2018-11-11

غرقت الحكومة في فشلهـــا ؟


في سنة 1996-1997 إن لم تخني ذاكرتي تعرضت الكويت لموجة أمطار رعدية شديدة كنت وقتها أجلس في أحد المقاهي فحبستنا الأمطار وغرقت سيارتي بالكامل ... أتذكر هذه الحادثة جيدا لأن بعدها بيومين كان موعد عمليتي في الكلية اليسرى حيث مكثت في "المستشفى الأميري" أكثر من شهر ونصف ... وتلك الحادثة ضربت ممتلكات الكثيرين وتضرر منها الكثيرين وهي مشابهة تماما مع الأحداث التي جرت وستجري في الكويت في الأيام الماضية والقادمة ... فوضى سيارات فوق بعضها البعض وضرر وكسر وتلف والمياه لم تترك شيئا إلا وتجرفه معها ... ولذلك أعرف أكثر من جيد شعور المتضررين جراء هذه الأمطار ومدى حزنهم وخسارتهم والتي بالتأكيد لا تساوي شيئا أمام سلامة أرواح أسرهم وأبنائهم ... لكن في كل الأحوال لتفق جميعا أن الأمطار التي أكرمنا بها رب العالمين قد هطلت بكميات أكبر من قدرات شبكات الصرف ... بالإضافة إلى أن الأمطار كشفت لنا كمواطنين عيوب المقاولين في المشاريع الحديثة سواء الإسكانية أو في البنية التحتية مما أكد لنا جميعا أن هناك فسادا ... يستوجب الوقوف عنده وإيقاف المسؤلين والمقاولين وإحالتهم إلى هيئة مكافحة الفساد والنيابة العامة فورا ... فمن غير المقبول أبدا أن تكون هناك بنية تحتية في مناطق سكنية جديدة وتقف شبكات الصرف الصحي عاجزة أمام استيعاب حتى نصف المياه والتي تداخلت مياه الأمطار مع مياه المجاري في فوضى هندسية فاضحة ... أم لم تصلكم بعد تقنية إعادة استخدام مياه الأمطار وليست مياه الصرف الصحي ؟ ... ومن غير المقبول أيضا أن تكون طبقات الإسفلت التي فرشت على الطرق الجديدة بهذه الهشاشة والضعف مما أدى إلى كشف حقيقة فساد مسؤلين وزارة الأشغال ومقاولين المشاريع ... هذا بالإضافة إلى حدوث تجمع مياه ضخمة في مواقع المشاريع والتي تتأخر بسبب عدم الإنفاق إلا بالصورة التي نراها جميعا ... بمعنى المشروع يجب أن ينتهي خلال 6 أشهر فتراه ينتهي بعد سنتين والمشروع الذي يجب أن ينتهي بعد سنتين ينتهي بعد 5 سنوات ... والسبب في ذلك هو عدم الإنفاق المطلوب وتوزيع المبلغ الواحد على عدة مشاريع لضمان صناعة أكثر من مشروع بضربة واحدة وبمبلغ واحد ؟
 
الأمطار السياسية
لا شك أن علاقة السلطة في الكويت والمتمثلة في الحكومة ليست على ما يرام مع المواطنين أو مع مجالس الأمة وإن كانت خاضعة للحكومة بالإضافة إلى أدوار المعارضة "الكرتونية" التي تلعب في الخفاء ... ناهيكم أن الدولة أصبحت تنظر للمواطن باستعلاء وتحجيمه شيئا فشيئا وسط امتعاض الشارع الكويتي الذي نرصد ردود أفعاله تجاه ملفات كثيره تعرض فيها للضرب بحقوقه والإستهتار بوطنه ... مثل الحريات والكرم الطائي الحكومي على الخارج وتقديم السياسة الخارجية على السياسة الداخلية وفساد التعينات وبطء القضاء في حسم القضايا الشعبية الخاصة بالفساد وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ... وهيمنة أصحاب العقار على نهب جيوب المواطنين وسط موافقة بل وتواطؤ حكومي مع التجار ضد المواطنين وارتفاع نسبة وأعداد المعسرين وتأخر المشاريع الإسكانية وغيرها من الأمور التي تهم المواطنين ومهازل التوظيف وتعينات القياديين بالواسطة لا بالكفاءة ... كلها عوامل تكالبت على رأس الحكومة فجاءت الأمطار لتشكل أزمة سياسية جدا طبيعية وحتى لو كانت الأمطار لا أحد يستطيع أن يتكهن بقوتها أو ضعفها وإن كانت من العوامل الطبيعية وإن كان حتى الدول المتقدمة لم تصمد أمام أمطارها ... في النهاية هناك مأخذ جاء في الوقت المناسب للمتكسبين سياسيا بدفع من المواطن "الحانق" على حكومته وفوقهم من تضررت ممتلكاته ليشكلون جبهة سياسية معارضة ضد الحكومة ... ومطالباتهم بمحاسبة المسؤلين الفاسدين وشركات المقاولات الفاسدة وإقالة الحكومة بأكملها وتعويض المواطنين ... فأصبحت الحكومة أمام مواجهة سياسية حقيقية ليست برلمانية فحسب بل وحتى شعبية هذه المرة وإن كنت أعلم مسبقا أن الحكومة هي أكثر ذكاء من مجلس الأمة إلا أن هناك أزمة وهي مستحقة بالفعل ؟

أين أخطأت الحكومة في إدارة أزمة الأمطار ؟
بلا أدنى شك أن الحكومة قد فشلت فشلا ذريعا فاضحا في إدارة أزمة الأمطار وكانت في أول 3 أيام تدير الأزمة بردة الفعل وكأن ليس لديها أي خطط طوارئ وكأن كل تصريحات الطوارئ الماضية كانت مجرد دعاية كاذبة ... وسبب فشلها هي القيادة التي تتحمل المسؤلية كاملة عن هذا الفشل أي رئيس الحكومة ووزراؤه الذين كانوا يتصرفون وكأنه لا يوجد قياديين في الدولة سواهم متناسين أنهم قادة سياسة وليسوا قادة أعمال ميدانية وفنية ... وجاءت ردة الفعل المتأخرة عندما تم الإستعانة بالجيش والحرس الوطني وآلالياتهم في وقت متأخر ولم يكن من البداية ... ولو جمعت قوات الشرطة والجيش والحرس الوطني والإطفاء وطوارئ الكهرباء والماء والإسعاف والطوارئ الطبية لتشكلت لديك قوة تتجاوز أكثر من 150 ألف فرد بأكثر من 70 ألف آلية مختلفة + جبهة شعبية تطوعية لا تقل عن 300 ألف مواطن ومواطنة كويتيين + حسن الظن بالأخوة والأخوات المقيمين بما لا يقل عن 300 ألف نسمة ... أي أننا نتحدث عن قوة بشرية تحت أمرك وبخدمتك ومجانا لأكثر من 750 ألف نسمة يمكن أن يكونوا تحت قيادتك خلال ساعات قليلة ... فإن كنت تستهزأ بهذا العدد فأنت لا تفهم حقيقة هذه القوة البشرية المرعبة وماذا يمكن أن تفعل ولأنك لا تفهم فمن الطبيعي أنك لن تستطيع قيادتهم وتوحيد طاقاتهم وتوجيهها إلى نقاط قوة الأمطار لتقليل أضرارها ... ناهيكم أن الحكومة فشلت بالإستعانة بالشركات الكويتية وكلاء أشهر العلامات التجارية العالمية التي تكاد مخازنها تنفجر من كثرة المعدات التي يستحيل أن تواجه أي أزمة أمطار أو مشكلة أمطار من كثرة وتنوع وقدرة وقوة تلك المعدات ... مما أكد لنا أن الحكومة ومسؤليها لا يملكون المعدات الكافية لمواجهة الأزمات وأن تصرفها اعتمد بشكل فاضح على"ردة الفعل" فقط وهذه نقطة في غاية الخطورة أن تتعامل بردة الفعل دون ترقب الفعل نفسه والإستعداد له فعليا بعدة خطط لمواجهة الأزمة ... فهل عجزتم باتصال واحد فقط أن تفتح لكم كل مخازن أشهر الوكالات العالمية من الأسواق الكويتية  "تناكر - شاحنات - مضخات سحب المياه - خراطيم عملاقة - قوارب إنقاذ سريعة - جرافات تحاصر تدفق المياه - سيارات - خيام - مولدات طاقة" وغيرها بل من العيب الفاضح إن قلتم أن هذه المعدات غير متوفرة في الكويت فهذه الطامة الكبرى ... وقد رأينا الكثيرين من فرق العمل لديكم لم تكن لديهم أي مهنية ولا أي احتراف في العمل بل كانوا مجرد هواة ومغامرين دخلوا مدينة ألعاب ظنا منهم أن سياراتهم مقاومة الماء فأتلفوا بجهلهم سيارات الدولة أي أتلفوا المال العام وعطلوا المهمة المطلوبة منهم ... لكن من باب الأمانة أدارت الحكومة الأزمة إعلاميا بشكل أكثر من رائع بعد فشل ميداني فاضح ؟
ما حدث كان فضيحة سياسية وفشل خطط الطوارئ فشل لا يمكن أن تترك من خطط لها إلا بعزله وفصله ومحاسبته هذا غير تصريحات حمقاء وتبرير ساذج فكانت الأزمة أكبر من قدرات الحكومة الثرية ... والتي لم تعرف كيف تديرها وسط تخبط عمل وتصريح وإنجاز فتحول السياسي إلى فني والفني إلى سياسي في بحر من الفوضى لم تكن لتحدث لولا أن القرار كان نائما والخطط كانت ورقية لا قيمة لها والأمطار كشفت هشاشة المشاريع وفساد بعضها ... ولذلك الإصلاح ليس شعار وليست أغنية طربية بل هي أفعال لا أقوال فهل الحكومة ستجلد نفسها وتطهر نفسها بنفسها أم كالعــــــادة ستتستر على الفاسدين والفاشلين والتبرير لمن فشلوا في إدارة أزمة أمطار وليست أزمة حرب قادمة في المنطقة ؟!!!؟ ... من لا يريد أن يتحمل المسؤلية ولا يتحمل الإنتقاد وعاجز عن الإصلاح والتطوير النوعي فليجلس في بيته الكويت لا تنقصها عاهات عقول تحبط مئات آلاف الشباب من الجيل الحالي ... عندما تكون فاسد ومغرور فمن الطبيعي أن يضربك الفشل والإرباك والأهم أني كمواطن لم أعد أثق بخططكم الورقية وتصريحاتكم الكاذبة في حال وقوع أي حرب قريبة منا ... فإن كانت أزمة أمطار فضحت فشلكم وفساد من تواطؤتم معهم فكيف ستفعلون في أزمات الحروب هل ستهربون أم ستواجهون أم ستتركون المواطن يواجه مصيره ؟ 

اعترفوا أنكم فشلتم واعتذروا لشعبكم فهذه أقل أدبيات أسس العلاقة بيننا وبينكم 





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم