الناس
أنواع فهناك المترددون أي حتى لو فتحت له أبواب الجنة سيتردد ويفكر كثيرا ... وهناك
القساة لا تعرف الطيبة إلى قلبه مكانا ويظن أن خلق الناس خطأ وأن كثرتهم خطأ وأن
الأرض يجب أن تتطهر منهم وأن الناس لا ينفع معهم إلا العصا ... وهناك المعارضون يصنع
سوادا في كل شيء وحتى لو كان خيرا فإنه يبدع بإيجاد السوء مثل المعارضين أو
"البطرانين" في الكويت مهما كان هناك جمالا في وطنهم فإنهم لا يرونه إلا
قبيحا ... وهناك سلحفاة الناس أي البارد أو البطيء وهذا نوع لو وجد نفسه في وسط
زلزال فإنه لن يتحرك لأنه يفكر كثيرا ويستوعب قليلا ... وهناك الهادئون وهم فئة
تكثر الصمت يفكرون بهدوء وينفذون بهدوء وحياتهم كلها هدوء بهدوء حتى لما يموتون
فإنهم يموتون بهدون دون ضجيج ... وهناك الثرثارون وهم فئة تميل إلى النفاق في كل
شيء يتحدثون وفي كل مجلس تجدهم جالسون فم قوم حديث وأول من يهرب من كل وأي مواجهة
... والناس منذ آلاف السنين هي هي نفس الناس لم تتغير ولن تتغير لكن مع اختلاف
الأيام والزمان حدث تطور الناس في حياتهم الطبيعية فتطور السكن والنقل وتنوعت الأطعمة
وتفرعت الألبسة وكثرت اللهجات واللغات ورغم ذلك بقيت الناس هي نفس الناس نقل وكذب
وصدق وثرثرة ومتعة في الفضائح ... ولذلك في أيامكم هذه لو سألت أي أحد من عشاق
الفضائح : ماذا كانت أخر فضية قبل أسبوع أو الشهر الماضي ؟ ... لن يتذكر ولن يعرف
والسبب أن الفضيحة بطبيعتها تنفجر كالقنبلة وتخمد بسرعة كما تخمد النار بالماء ؟
... وما أكثر ما يهلك الناس في جهنم يوم القيامة إلا لسانهم وثرثرتهم وشدة كرههم
لبعضهم بعضا ونميمتهم وطعنهم للأعراض والغافلين ؟
لو
سألت رجلا أو امرأة ممن يحسبون ألف حساب للناس : يا سادة من ينفق عليكم هل أنفسكم
أم الناس ؟ وصحتكم وعافيتكم بيد ربكم أم بيد الناس ؟ ويوم ولدتم حفاة عراة ويوم
تموتون من كان معكم ومن سيكون شفيعا ونصيرا لكم يوم القيامة ؟ لا أحد ولن يكون
هناك أحدا ... بل الجهل في الناس صفة ثابتة لا تقبل الشك أو اللبس وكأن الجهل وباء
أو فايروس لم يتوقف يوما واحدا في ضرب صميم الناس ... وكل من نجا من الجهل فقد نجا
بنفسه وأدرك أن علاج داء الجهل هو الإبتعاد والتنحي عن محيط الجاهلين ولما ابتعد
عرف وأدرك نعمة الإبتعاد عن ثرثرة السفهاء وتيقن من غيمة الجهل ... ومن المؤسف حقا
أن ضحايا الناس هم بملايين والمليارات ليس لشيء فقط الأمر هناك من سلم روحه وعقله
وجسده للناس وبإرادته اختار أن يكون عبدا وضيعا فتحول من كائن يمكن أن يكون له
شأنا عظيما إلى مجرد رقم لا قيمة له في أي معادلة حسابية ... والناس بطبيعتهم
ثرثارون وبطبيعتهم الإختلاف وعدم الإتفاق بدليل اختلاف أمم الأرض كلها على وحول
أنبائهم ورسلهم فقد كان رسولنا هو الصادق الأمين ولما جاء قومه بالرسالة أصبح
الكذاب الساحر والمجنون ... هي طبيعة الناس أنهم لا يتفقون على طعام واحد أي
مختلفة ومتعددة أذواقهم وأفكارهم مختلفة وتوجهاتهم مختلفة وبصماتهم مختلفة
ورغباتهم وأحلامهم وأمنياتهم مختلفة ... فإن كنت ترى وتعيش بين كل هذا الإختلاف
وبين كل هذه التناقضات فكيف تخضع أو خضعت إلى ترهات مجانين لم يتفقوا على أمرا
واحدا قط في كل تاريخهم البشري !!! ... وكذب ثم كذب من يقول أن الناس في تاريخها
قد اتفقت على أمرا واحدا بل حتى ربهم وخالقهم اختلفوا فيه تخيلوا اختلفوا في من
خلقهم ورزقهم ... فهل الناس بعد كل حروبهم وجرائمهم وفسادهم وسرقاتهم وظلمهم
وافتراءاتهم يستحقون أن تتبعهم أو أن تخضع لهم أو حتى أن تتماشى معهم ؟ ... وتلك
حقيقة لن يفهمها ويعرف معانيها سوى الصالحون ومن حادوا عن طريق الناس وسلكوا طريقا
خاصا بهم وبحياتهم ولما فعلوا ذلك اطمأنت قلوبهم واستقرت حياتهم فوجدوا السلام
والطمئنينة في حياتهم ؟
الحكومات
في أيامكم هذه فهمت ألاعيب الناس وأدركت أن التفاهة قد تغلغلت إلى عقول معظم الناس
ولو كنتم تتذكرون قبل 3 أو 4 سنوات كيف كانت "الهاشتاغ" في "تويتر"
كان له قيمة وتأثير كبير وأما اليوم فلن يستمر أقوى وأكبر "هاشتاغ" أكثر
من 24 أو 48 ساعة وينتهي ويختفي وتنسى القصة أو القضة ... ومن المفارقات العجيبة
أن اختلاف الناس في أيامكم هذه أدى إلى هشاشة القضايا وتراجع القضايا الأساسية
المستحقة لكل أمة مثل "الأمن والحريات والتعليم والعلاج ومكافحة الفساد"
لتحتل قضايا فردية متناقضة الحوادث لتحتل الصدارة !!! ... هو نفس الأمر ونفس
الدليل عندما تشاهد سفهاء الناس يحصلون على ملايين المتابعين وحسابات العقلاء
وحسابات الحكم والتاريخ لا يقارعون حسابات التافهة والسفيه ... هنا تضيء في فضاء
عقلك حقيقة أنك تعيش في زمن ووقت يتسيّد الجهل فوق كل شيء وأن الحمقى بينكم كثر
وأن العقلاء نادرون ... وبعد كل ما سبق فلا يصدق الناس إلا المعتوه لأن المعلومة
أصلا تركع تحت قدميه فلا يكلف نفسه عناء النظر إليها لأنه يعشق السمع لا القراءة
ولا اليقين ... ولا يرتعب من الناس إلا الجبان ولا يخضع للناس إلا العبد فلا
تلتفتوا إلى كلام الناس فما أكثر حديثهم وما أقل أفعالهم والناس كلاب مصالحهم "إلا
من رحم ربي" ... وصدق من قال : لا تحاول تحسين
صورتك لأحد كلنا عاديون جدا في نظر من لا يعرفنا مغرورون في نظر من يكرهنا جيدون
في نظر من يعرفنا رائعون في نظر من يبادلنا الحب .
دمتم
بود ...
وسعوا
صدوركم