من الطبيعي أن الحكام هم من يقودون شعوبهم ومن الطبيعي أن الحكومات تنفذ أجندات وسياسات الحاكم لأن الشعوب بطبيعتها لو ترك لها الأمر لاختل ميزان العالم ... فالبشرية في كل تاريخها السياسي والإجتماعي لم ولن تتفق على رأيا واحدا حتى قيام الساعة لا بل حتى في مسألة الأديان السماوية ورب العالمين سبحانه أيضا يوجد خلاف بشري على ذلك ... تلك الخلافات وتعدد الأراء وتضارب الأفكار والأيدولوجيات وإن كنا نراها مسألة سلبية لكن لها إيجابيات وأولها أن الخالق عز وجل جعل كل إنسان مسؤلا عن أقواله وأفعاله وترك له حرية الإختيار وزاد جل جلاله من عدالته بأن ترك للإنسان حتى حرية الإيمان أو الكفر به وصولا إلى حرية الإنسان بالإلحاد ... كل ذلك حتى لا يكون للإنسان يوم القيامة له أي حجة عند من خلقه سبحانه مثل قول السفهاء الذين قالوا ولا يزال يقول الكثير منهم "لو أراد الله لنا الخير لما تركنا فيما نحن فيه" ... والإجابة على مثل هذه الترهات أجيب عليها يوم نزلت في كتاب الله قبل أكثر من 1.400 سنة في سورة النحل وتحديدا في الآية رقم 35 { وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عَبَدْنَا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حَرَّمْنَا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهـــــل علــــى الرُّسُــــــلِ إلا البـَـــــلاغُ المُبيــــن } ؟
من عيوب السياسة العربية والخليجية أن لا تزال تكرر أخطاء الماضي ولا تزال تصر على أن كل الشعوب العربية مجرد قطعان أغنام لا تعي ولا تفهم لا بل { إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } الفرقان ... لا أحد يفهم إلا الحاكم ولا أحد عبقري إلا الحاكم ولا أحدا أشرف من الحكومات ولا أكثر ذمة وشرفا من الوزراء ولا تقديس إلا لأسرة الحاكم والويل لمن يسمهم بشعرة أو بكلمة فإن مصيره الهلاك ليكون عبرة للرعاع الأوغاد ... ومع ذلك فمنذ حركات التحرر العربية من الإستعمار والتبعية الأجنبية في خمسينات وستينات القرن الماضي وحتى اليوم لم تشهد من كل الدول العربية إلا التخلف والتبعية والضعف ... نتج عن ذلك تعزيز الجهل والتخلف بين أكثر من 3 أجيال جاءت وسط تخلف وفقر وبطالة وقمع واستبداد وشعارات حكومية فاقت أكاذيب "مسيلمة الحنفي الشهير بمسيلمة الكذاب" ... ومن الطبيعي أن لا توجد "المدينة الفاضلة" إلا في عقلية وأحلام الفيلسوف "أفلاطون" لكن حتى الوسطية لم تنعم بها الأمة العربية فإن نعمت بالوسطية كان توحش الرعية يجرهم إليها جهلهم أو يعطيك الحاكم نهضة وتطور لكن تنعدم الحريات بفساد القضاء ... وتلك المشكلة التي لا تزال قائمة منذ أكثر من 70 سنة تقريبا وحتى يومنا هذا والتي لا أستطيع أن أصفها إلا أن الحكام والحكومات يدفعون ثمن جهلهم بالإنسان وعدم صناعة الإنسان وعِلم الإنسان وتغيير الفكر والأيدولوجيات الإنسان وتوفير حياة كريمة للإنسان وعندما تفشل بصناعة الإنسان الحقيقي فمن الطبيعي أن تتصادم مع جهله حماقته وعشقه للعادات والتقاليد المتخلفة ؟
منذ 44 سنة بدأ الحكام والحكومات العربية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني اللقيط بدأَ من مصر في 1978 ثم فلسطين في 1993 ثم الأردن والمغرب في 1994 ثم قطر وعُمان في 1996 ثم البحرين والإمارات والسودان في 2020 واتصالات وثيقة جدا وتنسيق أمني رفيع مع السعودية "غير رسمية" بدأت في 2017 ... جميعهم يعللون ويتعذرون بأن ما فعلون يندرج تحت "سيادة الدول ومصالحها المشروعة" ... لكن لشعوبهم حديث أخر وبنسبة 95% ترفض الشعوب رفضا قاطعا أي علاقات مع الكيان الصهيوني اللقيط مما يعني أن العلاقات بين الدول العربية وبين الكيان اللقيط فرضت على الشعوب فرضا وكرها وإجبارا ... وهذا مما يدل على فشل السياسيين فشلا كارثيا وما التطبيع سوى قشور من العلاقات مما يعزز فرضية أن العلاقات بين الحاكم والمحكوم هناك ليست على خير ما يرام ولا هي على ود واتفاق ... وبالتأكيد عدم الاتفاق بين الحاكم والمحكوم مرجعيته عقائدية دينية صرفة زاد عليها الأثر التاريخي على واقع الأرض ولو أردنا أن نذهب أبعد من ذلك فلا أقل من توصيف أن الشعوب اختارت أن تنحاز إلى كتاب الله سبحانه وتحذيراته جل جلاله في مقابل أن الحكام والحكومات اختارت أن تقف ضد كتاب الله وشريعته ... والمسائل التي تمس كتاب الله سبحانه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام في فهم وإدراك وعقيدة المسلمين بطبيعتها هي مسائل غير قابلة للنقاش ولا التفاوض ولا حتى مسموح لك أن تطرحها ... والمراقبين والمحللين السياسيين جميعهم يجمعون أن الدول العربية التي طبّعت مع الكيان الصهيوني اللقيط جميعها بلا أي استثناء لم تحقق أي مكاسب سياسية ولا اقتصادية بل بالعكس كانت إسرائيل هي من ربحت من الجميع وكسبت مع الجميع وأخضعت الجميع ... وهذا مما ينسحب على تأكيدنا في بداية الموضوع "لم نشهد من كل الدول العربية إلا التخلف والتبعية والضعف" ... ولذلك اليوم نحن أمانا مواقف متضاربة وهي أن الشعوب العربية في صف وحكامها وحكوماتها في صف أخر وكلا الفريقين على خلاف كبير جدا من المسألة "الإسرائيلية الصهيونية" ... فلو ضربت دولة لها علاقات مع الصهاينة فشعوبها ترمي باللوم على قادتها وحكوماتها وفي الخارج تنتشر الشماتة بتلك الدول ... مع الإنتباه أن الشماتة في الحكام والحكومات لا في الشعوب التي أصلا هي مغلوب على أمرها ولم يسألها أحد في مسألة التطبيع ولم تستفتها حكوماتها في هذا الشأن ؟
التناقضات السياسية اليوم أصبحت كلها نفاق في نفاق ويكاد المرء أن يصاب بالجنون من هولها ... تقصف إسرائيل الأراضي السورية فالكل صامت لا شجب ولا تنديد تقصف طائرات سعودية الأطفال والمدنيين في اليمن فالكل صامت لا شجب ولا تنديد ... يقتل الصهاينة الفلسطينيين ويصادرون أراضيهم ويحاصرون غزة وأهلها فالكل صامت لا شجب ولا تنديد ... تستولي الإمارات على مناطق في اليمن وتسرق الكنوز الطبيعية في "جزيرة سومطرة" وتنفذ عمليات عسكرية وتمول الحرب الأهلية فالكل صامت لا شجب ولا تنديد ... وإذا ما ضُربت السعودية والإمارات فهنا تقوم القيامة والكل ينهال شجبا وتنديدا بأشد العبارات !!! ... فأي معايير سياسية أصبحنا نعيش فيها !!! ... كان "معمر القذافي" كافرا طاغيا مستبدا وكان ممنوع أن تمسه بكلمة وإلا سيف القانون لك بالمرصاد ... وكان "صدام حسين" طاغيا مجرما مستبدا الويل لك إن مسسته بحرف فحتما أنت عميل إيراني وجب الإنتقام وتطهير الأرض من أمثالك ... وكان "زين العابدين بن علي" في تونس رجل المخابرات الذي وصل للسلطة ونكل بالشعب التونسي تنكيلا دمويا والويل لمن يمسه بكلمة ... ومجرم الحرب القاتل السفاح "علي عبدالله صالح" حكم اليمن بالحديد والنار والفساد والرشوة وضحك على دول الخليج والويل لك إن جئت به في موضوع يسيء له وغيرهم الكثيرين ... أي معايير سياسية تنتهجونها وأي تناقضات تمارسونها فهل الحق إلا الحق والباطل إلا باطلا ... ولكم في الأزمة الخليجية أكبر دليل ومثال صارخ للتناقضات المريضة فمن نظام الحمدين والدويلة قطر وحملات التشويه الفاجرة إلى سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد حفظه الله ورعاه والعلاقات الأخوية والظهر والسند !!! ... هل أنتم مجانين أم نحن ؟ ... يا سادة تلك حالة سياسية شاذة متناقضة تعاني من أمراض نفسية وعقلية ولا تمت بأي صلة للفكر والعمل السياسي بأي صلة وليس لها أي سطر في كتب المدارس السياسية الحقيقية ... إلا لو اعتبرتم أن الشعوب هم مجرد حيوانات لا عقل لها أو كدود الأرض لا قيمة له رغم كثرته مع أن من خلقهم سبحانه لم يخلقهم عبثا إلا لسبب وأسباب فما بالكم بالإنسان ؟
إن من حق الشعوب أن تعادي الكيان الصهيوني اللقيط وتعادي حلفاؤه لأن هذا شرعا "كمن أعان على الإسلام والمسلمين وعاداهم" وهذا وجبت معاداته ... فلكم السياسة والدنيا وما فيها ولنا الله سبحانه وتعالى وشريعته في كتابه فوالله وبالله لن يقبل الكيان الصهيوني اللقيط إلا أن يجردكم من ملابسكم ويخزيكم أمام شعوبكم وتكونوا لهم عبيدا خاضعين ويتربع رغما عن أنوفكم في عقر داركم ... أم أنت أيها السياسي أو أنت أيها الخائن العميل أعلم من ربكم وخالقكم بهم !!! ... أفلم تتدبروا كتاب الله وفيما قالوا وما فعلوا بحق خلقكم وخلق كل شيء سبحانه ؟ أفلم تتدبروا تحذير الله منهم ؟ أفلم تعتبروا مما حل بمن قبلكم ؟ أفلا تعقلون ولا تهلكوا الأمة أكثر مما هي فيه من هلاك ؟ أفلا تتقوا ربكم بالفساد والسرقات والدعارة والخمور والمراقص والخلاعة بين الشعوب ؟ أفلا تستحون من ربكم وأنتم تضعون لحوم الخنازير أشكالا وأنواعا في فنادقكم ؟ ألا تتقون ربكم في الدماء الزكية والأنفس البريئة التي تآمرتم عليها في "اليمن وسوريا والعراق وليبيا" ؟ ألا ترحموا القلوب التي أوجعتموها وهم يرون الصهاينة الأنجاس وهم يطؤون أراضي أوطانهم ؟ ... { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } البقرة ... مهما على شأنك ومهما بلغ سلطانك فإنك ميت فهنيئا لأهل النار نارهم التي اشتروها في الدنيا وهنيئا لأهل الجنة الذين صدحوا بكلمة الحق في دنياهم ... { فلما نسوا ما ذُكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فَرَحوا بما أوتوا أخذناهم بَغتة فإذا هم مُبلِسون فقُطِع دابِرُ القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } الأنعام ... ربكم حذركم من اليهود أنفسهم فما بالك بالصهاينة !!! انتهى الدرس يا غبي من 1400 سنة ؟
دمتم بود ...