بالأمس طلبت من أحد المطاعم وجبة رز مع السمك "مطبق زبيدي" ثم قام خادمي "روبي" بتجهيز الأطباق ووضعت أمامي وجبة الغداء ... فتوقفت بعد اللقمة الثانية فحضرت لدي "ملكة البصيرة والتفكر" فجأة فانهالت فوق رأسي الأسئلة : من بين مليارات لا أحد يعرف عددها من الأسماك لماذا هذه السمكة تحديدا وحصريا وصلت إلي ؟ وكم من مرحلة مرت فيها هذه السمكة حتى تصل أمامي ببضعة دنانير ؟ ... وفي أي أرض ومزارع خارج الكويت زرعت حبات الأرز ؟ وكم من مرحلة مرت فيها هذه الحبات من الأرز حتى تصل أمامي ؟ ... وطبق السلطة من زرعها ومن سقاها ومن رعاها ومن قطفها ومن باعها ومن اشتراها ومن غسلها ونظفها وقطعها ثم وصلت إلى مائدتي بهذا الجمال وجودة المذاق ؟ ... ناهيكم عن المُنكهات مثل "المعبوچ - الأچار - العمبه - الخضرة" ثم أدرك أني لا أزال عاجزا وأيقنت مليار% أني سأضل عاجزا عن قدرة ربي اللطيف الذي يرزق من في السموات والأرض بعملية من سابع المستحيلات أن يتصورها عقل بشري وحتى قيام الساعة ... ومن خلقك خلق لك الطعام وسبب لك الأسباب ولا شيء عند ربك بمحض الصدفة إنما الصدف هذه لدى الإنسان ليجد له التفسير ... والغرض من هذه الفقرة هي أن علينا جميعا أن نتبصر ونتفكر بفضل الله علينا وحجم نعمه التي لا تعد ولا تحصى التي تبدأ بخلقنا وصولا إلى حياتنا بكل تفاصيلها ؟
أيها الناس إن ربكم عظيم عظمة تصل إلى أنه ضربا من الخيال أن يدركها عقل بشر أو مخلوق في السماء والأرض ... هو ربكم جل جلاله الذي لا تسقط ورقة من شجرة إلا بعلمه وبتوقيته في الزمان والدهر والمكان ببديع الخلق والجمال والقدرة والكم والحجم والوزن ... هو ربكم الذي رزقكم ويرزقكم والإعجاز السماوي أن لا أحد بالمطلق يعرف كم أن خالقه سبحانه منع عنه ضرا وشرا كان مصيبه حتما لولا لطف الخالق بعبده الغافل ... هو نفس العبد الغافل الذي يتحدى الله جل جلاله في السيرة البشرية التاريخية على مر العصور ... المخلوق يتحدى الخالق ويرفض الخالق ويسخر من الخالق ويسخر حتى ممن يعبدوا الخالق سبحانه ... لدرجة وصلت أن الخالق جل جلاله يتحسر على عباده تخيل تصور الخالق يتحسر على المخلوق ... { يا حســـــرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } يس ... حسرة على العباد على ما فعلوا بأنفسهم وحجم جحودهم ونكرانهم وتكبرهم وطغيانهم دون التفكر والتفكير دون أي اعتبارات سوى اعتبارات دنيوية لا تعدوا كونها ترهات وخزعبلات بعدما تربع الشيطان فوق رؤوس الجبابرة والمتكبرين ... { ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } المُلك ... تلك هي حماقة الإنسان وماذا يفعل الجهل به من مهالك تذله في الدنيا وتخزيه في الأخرة ؟
لو تحققت من حقيقة كتابك الكريم الذي هو مُنزّل من ربكم ومن فوق سبع سموات لأدركتم بسهولة أن من خلقكم لا يريد بكم إلا الخير ... بدليل أن منحنا جميعا الدنيا وما فيها لكن حرم علينا بضعة محرمات أساسية لا تتجاوز الـ 10 "آمن بالله ولا تشرك به شيئا - لا تسرق - لا تزني - لا تكذب - لا تشهد شهادة زور - بر الوالدين - قتل النفس - لا تأكل مال اليتيم - لا تخون العهود والمواثيق - لا تغش في المعاملات وفي ميزان البيع والشراء" ... ثم زاد عليها ربنا بضعة محرمات في أمتنا الإسلامية وهي "الربا - زنا المحارم - التقوّل على الله والإفتراء عليه - أكل الميتة لحم الخنزير - الكهنة والسحرة" ... تلك محرمات لا نقاش ولا جدال فيها وقانونها السماوي باقيا حتى قيام الساعة ... ثم أطلق خالقنا جل جلاله بعض النهي والنهي ليس مثل التحريم إنما النهي هو منع لسبب ما لوقت ما لظرف ما لوقت ما وليس كالتحريم بالمطلق ... والنهي يرقى إلى النصيحة ونصيحة الإنسان للإنسان بالتأكيد ليست كنصيحة الخالق للمخلوق بالتأكيد لأن الخالق لا ينصح إلا لمنفعة مطلقة بعكس الإنسان ... وجزاء من يعمل بالنهي جاء في سورة النساء { إن تجتنبوا كبائر ما تُنْهَوْنَ عنه نكفر عنكم سيئاتكم } ... وإذا ما انتصحت بما نهاك ربك عنه وامتنعت بالمطلق عن المحرمات فعش الدنيا بما فيها حلالا زلالا هنيئا لك وفوق هذا كله لك حسن الجزاء والثواب يوم القيامة ... لكن هل الإنسان اقتنع أو يقتنع ؟
إنهم يسخرون من الخالق عز وجل وحتى ممن لديهم أديان سماوية أيضا سخروا من خالقهم وكثر منهم استهزؤا بعظمته سبحانه ... قالوا على الله ما يُزلزل السموات والأرض وافتروا على الله الكذب وقول الزور والبهتان "قالوا إن لله ولدا - قالوا ادعوا الله يُنزّل علينا مائدة طعام من السماء - قالوا اسأل ربك يا موسى أي بقرة نذبح فالبقر كثيرة ومتشابهة - قالوا ائتنا بالعذاب أيها الرسول إن كنت من الصادقين - سخروا من خاصة الله في الأرض "نوح وصالح وموسى وعيسى ومحمد" عليهم صلوات ربي وأفضل التسليم - قالوا عن محمد ساحر ومجنون - قالوا عن نوح جن جنونه من الجِّن" ... وحتى بعد نزول الكتب السماوية وموت الأنبياء والرسل خرج اليهود والنصارى والمسلمين بالكذب على الله والإفتراء على رسله وكتبوا بأيديهم صحائف التدليس والتزوير والتقوّل على الله وعلى رسله ... وصولا حتى أيامنا هذه بوجود ملايين المسلمين وهم يشتمون الله في كل يوم ويسرقون ويفسدون ويقتلون في كل يوم وكأن الظلم أصبح فضيلة في حياة الكثير من "المتأسلمين" ... ولذلك صدق الحق جل جلاله عندما عاتب عباده بقوله سبحانه في سورة نوح الآية 13 { ما لكُم لا تَرْجُــونَ لله وَقَــــــارًا } !!! 😡 ؟؟؟ 😡 !!! ... أي ما لكم أيها الناس لا تحترمون ربكم وتوقرونه ولا تنظرون إلى عظمته وعظمة تراها أعينكم من عظمة خلق الأرض وما فيها والسماء وما فيها والشمس والقمر !!! ... إن إلهكم واحد وربكم سبحانه وتعالى قد بين لكم أن لو كان هناك إله أخر أو أكثر لاختلفت الآلـــة فيما تملك كل منها ولضربت الفوضى السموات والأراضي السبع { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون } الأنبياء ... وهنا الخالق عز وجل يضرب لكم ماذا سيكون واقع الحال لو كان هناك إله غيره في سورة المؤمنون { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون } ... وهنا تتجلى حسرة ربنا على عباده أرسل إليهم الأنبياء والرسل فتم تحقيرهم والسخرية منهم ... { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا } ... وبعدما سبق فيوم القيامة لن يكون هناك عبدا واحدا له حجة على الله وكل فردا على وجه الأرض علم بوجود الله وعلم بوجود كتب سماوية هذا في الماضي البعيد فما بالكم اليوم في زمانكم زمن الخبر والمعلومة وجنون التكنولوجيا { فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } الرعد ... واعلموا أن لو جاءك صديق أو رجلا غريب أو صديقة أو امرأة غريبة ناصحين لكم في أمور الله وشريعته فإنه يتم تصنيفهم من "المنذريــــن" أي جائتك رسالة من الناصح والنذير فسقط عنك أي عذر الجهل وعدم المعرفة ؟
اللهم أُشهِدُك وأُشهِدُ ملائكتك وحمَلةَ عرشك العِظام أني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدلٌ فيَّ قضاؤك أني من الحامدين الشاكرين لك وحدك لا شريك لك حتى ألقى وجهك الكريم ... واللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بكل نِعمَك عليَّ وأبوء بكل ذنُوبي كبيرها وصغيرها فاغفر لي يا حبيبي فإنه لا أحد يغفر الذنوب إلا أنت سبحانك ... اللهم آميــــــــــن يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين يا رب السموات ورب الأرض وما بينهما .
دمتم بود ...