في مفهوم الصدقات في ميزان الحسنات في عقيدة الأخرة وفق النصوص القرآنية الكريمة ... حدث إسقاط مزيف كاذب غلفه تجار الدين من مطايا قطور الحكم في الخلافة الإسلامية القديمة وصولا حتى يومنا هذا بشكل بشع فيه من تحقير الذات والإستخفاف بعقل الإنسان ... وعلى سبيل المثال لا الحصر : هل الوضع الإقتصادي لأول عاصمة إسلامية في التاريخ الإسلامي "مكة المكرمة" يماثل الوضع الاقتصادي لما هي عليه اليوم في 2024 ؟ ... يقينا : كلا ... وهل الوضع الاقتصادي في عهد الرسول والخلفاء الراشدين الأربعة = الوضع الإقتصادي في الخلافة الأموية ؟ ... أيضا يقينا : كلا ... وهل الوضع الإقتصادي في الخلافة العباسية = الوضع الاقتصادي في عهد الخلفاء الراشدين والخلافة الأموية ؟ ... كلا وأبدا ... لأن الفتوحات الإسلامية وغزواتها قد كبرت وتوسعت ومن الطبيعي أن تتضخم خزائن أمير المؤمنين وخليفة المسلمين لأضعاف لا تعد ولا حصى وبالتالي بديهيا كان يجب أن يختفي الفقر من الأراضي العربية والإسلامية في تلك الحقبات القديمة ... بل في عهد الخليفة الأموي "عمر ابن عبدالعزيز" والذي حكم لمدة سنتين فقط ولأنه فقط طبق شرع الله وأقام العدل كثر خراج أرض خلافته حتى أن أبواب خزائن المال أصبحت لا تغلق من فرط وكثرة الأموال بعد أن شبعت الرعية وساد العدل بين الرعية وتساوت الحقوق فتم اغتيال الخليفة بالسم على يد الفاسدين ومن ثم عاد الفساد من جديد ... تلك المقارنات أضعها بين أيديكم لأبين لكم حقائق تاريخية حدثت في تاريخكم الإسلامي ؟
يحدثنا التاريخ الإسلامي أن "تجارة الدين أو تجار الدين" قد ولدت على يد أول خليفة أموي وهو "معاوية ابن أبي سفيان" ... وهو من أخضع الدين للرشوة واستباح شراء الذمم وأخضع "أغلب" رجال الدين في الشام والعراق لرغباته بالترهيب والترغيب ... في وقت كان الأمة الإسلامية تزدحم بالفتن والتفرقة كل يريد الخلافة الإسلامية سواء من "الحسن ابن علي" أو من "عبدالله ابن الزبير" وكلاهما قتلا وماتا ميتة بشعة في العهد الأموي ... وسكت "تجار الدين" عن مقتل "الحسن ابن علي" وفصل رأسه وصمتوا أيضا عن هدم جزءا من الكعبة وقتل "عبدالله ابن الزبير" وفصل رأسه عن جسده وصلبه على أسوار مكة ... هذا الصمت المهين المشين مصدره فساد رجال الدين آنذاك وأنهم كانوا أهل دنيا لا أهل أخرة ... وتلك الحادثتين سقتهما لكم لأبين لكم حجم الصمت المرعب الذي ساد في حادثتين هزتا الأمة العربية فما بالكم بالفقراء والمحتاجين فهل لهما قيمة أو وزنا في الأمر برمته !!! ... كما يحدثنا التاريخ العباسي أن أهل العراق أي في عاصمة الخلافة العباسية أكثر من 70% من أهل العراق كانوا فقراء معدمين لا يجدون حتى نعالا يلبسونه ... في وقت كان هناك سباق محموم بين أغلب أبناء العباسيين وأثرياء العراق على الجواري ... حتى وهن الضعف في الخلافة العباسية فأصبحت مطية الفتن والفرس والروم فاضطرت لمصاهرة سياسية مع "الدولة السلجوقية" من أجل القضاء على نفوذ "الدولة البويهية والفاطميين" في 1045 - 1060 ... هذا الضعف العباسي مصدره فرط جلسات الخمر والجواري وانتشار الرشوة والفساد والمحسوبية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والسرقة وانتشار الرذيلة ... وبديهيا أي مجتمع ينتشر فيه الفساد والمحسوبية فلا تثق بجيشه لأنه تلقائيا سيكون جيش من الجياع والجهلة واللصوص من رِعَاع القوم والمجتمع ؟
اليوم وأنتم في 2024 هناك مفهوم خاطئ بل وخاطئ تماما ... فعندما تساعد الفقراء في دولتك الغنية بخيرات أرضها والثرية بعدد أثريائها فهذا ليس بدين بل دولة فاسدة يديرها شراذم من اللصوص هم من صنعوا الفقر والفقراء في دولتهم وعلى أرضهم ... أي أنت تساعد من يجب أن تساعده وتنقذه دولته وحكومته أولاََ لا أنت ولو كان بدينار واحد ... وكم من أموال التبرعات ذهبت كلها أو جزء منها في جيب الحكام والمسؤلين في دول عربية كثيرة ... حتى أن البعض من الحكام غيروا استراتيجية المساعدات الخارجية فقد كان في السابق يمنحون الحكام مئات الملايين لينفقها ويساعد شعبه وحاكم الشعب الفقير يسرق تلك الأموال ويضعها في حساباته في "سويسرا وفرنسا وبريطانيا" ... وأول من غيّر سياسة العطاء هي الكويت في عهد أميرها الراحل "صباح الأحمد - طيب الله ثراه" فقد جاءه رؤساء كثر وعادوا خائبين منكسرين طلبوا الأموال فكان الرد "اعطونا جزء من أزماتكم وحلولها بمشاريعها ونحن سوف نمولها من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية" ... والحاكم الوغد يستمر بالشحاتة وطلب الأموال دون أدنى كرامة ولا ذرة حياء جهارا نهارا في وضع الجميع يعلمه بل وحتى شعبه ورعيته يعلمون أنه رئيس لص فاسد كذاب ومجرم ولا شأن له أصلا بالدين الإسلامي وشريعته مطلقا ... وبالتالي مساعدة الفقراء في دول ولشعوب تعني أنك تساعد رئيسهم اللص الذي يحكم شعبه بالحديد والنار أي بالقوة القهرية ويعلم علم اليقين أن شعبه يتمنى زواله بأي ثمن ... وأنا هنا لا أفتي بالمناسبة في مسائل الصدقات والزكاة بل أكشف عن واقع يجب أن يتوقف من حالة من التظليل والإستخفاف بالعقول وأنه يجب أن يتوقف استغلال الدين لأوضاع لا تمت أصلا للدين بأي صلة بل هي مسألة دنيوية مصدرها فساد رئيس أو حكومة حصريا تصدح بأبواق كل خسيس من تجار الدين ... أنت وأنا كناس بسيطة جدا لا نملك سوى رواتبنا التي على قدر ضرورياتنا الشهرية نسعى لنيل ثواب الأخرة ونتمنى أن يتقبل منا ربنا سبحانه وتعالى نجتهد بما نتصدق بالمستطاع وقدر الإمكان عل وعسى أن يتقبل منا ربنا سبحانه وتعالى ... لكن الثابت واليقين أن الفقراء في أي مكان على وجه الأرض هم صناعة رؤسائهم وحكوماتهم في رحلة طويلة من الفساد واللصوصية ... وليست مشكلتك أنت أو أنا أو نحن ولذلك على الجميع أن ينتبه جيدا في صدقاته ولا تغرنه أكاذيب ودعايات "تجار الدين" ... وبلغة الأرقام فإني سبق وقد كشفتها في 2014 بموضوع "حقيقة البنوك الإسلامية وفضيحتهم" فهم يديرون اليوم في 2024 أكثر 1 تريليون دولار وخراج زكاتهم سنويا يجب أن لا تقل عن 170 مليار دولار ... فأين هي ؟ وهل تعلم ماذا يعني رقم 170 مليار دولار وماذا يمكن أن يصنع وينقل ويحول حال فقراء الدول العربية ... الفساد واللصوصية داء ليس له دواء يجري في الجسد العربي منذ القدم وحتى قيام الساعة "إلا من رحم ربي منكم" حتى نعالك لا تأمن عليه في المساجد ... فانتبهوا واحذروا وانتقوا صدقاتكم وضعوها في مكانها الصحيح وفي الجهات الأمينة حقا ... { إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون } البقرة ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم