرى أو يقرأ ما في نفس الشخص المقابل ... أظن أننا في 2020 يمكن أن يكون
تعداد البشرية لا يتجاوز مليارين نسمة كأفضل تقدير وليس أكثر من 7.5 مليار نسمة
بسبب كم القتل والعداء والحروب ... ولذلك الإنسان حياته تتضارب ما بين التعود وما
بين التعلم وصولا إلى التغيير وأمر التغيير هذا يتوقف على الشخص نفسه والذي تتحكم
به عوامل عديدة ... مثل التربية والثقافة ونسبة الوعي وقوة الإدراك بالإضافة إلى
التأثير المجتمعي السائد في دولته ... فلو كنت أعرف صديقة مطلقة وصديقة أخرى عانسا
وكتبت ونشرت موضوعا عن العوانس والمطلقات فهل هما المقصودتين في الأمر ؟ ...
الإجابة العقلانية والمنطقية يجب أن تكون كلا وأبدا لأن التعميم جهالة والحقيقة
المطلقة غائبة تماما بمعنى يستحيل أن تضع ميزان العدل في المسائل الشخصية بشكل عام
وتفرض تعميمها على الجميع ... ولأننا بشرا نصيب ونخطئ فلا يجب أن نعمم كل مسألة
ولا كل أمر لكن هناك تخصيص وهناك غالبية لكن الجمع هو الخطأ والجهالة بعينها ؟
التغيير
الذي يصيب الإنسان هما نوعان تغيير إيجابي وتغيير سلبي ومن المفارقات الغريبة
والعجيبة أن التغيير السلبي والإيجابي لا يحدثان في حياة الإنسان إلا نتيجة صدمة
مزلزلة ضربت صميم قلب وعقل الشخص ... بمعنى أدق كذب ثم كذب من يقول أنه تغير هكذا
دون داعي فقط من باب التغيير لا يمكن تقبل هذه الحجة بالمطلق فالطبيعة البشرية لا
ترتدع إلا بأمر ما يسبب الضرر وصولا إلى الضرر القاتل ... وبتفصيل أدق لو لم تكن
هناك عقوبة للقتل العمد تصل إلى الإعدام شنقا لرأيت القتل في الشوارع كالسلام
عليكم ولو لم يرى الناس العصا لعاشوا في ظل الطبلة ولو لم يروا هلاك الأمم لما
اعتبرت البشرية ممن سبقها ... بدليل ارسال ربكم للأنبياء والمرسلين لقومهم ومن
بينهم حتى يعلموهم وينذرونهم وبالتالي التغيير لا يحدث إلا من خلال كشف حقيقة
صادمة أو تعرض الشخص لكارثة في حياته أو أنه قد رأى مصيبة فاتعظ منها ... ولذلك يبدأ
التغيير في العقل أولا لأنه المركز الأول والرئيسي للإدراك ثم ينتقل إلى القلب
الذي يدخل في صراع تلقائي مع العقل وكأنها مفاوضات على أمر ما بين طرفين ينتهي
المطاف في النهاية إلى خوض التجربة ... فإن كانت إيجابية فهناك منتصر وهناك مهزوم
إما القلب أو العقل وبعد تجارب ونكسات ونجاحات عديدة ترجح كفة الميزان من الأكثر
رؤية ثاقبة والأكثر ثقة هل العقل أم القلب فيميل الإنسان إلى الأكثر ثقة حتى يرمي
ثقته عليه في المستقبل ... والأهم من كل ما سبق أن التغيير يستحيل أن يحدث إلا
بتغيير ما لا يقل عن 50% من الفكر والطباع وإنكار ما تعود عليه وما كان يقلده في
حياته أو بما يعرف بـ "العادات والتقاليد" ... فعندما قرأت الإنجيل
والتوراة وبعض تفاسيرهما هل كنت أريد أن أعتنق هذه الديانات ؟ كلا وأبدا بل كنت
أود أن أعرف ما هذه الديانات وكيف آمن بها الملايين والمليارات وموطن الحجة
والمنطق فيها ... ودخلت عالم الجنس وعبدة الشيطان والملحدين فهل كنت واحدا منهم ؟ {
أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } لكن كنت أريد أن أفهم العقلية التي آمنت واقتنعت
بهذه الممارسات والإعتقادات ... ومسالة الفهم مع السنوات سترى فيها عجائب ما صنع
ربك في خلقه وستصل إلى اليقين الحقيقي لمعنى وصف أطلقه ربنا على نفسه "الصبـــــور"
كيف يصبر على زلل وأخطاء وجهل وجنون وشطح وكفر وشرك الكثير من عباده ومع ذلك
برزقهم جميعا ولا يبخص أحدا حقه في الرزق ؟
التغيير
في الناس يجب أن نعلم بأنه أمرا نادرا جدا في عالمنا لكنه واقع ويحدث لأن هناك
نوعية من الناس تكره الجهل وتكره أن تكون كالحجارة وكأن الله ما خلق لها عقولا ...
