يحكى كان هناك أحد التجار توجس في ليلة ما بأن لصا
دخل منزله فخرج ليتتبع أثره فلم يره وفقد إناءً من الفخار ولكنه سمع "ضرطة "
قوية تذكّرها من شدتها ومرت على ذلك أيام وكانت للتاجر بضاعة قد وردت لدكانه فطلب المساعدة
بأجر ممن ينقلون له البضاعة داخل الدكان فإذا يرجلان توأمـــان متشابهان أمام حانوته
جاءا ليسألاه عن غرض فعرض عليهما المساعدة فيما أراد فوافقا وحدث أنه أثناء نقل البضائع
أن انحنى أحدهم ليحمل صندوقا فخرجت منه ضرطة قوية وصلت إلى سمع التاجر من قوتها فأمسك
بتلابيبه فقال له : لقد سرقتني ... فأنكر الرجل فأخذه إلى الوالي فسأل الوالي التاجر
عن دليله بأن من احضره هو اللص المطلوب فقال بأنه لا دليل لديه سوى أنه سمع ضرطة !
.. فقال اللص : أنا لا أضرُط ! دائما يفعلها أخي !! فجاءوا بأخيه إلى الوالي وأمر الوالي
بأن يحضر قاضي القضاة ليحكم في الأمر فأحس القاضي بأن التاجر صادقا في دعواه وفكر مليا
ووجد بأن الحل أن يأكل كلا الأخوين شيئا يجعلهما يخرجان صوت الريح قسراً فجاءوا لهم
ببيض الدجاج مسلوقا وأمروهم أن يأكلا منه ويشربا لبنا فوقه فمضت برهة من الوقت وإذا
بالأخوين يبادرا بإطلاقِ الأصوات فسأل القاضي التاجر عما يسمعهُ حالا : أهو شبيه بما سمعه في منزله ؟ فقال التاجر : كلا
الأخوَيْنِ ضَرّاطٌ ولكنْ شِهَابُ الدين أضْرَطُ من أخيه ... فشدوا على شهاب الدين
بأكل بيض الدجاج إلى أن اعترف بما اقترف وذهب
قول التاجر مثلا دون وكتب على مئات كتب التاريخ وقصصه .
القصة سالفة الذكر تنطبق بمعانيها على "بعض" الدول العربية
التي صورت ورسمت صورة لنفسها أمام شعوبها بأنها ذات قوة وذات نفوذ لا أحد يجرؤ
عليها ... فتستعرض قوة بطشها على مواطنيها الضعفاء ونفوذها على الدول الصغيرة
والمستضعفة ... لكنها بقدرة قادر تتحول إلى نمر ووحش من ورق لا قيمة له أمام الدول
العظمى الحقيقية التي تملك الصناعة والزراعة وتتحكم في مفاصل الكرة الأرضية
باقتصادياتها المرعبة ... فتحول العقل العربي بسواده الأعظم من الأجساد التي لا
قيمة لها من كائنات فاعلة كان بالإمكان الإستفادة منها إلى مجرد أعداد لا قيمة لهم
على وجه الأرض ... أي الغالبية بطل من ورق ؟
الأقصى محتل أم أصبح أمرا واقعيا
أرض فلسطين أو ما سميت في الماضي شالم أو "أور شالم" بمعنى دع شالم يؤسس فبل 3.000 قبل
الميلاد ... وتنبع أهمية تلك الأرض ليس لموقعها الإستراتيجي الجغرافي بل إلى أنها
تعتبر أرض الأنبياء والرسل ... الذين وجدوا أو مروا أو سكنوا أو ولدوا أو ماتوا
ودفنوا فيها أمثال : إبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وداود وسليمان وزكريا
ويحيى وعيسى وذو الكفل وإلياس واليسع وموسى وهارون - عليهم الصلاة والسلام جميعا
... لكن أجساد الأنباء والرسل الطاهرة لم تمنع أن تكون أرض فلسطين أو أرض القدس
"أرضا الدماء" ... لأنك لو بحثت في كتب التاريخ لن تجد أرضا سالت فيها
الدماء في كل تاريخها مثل أرض فلسطين ثم يليها أوروبا الوسطى في كم الحروب والقتل
الذي مورس في القرون الوسطى ثم يليها العراق الذي يعيش في لعنة الدماء منذ أكثر من
ألف سنة وحتى يومنا هذا في 2017 ... والعرب بطبيعتهم التي تكره الحق كرها أعمى
وتستلذ وتعشق الباطل وتحريف التاريخ وقلب الحقائق "إلا من رحم ربي"
يدعون بأحقيتهم في فلسطين كاملة غير منقوصة استنادا إلى الفتح أو بالأحرى "الغزو"
الإسلامي لها في 637 م - 16هـ ... لأن وفق القاموس العربي الذي يقلب الحقائق حولوا
الغزو والإحتلال إلى فتح إسلامي مثلما حولوا "الغزو" العراقي للكويت إلى
"دخول" !!! وبذلك يدعي العرب والمسلمين أن فلسطين عربية وتحديدا
"مدينة القدس" وشطبوا وسحقوا كل تاريخ المسيحيين واليهود فيها ... ولا
أحد يريد أن يفهم أن أرض الأديان المتعددة اليهودية والمسيحية والإسلامية يستحيل
أن تستقر إلا بالتعايش فيما بين الجميع ... فلو جئت بالموضوع إلى القوة فبإمكان
أمريكا أن تحتل جميع دول الخليج بالمصطلح الحقيقي "الغزو" ويمكن هم أن
يسموه الفتح المسيحي الأمريكي المبارك ... وأنا شخصيا لا يعنيني على الإطلاق من
يحكم أرض فلسطين لكن هل من يحكم أيا كان يستطيع أن يوفر لي الأمن والسلامة وحرية
العبادة ؟ إن وفرها لي بنسبة 100% فيستحق أن يحكم هذه الأرض التي دفن فيها كل من
: راحيل أم سيدنا يوسف والسيدة مريم ابنة عمران وداوود وسليمان وموسى وزكريا ولوط وإبراهيم
ويوسف ويعقوب وأخيه العيص ويونس وصالح ... فهل كل هؤلاء الأنبياء والرسل يتبعون
الدين الإسلامي "حصريا" أم هم أنباء ورسل للكتب السماوية ؟ جميعهم ولدوا
وماتوا قبل دينكم وقبل مولد رسولكم صاحب الخلق العظيم ... فعلى أي أساس تزويركم
للتاريخ وعلى أي مبدأ لكم أحقية مطلقة كاملة على أرض فلسطين ؟
هل معنى كلامك أن فلسطين هي إسرائيلية
؟
لا إسرائيلية ولا يهودية ولا مسيحية
ولا إسلامية ... فلسطين للجميع بحكم تاريخها الإستثنائي الذي لا يوجد له مثيلا على
وجه الأرض بحروبه وبتناقضاته ؟
وما هو ذنب الدماء الزكية التي استشهدت
؟
هم ضحايا الدين السياسي الذي أهلك
الحرث والنسل أولا ثم ضحايا الغباء السياسي العربي التاريخي ... الكل منذ عشرات
ومئات وآلاف السنين يتم اللعب عليه على طاولات القمار السياسي والغالبية لا يريدون
أن يفهموا أنهم مجرد أدوات لا أكثر ؟
تعلموا ثقافة التعايش والسلام في مدينة
القدس الإستثنائية في كل شيء وحصريا في هذه الأرض المباركة بالأنبياء والرسل ... وتوقفوا
عن مسرحية "المظلومية" التي لا تنتهي وكفاكم تضحية بالفقراء والبسطاء
واستغلالهم بتجارة الدين السياسي المجرم ... ولا تنتظروا ولا تحلموا أن هناك دولة
عربية يمكن أن تحرر فلسطين لأن "شهاب الدين أضرط من أخيه" وأفيقوا من
البطولات الكرتونية التي صنعتها الحكومات الهشـــة ... فلهم كل الشكر لو استطاعوا
أن يحموا ويدافعوا عن أوطانهم التي أصبحت تتساقط الدولة تلو الأخرى !!!
أمة تكره الحقيقة وتبغض الحق
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم