في تحليل سيكولوجية الشعوب فإن التعميم في الإنتقاد مرفوض والتخصيص مباح ... وما غاب عن الجميع أن الجميع يظن ويعتقد أنه "لا يوجد شعب جاهل على وجه الأرض" ... وهذا الإعتقاد غير صحيح وبالمطلق غير صحيح بل توجد شعوبا جاهلة ... جاهلة العلم سطحية الفهم متواضعة التفكير مرتبطة ارتباطا كليا بعاداتهم وتقاليدهم دون أدنى أمل في النضج ... تجدونهم في "قبائل الأمازون - وأفريقيا" بالإضافة إلى الشعوب المتناثرة على الجزر الكثيرة مثل "فيكيو - شمال نيوزيلندا" و جزيرة "الفصح" التي تقع في جنوب شرق المحيط الهادئ وتابعة لدولة تشيلي وقائمة لا تنتهي من جزر وشعوب منعزلين ويعيشون بشكل بدائي ... وأغلب الجزر المتناثرة لا أحد يعلم عنها شيئا إلا ما ندر من معلومات والسبب أن من يقطنها لا يريدون زوارا أو يخافون من سياحة الأغراب أو اعتزلوا العالم ... على الجانب الأخر وهو الأعم في موضوعنا وهو وجود الجهل بنسب متفاوتة بين كل شعوب العالم أي كل دولة تختلف عن الدولة الأخرى بنسب الجهل السطحية فيها ... والجهل المقصود هنا لا يرتبط بالشهادات فما أكثرها في زمانكم بل بالثقافة العامة بمستوى الأخلاق وأدبيات الحوار والنقاش العام ومستوى وعي المجتمع ... ودون شك في عالمنا العربي المليء بالشهادات لكن الشعوب العربية فشلت بصناعة الأدب والأخلاق والثقافة العامة وحتى في أوروبا وأمريكا أيضا الأمر لا يختلف عن عالمنا العربي أيضا لديهم نسبة جهل خرافية ؟
منذ سنوات وأنا أرصد وأتابع وأقرأ وأشاهد مستوى الطرح في دول الخليج ثم الدول العربية وعلى النقيض أرصد السلوك البشري في دول شرق أسيا ودول أمريكا الجنوبية ... واللافت والمختلف أن تلك الشعوب تختلف عن شعوب الدول العربية والخليجية في نقطة شكل وطريقة تعاطيهم للمعلومة ... وعلى سبيل المثال المواطن العربي أو الخليجي يموت ولا يعترف بخطأه أو اعتقاده بصحة المعلومة ... بينما الأخرين ما أن تضع بين يديه الحقيقة فلديه استعداد أن يترك قناعته ويغيرها بفعل وجود قناعة بديلة أو حقيقة نسفت قناعته القديمة ... وتلك الشخصية بسلوكها بشكل وظرفية وطبيعة مجتمعاتهم وتطورها أدت إلى تضارب القناعات وتفاوتها حتى وصلت للأديان فتجده 5 سنوات مسيحي ثم مسلم أو مسلم ثم يهودي أو يهودي يتحول لملحد وملحد إلى وثني ... تلك التناقضات مصدرها مساحة الحريات لديهم والقوانين التي تحمي حق الإنسان في الإعتقاد "الثقافي السياسي الإقتصادي المجتمعي الديني" إلخ ... وعلى النقيض الشخصية العربية التي بطبيعتها النرجسية والرأس والأنف للأعلى حتى لو كان معدوما فقيرا ولو كان بلا شهادة ولو كان ثريا وغنيا السواد الأعظم كل يعتقد أنه حاكم زمانه ... فلا يقبل بالحقائق ويرفض الحقائق ويبرر الإنكسار والهزائم ويوجد لحكومته ألف عذر وعذر فقط حتى يكمل بالعناد والإصرار على موقفه أو وجهة نظره حتى لا ينهزم أمام نفسه ... ويا ويلك لو تفضلوا عليك بفضل بقرض بموقف فأنت هنا ستكون ذليلا حتى أن تموت والسب عشق العرب بالتذكير بالأفضال والمعايرة الخسيسة ... الأمر الأخر والذي لا يجب أن يفوتكم أن الأمة العربية بشعوبها قاطبة غالبيتهم يكذبون وديدنهم السخرية والفجور في الخصومة ... وأول دليل على صحة ما أقوله هو أن الأمة العربية فشلت أن تأخذ 20% فقط من أخلاق رسولها وعظائم القيم الرفيعة التي تسطر لك لهم شريعتهم التي نادت بالإنسانية والأخلاق والتواضع وكف الأذى عن الأخرين وووو ... وعادي جدا تجد عنوان "بروفايل" في آلاف الحسابات على مواقع التواصل الإجتماعية تستشهد بأية بحديث ثم تجد سيرة صاحب الحساب سب وشتم وطعنا بالأعراض واستهزاء بالأخرين ... فلا أخلاق ولا دين ولا ثقافة ولا حسن الأسلوب والطرح وكأن حديقة حيوانات وزّع عليها هواتف ذكية !!!
بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي 1991 أقيمت جلسات محاكمات كثيرة لما يقارب لـ 350 متعاون أثناء الغزو العراقي بينهم 20 إمرأة تعمدت حكومة الكويت وقتها أن تجلب كل الجمعيات الحقوقية في العالم ... حتى تتأكد تلك الجمعيات والمنظمات الدولية من عدالة القضاء الكويتي وعدالة المحاكمات وتنوع درجاتها القضائية بما يكفل للمتهمين حق الدفاع عن أنفسهم ... وبعد سنوات من جلسات القضايا صدرت أحكام "تمييز نهائية" بالإعدام على عشرات الفلسطينيين والعراقيين والكويتيين والبدون الخونة المتعاونين مع الغزاة العراقيين في أواخر 1994 وأحكاما بالحبس وأحكاما بالبراءة أيضا ... ثم بعد ذلك صدرت تهديدات بالخطف والقتل من "منظمة التحرير الفلسطينية - حركة فتح" تجاه الكويت بسبب المحكومين بالإعدام من الفلسطينيين حصريا ... وقالوا تحديدا "سوف نصطاد المصطافين السياح الكويتيين في الخارج وسيكون مقابل كل كويتي مجموعة سجناء فلسطينيين في الكويت" ... وطالبوا بإطلاق سراح الخونة الفلسطينيين المحكومين بالإعدام في السجن المركزي الكويتي دون قيد أو شرط ... ورغبة من القيادة السياسية وتفهما لخطورة الوضع وكمصلحة عليا لتاريخ الكويت السياسي وحماية للسياح الكويتيين والعاملين في الخارج وذويهم والطلبة والمرضى أيضا في الخارج آنذاك فقد صدر عفو أميري بتخفيض أحكام الإعدام إلى المؤبد ... وبعد اتصالات سياسية ودبلوماسية بين دول خارجية تم إصدار عفو أميري عن الفلسطينيين الخونة وتم نقلهم في يوم الجمعة بموكب حراسة مشدد من مبنى "السجن المركزي" إلى "سجن طلحة" في منطقة جليب الشيوخ ... وكنت شاهدا على ذلك بنفسي لأني كنت أعمل في "سجن طلحة" وصادف وجودي بهذا الحدث ... وسمح لأقارب ومعارف السجناء بالإلتقاء بهم بشكل استثنائي وصعقت من زيارة شخصية إعلامية مرموقة جدا "راحلة" لأحد الخونة آنذاك عرفني وعرفته بطبيعة الحال لأنه جمعني معه منزل واحد في أثناء حرب تحرير الكويت ... ومن ثم تم نقل الخونة الفلسطينيين من "سجن طلحة" إلى مطار الكويت بحراسة مشددة ونقلوا لدول لا أتذكرها نصا لكن بكل تأكيد نشرت التفاصيل في الصحف الكويتية آنذاك وبكل تأكيد أرشيف الصحف موجود ... تلك الحادثة المنسية أرويها ليوم كدليل كيف الحكومات تحرص على أمن وسلامة شعوبها في الخارج بردة فعل استباقية لتفكيك أزمة سياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي لديها تاريخ من الأعمال الإرهابية ... ومن ثم قدمت السلطة الفلسطينية اعتذارا رسميا خطيا لدولة الكويت في 10-11-2004 ومن ثم اعتذارا مسجلا مصورا "لفظيا" من قبل "محمود عباس" معتذرا للكويت أثناء وصوله في مطار الكويت الدولي في 14-12-2004 عن موقف "منظمة التحرير - فتح" بسبب مواقفها المخزية العديدة تجاه الكويت وشعبها ؟
على الجانب الأخر نلتفت للحكومات التي دخلت في مغامرة تلو المغامرة السياسية الخاسرة وبعضها كانت خسائر سياسية مهينة ومذلة ... الأمر الذي أدى إلى تشويه صورة تلك الدولة خارجيا سواء على مستوى المحافل الدولية أو على مستوى الشعوب العربية ... نتيجة لذلك تضررت سمعة شعوب عربية لدرجة أثبتت الأيام أن حكومات تلك الدول أتفه من أن يكونوا رجال دولة ولا حتى مفهوم دولة ... لأنهم وبفضل مغامراتهم الفاشلة قد عرّضوا حياة مواطنيهم للخطر في الخارج سواء بالمعاملة أو بالضرر النفسي ... وإن كان يجب الفصل ما بين الحكومات وما بين الشعوب في التحليل والإتهام لكن الضرر على الشعوب أمر لا مفر منه ... والشعب التافه السطحي هو الذي يخوض في شؤون العالم بأسره لكنه يتحول كالفأر مطارد إن خاض في شؤونه وأحواله الداخلية ... ولذلك قد ذكرت في مرات عديدة أن أي مواطن عربي أو خليجي لا يملك مساحة حرية في وطنه ولا يملك قوانين تمنحه حق انتقاد حكومته وأعملها فلا يحق له أن يتحدث بشؤون الأخرين ... بمعنى أنت لا تستطيع أن تنتقد وزيرا في دولتك وأنا أملك حرية انتقاد الوزراء وصولا إلى رئيس الحكومة فكيف تتحدث بشؤوني وأنت أصلا لا تجرؤ في دولتك إلا الدعاء لأسيادك !!! ... وهنا تتجلى مقارنة "الحر والعبد" وطالما أن لسانك مقطوع في وطنك وتعيش في "حظيرة العبودية" فلا تستأجر لسان شيطان تثرثر به على الأخرين زاعما نضجك وثقافتك الواسعة على الأخرين ... والحكومات التي ألفت المغامرات السياسية الفاشلة لم تتجرأ على ذلك إلا وهي على يقين أنها في مأمن من انتقاد مواطنيها لسياساتهم الطفولية ... الأمر الذي أدى إلى تحطيم سمعة شعوب عربية بأسرها مع أن هناك أبرياء ومن ليس لهم أي ذنب لكن هي هكذا السياسة عندما يتولاها الصّبية يدفع ثمنها المساكين والشرفاء والحثالة بين أوساط شعوبهم ... ولا داعي لذكر أسماء تلك الدول وشعوبها فهي أشهر من نار على علم في وضاعة الأخلاق وسوء السلوك السياسي الخارجي والداخلي ... لكن كواقع ودليل أخر انظر للكيان الصهيوني كيف دمر سمعته اليوم بين الأوساط الدولية ؟ خسر أكثر من 90% من سمعته الخارجية ... وكيف حال أمن وسلامة مواطنيه في الخارج ؟ في عــــار وخجل وبعضهم يعيشون في رعب حقيقي خوفا من انتقام الأخرين لهم ... والدولة التي تتضرر سمعتها الخارجية تحتاج كأقل تقدير من 10 سنوات قادمة من الإنضباط شرط الرصانة والكياسة الدبلوماسية والسياسة الحكيمة وحسن السمعة بين شعبها ... فما بالك بحكومات سفيهة ونسبة جهل خُرافية بين مواطنيها وترفض أن تنتبه وترفض أن تتعلم !!! ... كنتيجة طبيعية الحذاء سيكون له أكثر نفعا وقيمة من هؤلاء الحمقى والنصح معهم لا ينفع والأخلاق معهم مضرة ومسلك خاطئ تجاهلهم لأنهم لا شيء وهو الأصح ... فإذا نزلت بهم النازلة ورأيت كل مستشرف مستثقف متفلسف تحول إلى فتاة بنقاب وسمعت صرخات استنجادهم فلا تفعل شيئا لأن ربك سبحانه قد حكم وقضى أمره فيهم حالهم كحال من سبقهم من أمم وشعوب ... فلا حكومات تستحق أن تشفق عليها ولا شعوب وضيعة من شراذم العبيد تستحق أن تلتفت لها ... ولا راد لقضاء الله سبحانه في عباده وبين خلقه ويا أسفـــاه على أمة ترفع رايات دينها ولم تتعلم من دينها شيئا ويا عيبــــاه من أمة تشدقت كذبا بحب رسولها ولم تأخذ منه 20% فقط من أخلاقه والسلام على من اتبع الهدى ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم