تنويه : هذا بحث شرعي علمي يهدف لتعظيم رب
العالمين سبحانه وتعالى وتوقير رسولنا عليه الصلاة والسلام وكشف الشوائب والأخطاء
التي ارتبطت في الفهم الخاطئ لتصرفات وممارسات وكتب وفتاوي الكثيرين ... فإن أصبت
فمن الله وإن أخطأ فمن نفسي مع شديد التنبيه بأن هذا الموضوع ليس القصد منه
الإسائة لأي فرقة أو مذهب أو فرد أو كيان بل هو كما أسلف "بحث شرعي
علمي" وتفكير بصوت عال بالدليل ... لذا اقتضى التنويه .
الموضــــــــوع
من الأخطاء التي وقع فيها الكثيرين أن عقولهم
تظن ويخيل إليها أن لا أحد ينافسهم حبا برسول الله عليه الصلاة والسلام ... وأنهم
هم فقط من يملكون هذا الحب والغيرة على الرسول وهم فقط وحصريا من يجب أن يدافعوا
عنه بشتى الوسائل والطرق ولذلك مثل هذه النوعية هي نوعية مريضة تعاني من خلل في
الشخصية والعقل والفهم ... لأن رسول الله محمد ابن عبدالله لم يأتي لا لك ولا إلي
ولا إلى أهلك ولا إلى أهلي بل جاء إلى الأمة كافة وخذ وقس كم عدد هذه الأمة مليون
مليار مليارين ... والأهم من ذلك أن من يهيم حبا برسول الله ويمتلك غيرة شديدة
عليه تجده أبعد ما يكون عن أخلاق الرسول ولم يملك حتى 10% من أخلاق المصطفى عليه
الصلاة والسلام { يا أيها الذين
آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } الصف ... ولذلك يحدث سوء الفهم واللبس والخلط على الكثيرين
بأنهم لا يستطيعون أن يفرقوا أو يميزوا بعناية شديدة بين من ينكر السنة النبوية
وبين يطعن فيها وبين من يناقش فيها ... ويحدث أيضا خلطا وسوء فهم بعدم صدق التحليل
بين من ينكر السنة النبوية أي لا يعترف كليا بسنة الرسول وبين من يطعن بسنته بسبب
حقد طائفي أو ملحد حاقد وبين من يناقش باستدلال لمعرفة حقائق عن حقيقة السنة
النوية كذبها من حقيقتها دفاعا عن الرسول بشخصه وصفته عليه الصلاة والسلام ممن
دلسوا وتقولوا عليه ... وما بين كل هذه الفوضى يخرج من لا يريدك أصلا أن تتحدث بأي
شكل من الأشكال فيما يمس السنة النبوية ... والسنة النبوية هي "نقل كل شيء عن
الرسول من قول أو فعل قام به عليه الصلاة والسلام" ... وعدم الرغبة بـ
"رأيي الشخصي" هو الخوف من معرفة الحقائق والخوف من صعوبة تغير ما تعود
عليه من أقوال أو ممارسات والبعض لا يريد أن يتراجع خوفا على سمعته وشعبيته ...
فعندما عندما جاء سيدنا محمد عليه أفضل الصوات والتسليم برسالته لم يكن هناك لا
أفكار ولا مذاهب ولا معتقدات ولا تمزق ولا تفرق بل في عهد رسولنا كان المسلمين أمة
واحدة ... ولما انتقل رسولنا إلى رحمة الله وفارق الدنيا دبت فوضى عظيمة لم يشهد
لها التاريخ الإسلامي قط من تمزق وتفرق ... نتج عن ذلك خلافات عظيمة نتج عنها سفك الدماء
واستباحة أرواح الأبرياء واختلطت جاهلية العرب وقبليتهم بأسس الإسلام ذاتها بل
وذهبت لأبعد من ذلك فضربت محرمات رب العالمين التي نزلت في كتابه الكريم ... فأصبح
هذا يكفر ذاك وذاك يرمي التهم على هذا والإتهامات والمؤامرات كانت أسهل من شرب
الماء في سبيل نصرة النفس الأمارة بالسوء لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية صرفة ... فخرج
الدين السياسي الذي يستغل الحاكم أو الخليفة لدين الله وتوظيفه حسب مقتضيات وظروف
الحكم لصناعة أكبر قدر ممكن من السيطرة على الرعية وإخضاعهم وتوجيههم وفق سياسة
نظام الحكم ... وهذا ما كان ليحدث إلا بوجود ومساعدة رئيسية لرجال الدين الذين
كانوا الأذرع الرئيسية بتمكين الدين الإسلامي كذبا وزورا وبهتانا على الله سبحانه
بالتفسير الخاطئ والإفتراء على رسوله بالإفك عليه ونسب إليه ما لم يقله أو يفعله ...
ولذلك فعندما تأسست وخرجت المذاهب الإسلامية كانت نتيجة لكل تلك الصراعات
والخلافات الفظيعة التي حدثت بعد وفاة رسولنا بـ 50 و 100 سنة ولم يخرج مذهب
إسلامي جديد منذ 1.161 سنة ميلادية ؟
المذاهب الإسلامية
المذاهب الإسلامية التي مزقت الأمة الإسلامية
هي : المذهب السني والشيعي والأباضي والصوفية والمعتزلة ... والمذاهب كلها من صنع
أفراد بنسبة 100% والمذهب يعتبر فكـــــر بنسبة 100% والفكر هو الإعتقاد المبني
على الدليل والحقيقة أو الظن والرؤية الفكرية على أساس الشريعة الإسلامية ...
فالمذهب السني يوالي رسولنا كليا والمذهب الشيعي يوالي آل بيته والأباضية يخالفون
السنة والشيعة فيما ذهبوا إليه والصوفية تركوا الجميع وذهبوا إلى تقديس الله فقط
بطرق وأساليب "غير مألوفة" والمعتزلة هم أهل فكر أنكروا صراعات المسلمين
وتمزقهم واعتزلوا تلك الصراعات بفلسفتهم "الإسلامية الفكرية" ...
وبالمناسبة فإن كل مذهب يرمي جبالا من التهم على المذهب الأخر مثل : خوارج -
زنادقة - مشركين - ضالين - نواصب ... وغيرها من التهم "المعدة مسبقا"
وهذا أمر طبيعي في عملية شحن الصراعات التي حدثت وتحدث وإلى يومنا هذا ... ويتصف
المذهب السني بأنه شديد الفرط بحب رسول الله عليه الصلاة والسلام حب وصل إلى تصديق
المعقول وألا معقول ... ويتصف المذهب الشيعي بأنه شديد الفرط بحب آل بيت رسول الله
عليهم السلام من نسله فتجاوزوا ألا معقول وكأن هناك منافسة بين المذهبين ...
اللذان يعتبران من أقدم الصراعات في التاريخ البشري على الإطلاق وحتى يومنا هذا حتى
تم تمكين أعداء الإسلام "الغرب" من صناعة مؤامرات لا حصر لها لتعزيز
الصراع "السني - الشيعي" ... وحتى تكتمل عملية الجذب وقوة الشحن العاطفي
واستغلال الدين الإسلامي فقد ذهب "البعض" من كلا المذهبين "السني
والشيعي" إلى صناعة افتراءات يشيب لها الولدان من كذب وافتراءات وتقول ونسب
أقوالا بالزور والبهتان والإفك العظيم على رسولنا وآل بيته ... فذهب
"بعضهم" إلى الجنون بعينه بأن جعلا السنة النبوية وسنة آل بيت رسول الله
متساويين ومتوازيين مع دين الله وكتابه وهذا باطلا وكذبا وفرطا بالجنون وتجاوزا
على رب العالمين لا يذهب إليه إلا من فقط رشد العقل وسلم نفسه للهوى ... فلا أحدا
كائن من يكون أكان نبيا أم رسولا أم عاديا أن يتجاوز رب العالمين وكتابه الكريم بل
الكل ودون أي استثناء هم تحت رب العالمين ودينه وشريعته السمحاء ... { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن
مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله
الشاكرين } آل عمران { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في
شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون } الأنعام ... وقد أثبتت المقارنات التاريخية والعلمية بأدلتها
القطعية الحاسمة أن كل الكتب والمرويات عن أقوال رسولنا وآل بيته ليست محل ثقة ولا
اليقين المؤكد 100% لوجود شبهات بأصحابها وفروق كبيرة بالسنوات ... حيث من نقل عنه
حديث أو رواية ولد بعد وفاة رسولنا وآل بيته "الرئيسيين" بأكثر من 80 و
150 و 200 سنة أي أنهم لم يشهدوا بأنفسهم القول أو الفعل وبالتالي تنسف ثقة الناقل
عن المنقول ... ناهيكم عن عدم وجود مخطوطات تاريخية تؤكد عملية نقل الأحاديث ولا
حتى من شهد عليها إنما هي مطبوعات لا أثر للنسخ الأصلية ... وبالتالي نحن أمام
عواصف كارثية تتصادم بين "التقول والإفتراء والكذب والتدليس" نسبت
لسنوات كانت الأمة الإسلامية في بحور من الفتن والقتل والسجن والتمزق والتفرق
والتهم والمؤامرات وكل فريق يريد أن يحقق أكبر قدر من الإنتصار آنذاك { ولا تكونوا من المشركين من الذين فرّقــــــوا
دينهـــــم وكانوا شيعــــا كل حزب بما لديهم فرحون } الروم ... { ومن الناس من يتخذ
من دون الله أنـــــدادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله } البقرة ؟
الأنبياء والمرسلين
الأنبياء والمرسلين عليهم صوات ربي وأفضل
التسليم هم خاصة الله في الأرض ... والخصوصية ليس لأنهم لا يخطؤون بل هم بشر
يصيبون ويخطؤون وإن لم يكن كذلك لانتفت صفة البشرية الإنسانية عنهم ولانتقل
التوصيف إلى الملائكية الذين هم حصريا من لا يخطؤون أبدا ... لكن خصوصية أنبياء
الله ومرسليه أنهم هم فقط وحصريا من خصهم بتعظيم وتشريف رسالاته سبحانه والمغفرة
المسبقة وأن لا تمسهم لا أرض الدنيا "القبور" ولا نار الآخرة وتلك مكرمة
عظيمة لا تضاهيها مكرمة على وجه الأرض ... ورب العالمين لا يفرق بين أنبيائه
ومرسليه في الأجر والثواب لكن كل من رسل الله كانت له خصوصية وميزة ومعجزة فمنهم
من كلم رب العالمين مباشرة ومنهم من كان عبر جبريل ومنهم عبر الملائكة ... { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل
آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك
ربنا وإليك المصير } البقرة ... { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلّــــم
الله ورفع بعضهم درجات } البقرة ... { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك
ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } غافر ... { ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم
عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا
حكيما } النساء ... ورسل رب العالمين لهم وظيفة
محددة شديدة الإنضباط وهي "الرسالــــة" يؤدونها حرفيا وبإتقان لكن بما
أنهم بشرا فالمؤكد والثابت أنهم في حياتهم يصيبون ويخطؤون لكن برسالة رب العالمين
الخطأ منفي تماما ... وثبت من كتاب الله عز وجل أن الرسل يخطؤون في حياتهم مع
قومهم بالفعل والقول كقوله سبحانه عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام { يا أيها
النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما } الأحزاب { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم
} التحريم ... وفي رسول الله موسى عليه السلام { ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها
فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي
من عدوه فوكــــــزه موسى فقضــــى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين }
القصص { فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت
نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين } القصص { قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون } القصص ... وفي سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام
قوله سبحانه { وإذ قال الله يا
عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي
أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك
إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم
شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد } المائدة ؟
وظيفة المرسلين
الوظيفة المقصودة ليست بالمفهوم كما نعتقده
في أيامنا الحالية بل المقصود هو العمل مقابل الأجر وعمل الرسل كان بمقابل تشريفهم
وتكريمهم بالمهام والوظائف الموكلة إليهم بأنهم كانوا خاصة الله والمغفور لهم
ذنوبهم مسبقا ... والخطأ والجهل الذي وقع به "معظم" المسلمين أنهم ركزوا
وانتبهوا وعشقوا ناقل الرسالة وليس الرسالة ذاتها ... بمعنى وكمثال "مع فرق
التشبيه" بالتأكيد أن تأتيك رسالة من ابنك الذي يدرس في الخارج فتدخل ساعي
البريد إلي بيتك وتقرأ الرسالة ثم تسأله الساعي عنه وعن حياته وأسرته وتحبه مع
العلم أنه ليس هو المهم بل الرسالة ذاتها التي جاءت من بعيد ... وإذا أسوق هذا
المثال ليس كتشبيه متطابق مع الرسل وربهم { أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } لكن الناس
بل وحتى الأمم غرقت في خلافهم حول رسلهم وتجاهلت الأساس أي الرسالة السماوية
وفحواها وأهميتها وشرائعها التي نزلت من سابع سماء ... فالرسالة باقية والرسول
زائل مع توقيره بلا أدنى شك أو لبس لكنه مات وانتقل إلى جوار ربه وأقفلت صحائفه في
دنياه ... والخطأ الآخر الذي وقع أو يقع به الكثرين
أنهم قالوا أن رسولنا حرّم كذا وكذا وهذا كذب وافتراء وتدليس وتقول على رسل رب
العالمين وتطاول مباشر على كتاب الله الكامل المفصل لكم تفصيلا وبلسانكم أي بلغتكم
أيضا ... فالرسل عليهم صلوات ربي هم منزهين ومكرمين عن أي خروج أو تمرد على رب
العالمين وكل من تقوّل عليهم كذبا وزورا وبهتانا فلينتظر حسابا شديدا عسيرا وعذاب
عظيما مهينا أكان حيا أو ميتا ... والحقيقة هي أن لا أحد على الإطلاق من جنس البشر
له حق التحريم نهائيا على الناس بل صفة التحريم هي صفة خالصة لله وحده لا شريك له
رب العباد وخالقهم وهو الأدر بخلقهم وشؤونهم وتحريمات رب العالمين نقلت وسجلت
وفهّمت للمؤمنين والمؤمنات بلا أي زيادة أو نقصان ... فإن كان رسولنا يملك صفة
التحريم وتجاوز رب العالمين في ذلك فلم لم يستطع أن يستغفر لأهله ؟ انظر مجرد
استغفار بدليل قوله تعالى { ما كان للنبي والذين
آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ
منه } التوبة ... لاحظوا هنا أن حتى الإستفغار
للأنبياء والرسل مشروط وليس بالمطلق مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن الرسل
كانوا منضبطين جدا في رسالتهم لم يخرج أحد منهم عنها قط وأصل رسالة رسل رب
العالمين هي ... { يا أيها الرسول
بلّـّــــغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس
إن الله لا يهدي القوم الكافرين } المائدة { الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون
أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا } الأحزاب { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك
عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } الأحزاب { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } الأنبياء { وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين }
الكهف { فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ } الشورى { وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد } آل عمران { فهل على الرسل إلا البلاغ المبين } النحل { ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } المائدة ... ولم يثبت في القرآن الكريم ولا أية واحدة
في أي سورة أن للأنبياء أو للرسل صفة التحريم على الإطلاق ونهائيا إنما جاءت صفة
النهي التي تختلف كليا عن صفة التحريم { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكـــــم عنه فانتهوا
} الحشر ... والنهي أي منع مؤقت لظرف ما لسبب ما لوقت محدد ما وليس المنع بالمطلق وإلا دخل وتشارك مع التحريم بالمطلق والآية "ظرفية"
أي نزلت لسبب ما في وقت ما من حياة الرسول وبوفاته انتهى مفعول الآية بصفة النهي
... والنهي منع مؤقت وهي صفة موجوده إلى يومنا هذا كصديق ينهى صديقه وأب ينهى
ابنته وأم تنهى ولدها لكن التحريم لا أحد يملكها إلا رب العالمين وحده لا شريك له
والتحريم أي منع أبدي لا نقاش ولا جدال فيه إلى قيام الساعة ... وبدليل أخر قطعي
أنه لا يجوز لرسولنا أن يحرم من تلقاء نفسه عندما نزلت فيه هذه الآية { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي
مرضاة أزواجك والله غفور رحيم } التحريم ... وهي أية عتاب وتفهيم وتصحيح وضع خطأ
وقع به رسولنا وأشرفنا عليه الصلاة والسلام ... إذن ما سبق استعرضت لكم وظيفة
الرسل ما هي وأن كل من يقول أن الرسل أو الرسول يملك صفة لتحريم فقد أتى إثما
عظيما وبهتانا كبيرا وأن كل حديث رسولنا يحرّم كذا وكذا لهو تقول وافتراء على
الرسول المكرم من أي أكاذيب وافتراء ساقها المجرمين عليه ؟
خاتمة الموضوع
من عجب عجاب الأمة الإسلامية أن الكثيرين
منهم لا يتبصرون بعظمة كتاب الله سبحانه وآياته ولا يتفقهون بها ولا أحد حتى يكلف
عناء البحث في قواميس اللغة العربية لاستسقاء المعاني والفهم ... ومن المؤسف أن
الناس لا يزال "غالبيتهم" يعشقون السمع وليس القرائة والتصديق دون بحث
وتبيان من الحقيقة حتى خرج المجرمون الذين يساوون سنة وحياة وتصرفات وأقوال رسولنا
وسنة آل بيته وتصرفاتهم وأقوالهم بكتاب الله عز وجل ... فابتدعوا وألفوا تحريمات
وقصصا ما أنزل الله بها من سلطان حتى وصل الأمر بأن أصبحت السنن متشابهة مع
الفرائض بالتطبيق والحرص والعتاب واللوم على من يتركها وكأنها إثما عظيما ...
وأصبح من يخالف ذلك هو في ظلال وسفه والله سبحانه وتعالى لم يأمر بذلك قط إنما رب
العالمين سبحان لا يريد بعباده إلا اليسر وتسهيل أمور الحياة على عباده ... { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا } النساء { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة { والله يريد أن يتوب عليكم } النساء ... والطامة الكبرى أن كل من أتى
ببحث أو بشرح أو بتوضيح عن سوء الفهم استهزأ به الكثرين بحجة أنه غير دارس الشريعة
أو غير حافظ القرآن وبالرغم من ذلك لا أحد يرد أو يجيب عن أي مبحث أو سؤال لأنهم
باختصار عاجــــــزون ويعلمون الحقيقة لكنهم يكابرون على حساب ليس أنفسهم فحسب بل
وحتى على حساب رسولهم ... أكرم الله رسولنا وحبيبنا الشريف الهاشمي محمد ابن عبدالله
وأكرم الله رسله وأنبيائه عن افتراءات عباده وأكاذيبهم وتقولهم وافترائهم والويل
لمن يكابر في دين الله والويل من يعرف أن هذا أو ذاك حديث كذب على رسولنا وأخذ
يعزز به حتى يدلس على الناس الكذب والبهتان { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا
حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون } النحل ... والويل لتجار الدين وتجار المذاهب ممن
جعلوا دين الله وشرائعه ورسله وأنبياء عرضة لصراعاتهم وسخرية فيما بينهم في حروبهم
ومكائدهم وكسبا لأموال المساكين وصرفها دون وجه حق إلى غير سبيلها ... فما رسولنا
إلا عبد من عباد الله حاله كحال باقي الرسل وما الرسالات والأديان إلا من عند الله
سبحانه فعودوا إلى رشدكم وإلى ربكم وكفاكم ظلالا وإفكا عظيما على ربكم ورسولكم ...
ويا ابن آدم جئت دنياك وحيدا عاريا وتغادرها وحيدا عاريا وتلقى ربك وحسابك وحيدا
عاريا فلن ينفعك الناس في شيء ولن يقف معك كائن من يكون ولو ملكتم كنوز الأرض
وأفواج الأمم لسان حلهم كما وصفهم ربنا يومئذ { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } عبس ؟
أكثر من 183 سنة مفقودة من الإسلام .. أين هي
؟
دمتم بود ...