هذا بحث "شرعي علمي" ذوو مرجعيات تاريخية خرج من باب الإجتهاد والبحث لتصحيح معلومات ومفاهيم مغلوطة تربعت في عقول الكثيرين تجرأت بوقاحة على الله سبحانه ... لذا اقتضى التنويه .
الموضــــوع
من مظاهر الإنحراف في العقيدة والدين في المذاهب الإسلامية التي صنعها المسلمين أنها بدأت بخلافات ثم تطورت الخلافات إلى صراعات ثم تطورت الصراعات إلى درجة التكفير والرغبة في الإنتقام ولو أردتنا أن نبسطها فتلقائيا سيطلق على الفريق الأخر بـ "الفئة الضالة" ... وليس أكثر من دليل واقعي كيف يُقدّس "المذهب السني" الرسول محمد ابن عبد الله عليه صلوات ربي وأفضل التسليم و "المذهب الشيعي" كيف يقدّس الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه وابنه الحسين ... حتى وصلت الجرأة بل الوقاحة بأن يتجرأ ويقول الكثيرين "إن القرآن نزل ناقصا وأن سنة الرسول جاءت مكملة للقرآن الكريم" وكأن الله عز وجل نسي أمرا لم يذكره في كتابه الكريم ثم جاء الرسول وعلِيا ليكملا ما لم يذكره ربهم !!! ... حشى لله سبحانه المنزه من أي خطأ أو زلل أو عجز سبحانه وتعالى ... والكثيرين ممن لا يستخدمون عقولهم إلا ما لا تتعدى نسبته 10% تناسوا عمدا ... أن مثل هذه المواضيع ليست انتقاصا أو انتهاكا لرسولنا عليه الصلاة والسلام بل انتصارا له لمن تقوّل وافترى عليه وانتصارا لعزة الله وذاته سبحانه ووضع حدا لوقاحة وجرأة الكثيرين بالإفتراء على ربهم وخالقهم ويتحدثون بقناعة السفهاء وكأن دينهم جائهم ناقصا وشريعتهم عرجاء وطريقها مغبرا وكأنهم ما فقهوا بآيات ربهم شيئا ثم يستندون بحجج أعوذ بالله من قولها ... وللإمام "محمد الغزالي" قولا مأثورا يشخّص الحالة التي تعيشها الأمة الإسلامية بشكل دقيق عندما قال : هجر المسلمون القرآن إلى الحديث ثم هجروا الأحاديث إلى أقوال الأئمة ثم هجروا أقوال الأئمة إلى أسلوب المقلدين ثم هجروا المقلدين وتزمتهم إلى الجهال وتخبطهم وكان تطور الفكر الإسلامي على هذا النحو وَبَالاَ على الإسلام وأهله "انتهى الإقتباس" ... ويقول "ابن عبد البر" الإمام والفقيه الأندلسي المتوفي في سنة 463 هجرية : يأتي على الناس زمان يعلق فيه المصحف حتى يُعشّش عليه العنكبوت لا يُنتفع بما فيه وتكون أعمال الناس بالروايات والحديث "انتهى الإقتباس" ... وانظر لحال المسلمين في أيامكم هذه فكم عدد من يقرأ القرآن وفي كل كم مرة ؟ ومن يفقه ويعلم ما يقرأ ؟ ... بل إن كثيرا من المسلمين لا يقرؤون القرآن ولا يحفظون منه شيئا وبيوت كثيرة لا يوجد فيها مصحف واحد ... وإن وقع في نفسك استنكار ما أقول فانظر كم وعدد من يسبّون الله في كل يوم في بلدان عربية مسلمة كثيرة حتى تتأكد أن واقعنا لا يعرف الخجل ولا الحياء ... والأصل في كل شيء والمرجع لكل شيء هو القرآن الكريم وأي حديث لرسولنا وأي حديث لأئمتنا وأي حديث لأي عالم وشيخا ومجتهدا وجب عرض قوله أو رأيه على كتاب الله سبحانه فإن وافقه عمل به ... والأصل أن كل شيء يُعرض على كتاب ربُّكم سبحانه وليس العكس أي من الشّرك والجرأة على الله جل جلاله أن تَعرِض القرآن على أمر ما بل الأصل أن يُعرض الأمر "رأي - حديث - اجتهاد" على القرآن لأنه الأصل والرسالة والشريعة السماوية فكتابُ ربُّكم لا يُعرَض على أي أمر بل كل الأمور هي من تُعرض عليه فإن وافق أمرا ما مع القرآن عمل وأخذ به وإن لم يوافق تُرِك ؟
يتحدث الكثيرين بثقة عمياء بأن لا أحد علّمنا الصلاة إلا رسولنا وأشرفنا عليه الصلاة والسلام ... وقد غفل الكثيرين أن الصلاة تتغير وتتبدل من أمة إلى أمة ومن رسول لأخر لكنها تبقى عبادة أساسية لا نقاش ولا جدال فيها عبادة ثابتة مارستها أمما وشعوبا من قبلنا ... وغفلوا أيضا رحمة الله سبحانه بعباده ورأفته بهم ففهموا على غير العادة فذهبوا للتقول والإفتراء على الله وعلى رسوله ... لكن في الإسلام وكعادة الأمم في الإجتهاد والإختلاف فإن ما يحدث من لغط قد حدث بالفعل في أمة سيدنا عيسى ابن مريم وفي عهد سيدنا موسى عليه السلام من خلافات وقعت في أممهم بل ولا تزال ... وحتى نكون واضحين وموضوعيين ندخل في هذه الأسئلة والأجوبة التي ستوصلكم إلى منطقية الإعتقاد ونسأل : لماذا نصلي ؟ الإجابة : لأنها عبادة ... الإجابة ليست دقيقة وفق عقل الإنسان الذي يبحث ويفكر وبحاجة إلى قناعة وإقناع أكثر ولذلك جاءت الإجابة الصريحة من ربكم بصيغة الأمر والأمر أي لا نقاش ولا جدال فيه فقال ربكم سبحانه في سورة طه { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فَاعْبُدْنِي وأقم الصلاة لِذِكْرِي } ... إذن المسألة هي أمر بالخضوع للخالق عز وجل والصلاة نوعان "الصلاة المعنوية" والتي تمارس من خلال الأذكار والتسبيح وتلك عبادة ليس لها وقت محدد وهي عبادة لفظية ... والصلاة الأخرى هي "صلاة مادية" أي صلاة حركية لها أساسيات مفروضة على الجميع وفي كل ديانة والتي من أساسها "القيام والركوع والسجود" ... وأول حجة تقع على من يُنكر وأول معلومة لمن لا يعلم هي أنك في ديانتك المسلمة طالما أنك تصلي "قيام وركوع وسجود" إذن من قبلك في الأديان السماوية برسلهم وأنبيائهم كانوا يطبّقون ويمارسون صلاتك لكن بشكل مختلف ... بدليل أن ربكم عادل وعدالته سبحانه وتعالى مطلقة وليست نسبية كما هو الحال لدى البشر فهل ربكم يُخضِع أمة محمد عليه الصلاة والسلام فقط وحصريا ولم يخضع أمة موسى وعيسى عليهما السلام ؟ حاشى لله سبحانه وتعالى إلا أن يكون رب الحق والعدل بين الجميع المنزه من أي خطأ أو زلل ... ثم أذهب بكم بالدليل الأخر وأسأل : هل رَكَعَ وسَجد "الرسول" محمدا ابن عبد الله ولم يركع ويسجد موسى ابن عمران وعيسى ابن مريم عليهم جميعا صوات ربي وأفضل التسليم ؟ ... الإجابة : بالتأكيد كلا بل مستحيل أن يفرّق ربنا سبحانه بين رسله لا في رسالاتهم ولا في شرائعهم ولا في أسس عباداتهم ولا حتى في محبتهم ... إذن في هذه الفقرة إثبات أن الصلاة جاءت بصيغة الأمر والدليل الأخر أن الأنبياء والرسل يصلون بصلاة "مادية - حركية" يستحيل أن تخلوا من "القيام والركوع والسجود" ... وإن ترسخت في قناعتك بأن رسل الله "موسى وعيسى" لم يسجدوا ويركعوا لربهم فهذا تشكيك بعدالة الخالق عز وجل وضربا في الأديان السماوية التي نزلت من قبلك وقبل رسولنا ؟
كيف كانوا يصلون وماذا كانوا يقولون في صلاتهم ؟
إن الإثبات بصلاة الأنبياء والمرسلين حقُ وصِدقُ لا نشكك بهم بل نبحث عن الإستدلال بعبادتهم وطريقتها وكيفيتها ليأتي السؤال الثاني والأهم لدى الكثيرين ... في الديانة اليهودية والمسيحية في زمن الرُّسل عليهم الصلاة والسلام ماذا كانوا يقولون في صلاتهم وفي قيامهم وسجودهم وركعوهم ؟ ... والإجابة المنطقية تذهب بنا إلى سؤال سيكون هو الإجابة التلقائية ونسأل : من أول خلق خلقه الله سبحانه وتعالى انتبه أقول خلق وليس شيء بل خلق ؟ الإجابة : الملائكة عليهم سلام ربي ... وهل الملائكة لديهم دين وشريعة وآيات قرآنية ؟ الإجابة : كلا لأن الملائكة لديهم قوانين سماوية تختلف كليا وبالمطلق عن الشرائع والقوانين الدنيوية لا أحدا بالمطلق يعلم عنها شيئا والشرائع والأديان لا تتنزّل إلا على الأمم الضالة والملائكة أمة خلقت بالأصل مؤمنة ... حسنا وهل الملائكة يصلّون لربهم وخالقهم ؟ الإجابة : بالتأكيد ولا شك في ذلك نهائيا ... وكيف هي صلاتهم ؟ الإجابة : قياما وركوعا وسجودا ... وإن كانوا ليسوا لهم دينا وشريعة ولا رسولا فماذا يقولون في صلاتهم ؟ الإجابة التلقائية : التسبيح بحمد الله وبعظمته سبحانه وتعالى عندما أخبرنا ربنا في سورة الأعراف { إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون } وفي سورة الأنبياء { يسبحّون الليل والنهار لا يَفْتُرُونَ } ... والتسبيح بالدعاء وفي الصلاة هي العامل المشترك في كل مخلوقات الله سبحانه الطير والجبال والإنسان والملائكة الكل يسبح بحمد الله ... إذن نضع نقطتين ونقرأ في ما بينهما فإن كانت ملائكة السماء تسبح بحمد الله وأنتم أخر أمة جائها رسولها "الإسلام" كلاكما تسبحون بحمد الله فماذا يفعل من يقع بينكما من أمما وأنبياء ورسلا قبلكم كاليهودية والمسيحية ؟ الإجابة : التسبيح ... وماذا غير التسبيح ؟ الإجابة : أنت تقرأ ما تيسر لك من القرآن وأمة التوراة والإنجيل تقرأ ما تيسر لها من كتابها السماوي مثل كتابك السماوي ... وهل يوجد في اليهودية والمسيحية "قيام وركوع وسجود" ؟ الإجابة : نعم توجد ... وما هو دليلك ؟ الإجابة : بعد نهاية هذه الفقرة شاهد الفيديوهات والصور ... ونذهب للأبعد من ذلك ونجاري من يكابر ويعاند ونسأل ونقول : أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام الملقب بخليل الله كيف كان يصلي وماذا كان يقول في صلاته وهو لم يكن رسولا ولم يأتيه كتاب من الله ولا شريعة ؟ ... الإجابة : وهل لسيدنا نوح وسليمان وإدريس ويعقوب وإسماعيل ولوط وصالح وشعيب وأيوب وزكريا وغيرهم عليهم صوات ربي وأتم التسليم كان لهم دين أو شريعة أم إيمان بالله وحده لا شريك له وتعزيز لرسالات الأنبياء والرسل !!! ... وطالما يؤمنون إذن يسجدون ويركعون لله مسبحين بحمد الله لا يستكبرون عن عبادة ربهم أبدا ... وهنا يأتي الفرق بين النبي والرسول فالأنبياء يسبحون بحمدالله ويخضعون بسجودهم لربهم والرسل لديهم مهمة الرسالة موكلين بإيصالها لأمتهم وفق شريعة ذات نصوص سماوية ويطبقون صلواتهم وفق ما أمر به ربهم سبحانه ... الأمر الذي يغفله الكثيرين في مسألة "التواتر" أي نقلا عن ثم عن ثم عن و "المُعَنعَن" قد تمتد لمئات وآلاف السنوات مثل الديانات والمعتقدات ... وبالتالي أنت في ركوعك وسجودك تسبح بحمد الله والديانات الأخرى أيضا تسبح بحمد الله ... والأمر الأخر والذي لا يعلمه الكثيرين وربما الكثيرين غافلون عنه أن الكتب السماوية الثلاثة "التوراة والإنجيل والقرآن" تجتمع على "الوصايا العشرة" ... أي الكبائر من المحرمات العشرة تواجدت وذكرت في الديانات الثلاثة وهي : الإيمان بالله وحده سبحانه - لا تشرك بالله أحدا - لا تقتل - لا تنزني - لا تشهد كذبا - لا تغش الناس في بيعهم - لا ترابي في المال - الإحسان والبر بالوالدين - لا تقتل - لا تسرق ... تلك الأساسيات العشرة التي ورد ذكرها في الديانات السماوية الثلاثة بصريح العبارة واللفظ والتحريم ... ثم في كل كتاب توجد آيات ظرفية أي آيات نزلت لسبب ما لحادثة ما مثل الآيات التي تتحدث عمن يحرفون كلام الله ويفترون عليه سبحانه والآيات التي نزلت لتعلم الناس الأخلاق وآيات لتحل مشكلة حدثت في وقتها ؟
شاهد صلاة اليهود
شاهد صلاة المسيحية
وفي إثبات أن التسبيح كما هو ركن أساسي في سجود وركوع المسلمين أيضا التسبيح ركن أساسي في صلاة اليهود والمسيحيين ... فقد وردت في كتب اليهودية والمسيحية المقدسة وتحديدا في كتاب "العهد القديم - سفر المزامير - مزمور الفصل الأول - الآية 117" { سَبِّحُـــوا الرَّبَّ يا كُل الأُمم حَمّـــدوه يا كُل الشعوب } ... ولا حاجة لإثبات كيفية صلاة المسلمين لأنها معلومة أصلا رغم اختلافاتها لكن تبقى أساسياتها واحدة وهي "القيام والركوع والسجود" ... لكن دخلت تطورات وتغيرات في الصلاة في الديانات الثلاثة مصدرها "تجّار الدين" أو صراع المذاهب أو الخلافات في قلب كل دين ... ناهيك عن ارتباط الناس والأمم بالدين مما اضطر أهل السياسة بأن يعثوا فسادا في الأديان بتواطؤ ملعون من الكثير من رجال الدين وقد كان ولا يزال ... فكما توجد خلافات بين المذاهب الإسلامي "السنة والشيعة والصوفية والإباضية" توجد خلافات في الدين المسيحي بين "الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية" وغيرها الكثير وخلافات في الديانة اليهودية مثل "الفريسيون والبناؤون والسامريون والمتعصبون" وغيرها الكثير ... وما يميز الدين الإسلامي عن الديانة اليهودية والمسيحية هي أن القرآن الكريم واحد لم يتم تحريفه ولا تغييره ولا تبديله منذ 1,400 سنة حتى يومنا هذا ... لكن المسيحية واليهودية تعتمد على كتب عديدة تعتقد كل فرقة ومذهب منهم أن كتابها هو السماوي الأكثر صحة من الأخر وتلك الكتب العديدة جاءت بسبب حجم الفساد وصراع السياسة مع الدين وتضاربهما لإخضاع الأمم والشعوب ... ومع مرور الوقت وتغير الظروف وتوالي الأحداث والكوارث والحروب حدثت تغيرات كثيرة في ممارسة الديانة "اليهودية والمسيحية" بسبب الصراع على مركزية قيادة وتجارة الدين ... ولأن قيادة الدين اليهودي تعتمد على المجموعة وليس الفرد الواحد دبّ الخلاف بين اليهود فتفرعت فرقهم حتى أصبح لديهم قيادات لأفرع مختلفة مثل المسيحية التي يقودها فردا واحدا "البابا" ولا يعترف به كل مسيحي ... كل تلك الصراعات "البشرية" في الديانات السماوية الثلاثة سببها الصراع على "مركزية التبعية" التي تؤدي إلى مكاسب اقتصادية مهولة وتكوين ثروات خرافية من خلال "تجارة الأديان" ... والدين السياسي هو من رسّخ في عقول الكثيرين الجهل من غياب مفهوم الصلاة لدى الديانات السماوية الأخرى ... بمعنى يجب أن تفهم أن المسيحي يقرأ كتابه السماوي واليهودي يقرأ كتابه السماوي كل بطريقته مثلك أنت وأنتي في ديانتكم الإسلامية ... ولا يجب الإنتقاص من تلك الديانات بالمطلق لأنها تؤدي إلى الإنتقاص من رسل ربكم "موسى وعيسى" عليهما السلام ... وبالتالي يجب الفهم والإدراك أن كل الأنبياء والرسل ليسوا مقدسين واحذر من تقديسهم لأنهم بشرا يصيبون ويخطؤون في حياتهم لكنهم لا يخطؤون في رسالاتهم وصِدقهم وإخلاصهم لربهم سبحانه ثابت لا شك ولا جدال فيه ... أما التّقديس والمُقدّس فهو ربكم سبحانه وتعالى وحده لا شريك له هو المنزه عن أي شيء لا يخطئ ولا يَزِل ولا ينسى ولا ينام ولا يغفل جل جلاله { ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير } الشورى ؟
إن عبادة الله سبحانه لا يمكن أن تتحقق للعبد إلا بالخضوع لله رب العالمين والخضوع لا يكتمل إلا بـ "القيام والركوع والسجود" والتسبيح شرط أساسي في كل الأديان وعلى لسان كل نبيا ورسولا ... اما في أيامنا هذه والسنوات الطويلة الماضية فإن الإفتراء على الله قد وصل إلى درجات فاقت الجهل ووصلت إلى الوقاحة والجرأة على الله بوضع الرسل في مقام ومنزلة الخالق عز وجل بشرك صريح دون أدنى خجل أو حياء أو خوف من خالقهم جل جلاله ... وفريقا أخر يفتري على الله الكذب وفريقا يفتري على رسولنا الكذب والتّـقول عليه ويتجاهلون عمدا وجهلا ووقاحة الآيات القرآنية التي تُعلّم وتُفهّم وتحذر وتنذر وتتوعدهم لكنهم رغم ذلك يضربون بقول ربهم في عرض الحائط ويصرون إصرارا مجنونا على نسف آيات ربهم ويرفعون فوقها الإفتراءات والتقول على رسولهم ... فتمعنوا أيها القراء الكرام بتلك الآيات إمعانا كبيرا ودقيقا وتبصروا فيها عندما يخبركم ربكم عن جهل الكثيرين وجرأة ووقاحة الكثيرين وكيف يشمئزون من قول ربهم ويفرحون بقول مفترى على رسولهم وقول أئمة الضلال منهم ... { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون } الأنعام ... { وَإذا ذُكِرَ اللَّهُ وحدَهُ اشْمَأَزَّتْ قلُوبُ الذين لا يُؤْمنون بِالآخرةِ وَإِذا ذكرَ الَذين من دونه إِذا همْ يَسْتَبْشِرُونَ } الزمر ... { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب } البقرة ... { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم } النحل ... { الر كتاب أُحكِمَت آياته ثم فُصّلت من لَدُن حكيم خبير } هود ... { أفغير الله أبتغي حَكَمَا وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مُفَصّلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه مُنَزّل من ربك بالحق فلا تُكونَن من المُمتَرين } الأنعام ... { قد فصّلنا الآيات لقوم يعلمون } الأنعام ... { قد فصّلنا الآيات لقوم يفقهون } الأنعام ... { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } الفرقان ... { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شِيَعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون } الأنعام ... { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } الفرقان ... { الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يُضلِل الله فما له من هاد } الزمر ... { فبأي حديث بعدَه يُؤمنون } المرسلات ... { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ۖ والذين آمنوا أشد حبا لله } البقرة .
أفبعد كل هذه الآيات القرآنية يضيق صدرك وينغلق عقلك وتجعل لربك نِدّا وتفتري عليه سبحانه وتتقوّل على رسولك البريئ من جهلكم وتأتون بإفك وافتراء عظيم ... فلا تتعالون على ربكم ولا تتعالون على الأديان الأخرى السماوية ولا تتغابوا عمن سبقوكم من أمما وأنبياء ورسلا مؤمنين ... فكل من يؤمن بالله ويسلم وجهه للخالق عز وجل وجبت عليه العبادة الصلاة والتسبيح بتواتر الفعل والقول وتلك سيرة من سبقوكم من الأمم المؤمنة ... فاتقوا ربكم واتقوا يوم القيامة ووقروا رسولكم عليه أفضل صلوات ربي وأفضل التسليم فرسولنا حشى لله أن يخالف ما أنزل ربه وخالقه وحشى أن يقول غير الذي نزل عليه ... والصلاة علّمهُ عليها ربه سبحانه وهو علمنا كما فعل من قَبلُ الأنبياء والرسل عليهم صلوات ربي وعظيم التسليم ... فالأصل ربكم وليس أنبيائه ولا رسله فاعبد الأصل ووقر خاصته ولا تفترون عليهم بجهلكم فما كان أنبياء ربكم ولا رسله يعلمون شيئا إلا أن ربكم هو من أوحى إليهم وعلمهم ... وتمعنوا في هذه الآية قاطعة الحسم في سورة النساء { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرُّسُل وكان الله عزيزا حكيما لكن الله يشهد بما أنـزل إليك أنـزَله بِعِلمه والملائِكة يَشهَدون وكفى بالله شهيدًا } ... وفي الختام أسأل الله لكم الهداية والبصيرة وأن تتطهر أنفسكم من بقايا جاهليتكم التي ورثتموها من خلال الغرور والتكبر والإصرار على الجهل ... واعلموا واحذروا وتذكروا أن كل ما تعتقدونه من جهل الكثير من عاداتكم وتقاليدكم ستنتهي وتتبخر أو تذوب يوم القيامة وقالها لكم ربكم صراحة في سورة المؤمنين { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } أي لا تفاخر بنسبك ولا مكانتك ولا مالك ولا أي غرور عشت ومت وأنت تعتقد بجهلك بأنه عز ومفخرة ... غدا تقابل ربك عاريا ذليلا فمن ينصرك من ربك وخالقك ومن يتحمل عنك 1% من حسابك وماذا سيكون موقفك وأنت في دنياك كنت تفتري على الله ورسوله وتكذّب أو تتجاهل قول ربك في قرآنك ؟ { فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مُّسْفِرَةٌ ضاحكة مُّسْتَبْشِرَةٌ ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قَتَرَةٌ أولئك هم الكفرة الفجرة } ... اللهم اجعلنا مِمّن وجوههم يومئذ مُسفِرة مُستّبشِرة برحمتك وعظمة مغفرتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين .
دمتم بود ...