فتجد هذه النوعية هم الأكثر قراءة والأكثر فهما من محيطهم الأسري وسبحان الله
جميعهم يعيشون في شقاء بسبب محيطهم وبيئتهم فتجدهم منعزلين أو محاربين ... منعزلين
لا يريدون الدخول في أي نقاش ليقينهم بعدم استيعاب المحيطين بهم لمعنى الحديث الذي
سينطلق وبعدها يأتي اللوم والعتاب وصولا إلى سطوة الرجال في المجتمعات العربية وما
قد تصل به الأمور إلى العقاب ... أما النوع الآخر وهم المحاربين فهم يعرفون جيدا متى
يطلقون العنان لأنفسهم ليصولوا ويجولوا في حديثهم في محاولة للتغيير ومحاربة الجهل
وبالحجة ... وهذا أو ذاك كلها تبقى محاولات لصناعة أدنى قدر من التغيير لأنهم
يوقنون أكثر من جيد أن لا أحد يستطيع أن يغير كل البشرية لكن بضعة أفراد من البشر
هذا أمر ممكن ... فالتغيير أمر ممكن في الإنسان لكنه ليس تعميم وليس بالمطلق إنما
التغيير هو أمر استثنائي قد ينجح وقد يفشل لكن من المهم كثيرا أن تصنع ثورة التساؤلات
في عقل الغير ... ومن يقرأ ليس كمن يسمع ومن يسمع ليس كمن رأى ولذلك لا تبني صورة
عن الشخصية التي تقرأ لها ولا تعقد عليها أي آمال لأنك لا تعرفه بحقيقته ...
والصورة الحقيقية لا تظهر ولا تكتمل إلا بالجلوس مع الشخص المطلوب وهنا تكمن خبرتك
في الحياة مع الإحساس عند وجود اليقين وقتها يصدر الإنطباع السائد وأيضا بشكل عام ...
فتغيروا للأحسن وللأفضل لأن العالم تقدم وبشكل جنوني فليكن تقدمك بذكاء وبدهاء
وبحذر حتى لا تكون ضحية لهذا التقدم فتكتشف أنك كنت مجرد تابع كمن لا عقل له ...
والإنسان لو عرف قيمة العقل بأنه أغلى جوهرة منحها ربنا سبحانه للجميع لفكر مليون
مرة قبل أن يكون تابعا لكائن من يكون ... وحتى رسولنا عليه الصلاة والسلام لا يجوز
أن تكون تابعا له لأنه بشرا ورسولا بل تتبع رسالته أي تتبع وتأخذ رسالة ربك سبحانه
منه إليك لكن انتبه يجب أن تكون نصيرا وصنديدا لرسولك لأن ربك لا يختار رسله عبثا
بل بعناية تفوق العقل البشري فهما وإدراكا ... وهذا التغيير المقصود في موضوعي هذا
هو أن يتغير فكرك ويتغير تحليلك للأمور وأن تفكر بطريقة مختلفة كليا لدرجة أن
تصدمك أنت شخصيا كيف فكرت بهذه الطريقة وبهذا البعد ... وكنوا على يقين أن حياتكم
ما هي إلا مرة واحدة فلا تسمحوا لمخلوق أن يسلبها منكم إلا بالحق وبالتوافق وبالرضا
وإلا عشتم باقي حياتكم تعساء والعلاقة بين البشر ما هي إلا وجهات نظر وإقناع وتعاملات
بالرضا والناس أمانات ... واحذر من نفسك أولا فلا تسمح للخبث أن يتسلل إليها فيرميك
إلى التهلكة وإلى الندم العظيم فاحكم على الناس من خلال تصرفاتهم معك شخصيا وليس
مع غيرك ولا تحكم على ظنونهم لأنك لا تعلم ما تخفيه الصدور ... فما أكثر كذب الناس
وما أكثر افتراءاتهم وفكروا كيف تغيرت البشرية منذ عشرات آلاف السنين هل كانت صدفة
أو بفعل أسباب وظروف كان الإنسان هو سببا فيها ؟
التغيير
ممكن وليس مستحيلا فلا ترتعبوا من التغيير
دمتم
بود ...
وسعوا
صدوركم