يقول الممثل والمخرج الأمريكي "ماثيو ماكونهي" : الشهادة ورقة تثبت أنك متعلم لكنها لا تثبت أنك تفهم ... وهذه حقيقة نراها في حياتنا في أيامنا هذه وعلى سبيل المثال لا الحصر : طبيب فاشل - قاضي جاهل - ضابط أحمق - مثقف مرتزق - معلم سفيه - دكتور جامعة وضيع .. إلخ ... ليس هذا فحسب بل نحن جميعا على موعد مع موظفين ومسؤلين لا يعرفون كيف يكتبون أسمائهم بالشكل والخط العربي الصحيح ... وهذه الأمور بالمناسبة ليست حصرا في الكويت بل في كل الوطن العربي وصولا حتى في أوروبا وأمريكا فلتت الأمور من أيديهم بشكل خُرافي ... ولا يمكن أن تحدد المسألة بوصف سبب واحد فقط فهناك عدة أسباب وعدة عوامل أدت إلى ذلك نستعرض بعضها "الحياة السريعة - وجود العالم الإفتراضي الإنترنت - التأثر بجنون المجتمع - مشاهير السوشيال ميديا وسفاهتهم - الرغبة بالثراء السريع - غياب الوعي وضعف الثقافة" ... أدى ذلك كله إلى تفكك الأسر وتمرد المراهقين وطفرة القوانين الشاذة المشجعة على هدم الأسرة ومن ثم تفكيك المجتمعات وهذا ما حدث فعليا ... ورغم كل تلك الكوارث طرأت حالة مرضية نفسية لا أعرف تحديدا إسمها أو تفاصيلها لكنها تدور في النرجسية أي الغرور المفرط ... تجده طاغيا على أغلب مسؤلين الدولة وأصحاب الشهادات وأغلبهم يعيشون في فقاعة هواء من تفاهة الشخصية وسطحية الفكر وجهل الثقافة ؟
لو تصفحنا كتب التاريخ "السياسية الإجتماعية الإقتصادية العلمية" بالتأكيد سنجد مئات آلاف الأسماء ممن ذكرهم التاريخ القديم ... ولنسأل أنفسنا جميعا ما هي الشهادات العلمية التي حصل عليها كل من : ابن رشد - ابن سينا - الخوارزمي - الفرابي - ابن البيطار - ابن الهيثم - الإدريسي - الرازي – إلخ ؟؟؟ ... والعلماء الأجانب : روبرت هوك - دميتري مندليف - جوهانس كيبلر - أنطوان لافوازييه - ليونارد أويلر - إدوارد جينر – إلخ ؟؟؟ ... تلك بضعة أسماء من آلاف الأسماء الذي أثروا الحياة البشرية وقدموا خدمات عظيمة للجنس البشري كما أن هناك قائمة طويلة من العلماء "ما قبل التاريخ" أي التاريخ ما قبل الميلاد ... وأما علماء علم الاجتماع والفلاسفة فحدث ولا حرج من عظماء هذه العلم عبر التاريخ القديم والحديث ... هل كل ما سبق لديهم شهادات علمية ؟ هل لديهم مناصب عليا في الدولة ؟ هل ماتوا وهم في عظمتهم ؟ هل عاشوا في ظل ترحيب مجتمعهم في زمانهم ؟ ... جميعهم لا توجد لديهم شهادات ولم ينالوا إلا سخرية مجتمعاتهم ... وعلى الجانب الأخر هل أخبركم أن زعيم "ألمانيا النازية" الذي أهلك أكثر من 60 مليون نسمة كان برتبة عريف في الجيش الألماني ألا وهو "أدولف هيتلر" ... وهناك رؤساء أمريكا لم يحصلوا على الدراسة والشهادة الجامعية ومنهم : جورج واشنطن - ابراهام لينكولن - هاري ترومان - وليام ماكينلي – إلخ ... ورئيس وزراء بريطانيا الشهير "ونستون تشرشل" لم يحصل على الشهادة الجامعية لكنه كان مؤثرا جدا في قيادة بريطانيا في الحرب العالمية الثانية 1945 ... والرئيس الجزائري الراحل "عبدالعزيز بوتفليقة" لم يكمل تعليمه ولم يحصل على الشهادة الجامعية ... ورئيس السودان المجرم "عمر البشير" وطاغية العراق "صدام حسين" كلاهما لم يدخلا الكلية العسكرية لكنهما سرقوا الرتب العسكرية ... وحكام دول الخليج 90% لا يحملون الشهادات الجامعية وبعضهم أقصى تعليمه "يقرأ ويكتب" وحصلوا على حكمهم بالوراثة كحال الخلافات الإسلامية الماضية ... أما في القطاع الخاص وعمالقة الشركات العالمية فليس أشهر من الأمريكي "بيل جيتس" المسيطر العالمي من خلال شركة "مايكروسوفت" العالمية فهو لم يحصل على الشهادة الجامعية ... و "ريتشارد برانسون" الرئيس التنفيذي لمجموعة "فيرجين - Virgin Group" لم يحصل على الشهادة الجامعية ... ومؤسس وصاحب شركة "إيكيا" للأثاث العالمية السويدي "إنغفار كامبراد" لم يتلقى التعليم المناسب ولم يحصل على الشهادة الجامعية ... فأين أنت من كل هؤلاء وغيرهم الكثيرين ؟
إن العبرة ليست الشهادة خصوصا في أيامنا هذه والتي تعتبر الشهادة مجرد ورقة للوجاهة الإجتماعية وللوصول إلى الوظيفة الأكثر راتبا ... لكن هناك أمرا لا أحد يملكه إلا النوادر من البشر وهي "الموهبــــة" وتلك نعمة وصفات عقلية استثنائية ... ولو أردت أن أضع تقديرا فإنه من بين 8 مليار نسمة حاليا هناك ما بين 5 إلى 10 ملايين نسمة فقط هم يملكون عقليات هي أصلا سابقة مجتمعاتهم وسابقة زماننا ويرون أبعد مما تنظر إليه البشرية ... والقاعدة البشرية المتعارف عليها هي أن الشذوذ أو الإختلاف هو ما يلفت النظر وليس البديهي والمعتاد ... ولذلك كن على ثقة بأن هناك عباقرة يملكون قدرات ومهارات وأفكارا وخططا تفوق الجنس البشري أضعافا مضاعفة لا بل يمكنهم أن ينفعوا الجنس البشري ويمكنهم أن يسرقوه ويمكنهم أن يخدموه ... كل شيء ممكن عند تلك العقليات الموهوبة بالفطرة فهم يستطيعون أن يقلبوا الخسارة إلى ربح والربح إلى خسارة ويستطيعون أن يسحقوا الفقر من الواقع البشري ويستطيعون أن يغيروا حياة الملايين كل شيء يمكنهم فعله ... لكنهم لا يملكون المال وهم منبوذون في مجتمعاتهم غالبيتهم تمت السخرية منهم من بيئتهم من أسرهم من أصدقائهم حتى من حكوماتهم ... وهؤلاء بطبيعتهم لا يتسولون ولا يسألون لأنهم يعيشون في حالة نفسية خاصة بهم وبطبيعتهم هم يملكون أنفس نقية وسريرة طيبة وربما هذه بسبب حجم وكم الظلم الذي وقع عليهم طويلا من خلال سيرتهم الذاتية ... وفي نفس الوقت يملكون قناعة مفادها : لا تقدم عبقرية الأفكار للصوص والفاسدين فهؤلاء لن يسرقوا الناس بل سيسرقوا أولا أصحاب تلك المواهب الإستثنائية والعقول النادرة ... وبالتالي إن كنتم تعتقدون أنكم بامتلاككم للشهادات العليا تعني أنكم من صفوة المجتمعات فهذه حالة عقلية خاطئة تستوجب مراجعة واقع المجتمع والبيئة وما خلقته مواقع التواصل الاجتماعي من نشر ملايين "العاهات البشرية" ... الذين يملكون ألقابا رنانة محترمة لكنهم لا يملكون أخلاقا حقيقية ولا فكرا نيرا ولا ثقافة واسعة مثل البيدق في لعبة الشطرنج والذي يظن في لحظة أنه وزيرا أو ملكا ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم